عراقيون فوق الامتياز …

كما قال الواعظ واحد اعلام المسلمين في القرن الثالث الهجري ابو زكريا يحي بن معاذ ((القلوب كالقدور تغلي بما فيها, وألسنتها مغارفها, فأنظر إلى الرجل حين يتكلم, فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه)) ، كنت اتابع لقاء المنتخب العراقي مع نظيره البحريني، في جلسة شعبية في احد المجالس الكوردية من كافة الاعمار، وكان بيننا في المجلس من عبر العقد الخامس من عمره واخرون في ريعان شبابهم واثناء مباراة العراق مع البحرين ادهشتني حالة للحضور الذين كانت اعصابهم مشدودة ومتوترة وكأنهم جالسين داخل ملعب الشيخ خليفة في البحرين وهم ينادون تارة باسم يونس محمود وتارة باسم نور صبري المبدع واخرون يطلقون صرخاتهم باسم العراق ، نعم انها رسالة عفوية من الشعب الكوردي من داخل كوردستان للاحتجاج والرد على دعوات بعض الاصوات التي تتهم الكورد وكوردستان العراق “بالانفصاليين او تتهمهم بالتطرف الجهوي”، مؤكدين بإن العراق وطن الجميع بالانتماء العفوي الجذروي، وليس وطنا لكتلة سياسية بعينها, ولا وطنا لمحافظة من المحافظات دون غيرها, ولا لطائفة من الطوائف, أو قومية من القوميات, فالعراق وطن الكل, ويتعين على جميع الأجزاء أن تتماسك, وتتمسك بارتباطاتها الجذرية العميقة, كما يتمسك الكورد بعراقيتهم .

اِن نَعيق البعض ضد كوردستان وشعبها في بياناتهم وادعاءاتهم بالوطنية العراقية على الفضائيات لا يتخطى مفاهيم المتطرفين الاصوليين المتحالفين مع اسيادهم في الحكومة الاتحادية ولأغراض انتخابية، وبث الفرقة بين مكونات العراق الفدرالي ، وتبرير فشلهم في تقديم الخدمات والقضاء على الفساد الذي يلبسهم ويلبس اسيادهم ، كما ان تلك السياسة تصب في النهاية لمصلحة اِلهاب المشاعر والعواطف الطائفية والعنصرية واشعال الفتن بين الأطياف والأقوام والتشكيك المستمر بالاتفاقيات والتفاهمات التي تحصل عبر الحوار السلمي بين مكونات الوطن الواحد , ونشر ثقافة اقصاء الآخر وكذلك ثقافة الكراهية، اضافة الى تشويه صورة كوردستان الجميلة، وقد عانت كوردستان في الحركة التحررية الكوردية بمرارة من سلوك امثال هؤلاء الذين يقدمون الاساءة المستمرة الى مشاعر الملايين في كوردستان بمناسبة وغير مناسبة والتشكيك بالاخوة الكوردية العربية .

في الختام نقول لاشك بأن المشهد المتشنج على الساحة السياسية العراقية، يتقمص عدة خيارات منها التسقيط والتطرف والإقصاء لصنع ازمات تلو ازمات، اعلاميا وعمليا ،بعيدا عن تحمل المسؤولية المتبادلة و إتقان لغة الشراكة و الحوار من جانب الحكومة الاتحادية وجلاوزتها الذين يقتاتون من بقايا الازمات المفتعلة ، ليس كما يسعی لها السيد رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني، من أجل تشكيل مرجعية ديمقراطية مختلفة بعيدة عن التفرد والدكتاتورية، بفتح آفاق أمام العمل والتنمية البشرية في العراق الفدرالي،كما ان شعب كوردستان يعيش اليوم عصرا ذهبيا بعيداً عن تفاهات وصيحات المتكبرين ، وحكومة إقليم كوردستان تعمل الی تقوية اللحمة الكوردستانية الداخلية، والكوردستانية العراقية ، وتناضل من اجل إنتعاش الاقتصاد و إزدهار السياحة و تعزيز الإستثمارات و توفير فرص عمل جديدة و عودة الكفاءات الی الوطن في كوردستان والعراق، لتساهم في تقدمه و إزدهاره، لذا لا يمكن ان يسمح الشعب الكوردستاني كما حكومة كوردستان العراق ، والتي تعمل بنفس الحماسة في سبيل ترسيخ أواصر المحبة والوئام بين مختلف مكونات العراق الفدرالي ، أن تجرها سياسات الحكومة الاتحادية الإستفزازية الی مشاكل تهدد بتخريب منجزاتها الإعمارية والإنمائية و تعيد مشاريعها وسياساتها الی نقطة ما قبل البداية.

 بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *