فن القراءة في فرنسا / بقلم د. تارا إبراهيم

كثيراً ما مررت بموقف الباص في منطقتي ولكني لم أعر هذا الموقف أي إهتمام إلا قبل عدة أيام، لأنني أكتشفت أن هذا الموقف ليس كأي موقف والباص ليس كأي باص. يومها أقتربت لأتمعن في لوحة المعلومات المعلقة في الموقف والتي غالبا ما تدل على إسم الباص والمناطق التي يمر بها وأوقات مروره فأدركت أن إسم الباص هو مكتبة متجولة أو (bibliobus) وأوقات مروره ثابتة، فقررت القدوم في الموعد المحدد وإذ بي أمام باص تم ترتيبه بل وتأثيثه على شكل مكتبة فيها رفوف مليئة بالكتب والمجلات بأنواعها المختلفة.

المكتبة المتجولة تمر غالبا في مناطق تتواجد فيها الإعداديات والثانويات لتشجيع الشباب الصغار على القراءة وخصوصا في عصر المعلوماتية الذي يدمن فيه المراهقون على الشبكات الإجتماعية و الـ smartphones و الـ tablettes وغيرها من التكنلوجيات الحديثة التي تؤثر على المستوى الثقافي والمعرفي للطلاب. يستطيع الطالب أن يستعير كتبا من هذه المكتبة المتجولة العائدة للمنطقة نفسها، شرط أن يمتلك بطاقة المكتبة العامة للمدينة كي يستطيع أن يعيد الكتاب الى المكتبة العامة إن لم يستطع اللحاق بالمكتبة المتجولة.

فكل مدينة لها مكتبتها العامة ولكل شخص حق الدخول والقراءة وإستعارة الكتب والمجلات وحتى الـ CD للأغاني، بشرط أن يثبت أنه يقيم في المنطقة وأن يدفع مبلغا رمزيا لعام بأكمله، ناهيك عن أن كل محلة سكنية لها مكتبة مصغرة لأبناء المحلة نفسها. من الجدير بالذكر أن نظام المكتبات لايقتصر على الكبار بل يشمل الأطفال أيضا إبتداء من عمر الثلاثة أشهر، فهنالك ما يسمى مكتبة الألعاب، والتي يستطيع الوالدان أن يستعيرا منها ألعاباً من شأنها أن توقظ حس الطفل و تعلمه ولكن بشكل ترفيهي، فغالبا ما تأخذ الألعاب شكل كتب موسيقية تروي قصصاً تعليمية للأطفال كي تثير إهتمامهم وتحفزهم على التفاعل مع الحكايات والمعلومات المطروحة في هذه الكتب.

بل ويتعدى الأمر ذلك إذ يتم تخصيص مكان في المكتبة العامة للأطفال الذين تترواح اعمارهم بين السنتين و الأربع سنوات حيث تتم دعوتهم مع الوالدين للإستماع الى قصص تقرأ لهم من قبل أشخاص مختصين للغوص في أدب الأطفال كي يشحذوا فضولهم بكل بساطة وعفوية، فضلا عن المكتبة الموسيقية التي يتم من خلالها إسماع الأطفال منذ نعومة أظفارهم أروع ألحان الموسيقى الكلاسيكية من أجل تنمية ذوقهم وحسهم الموسيقي.

كل هذه المكتبات تتواجد في مدينتي الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 61.000 شخص ، فماذا إذن عن العاصمتين بغداد وأربيل والمدن الاخرى؟ أوحتى السليمانية عاصمة الثقافة في الإقليم؟ كم هو عدد المكتبات العامة المفتوحة للجميع؟ كم هو عدد الأشخاص الذين يرتادون هذه المكتبات؟ هل هنالك مكتبات خاصة بالأطفال؟ ماهو دور المنظمات الثقافية والمدنية التي كثرعددها لدرجة أنه تم الإعلان حديثا عن مشروع كتابة دليل لهذه المنظمات في الإقليم؟ ..

 د. تارا إبراهيم

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *