عيد التجلي / بقلم الشماس سمير كاكوز

 

يسوع بعد أن شهد له بطرس بلاهوته وبعد اعتراف بطرس بالمسيح في قيصريّة فيلبس وبعد إنباء يسوع الأول بآلامه ( متى 16 ) أخذ بطرس ويعقوب ويوحنا الى جبل عال لينفرد بهم وحدهم  الانفراد هذا هو بمثابة أعلان ألوهية يسوع لهم وليراهم مجد أبيه ولكي يصغوا له والى تعاليمهِ ( وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج ) متى 28 / 3 – يسوع أخذ معه التلاميذ الثلاثة لكي يشهدوا ما سوف يحدث في جبل تابور أحد الجبال في فلسطين الجبل أرتفاعه 1375 قدمًا فوق السهل و1843 قدمًا فوق سطح البحر الأبيض المتوسط  المنظر من رأس تابور أجمل جميع مناظر فلسطين الوسطى يظهر منه إلى الشمال والشرق جبل الشيخ وبحر الجليل وجبال حوران وجلعاد، وإلى الجنوب والغرب مرج ابن عمير (أو عامر كما يدعى الآن) وجلبوع والكرمل والبحر الأبيض المتوسط – العدد ثلاثة هو كاف لكي يشهدوا كما شهدوا أقامة أبنة يايرس هؤلاء الثلاثة كانوا المرافقين دائما يسوع  – التجلي معناه هو أختلاف شكل الانسان وظهوره بشكل أخر كمثل الظل ، هذه الكلمة التجلي في اليونانية معناها ماتاموفوسيس أي ظهور شخص بغير شكله العادي – أعتماد يسوع أتى صوت من السماء ليسوع قالاً ( هذا أبني الحبيب الذي رضيت عنه ) متى 3 / 17 في هذا الصوت نرى ظهور الاقانيم الثلاثة الاب والابن والروح القدس في لاهوت واحد هنا الله يعلن أن يسوع أبنه الحبيب – الجبل الذي صعدوا عليه ليس جبل مثل الجبال الموجودة الاخرى  كما ذكر في ( متى 14 / 23 ) وصعد الى الجبل يصلي – الجبل هو جبل عال كجبل تجربة يسوع من قبل أبليس في البرية ( ثم مضى به إبليس الى جبل عال جداً وأراه جميع ممالك الدنيا ومجدها ) متى 4 / 8 – الجبل الذي أمرهم يسوع ليصعودا عليه قبل  صعوده الى السماء لاعلان البشارة ( وأما التلاميذ الأحد عشر فذهبوا الى الجليل إلى الجبل الذي أمرهم يسوع أن يذهبوا إليه ( متى 28 / 16 الجبل كان يرتبط بمثابة الاقتراب الى الله واسمه تابور أو حامور – ( أما الان فقد ظهر بر الله بمعزل عن الشريعة تشهد له الشريعة والانبياء ) رومة 3 / 21  – بعد ستة أيام و لوقا يقول بنحو ثمانية أيام  لوقا أحصى اليوم الذي فيه أعلن الرب وعده وأحصى يوم التجلى أما متى ومرقس فأحصوا الأيام الستة التي بين يوم الوعد ويوم التجلي رقم 6 هو رقم ناقص وغير كامل أدم خلق في اليوم السادس وسقط في اليوم السادس – الرقم 8 هو رقم الحياة الابدية وفتح باب الملكوت السماوي التي اعطانا يسوع بموته في اليوم السادس والساعة السادسة – الوحش رقمه 666 ناقص وغير كامل رقمه يسوع رقمه 888 الرقم كامل ومعناه الحياة الابدية – اختيار يسوع لهؤلاء التلاميذ بطرس ويعقوب ويوحنا لانهم هم الاولون الذين تبعوا وسمعوا دعوة يسوع لما دعاهم وهم المذكورون الاوائل في الاناجيل – ظهور موسى وايليا مع يسوع أكدها لنا بولس في رسالته الى أهل قولسي 3 / 4 – ( فاذا ظهر المسيح الذي هو حياتكم تظهرون أنتم أيضا عندئذ معه في مجده ) – المسيح هو حياتنا وشفيعنا ومخلصنا المسيح يعطينا القوة والمستقبل كيف نعيش يسوع يمنحنا الرجاء ويريد منا أن نكون مستعدين لمجيئه الثاني – كان موسى في غلبته على فرعون وتحرير الامة اليهودية من عبودية المصرين إيليا أنتصاره على أخاب وعبادة البعل – الاثنان كانا رمزاً للمسيح في غلبته على الشيطان والوثنية – الله يكلمنا عن طريق أبنه الذي جعله وارثاً قالاً لنا في رسالة العبرانيين 1 / 2 – ( كلمنا في أخر الايام هذه بابن جعله وارثاً لكل شيء وبه أنشا العالمين ) – الله في العهد القديم أستخدم عدة طرق لكي يوصل رسالته الى الشعب اليهودي عن طريق النبي أشعياء في رؤيا الاصحاح 6 ومخاطبة يعقوب في حلم ( تكوين 28 / 10 – 22 ) أبراهيم وموسى الله كلمهما مباشرة وشخصياً كما ذكرت في تكوين الاصحاح 18 – خروج الاصحاح 31 كل هذه كان الشعب اليهودي لم يؤمن ويصدق كل هذه الحكايات والقصص الله ارسل أبنه الحبيب ليكلمهم مباشرة ويصبح يسوع المسيح في قمة أعلانات الله المختلفة عبر القرون – الجبل هو دلالة لاهوتية أكثر منه جغرافية أصبح مكان للوحي الالهي – ( ويكون في أخر الايام أن جبل الرب يوطد في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري أليه جميع الأمم ) أشعيا 2 / 2 – ( لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لان الارض تمتلى من معرفة الرب كما تغمر المياه البحر ) أشعيا 11 / 9 – ( الذي وهو بهاء مجده و رسم جوهره و حامل كل الاشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي ) عبرانيين 1 / 3 – يسوع هو السبيل الوحيد لاتمام عمل الانبياء وهو الملك الشامل للابد – النبي موسى والنبي ايليا الاول يمثل الشريعة كاتب الاسفار الخمسة والناموس وتنبأ بمجيء نبي عظيم هو المسيح – ( ساقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه ، فيخاطبهم بكل ما آمر به ) تثنية الاشتراع 18 / 18 – الثاني أيليا يمثل الانبياء الذين جمعهم تنبأوا عن مجي الرب يسوع – ( هاءنذا أرسل اليكم ايليا النبي قبل أن ياتي يوم الرب العظيم الرهيب فيرد قلوب الاباء الى البنين وقلوب البنين الى آبائهم ، لئلا آتي وأضرب الارض بالتحريم ) ملاخي 3 / 23 – 24 – رسالة العبرانيين تحذرنا 1 / 3 – ( فآحذروا أن تعرضوا عن سماع الذي يكلمكم . فاذا كان الذين أعرضوا عن الذي أنذرهم في الارض لم يفلتوا من العقاب – فكم بالاحرى لا نفلت نحن اذا تولينا عن الذي كلمنا في السماء – النبي موسى بعد أن تكلم مع الله على جبل سيناء أصبح وجه مثل الشعاع ودلالة على مجد الله الرهيب لا يدركه أي عقل – ( وصعد موسى الجبل فغطى الجبل وحل مجد الرب على جبل سيناء وغطاه الغمام ستة أيام وفي اليوم السابع دعا الرب موسى من وسط الغمام وكان منظر مجد الرب كنار آكلة في راس الجبل أمام عيون بني أسرائيل فدخل موسى في وسط الغمام وصعد الجبل وقام موسى في الجبل أربعين يوما وأربعين ليلة ) خروج 24 / 15 – 18 – ظهور موسى وايليا مع يسوع بمثابة التايد ليسوع والى رسالته من أنها جاءت من السماء هذا شيء والشيء الاخر هو أتمام الناموس والشريعة وأقوال الانبياء – رسم أحد الفنانين لوحة وجه النبي موسى وعليه قرنان على شكل نور النور هو نور الله الذي أشاع على وجه موسى لما كان على الجبل أثناء وجود الجميع يسوع وموسى وايليا وبطرس ويوحنا ويعقوب جاء صوت من السماء ( هذا أبني الحبيب الذي عنه رضيت ، فله آسمعوا ) متى 17 / 5 

الصوت أتى عن طريق تجلي الله في غمام فظللتهم الغمام هو علامة تجلي الله كما هو الحال في تجليه على جبل سيناء ( وحدث في اليوم الثالث عند الصباح أن كانت رعود وبروق وغمام كثيف على الجبل وصوت بوق شديد جداً فارتعد الشعب كله الذي في المخيم ) خروج 19 / 16 وتجليه على خمية الموعد ( ثم غطى الغمام خمية الموعد وملا مجد الرب المسكن فلم يستطع موسى أن يدخل خمية الموعد لان الغمام كان حالاً عليه ومجد الرب قد ملا المسكن ) خروج 40 / 34 / 35 

وتجليه في الهيكل ( وكان لما خرج الكهنة من القدس أن الغمام ملا بيت الرب فلم يستطع الكهنة أن يقفوا للخدمة بسبب الغمام لان مجد الرب قد ملا بيت الرب حينئذ قال سليمان : قال الرب أنه يسكن في الغيم المظلم ) ملوك الاول 8 / 10 – 12 – الصوت هذا كان موجهاً الى تلاميذه الثلاثة عكس صوت الذي أتى يوم أعتماد يسوع كان فقط ليسوع وبمعنى أخر يسوع هو الاول والاخر والبداية والنهاية والالف والياء وعلى التلاميذ سماع كلام يسوع والجموع من خلال هذا الصوت ( أعلن حكم الرب : قال لي : أنت آبني وأنا اليوم ولدتك ) مزمور 2 ( هوذا عبدي الذي أعضده وختاري الذي رضيت عنه نفسي قد جعلت روحي عليه فهو يبدي الحق للامم ) أشعيا 42 / 1 – بطرس دائما كان السباق في كل شيء فلما شاهدة هذا المنظر الرهيب طلب من يسوع أن يصنع ثلاث مظال أو ثلاث خيم لكل واحد منهم ليسوع وموسى ولايليا موسى وايليا ظهرا بثياب لامعة براقة بيضاء مثل الشمس فالاول ايليا هو السابق للمسيح والثاني موسى تتمة الكتب المقدسة – الثياب ترمز المجد السماوي والى الناس المؤمنين المختارين ويكونون مثل الملائكة – الخيام التي اراد نصبها بطرس تشير الى عيد الاكواخ أو عيد المظال ( وتحفظ عيد حصاد بواكير غلاتك التي زرعتها في الحقل وعيد جمع الغلة عند نهاية السنة عندما تجمع تجمع غلاتك من الحقل ) خروج 23 / 16 ( واحتفل بعيد الاكواخ سبعة أيام ، حين تجمع غلة بيدرك ومعصرتك ) تثنية الاشتراع 16 / 13 العيد هذا هو أنتظار اليهود للملك يهوه الشامل المسيح ( ويكون الرب ملكا على كل الارض في ذلك اليوم يكون الرب وحده و اسمه وحده وتتحول الارض كلها كالعربة من جبع الى رمون جنوب اورشليم وترتفع وتعمر في مكانها من باب بنيامين الى مكان الباب الاول الى باب الزوايا ومن برج حننئيل الى معاصر الملك فيسكنون فيها ولا يكون بعد لعن فتعمر اورشليم بالامن وهذه تكون الضربة التي يضرب بها الرب كل الشعوب الذين تجندوا على اورشليم لحمهم يذوب وهم واقفون على اقدامهم وعيونهم تذوب في اوقابها و لسانهم يذوب في فمهم ويكون في ذلك اليوم ان اضطرابا عظيما من الرب يحدث فيهم فيمسك الرجل بيد قريبه و تعلو يده على يد قريبه ويهوذا ايضا تحارب اورشليم وتجمع ثروة كل الامم من حولها ذهب و فضة وملابس كثيرة جدا وكذا تكون ضربة الخيل والبغال و الجمال والحمير وكل البهائم التي تكون في هذه المحال كهذه الضربة ويكون ان كل الباقي من جميع الامم الذين جاءوا على اورشليم يصعدون من سنة الى سنة ليسجدوا للملك رب الجنود و ليعيدوا عيد المظال ) زكريا 14 / 9 – 16 – بطرس تصور في فكره أن يقيم مع هؤلاء الثلاث العظام لكنه نسى أن المكان الذي موجود هو فيه مع يوحنا ويعقوب هو مكان فقط للسماع والعبادة والصلاة والخشوع والطاعة – بطرس نسى أن يسوع هو أعظم من كل هؤلاء ولا يقاس مع هؤلاء أبداً يسوع هو في الحقيقة هو الله والابن والروح القدس – تصوّر بطرس أن المسيح سيؤسس ملكوته الآن على الجبل فأراد أن يصنع ثلاث مظال للمسيح ولموسى ولإيليا – بطرس ما كان يعلم ما يتكلم به وهكذا قال لوقا لقد إنبهر بطرس بما رآه فدخل في حالة تشبه الهذيان فهل الأرواح مثل موسى تحتاج لمظال. وهل يتساوي المسيح وموسى وإيليا فيكون لكل واحد مظلة وهل مظلة واحدة لا تكفى وهل بعد أن أخبرهم المسيح بأنه يجب أن يتألم ويموت هل سيغير المسيح خطته ويقبل أن يهرب إلى مظلة في الجبل؟ والمظلة عادة لتقى الإنسان من نور وحرارة الشمس ولكن النور يخرج الآن من جسد المسيح فما فائدة المظلة واضح أن كلام بطرس بلا معنى والسبب انبهاره بما رأى – التجلي ذكره ثلاثة فقط هما متى ومرقس ولوقا والتجلي ظهور حقيقة يسوع أنه أبن الله للتلاميذ ولموسى ولايليا والينا كذلك  والملكوت السماوي يتحقق عند جلوس أبن الانسان ملكاً بقيامته من بين الاموات – موسى وايليا كانا يتكلمان عن رحيل يسوع من أورشليم وبمعنى أخر القبض عليه وصلبه وموته وقيامته من بين الاموات يسوع يخرج من أورشليم خروجاً جديداً بموته وقيامته وصعوده الخروج الاول كان على يد النبي موسى من ارض مصر ويسوع يحقق الخروج الثاني بخروجه من اورشليم مركز تاريخ خلاص اليهود والبشرية جمعاء – فرفعوا أعينهم ولم يروا أحدا إلا يسوع وحده اختفاء موسى وإيليا وبقاء المسيح وحده يحمل معنى أن يسوع المسيح وحده كمخلص فلا الناموس ولا الأنبياء يستطيعان أن يخلصا ولكنها يقودان فقط للمسيح المخلص – يقول لوقا وحده في آية (32) أن التلاميذ تثقلوا بالنوم، ويبدو أنه ليس نومًا عاديًا ولكن عدم احتمال لهذا المجد الذي يرونه وهم ناموا أيضًا في بستان جثسيماني أذا نرغب أن نشاهد مجد المسيح علينا أن نستيقظ من نوم الخطية كما قال لنا رسول الامم بولس في رسالته الى أهل أفسس 5 / 14 ( لذلك يقول استيقظ ايها النائم و قم من الاموات فيضيء لك المسيح 

والمجد لله امين 

الشماس سمير كاكوز 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *