عنكاوا كوم تلتقي بالسيد مارك عربو .. وحديث مطول حول المهجرين من ابناء شعبنا

عنكاوا كوم / ريان نكَارا / ساندييكو – الولايات المتحدة الأمريكية

الشتاء يقرع الأبواب ، وأبناء الوطن يبتسمون في الغالب لهذا الضيف الثقيل، ولكن اي ابواب سيقرع هذا الشتاء ، لمن يقطنون العراء.. انهم المشردون من ابناء العراق النجباء ، ابناء الحضارة والتاريخ ابناء سومر واشور وبابل، انهم حمامات السلام الجريحة واخر الرمق لثقافةٍ امتدت لآلاف السنين ، الكل يتساءل ما الذي سيكون مصير مسيحيي العراق (أبناء العراق الاصليين) وبقية الاقليات المهددة ..

نحمل هذا السؤال على اكتافنا اينما نحلُ، ونمضي قدماً نسأل عن مسقبلنا ومستقبل اولادنا.. أي أرضٍ ستنبتُ لنا خيرا، وننهلها بافكارنا التي كانت يوما منارة الكون..

فبعد ان سمعنا ان هناك مساعٍ حثيثة يقوم بها السيد مارك عربو وبالتنسيق مع كنيسة مار بطرس للكلدان الكاثوليك في ساندييكو الامريكية، والمتمثلة بسيادة المطران مار سرهد جمو، راعي ابرشية كاليفورنيا وغرب الولايات المتحدة، للضغط على الحكومة والكونكرس الامريكيين، من اجل مساعدة المهجرين والنازحين من ابناء شعبنا (الكلداني السرياني الاشوري) وغيرهم من الاقليات المضطهدة والمهجرة ، توجهنا الى مكتب السيد مارك عربو احد ابرز الوجوه الكلدانية المُطالبة بحق اللجوء، لاولئك المشردين في ارض الوطن، لدى الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي. وهو شابٌ وسيم يحمل في دواخله حبا كبيرا وحنينا لوطنه ولابناء قومهِ خصوصا، يعمل جادا وله صولاتٌ وجولات في اروقة الييت الأبيض والكونكرس الامريكي ومبنى الامم المتحدة، فحراكهِ هذا لربما سيكون له تاثير كبير في احد اقسى الفصول التي يمر بها شعبنا الجريح، رحب بنا في مكتبه وكان متحمسا للقاءنا بغية تقديم ما لديه، لنقف على تفاصيل حراكهم المدني بهذا الخصوص..

** السيد مارك عربو.. يبدو واضحاً انكم قمتم بمجهودٍ كبير في ما يخص قضية ابناء شعبنا (الكلداني السرياني الاشوري) المهجرين منهم والمشردين تحت رحمة السماء، فما الذي تقومون به تحديدا لاجلهم؟
– نحن نعمل على تحقيق ثلاثة مطالب اساسية في هذا الخصوص..
اولاً: انقاذ النازحون المتواجدون في الخيم، والمهجرون، عن طريق تقديم المساعدات العينية.
ثانياً: محاولة ايجاد حلول حقيقية للراغبين في البقاء على ارض الوطن، وهذه هي اعقد المشاكل لدينا، ويبدو ان ايجاد صيغة حل جذري لهذه المعضلة صعبٌ للغاية.
ثالثاً: محاولة ايجاد دول تقبل لجوء الراغبين في مغادرة العراق وباسرع وقتٍ ممكن.

** يبدو ان ما حصل في العراق مؤخراً، من غزوات داعش، دفعكم للتحرك بسرعة، متى بدأت تحركاتكم واين وصلتم فيها؟
في الحقيقة ان هذه التحركات لم تكن بالنسبة لي وليدة اللحظة، فمنذ ان بدأت الولايات المتحدة بتحجيم دورها في العراق وسحب قواتها البرية، بدأت الشكوك تساورني في مستقبل أبناء شعبي داخل الوطن، لذا بدأت باولى محاولاتي في إيصال صوتي للكونكرس والحكومة الامريكة، وكان لي هذا عام 2011 عندما التقيت بالرئيس اوباما ونقلتُ له مخاوفي، بعد ذلك كررت مطالبي بحماية ابناء شعبنا في العراق ولكن هذه المرة من خلال لقاءاتي بأعضاء الكونكرس، وتكررت الزيارت، ولكن ما حدث في الآونة الاخيرة دفعني بقوة ووضعني امام مسؤولية كبيرة ، لاسيما وان العديد من العوائل اتصلت بي شخصياً، من اجل مساعدة اقاربهم واصدقاءهم العالقون في المخيمات وبعض دول جوار العراق، فبدأنا وبالتعاون مع الكنيسة الكلدانية برئاسة المطران مار سرهد جمو، المطالبة بالمساعدات المالية وجمع الاستمارات الخاصة بالعوائل والافراد الراغبين بهجرة العراق ، حتى وصل اليوم عدد هذه الطلبات الى 70.000 سبعين الفا، قدمناها للحكومة الامريكية والكونكرس بالاضافة الى الامم المتحدة.

** هل من ضوءٍ أخضر ؟
— بالطبع، لقد تمكنا من الحصول على 600.000.000 ستمائة مليون دولار، كمساعدات ملحة للنازحين والمشردين في العراء داخل العراق. ومن جهة اخرى تمكنا من الحصول على 53.000 ثلاثة وخمسون الف فيزة (تأشيرة دخول) حتى الآن، بواقع 33.000 ثلاثة وثلاثون الف فيزة من الولايات المتحدة ، والعشرون الف موزعة بالتساوي بين فرنسا، السويد، كندا واستراليا.
** هل تمكنتم انتم وحدكم من الحصول على كل هذه المطالب؟
— نعم، نحن من بدأنا بالمطالب ودعونا بعض الناشطين من بقية الولايات ، للحضور معنا وتأييد مطالبنا.

** كيف ومتى سيتم قبول الراغبين بالحصول على هذه التاشيرات؟ وهل ستكون حصرا لفئة معينة؟
— لكي اكون صريحا معكم، اود ان اخبركم ان الاجراءات ستأخذ وقتاً طويلاً ، ربما ستة اشهر أو ربما عدة سنوات، لان مثل هذه الاجراءات تحتاج الى لجان مختصة تُرسل من قبل البلدان المضيفة وتتعامل مع منظمة الهجرة العالمية، على اية حال، انهم يبحثون الان فتح مكاتب لهم في مدن عراقية كبغداد واربيل، وهذا ما نعمل عليه بقوة أيضاً، وبالتالي كل هذه الاجراءات تحتاج الى وقت. لكن الامر المحسوم هو حصولنا على الفيز من تلك الدول. في الحقيقة نحن تقدمنا بطلبنا لحماية جميع المهجرين والمشردين العراقيين داخل العراق ودول الجوار ايضا، بتصوري ان الطلبات ستقبل في مكاتب الامم المتحدة، بعد ان يتم ارسال لجان مختصة من قبل الدول التي وافقت على استقبالهم.

** حسناً، الا تعتقد بان ما تقدمون اليه، لا يتوائم وتطلعات الكنيسة الكلدانية في العراق بشكل خاص والكنيسة الكاثوليكية بشكل عام، حيث دائما ما يشير البطريرك ساكو لعدم الهجرة والتمسك بأرض الوطن، وكذلك تبدو مخاوف البابا واضحة دوما على مستقبل المسيحيين في الشرق الاوسط؟
— أنا لا اعتقد، لاننا نتعامل مع حالة انسانية ، فهناك عشرات الالاف من المسيحيين وبقية الاقليات هم بأمس الحاجة للمساعدة، وايجاد بلدان تحتويهم وتحقق لهم العيش الكريم، نعم لدول لا تعتبرهم مواطنون من الدرجة الثانية كما يعيشون اليوم في بلدهم الاصلي، ولإبعادهم عنهم خطر الهلاك، وبالتالي نحن لا نجبر احد على مغادرة العراق، كل ما نريده مساعدة الراغبين بالهجرة، والخلاص من الواقع المرير الذي يعيشونه.

** صحيح انكم لا تجبرون احد عنوة لكنكم تفتحون الطريق امام الهجرة الجماعية، الا تعتقد ان ذلك سيؤدي بشكلٍ او بآخر لإخلاء العراق من مسيحييه وبقية الاقليات ؟
— اولا، نحن لا يجب ان نصغي لصوت واحد ونترك عشرات الالاف من الاصوات تناشدنا الهجرة، ثانياً، أن أكثر من مليون مسيحي عراقي هاجر العراق منذ عام 2003 ، وما تبقى منه لا يتجاوز ربما الأربعمئة ألف شخص، نصفهم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعارهم العشرة سنوات، وهذا يعني أن الهجرة الجماعية قد بدأت فعلاً ولسنا من صنعها، ثم إننا نعمل ضمن خطة ممنهجة تجد تفاصيلها عند سيادة المطران سرهد جمو، فبرأينا ان من المستحيل ان يخلو العراق من مسيحييه ، فبالتاكيد هنالك من يرغب بالبقاء وتحمل الصعاب ، وبالتالي سنفعل مثلما فعل اليهود في روسيا والمانيا، أي نترك بلدنا اليوم ونعود اليه غدا بعد استتباب الامن.

** هل فكرتم في ايجاد فرص عمل للقادمين الجدد؟ لأن المهاجرين هنا يعانون الأمرين الغربة والبطالة. وهذا موضوع بغاية الأهمية؟
— قلت سابقاً، ان جل ما يهمنا انقاذ الارواح البشرية، ومن ثم نعمل من اجل تطبيعهم مع الواقع الجديد، سنبذل جهدنا بهذا الخصوص، ولكن اعتقد ان لدى سيادة المطران جمو تفاصيل اكثر بهذا الخصوص.

** هل من معوقات تواجهكم؟
— بالطبع ، اهمها اقناع الحكومة الامريكية بسرعة التحرك ، وكذلك الضغط على الامم المتحدة لتسريع الاجراءات، وهذه الأمور ليست هينة ابداً، بالاضافة الى مشكلة اخرى نواجهها مع الحكومة التركية لأنها لا تعتبر العراقيين المتواجدون على ارضها لاجئيين بل تعتبرهم نازحون (IPD)، وبدورنا نحاول تصحييح الوضع لتسهيل اجراءات قبولهم.

** هل من اتصالات تجمعكم مع احزاب شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) ومكوناته السياسية، وماذا عن دور الحكومة العراقية من تحركاتكم هذهِ؟
— لا توجد اتصالات جدية مع المكونات السياسية لأبناء شعبنا، أما عن دور الحكومة العراقية فهو موقف غير حاسم، لم تستطيع حماية الأقليات هناك ، لا بل وتعتبرهم مواطنون من الدرجة الثانية، وعندما التقيت بالدكتور حميد البياتي ، ممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، قال نحن نريد الحفاظ عليهم (أي المسيحيين) هناك في العراق.

** هل من كلمة اخيرة ؟
— أريد أن اقول لجميع المهجرين لستم وحدكم، وإننا هنا كل يوم ندافع عنكم ونحاول إيجاد السبل الكفيلة لتلبية مطالبكم، ولن ننساكم..

** شكراً جزيلاً سيدي الكريم
— شكرا لكم ولمتابعتكم لهذا الموضوع الهام.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *