قلق عالمي لهجرة مسيحيي العراق وانخفاض “هائل” بأعداد الأقليات


الإثنين, 23 كانون2/يناير 2012 16:36
شفق نيوز/
أعرب قادة دينيون عن قلقهم من استهداف معتنقي الديانة المسيحية من العراقيين ودفعهم إلى ترك بلادهم الأصلية والهجرة، كما أشاروا إلى أن تعداد السكان بين فئات دينية أخرى مثل الايزيديين والصابئة المندائيين شهد انخفاضا “هائلا” وصل إلى 80 %.

وغادرت المئات من العائلات المسيحية والأقليات الأخرى مناطق سكناها إلى مدن أكثر أمنا بعد أن تعرضت لسلسلة هجمات منظمة من قبل مسلحين.

وكان استهداف كنيسة سيدة النجاة الواقعة في منطقة الكرادة وسط بغداد في نهاية شهر تشرين الأول من العام 2010 أسوأ هجوم يتعرض له المسيحيون بعدما سقط 120 شخصا بين قتيل وجريح.

كما نزح الكثير من العائلات المسيحية صوب إقليم كوردستان والى بعض البلدان الأوروبية طلبا للامان ومنذ ذلك انخفضت إعداد المسيحيين.

ويبلغ عدد المسيحيين الذين تم استهدافهم في العراق منذ عام 2003 اكثر من 900 قتيل وتم استهداف 54 كنيسة.

واجتمع يوم الخميس الماضي قادة من ممثلي أديان مسيحية ويهودية بالسفير العراقي لدى الأمم المتحدة حامد البياتي وأعربوا عن قلقهم بشأن تقارير عن نزوح جماعي للمسيحيين من العراق، ومنوهين إلى عدم انخراط المسيحيين بدرجة كافية داخل العراق في عملية بناء بلدهم، معربين أيضا عن قلقهم بشأن ما إذا كانت الحكومة العراقية تبذل كل ما في وسعها لحماية الأقليات الدينية.

ومن بين الذين حضروا الاجتماع كل من رئيس مجلس الحاخامات في نيويورك الحاخام ياكوف كرماير ورئيس مدرسة اللاهوت في نيويورك الدكتور بأول دي فريس وعدة أشخاص آخرين.

وكانت وكالات إخبارية وإعلامية وكذلك منظمات للأبحاث الخارجية، وحتى حكومة الولايات المتحدة قد سجلت ارتفاعا في “اضطهاد” الأقليات الدينية في العراق في أعقاب الفوضى التي أعقبت الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.

ووفقا لدراسة حديثة أجراها الفريق الدولي لحقوق الأقليات فان نحو 500 ألف مسيحي ما زالوا في العراق حاليا في حين كان مابين 800 ألف و1.4 مليون مسيحي يسكنون في العراق عام 2003.

وذكر تقرير صادر عن اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية (uscirf) وهي وكالة حكومية انه منذ عام 2004 كان هناك نزوح جماعي للمسيحيين من العراق أسهم في الحد من تعدادهم السكاني داخل بلادهم بنسبة أكثر من النصف.

واشار التقرير الى ان تعداد السكان بين فئات دينية اخرى مثل الايزيديين والصابئة المندائيين شهد انخفاضا “هائلا” أيضا فقد فقدت هذه الاديان أكثر من 80 % من أعضائها بسبب النزوح.

وقتل الكثيرون نتيجة أعمال العنف داخل العراق في السنوات الأخيرة بسبب “الاضطهاد الديني” وفق منظمات دولية.

ويقول رئيس مجلس الحاخامات في نيويورك الحاخام ياكوف كرمياري “علينا جميعا كأمريكيين ان نصلي من اجل ان يصبح العراق منارة للضوء ليس فقط لشعبه بل لمنطقة الشرق الاوسط برمتها في التعددية والديمقراطية”.

ويضيف “واحدة من الأشياء التي نأمل ونصلي من أجلها بالتركيز على المسيحيين كمثال، هي إعطاء المزيد من الاهتمام لسلامة وحرية ورفاه هذه الأقلية، وأن يوفر العراق حرية وحماية إضافية لها، لأن هناك صورة نمطية، ان المسيحيين لا يمكنهم ممارسة حرية العقيدة، والالتزام في بيئة المسلمين ان كانت جائرة أم لا لأن القوالب الجامدة تسود وأعتقد أن العراق لديه فرصة رائعة حقا”.

ويقول رئيس مدرسة اللاهوت في نيويورك الدكتور بول دي فريس “نظرا لرغبة (البياتي) للتشجيع وتشارك الرؤى بما في ذلك الجهود المبذولة في الشرق الاوسط، فأن القادة الإنجيليين واليهود سيتابعون الامر وبطريقة مثمرة عن طريق الاجتماعات المقبلة التي يمكن أن تخلق حلولا جيدة لزعماء العراق الحاليين ومن بينهم السفير ويمكن أيضا ان تنقل مزيداً من صلواتنا من اجل العراق واخواننا وأخواتنا المسيحيين العراقيين”.

الزعماء الدينيون اوضحوا خلال لقائهم أن الحوار بين الحكومة العراقية والمجتمع الدولي أمر حيوي لاسيما وان العراق يحاول الارتفاع فوق مستوى العنف.

من جهته يؤكد سفير العراق لدى الامم المتحدة ان “الوضع ليس سيئا كما يبدو وأن العراق مع تقاليد التسامح الديني ولديه فرصة كبيرة ليصبح واحة للسلام والتسامح في المنطقة ولكن ذلك يتطلب “القضاء على التطرف”.

ويتابع البياتي ان “الحكومة العراقية تدرك ان المسيحيين عنصر مهم جدا للشعب العراقي وهي تدرك انه من دون المسيحيين في العراق لن يكون الشعب العراقي قادرا على العيش حياة طبيعية وأنها تحاول حمايتهم”. ويؤكد على انه سيجري نقل رسالة الزعماء الدينيين إلى بغداد.

ويوضح البياتي انه “غالبا ما يرتبط المسلمون بالتطرف لكن في الواقع المسلمين واليهود والمسيحيين كانوا يعيشون جنبا الى جنب في العراق”، متطرقاً الى الوقت الذي كان فيه الناس يعرفون أنفسهم “أولا كعراقيين ومن ثم بانتمائهم الديني”.

ويشير البياتي الى ان القضية “معقدة وأن كثيرا من الناس الذين يهاجرون من العراق يفعلون ذلك ليس فقط بسبب وجود تهديد لأمنهم ولكن أيضا للبحث عن فرص اقتصادية أفضل”.

ويوضح ان “صدام حسين كان يدفع الجماعات العرقية والدينية ضد بعضها بعضا مستندا على القول السائد (فرق تسد)”، مضيفاً “وبعد الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين حصل فراغ سياسي وبرزت ميليشيات مسلحة وتسلل تنظيم القاعدة الى داخل العراق، لكن الوضع “تدريجيا اصبح تحت السيطرة”.

ويتابع البياتي ان الحكومة العراقية “بحاجة للعمل” على تدمير الصورة “النمطية” للعراق كمركز للعنف والتطرف “لا أعتقد أن أي عراقي يستطيع الذهاب الى الكنيسة وقتل الناس وهم يصلون لأنه في نهاية المطاف الذهاب إلى المسجد أو الكنيسة أو معبد يهودي لغاية واحدة وهي عبادة الله الواحد”.

ويوضح، ان المتطرفين يعرفون أن استهداف المسيحيين من شأنه خلق ردة فعل قوية في الغرب “انهم يحاولون تحريك وسائل الإعلام لإظهار العراق بلدا ليس آمنا بالنسبة للمسيحيين وهذا ليس صحيحا”، مردفاً “اعتقد ان كل واحد منا يعاني من الصور النمطية عندما تكون غير عادلة”.

ويشدد السفير البياتي على ان الهجوم الذي وقع عام 2010 على كنيسة سيدة النجاة في بغداد هي “حادثة مروعة قام بها القليل من المتطرفين تسبب باعطاء سمعة سيئة عن العراق”.

يشار الى ان سوريا ومازالت حتى الان تعد أكبر ملاذ آمن للاجئين العراقيين في المنطقة، برغم تدهور الوضع فيها، بعد أعمال العنف بين النظام والمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، كما انها تعد البلد المضيف لأكبر عدد من المسيحيين العراقيين في المنطقة بعد أن هاجر كثير منهم مضطرين إليها طلبا للامان.

خ و/ ص ز

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *