كوتا المسيحيين، لا تمثلهم ولا تحترم قومياتهم

 

مقدمة:

قبل كل شيء لا بد من ذكر بعض الارقام والإحصائيات عن نتائج انتخابات برلمان اقليم كوردستان الذي أجري يوم 22 من أيلول 2013، لكي يأخذ القاريء الكريم فكرة عنها تساعده على فهم الموضوع بشكل أفضل من جميع جوانبه.

1- كوتا الأقليات في برلمان إقليم كوردستان = 11 مقعداً موزعاً كما يلي:

أ- خمسة مقاعد للتركمان (كوتا قومية تركمانية)

ب- مقعد واحد للأرمن (كوتا قومية أرمنية)

ج- خمسة مقاعد للمسيحيين (كوتا دينية مسيحية)

2- مجموع عدد مقاعد برلمان كوردستان بضمنها كوتا الأقليات= 111 مقعداً

3- مجموع الأصوات الإنتخابية التي ذهبت الى كوتا الأقليات = 24,388 صوتا والتي فازت بـ 11 مقعداً.

4- وبعملية حسابية بسيطة يظهر لنا بأن معدل حصة كل مقعد من مقاعد كوتا الأقليات من الأصوات = 2,217 صوتا انتخابياً.

5- معدل حصة كل مقعد في برلمان كوردستان من الأصوات الإنتخابية للقوائم العامة خارج الكوتا = 19,522 صوتا انتخابياً (ومازال هناك سجال حول هذا الرقم بين احزاب المعارضة ومفوضية الانتخابات)

6- أعلى ما حصل عليه الفائز بمقعد كوتا المسيحيين هو= 2517 صوتاً وأقل ما حصل عليه الفائز بمقعد كوتا المسيحيين هو= 409 صوتاَ.

7- الفائز بمقعد كوتا الأرمن حصل على =531 صوتاً انتخابياً.

8- هناك من المسيحيين المرشحين ضمن قوائم خارج الكوتا المسيحية ولهم باع طويل في السياسة ولكنهم لم يحصلوا على مقعد برلماني بالرغم من حصولهم على اصوات اكثر من الفائزين ضمن الكوتا!.

ملاحظة: علماً ان الأصوات التي حصل عليها اصحاب الكوتا لم تأتي ممن تمثلهم الكوتا وانما جاءت أيضاً من اصوات الإخوة الكورد من المنتمين للأحزاب السلطة وخاصة من افراد قوات البشمركة والآسايش وبتأكيد من احزاب السلطة نفسها. لاحظ (الرابط الأول).

وكذلك الشكوى المقدمة من قبل قائمة الرافدين الآشورية التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية (الرابط الثاني).

وكانت نتيجتها بأن ليس هناك مانع قانوني من ان يصوت الكوردي المسلم الى قائمة الكوتا المسيحية!

والبيان الصادر من المجلس الشعبي الآشوري بتاريخ 12/10/2013 والذي يؤكد على حصول قائمة الرافدين الآشورية على اصوات في مناطق لا يوجد فيها مسيحيين. (الرابط الثالث).

والبيان الصادر من حزب بيت نهرين الآشوري الذي يتهم قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية بحصولها على آلاف الأصوات الغريبة في السليمانية من غير المسيحيين وبإتفاق مع أحد الأطراف (الرابط ارابع).

بعد هذه المقدمة أتسائل:

1- إن من يجلس على كرسي في برلمان اقليم كوردستان وضمن أية قائمة كانت سواءَ ضمن الكوتا او خارجها، أكان ليبراليا ام ديمقراطيا أم اسلاميا أم مسيحياً أم ايزيدياً، وايا كانت قوميته فهو بالتالي يطلق عليه كما على الجميع بـ (عضو البرلمان الكوردستاني)، وواجب كل من يجلس على هذا الكرسي هو خدمة كل شعب كوردستان بأكراده وكلدانه وتركمانه وآشورييه وارمنه، بمسلميه ومسيحييه وايزيدييه.

والسؤال هو: هل من الإنصاف ان يجلس في البرلمان من حصل على عدة مئات من الأصوات بصف من نال أكثر من 19 الفا من اصوات الناخبين؟ وأن يكون لهم نفس الحقوق ونفس الواجبات؟؟.

2- أين الإنصاف والعدالة؟، وأين الديمقراطية؟، وأين حقوق ما يسمى بالأقليات؟ عندما يركب البعض من الأشخاص قطار الكوتا وهم مرفوضون من قبل من تمثلهم الكوتا، بحيث لم يحصلوا من الأصوات الحقيقية الاّ القليل، ولكنهم حٌقنوا بأصوات من خارج أهل الكوتا عن طريق ألأحزاب الحاكمة ليفوزوا بمقاعد برلمانية ومن ثم ليمثلوا اصحاب الكوتا (المسيحيين) رغماً عنهم؟؟!.

3- مع احترامي الشديد لجميع الأديان مقدما، فإذا صوت عدة آلاف من القوات (الآسايش والبشمركة) الكوردية (وهم مسلمون ومنتمون الى أحزابهم الكوردستانية) الى قوائم الكوتا المسيحية ولم يصوتوا لأحزابهم المنتمين اليها والمؤمنين ببرنامجها الانتخابي!، وكان هذا امراً قانونياً وعادياً، فهذا يعني بأننا لسنا فقط في قمة الديمقراطية، وانما اصبحت الديمقراطية تخجل منا، ويبدو بأننا أنطلقنا طيراناً الى ما هو أعلى من الديمقراطية لنبتكر نموذجاً متقدماً من حكم الشعب نطلق عليه بـ:

(Super Democracy)

عندها سيكون من الممكن أن نشهد في الإنتخابات المقبلة بضعة آلاف من الإخوة أعضاء حزب الإتحاد الإسلامي (يةككرتووي ئيسلامي) أو الجماعة الإسلامية يصوتون الى احدى قوائم كوتا المسيحيين!!، وفي هذه الحالة من السوبر- ديمقراطية المبتكرة فما الحاجة لبقاء هذه الكوتا؟ وخاصة اذا لم تكن هذه الكوتا المحترمة تمثل أصحابها الحقيقيين؟.

4- أن كل الأحزاب والتيارات والقوائم التي تنافست على كوتا المسيحيين، هم احزاب وحركات قومية وليست دينية، وان قبولهم بهذه الكوتا الدينية تتناقض مع مبادئهم الحزبية ولكنها لا تتقاطع بالتأكيد مع مصالحهم الشخصية التي اصبحت لها الأولوية في كل شيء. كما ان استمرارهم في التغني بالكوتا المسيحية وبعد كل ما حصل في هذه الإنتخابات، دليل على ان الانتخابات في نظرهم عبارة عن صراع حول الحصول على راتب المقعد البرلماني وامتيازاته ولا شيء عدا ذلك.

5- على القاريء الكريم ان يعلم بأن كل القوائم التي تنافست على كوتا المسيحيين كانت من صنع أحزاب السلطة أو هي التي تسيرها بشكل أو بآخر والدليل كان مصدر الأصوات الإنتخابية.

6- واخيرا أوجه سؤالي هذا الى كل كاتب ومحلل سياسي كوردي سواء أكان مستقلاً أم منتمياً: اذا كان للتركمان كوتا قومية، وللأرمن كوتا قومية، لماذا لم تكن للكلدان كوتا قومية خاصة بهم بالرغم من ذكر قوميتهم في دستور العراق ودستور إقليم كوردستان وخاصة هم الأكثر عددا من التركمان والأرمن مجتمعين؟؟ ومن الذي وراء ذلك؟.

ثم من المستفيد من دمج وخلط تسميات قومية مع بعضها دون رضا أصحابها؟؟.

7- مادامت هناك كوتا خاصة بالمسيحيين فما الذي يمنع من ان نرى في الإنتخابات المقبلة قائمة (للمسيحيين الكورد) تتنافس على مقاعد هذه الكوتا؟.

أنا شخصياً لا أجد أي مانع في ذلك، بل بالعكس انه حق شرعي وقانوني. ولكن من سيمثل القوميات (الكلدانية والسريانية والآشورية) في البرلمان؟ وهل هناك صيغة قانونية ودستورية في ذلك؟ بالتأكيد لا توجد!!.

9- من المؤكد بأن المسيحي الفائز بمقعد برلماني ضمن أي حزب كوردستاني آخر (البارتي، التغيير، اليكيتي، الشيوعي…الخ) إن وجد، فسيكون له قدرة وفعالية اكثر فيما يخص شؤون المسيحيين أكثر من برلمانيي كوتا المسيحيين بحكم قوة الحزب الذي ينتمي اليه وعدد زملائه الأعضاء المساندين له.

من خلال الشرح أعلاه يظهر بأن كوتا المسيحيين:

1- أثبتت انها الوسيلة المعتمدة في التنكرللحقوق القومية (للمسيحيين) وفي مقدمتهم ابناء القومية الكلدانية في إقليم كوردستان.

2- بانها (اي كوتا المسيحيين) دخلت علناً حلبة الصراعات بين الأحزاب الكوردستانية الرئيسية كنتيجة لعدم استقلالية قرار الكيانات المتنافسة عليها. وبذلك فقدت مضمونها ومصداقيتها في تمثيل المسيحيين الكوردستانيين تمثيلاً حقيقياً.

4- ألفائزون بها سابقاً ولاحقاً لم ولن يقدموا شيئاً يذكر للمسيحيين في كوردستان ولا يمثلون تطلعات المسيحيين وقومياتهم في الإقليم.

5- وبالتالي بقاء الكوتا بهذا الشكل تعتبر اهانة مباشرة للمسيحيين واستصغاراً بهم وبقومياتهم وبحقوقهم كمواطنين أصلاء في كوردستان.

الحل:

في رأي المتواضع يكمن الحل في الغاء كوتا المسيحيين تماماً و العمل وفق أحد المقترحين المذكورين أدناه:

1- الغاء كوتا المسيحيين في انتخابات الإقليم والعراق. وتبديلها بالكوتا القومية للكلدان وأخرى للسريان وأخرى للآشوريين كل حسب زخمه العددي إسوةً بالتركمان والأرمن. وأن تجد مفوضية الإنتخابات وسيلة مناسبة وفاعلة لمنع تدخل الأحزاب الكبيرة بمصير الكوتا القومية.

2- أو ان يتم الغاء كوتا المسيحيين، وان تكون للمسيحيين وقومياتهم قوائم انتخابية عامة كحال بقية الاحزاب الكوردستانية ومفتوحة على جميع سكان كوردستان. أو أن تأتلف تلك القوائم مع القوائم كوردستانية الأخرى.

وختاماً أوجه ندائي الى ألأحزاب الكلدانية التي قاطعت هذه الإنتخابات، ربما لمعرفتها بمصير ونتائج كوتا المسيحيين: بأن ترفض الدخول في أية انتخابات مستقبلية تحت تسمية كوتا دينية، وان تعمل جاهدة من أجل تبديلها بالكوتا القومية الكلدانية، فهي وحدها ستمثل الكلدان تمثيلاً حقيقياً.

كل إنتخابات وشعب كوردستان بألف خير.

الرابط الأول

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,702473.0.html

الرابط الثاني

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,700620.0.html

الرابط الثالث

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,704918.0.html

الرابط الرابع

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,703581.0.html

سعد عليبك

saad_touma@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *