كلدانية عراقية تتخرج من كلية الطب في الدنمارك

رنا سلام ماربين

بعد أن عصفت رياح الحروب بعراقنا الحبيب، وبعد أن تحولت المقاييس الوطنية إلى مقاييس على اسس عشائرية وشعار ( من أي العَمام أنت) أي إنتساب عشائري مع كل التقدير والإحترام للجميع العشائر بدون إستثناء، شعر الكثير من ابناء شعبنا الكلداني ممن كانوا يرون في القانون والدستور العراقي المقياس العام للفرز بين المواطنين وللمواطنة الحقة، أستقرأوا المستقبل وخاصة في تسعينات القرن الماضي فتمكنوا بحدسهم الذي أستمدوا علومه من أجدادهم الكلدانيين القدامى فتمكنوا من قراءة مستقبلية لعراقنا الجبيب وماستؤول إليه الأمور، فشعروا بدونا أو غقتراب غيمة سوداء ستظلل سماء العراق، واستقروا إلى حل هو مًر ولكنه أمر لا بد منه ليتمكنوا من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مال وأطفال، فاستقر بهم الرأي على أختيار الهجرة والرحيل وهو مرار ولكن ليس هناك حل آخر فأما أن تحل عليك اللعنة كما حلّت بأهل الموصل الكلدان المسيحيين ( أفرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السماوات، هكذا أضطهدوا الأنبياء قبلكم، متى 5:12 )  أو أن تشد الرحال إلى المجهول،فقد رفضنا بلدنا ( ومن لا يقبلكم ويسمع كلامكم فاتركوا تلك المدينة وأنفضوا غبار أقدامكم، متى 10: 12)  قرار الهجرة لم يكن بتلك السهولة ولكن إنقاذاً للعائلة التي أنت مسؤولعنها أمام الله والمجتمع، والغربة صعبة جداً خاصة إذا كانت نحو المجهول، وخاصة وأنت تترك وطناً وذكريات وأهل وأحبة وقبور آباء وأجداد وغيرها الكثير الكثير التي تثير الشجن، وهكذا كان أن نفضنا غبار أقامنا وتركنا عراقنا الغالي ، تركناه بالجسد أما الروح فما زالت عالقة فيه وتجول في سمائه وتتغنى بأمجاده، نشد الرحال إلى مصير مجهول، كل الذي نعرفه هو أن في هذه البلدان إحترام لشخصية الإنسان، بلدان لا تقيس كما يقيس قادة بلدنا، لا مقياس غير مقياس الإنسانية، فلا تسمع كلمات مقززة وى تهديدات ولا تخريف شيوخ ولا فتاوى مفرّقة تثير النعرات الطائفية والدينية والعنصرية والقومية وغيرها، المقياس هنا على اساس المواطنة الحقة وبقدر ما تقدم من خدمة للقبعة التي تسكن وتعيش فيها، لذا تحركت هذه الحالة(الهجرة) غير المستحبة وجالت في عقول العديد من العوائل الكلدانية التي تمكنت من أن تصل إلى هذه البلدان بأمان بعد ما فقدت كل شئ، كل شئ، ومن ضمن هذه العوائل العائلة الكلدانية الشقلاوية الكركوكلية العراقية الأصيلة عائلة سلام ماربين، فبعد أن أستقر بهم المقام في الدنمارك قام الشماس الإنجيلي سلام ماربين ببناء عائلته بناءً دينياً وتربوياً ممتازاً، لقد جاهدت أبنته الآنسة المصون رنا جهاداً حسناً حيث أجتهدت في الدراسة فتمكنت وبتفوق أن تحصل على قبول في كلية الطب في مجامعة أوغوص، وبعد حفنة من السنين قضتها في الدراسة وبذلت كل جهودها في سبيل رسم مستقبل زاهر لها وأن تكون قدوة لغيرها ومثلاً يُقتدى به، تتخرج رنا اليوم حاملة بكل فخر وإعتزاز شهادة الماجستير بالطب، اليوم تقطف رنا تعب كل تلك السنين، اليوم تذوق رنا ثمرة الجهود المضنية لتصبح علماً وأسماً كلدانياً عراقياً لامعاً في سماء الطب في الدنمارك،

ولتضرب مثلا لكل مَن يحاول أن يقلل من قيمة وجهد الكلدان، فها هم أبناء الكلدان الغيارى ينالون أعلى الشهادات وليست رنا الوحيدة فهناك العديد من اقرانها من أبناء الكلدان فعلى سبيل المثال بالأمس القريب أحتفلنا وبقية أبناء شعبنا الكلداني بتخرج العزيز فوز صباح بچّوري بتخرجه من جامعة كوبنهاگن وهو يحمل شهادة الماجستير بالأمراض السرطانية، هذه نماذج ممتازة من أبناء الكلدان في المهجر، رفعوا رؤوسنا عالياً كما هم رفعة رأس للعراق والعراقيين، فالعراقي مُبدع في كل زمان ومكان، كما هم أعلام في الوطن الذي أحتضنهم ووفر لهم كل متطلبات العيش الكريم ومن أجواء دراسية ليتمكنوا من خلالها تقديم الأفضل للعالم أجمع بغض النظر عن جميع المسميات الأخرى،

في هذا اليوم يحق لنا جميعاً أن نحتفل مع رنا وعائلتها وأن نقدم باقات الورود بتخرج رنا لتصبح طبيبة عراقية في الدنمارك حالها كحال بقية العراقيات اللائي سبقنها في مجال الطب والعلوم الأخرى، أمنيتي وأنا أضرب مَثَلَين هما الدكتورة رنا سلام ماربين والأستاذ فوز صباح بچوري أن يقتدي بهما أبناء شعبنا من الطلاب وأن يلتزموا بأمورهم الدراسية ليكون المستقبل مضموناً لهم عذرا فهناك الكثيرين من ابناء شعبنا الكلداني ممن تفوقوا أو ممن هم مازالوا في المراحل الدراسية المختلفة والجامعات ولكن لا تحضرني الأسماء الآنوسنكتب عن كل كلداني عراقي على هذه الصيغة وهذا المَثَل.

تحياتي وتهنئتي أكررها هنا للعزيزة الدكتورة رنا سلام ماربين التي أصبحت مصدر فخر لنا ولاهلها وعائلتها ولبلدها الأم العراق وللبلد الذي أحتضنها ورعاها الدنمارك وللإنسانية جمعاء

حفظ اللــــه العراق والعراقيين جميعاً سائلين المولى القدير جلت قدرته أن يزيل تلك الغيمة السوداء عن العراق وأن ينعم على العراق وأهله بالأمن والأمان والراحة والإطمئنان

نزار ملاخا

03/02/2016

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *