لا طاولة شرف! بل الجميع أشراف

قـرأتُ للأخ الإعـلامي البارز شربل بعـيني في مجـلة الغـربة الإلكـترونية مقالاً بعـنوان ـ حاربوا طاولات الشرف ـ وذلك بتأريخ 24 نـوﭬـمبر 2012 فحـفـزني إلى كـتابة مقال بعـنوان (لا طاولة شـرف! بل الجـميع أشـراف) أقـول فـيه:

الرب المسيح لم تكـن له طاولة شـرف بل نبَّه الـذين يخـتارون الجـلوس في صدارة ديوان الـترف، وقال كلاماً منـطقـياً: (لا يوجـد عـبد أفـضل من سـيده!) بل وأضاف بنـداً إنسانياً أكـثـر بُـعـداً حـين قال ((يكـفي أن يكـون العـبـد كـسـيِّـده!!)) فإذا حُسِـبنا عـبـيداً لـن نكـون أقـل من السادة إنسانية وخـَـلقاً! فـيا أصحاب السيادة كـيف تـقـبلون دعـوة أو ترتـضون جـلوساً حـول طاولة إسمها شـرف بمعـزل عـن باقي طاولات البشر وأنـتم بـين أشراف ليس عـليهم وِزر؟ ولـنضع عـلى المحـك أولـئـك الـذين يهـزّون ذيولهم أمامكم ونسألهم: إذا كان سادتكم يجـلسون حـول طاولة الشـرف فهل أنـتم تحـضنون طاولة الـقـرف؟؟ وإذا كـنتم صادقـين بقـولـكم أنَّ المدعـوّين كـلهم أشراف! إذن ما الـداعي لهـذه الـتسميات وتبتـذلون الكـلمة والحَـرف؟ ولو تجاسر أحـد عـلى القـول أن المدعـوين أصناف ٌ! سـنـقـول له: أنـت دعـوت جـمعاً إلى حـفـلـتـك، مناسـبتـك، ديوانك، فـمِن أي الصنـفـين أنتَ، ولماذا الصنفَ الآخـر دعَـوتَ؟.

من جانب آخـر هـناك مَن يَحـسب الأثـرياء أشرافاً فـيـدعـوهم إلى مجـلسه إنـتـقاءاً، طـيب وَلـنقـبل بهـذا للنقاش مؤقـتاً ونقـول: أنت الـذي دعـوتَ ثـرياً إلى حـفـلـتك معـتبراً إياه شـريفاً، ودعـوت غـيره مَن كان عـفـيفاً لطيفاً ظريفاً فأين موقـعـك من بـين هـذين الصنـفـين رجاءاً؟ الحـياة تـقـودك إلى أنْ تعاشر وتعامل وتجالس وتمشي وتـذهـب يوماً عـند أناس لـيسـوا أثـرياءاً، ويوماً آخـراً مع آخـرين أثـرياء! وسيخـتـلط الحابل بالنابل ولا نـدري مَن منكم يكـون شـريفاً ومَن يكـون فاقـد الشـرف؟

إن هـذا الـتعـبـير والممارسة هي من ترسـبات أزمنة ولـَّـتْ كان فـيها الملك مجللاً والإمبراطـور مبجَّلاً والوجـيه مفـضلاً والكاهـن هـو الوحـيد متعـلماً إحـترامه جـزيلاً أما العـبـيد كانـوا جائعـين أميّـين لا يفـقهون من الحـياة شيئاً ولا يدركـون عـزة الـنـفـس وحـقـوق الإنسان وكـرامة الـذات وعـليه لم يكـن ينسجم العِـلم مع الجهالة في تلك الأيام ولا الأناقة تـتفق مع الـقـذارة، فـكان مصطلح ـ شرف ـ فارزاً بـينهم بجـدارة ، أما الـيوم فـقـد تلاشـتْ الفـوارق والـنواشز وصار القائـد يجالس الجـندي بلا حـواجـز، نمتـدح الصواب ونـنـتـقـد الأخـطاء بلا فـوارز، وما عـلينا سـوى! وكما قال الأخ شـربل في مقاله عـن مروّجي مفهـوم طاولات الشرف: وجـب عـلى كـل الشرفاء الـتـصدي له وللمرضى المعـتـوهـين الذين يقـفـون وراءه.

وبمناسبة حـديثـنا هـذا فـقـد حـضرتُ حـفـلة بتأريخ 2 تشرين الـثاني 2012 وكان من بـين حاضريها وزيرٌ حالي ورئيسُ وزراء سابق وشخـصيات ذوو مناصب إدارية عالية جـلسـوا حـول طاولة بـين طاولاتـنا ولم تكـن متميِّـزة فـينا ولا معـزولة عـنا فأكـلـوا مما أكـلـنا وشـربـوا مما شـربنا وتكـلـموا معـنا كـما لو كانـوا أصدقاءاً لـنا فـكـنا جـميعـنا أشـرافاً. فإذا دُعـيتم مستـقـبلاً إلى طاولة إسمها ـ شرف إسألوا عـن إسم باقي الطاولات حـولكم! فـقـد تلطـمون عـلى رؤوسكم. إن طاولة الشرف هـذه قـذرة مُعـيـبة وأتـركـوا هـذه العادة العـفـنة المُريـبة سواءاً كانت لغاية أو لعـبة … فـتأمَنوا الإحـراج عـما يُـنشَـر عـنكم لوماً ونـصْبا، وإلاّ فلا تعاتِـبوا الـقـلمَ ذا الكـرامة والهـيـبة، إذا ما إنبرَى والـنـقـد نشِـبَ.

بقـلم: مايكـل سـيـﭙـي

سـدني ـ 7 شـباط 2013

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *