في أول خطاب له من ويستمنستر البابا يحذر من “تهميش الدين والمسيحية”

حذر بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر من “تهميش الدين، وخاصة المسيحية، عبر العالم”، وذلك في في أول خطاب لرأس الكنيسة الكاثوليكية في كنيسة ويستمنستر آبي، الملحقة بمجلس العموم البريطاني.

وقال البابا، مخاطبا حشدا كبيرا من النواب وكبار الشخصيات الدينية والسياسية والفكرية البريطانية، قائلا في كلمته التاريخية: “لا أقوى إلاَّ أن أعبر عن قلقي بشأن التهميش المتزايد للدين، وبالأخص المسيحية، الأمر الذي يحدث في بعض الأماكن، حتى في أمم تولي اهتماما كبيرا للتسامح.”

تحذير بابوي

لا أقوى إلاَّ أن أعبر عن قلقي بشأن التهميش المتزايد للدين، وبالأخص المسيحية، الأمر الذي يحدث في بعض الأماكن، حتى في أمم تولي اهتماما كبيرا للتسامح

بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر

وأضاف البابا محذرا من وجود بعض الأشخاص الذين يودون رؤية “صوت الدين وقد جرى إسكاته.”

ودعا البريطانيين لإيجاد كافة السبل الكفيلة بترويج الدين والعقيدة “على كل مستوى من مستويات الحياة.”

كما شدد البابا أيضا في كلمته على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين بريطانيا وبين الفاتيكان من جهة، وبين الكنيسة الكاثوليكية، التي يمثلها، والكنيسة الإنجيلية من جهة أخرى.

“أساس أخلاقي”

كما أكَّد البابا أيضا على أهمية الأخلاق في الحياة اليومية، وقال إن “غياب الأساس الأخلاقي” ساهم إلى حد كبير في حدوث وتفاقم الأزمة المالية التي هزت العالم مؤخرا وأثرت على الملايين في العالم.

وقد وصف مراسل بي بي سي، بيتر هانت، خطاب البابا في قاعة ويستمنستر بأنه “دعوة لحشد التأييد ومناشدة لعدم ابتزاز الدين أو سحقه من قبل مجتمع علماني”.

وكان البابا قد التقى في وقت سابق بكبير أساقفة كانتربري، الدكتور روان وليامز، وذلك في مقر إقامته بقصر لامبث وسط العاصمة لندن.

احتدام الجدل

وقد احتدم الجدل وتصاعدت حدة الانتقادات الموجهة للبابا من قبل منظمات وجهات مختلفة بعد الخطاب الذي ألقاه أمام ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في قصر هوليرودهاوس بإدنبره في مستهل زيارته إلى البلاد، والتي تستغرق أربعة أيام، وأشار فيه إلى وجود “رابط بين الإلحاد والنازية”.

البابا مع الدكتور روان ويليامز

شدد البابا على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين بريطانيا وبين الفاتيكان من جهة، وبين الكنيسة الكاثوليكية، التي يمثلها، والكنيسة الإنجيلية من جهة أخرى.

إلا أن الكنيسة الكاثوليكية تحركت بسرعة للتقليل من وقع كلمات البابا، قائلة إنه “مدرك تماما لمعنى الإيديولوجية النازية”.

لكن منظمات وشخصيات ذات ميول غير دينية اعتبرت تلك التعليقات “مساسا بها وإهانة” لمن لا يؤمنون بالفكر الديني.

“طغيان النازية”

وتحدث البابا في خطابه عن “الطغيان النازي الذي أراد إنهاء الاعتقاد بوجود الإله في المجتمع”، داعيا البريطانيين إلى الانتباه إلى “الأشكال العنيفة من العلمانية”.

وأضاف البابا قائلا: “حتى في نطاق أعمارنا، يمكن أن نتذكر كيف وقفت بريطانيا وزعامتها ضد الطغيان النازي الذي أراد القضاء على الاعتقاد بوجود الإله في المجتمع، ورفض الجانب الإنساني للعديد منا، خصوصا بالنسبة لليهود الذين كان يُنظر لهم على أنهم لا يستحقون الحياة”.

الملكة اليزابيث والبابا

زيارة البابا بريطانيا اعتبرت تاريخية

 

وكان البابا قد وصل إلى اسكتلندا الخميس في زيارة تاريخية إلى بريطانيا، وسط احتجاجات وانتقادات للكنيسة، ورفض شخصيات عامة منح الجولة صفة “زيارة الدولة”.

قداس في الهواء الطلق

وأقام البابا قداسا في فضاء مفتوح بمدينة جلاسجو باسكتلندا حضره أكثر من خمسين ألف شخص. ودعا البابا خلال القداس بريطانيا إلى عدم نسيان جذورها المسيحية وهي تتحول الى مجتمع متعدد الثقافات.

وقال ان “المملكة المتحدة تسعى اليوم لأن تكون مجتمعا عصريا ومتعدد الثقافات، فهل تستطيع في سياق سعيها الى تحقيق هذا الهدف النبيل أن تحافظ دائما على احترامها للقيم التقليدية والتعبير عن الثقافات المختلفة، والتي لا تقدرها الأشكال الأشد عدوانية للنزعة الدنيوية ولا تتساهل معها ايضا؟”

ووجه البابا أيضا نداء إلى وسائل الإعلام البريطانية، التي عادة ما تنتقد الاتجاه المحافظ لدى البابا، حيث اعتبر أنها “تتحمل مسؤولية أكبر من المسؤولية التي تتحملها وسائل الإعلام الأخرى، ومسؤولية أكبر للتشجيع على السلام بين الأمم، وعلى التنمية الشاملة للبلدان وتعميم حقوق الإنسان الأصلية”.

فشل

وقبيل وصوله إلى بريطانيا، أدلى البابا بتصريحات أقرَّ فيها بـ “فشل الكنيسة الكاثوليكية بالتصرف بشكل حاسم وسريع بما يكفي للتعامل مع قضية القساوسة الذين يغتصبون ويستغلون الأطفال جنسيا”.

أودّ أن أقدِّم للضحايا مساعدة مادية ونفسية وروحية، وأريد حماية أطفال آخرين من قساوسة خطرين في المستقبل

بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر

 

فقد خاطب بابا الفاتيكان الصحفيين المرافقين له على متن الطائرة التي أقلته إلى بريطانيا قائلا إن مساعدة الضحايا على الشفاء وبلسمة جراحهم واستعادة ثقتهم بالكنيسة هي على رأس أولويات كنيسته.

وقال البابا: “أودّ أن أقدِّم للضحايا مساعدة مادية ونفسية وروحية، وأريد حماية أطفال آخرين من قساوسة خطرين في المستقبل”.

ومثلت تصريحات البابا تلك أوضح اعتراف له حتى الآن بإخفاقات الكنيسة بمعالجة فضيحة الاعتداءات الجنسية، والتي عادت إلى الأضواء مجددا مع الكشف خلال الأسبوع الجاري عن وجود مئات الضحايا في بلجيكا، انتحر منهم 13 شخصا على الأقل.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *