طقوس صحافية

الديمقراطية وحرية التعبير ميزتان مثيرتان للاعجاب في فرنسا , فالى جانب سلطة الحكومة الرئاسية، هنالك سلطة أقوى تحكم فرنسا وتتحكم بحياتها وهي سلطة الصحافة بمختلف أنواعها، شئنا أم أبينا فالصحافة سلطة مركزية بلا منازع كونها توفر المعلومات للعامة , فالإعلام قريب من الشعب لدرجة أن الجميع على علم بما يحدث , خصوصا في فرنسا , بتفاصيله صغيرة كانت أم كبيرة , تافهة كانت أم مهمة بل ومنهم من يستبق الأحداث.

ففي كل صباح لدى الذهاب الى العمل، وبالقرب من وسائط النقل توزع المجلات مجانا على الناس، نذكرمنها مجلة ” 20 دقيقة” وهي مجلة تكتب بشكل ملخص ومصحوبة بالصور الملونة نصوصا قصيرة تتم قراءتها في عشرين دقيقة قبل الوصول الى موقع العمل وداخل وسائط النقل كالميترو والباص ..الخ، ومجلة أخرى أسمها “ميترو” وهى تحتوي على جميع المعلومات السياسية والثقافية والعامة كي يكون لدى الناس وعي كامل بما يحدث على الساحة الفرنسية.

يبدو أن سلطة الصحافة هي أقوى بكثير من السلطة السياسية، فمثلا يدعو الصحافيون رئيس الجمهورية كل خمسة أو ستة أشهر للقيام بمقابلة تلفزيونية ليبررسياسته التي يتبعها في كل الميادين من البطالة والأزمة الاقتصادية والأمن العام والتعليم ..الخ من الأمور التي تمس حياة الناس، فهنا يأتي إمتحان صعب لرئيس الجمهورية للرد على تساؤلات الصحافيين فيما اذا يستطيع الوفاء بوعوده التي قطعها خلال الانتخابات الرئاسية وفيما اذا كانت خططه عملية وقابلة للتنفيذ .

فما أن يأتي الرئيس إلى المقابلة التلفزيونية حتى يتجمع الصحفيون المنتمون الى أحزاب مختلفة من يساري ويميني ويساري متطرف ويميني متطرف ومسيحي..الخ ليراقبوا و يحللوا مايقوله السيد الرئيس , فيما اذا كان مقنعا أم لا وفيما اذا كان هادئ الأعصاب أو تم إستفزازه بطرح أسئلة محرجة ، إنها مجابهة يصعب على أي إنسان إجتيازها بنجاح.

ولايقتصر الأمر على ذلك بل أن سلطة الاعلاميين تنافس السلطة القضائية وهى تقدم خدمات كبيرة قد تتجاوز ماتستطيع الشرطة والأمن العام القيام به والأمثلة لاتعد ولاتحصى، وفي مقدمتها فضيحة كاهوزاك وزير الميزانية الذي كان يتهرب من الضرائب لمدة عشرين عاما والذي كشفته الصحافة وأدلت بالدلائل الى العدالة، فعلى الرغم من إنكار الأخير أمام البرلمان ورئيس الجمهورية ذلك إ لا أن الصحافة أستطاعت تقديم براهين تفضح مايدعيه ، مما أضطره صاغرا الى ألإعتراف بالحقيقة .

فمهما كان نوع الصحافة أو الصحفين سواء كانوا في مجال السياسية والرياضة والعلوم والمشاهير، فالصحفي يتمتع بالحرية الكاملة طبقا لحرية الصحافة التي هي مبدأ أساسي من مبادئ النظم الديمقراطية التي أساسها حرية الرأي وحرية التعبيروالتفكير، فإن المادة 11) ) من الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 تنص على ما يلي: “إن حرية التعبير عن الأفكار والآراء هي واحدة من أثمن حقوق الإنسان، لذلك يجوز لأي مواطن الكلام، والكتابة والنشر بحرية، باستثناء إساءة استعمال هذه الحرية في الحالات التي يحددها القانون. “

د.تارا إبراهيم

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *