عندما يكون هدف إنسان ما هو الصعود على أكتاف الله!

 

أتحاشى كثيراً ذكر الله والمقدسات في مقالاتي، ليس خوفاً من جحيم ما، إنما قلق على أحاسيس المؤمنين التقليديين الذين يعتبرون ذكر الماورائيات والفوقيات والسماويات في مقالات ناقدة وبتعابير إنسانية محضة هو تجاوز على الذات الإلهية وعرشه وقواته وكل ما لا نعرفه عن العالم الآخر.

ومع ذلك هناك ممارسات وحوادث تجبرني على أن أكتب بما يجول في خاطري وبالتعابير التي أريد وليس بما تفرضه أدبيات المخاطبات، حيث يتم صياغة جمل طويلة فيها كل التبجيلات قبل ذكر اسم الله أو أحد الأنبياء وهذا ما نفعله وأكثر مع رجال الدين والذين أصبحوا عند الناس أكبر منزلةً من المقدسات نفسها.

ولا أرى في إختياراتي من صور إنسانية لتوصيل فكرة ما وقاحة أو تجاوزاً أخلاقياً، بل العكس من ذلك تماماً، فرؤيتي تكمن بتجريد الإلهيات من ألقابها لتعطي مصداقية أكبر في العلاقة والتعلّق وارتياح أكثر بالاتكال على ما أصدّق به.

لذا وفي هذا العنوان المختار لهذا المقال وضعت كلمة (أكتاف الله) وأنا بالحقيقة لا أعرف إن كان هناك أكتاف بالأساس أو هو روح محض، بكل الأحوال فأنا لا أرى وجود اختلاف بين تعبير الأكتاف مع أخرى غيرها مثلاً: الله موجود في كل مكان – أرسل ملاكه – جبل الإنسان من تراب- عرش الله – يد الله، أو عندما نقول في العراق لشخص مستغل أو قاسِ او كاذب (خلّي ألله بين عيونك)، فجميعها تعابير مجازية لما هو أعمق. إنما هناك اختلاف كبير وتشويه عظيم للذات الإلهية عندما نطلب منه الانتقام أو لعنة لإنسان ما أو ندعي على شعب ونطالبه بنفيهم وسحقهم وتدميرهم وإرسال وباء لهم، أو عندما نجعله لدين أو طائفة دون غيرها، هذه كلها أصبحت مقبولة بينما التعابير التي أستخدمها فيها تجاوزاً على الذات الإلهية !! عجباً.

الصعود على أكتاف الله …. القصد معروف، وهو استغلال إيمان البسطاء كي يعلو إنسانٌ ما وذلك بإستخدامه تعابير ومصطلحات إيمانية من أجل تمجيد الذات وليس تمجيد الله كما يجب.

وهذا ينتشر بين الكثير من رجال الدين بكل الطوائف والملل، حيث نرى وبشكل واضح رجل الدين ولا نرى البعد الآخر في أعماله.

نحن نرى رجل الدين إسوةً بكل البشر، إنما هل يمكننا رؤية الله أو على الأقل أن نشعر بوجوده من خلالهم، ليس بأقوالهم، وإنما بإسلوب حياتهم؟ أليس من المفروض أن يكونوا نموذجاً يقتدى به أم ذلك محض أفتراء؟

وهنا أسأل وكالعادة لا من مجيب، لو جميعنا أقتدينا برجل الدين الذي نحن بمعيته، وحذونا حذوه في ايمانه، ومن ثم أصبحنا نعيش بإسلوبه ونتصرف مثله تماماً كونه مثلنا الأعلى، هل ستصبح الأرض وكأنها قطعة من السماء أم شيئاً أخراً؟

شخصياً أقول بأنها ستصبح شيئاً آخراً، لأنني أصبحت لا أثق بغالبيتهم وهذا لا يعيبني إن كان عندي تبريراً لذلك ولي بدل الواحد ألف، ولم أبحث لأجد تلك التبريرات، وكل ما نحن بحاجة له لمعرفة تلك السلبيات هو أن يكون لنا إيمان حقيقي بالله وليس بمن نعتقد بأنه ينوب عنه، وحتى لو لم نكن مؤمنين فنحن نحتاج إلى أبسط معايير المنطق كي نتأكد بأن غالبية رجال الدين في هذا الزمن لا يمثلون سوى أنفسهم، وأكثر ما يبحثون عنه هو مجدهم وجاههم وغناهم، وبما أنهم ليسوا بأشخاص علميين أو مهنيين أو إداريين بل روحانيين، لذا فأن ما حصلوا عليه من (أبهة) فهي بالتأكيد من الدين، وكل دين يقول عنه أتباعه بأنه من الله، أي أتخذ من الله وسيلة لمآربه، هذا إن كان مستفيد بشكل كبير من الأمور الدنيوية من مال وسلطة.

ومن هذا المنطلق فإن من يعتبر نفسه عظيماً – يأمر وينهي، ويكون صاحب قرار، والناس تتجنب نقده وتهابه، فهذا الشخص حصل على تلك الميزات من خلال مكانته أو منصبه، قد يكون إستحقاقاً أو صعودا على أكتاف الآخرين، ورجل الدين كذلك، فإما الناس تحترمه وتقدره كونه إنعكاساً طيباً للتعاليم الإلهية، أو هو عظيم بعين الإنسان كونه إستغلّ عقلية المؤمنين البسيطة وخوفهم من المقدسات، وهذا لا تفسير له عندي إلا أنه صعود على أكتاف الله، وأختم بقول ذكرته لأحد المعترضين وما أكثرهم :

عندما يكون هدف إنسان ما هو الصعود على أكتاف الله!… لا بد أن تكون رسالة إنسان آخر محاولة إنزاله

 

زيد ميشو

Zaidmisho@gmail.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *