طريق الشعب ليوم 28-10-2010 تحدثت بلسان حال الشعب وبرؤية ذات معاني ودلالات مستقبلية

افتتاحية طريق الشعب ليوم 28-10-2010 التي كرست لما نشره موقع ويكيليكس سيلاَ من الوثائق السرية للقوات الاميركية , أن الافتتاحية تحمل رؤيا جديدة في الخطاب السياسي , كما إنها أعادت قول الحقيقة المغيبة , وتضمنت دروس وتجارب ومعاني ودلالات ذات رؤى وأبعاد مستقبلية لمنطقة الشرق الاوسط والعالم . وجاء في مقدمة الافتتاحية العبارات ذات المعاني التالية :

( ليس خافياَ على احد اننا في الحزب الشيوعي العراقي عارضنا ونعارض الحروب وندعوا للسلام دائماَ. وقد وقفنا بثبات قبل نيسان 2003 وخلالة , ضد الحرب على العراق واعتمادها وسيلة لفرض التغيير. واوضحنا تكراراَ انها مثل كل حرب تجلب المآسي والفضائع , وان جراحها لا تندمل سريعاَ , مثلما اكدنا أن الحرب- أي حرب, لا تأتي بالديمقراطية , ولا بالامان والاستقرار.)

 

الرؤية الاولى : رغم إنها تشير إلى موقف الحزب الشيوعي الرافض للحرب على العراق قبل نيسان 2003 , وإن خيار الحرب يجلب المآسي والفضائع للشعب والوطن , لكنها تؤكد رفض استخدامها واعتمادها كوسيلة لفرض تغيير الانظمة , وهذا هو الدرس والدلالة ذات المعاني المستقبلية لنضال الشعوب وقواها السياسية في نضالها ضد الانظمة الدكتاتورية , برفض سياسة الخيارات الاميركية بالتدخل بالشؤون الداخلية وتغيير الانظمة من خلال استخدام اسلوب الحرب .

الرؤية الثانية : التي أكدها الحزب الشيوعي العراقي . أن الحرب لا تأتي بالبديل الديمقراطي الذي يريده الشعب ولا بالامن والاستقرار ولا تضمن حقوق الانسان .

وهذين الدرسييين والدلالتين اللتان تؤكدهما تجربة العراق منذ عام 2003 إلى الآن , كان قد ثبتهما الحزب الشيوعي العراقي في بيانة التاريخي حسب ما اتذكر في شباط 2002 . عندما رفع شعارة الشهير ( لا للحرب لا للدكتاتورية ) وأكد في البيان ان الحرب لا تأتي بالنظام الديمقراطي الذي يريده الشعب وان  التغيير الداخلي هو البديل لخيار الحرب .

 أن القراءة الدقيقة للافتتاحية تؤكد على الحقائق التالية :

-مواقف الحزب الشيوعي العراقي قبل و منذ التغيير في عام 2003 , تؤكد على ضمان حماية المدنيين من ابناء شعبنا وصيانة ارواحهم وممتلكاتهم . والتاكيد على مراعاة المبادئ والمثل ذات الصلة بأحترام الانسان وحقوقة .

– التحذير من استخدام أية اساليب غير قانونية تنتهك حقوق المعتقلين المدنيين .

– إدانة الجرائم التي قام بها الارهابيون والمأجورين والميليشيات والطائفيون وأزلام النظام المباد وعصابات الجريمة والشركات الامنية , وما إرتكبوة من أعمال قذرة ووحشية , ومن مصادرة الحق المقدس في الحياة وإزهاق الارواح البريئة  ومحاكمتهم وفق القانون العراقي.

– تؤكد الافتتاحية على إدانة الحرب بقوة كوسيلة لحسم الصراع .

– مطالبة الحكومة بفتح تحقيق , ووضع من يثبت ضلوعة في الانتهاكات أمام المسؤولية والعدالة والمسائلة القانونية .

– إتخاذ المزيد من الاجراءات التي تحول دون وقوع مزيد من الانتهاكات لحقوق الانسان العراقي .

– وإشاعة الثقافة البديلة ثقافة رفض العنف والتضييق على الحريات العامة أومصادرتها , والعمل على إشاعة أجواء الطمأنينة والاستقرار .

بوركتم أيها الشيوعييون العراقييون يامفخرة العراق وشعبة, ويا بُناة الوطن, ويا أيها المناضلون من اجل الديمقراطية والسلام والحرية . فقد اكدت الحياة صحة رؤايكم وسياستكم الصائبة وانكم بحق  تحملون هم الوطن وهم المواطن , وتمثلون بوصلة النضال الوطني التحرري الديمقراطي , والواضعين مصالح الشعب والوطن فوق أي إعتبار .

فهاهي تمضي سبعة سنوات بالكمال والتمام على الخيار العسكري , ولم يتحقق في العراق الشعار الذي رفعته أمريكا وحلفائها ( الديمقراطية وحقوق الانسان) . أكدت تجربة العراق إنه شعار تسويقي الهدف منه تحقيق المصالح الامريكية وليس مصالح الشعب العراقي .

فقد أنتجت لنا أمريكا وحلفائها منهم من مؤيدي ورافعي  شعار ( تحرير العراق ) أنتجوا لنا ديمقراطية مشوهة متخلفة بائسة طائفية تلبي مصالح فئوية ضيقة ولا تلبي مصالح الشعب العراقي , وانتهكوا حقوق الانسان وحرياته, وفتحوا على العراق ابواب الارهاب والتدخلات الخارجية .   

 

ما هي الاهداف الحقيقية التي تحرك الجيوش الاميركية :

شعبنا إختبر السياسة الاميركية منذ القرن الماضي وعرف جيداَ أهداف حروبها في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا ومناطق عديدة من العالم , لكن الكتل السياسية هي التي إنخدعت وخدعت الشعب معها وظُللت بالشعارات البراقة ( تحرير العراق والديمقراطية وحقوق الانسان) .

أن حقائق التاريخ تؤكد أن الاهداف الحقيقية لحركة الجيوش الاميركية ,وتوسعها في العالم واحتلال العراق هي في مضمونها أهداف ومصالح سياسية واقتصادية وعسكرية ولا شيئ غير ذلك ولا يوجد في قاموس الولايات المتحدة الاميركية نشر ( الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية ) في البلدان النامية . ولو عدنا قليلاَ إلى السياسة الاميركية ودورها في العلاقات الدولية ستتضح امامنا كثير من الحقائق :

1- عملت الولايات المتحدة على الاطاحة بانظمة شرعية من خلال إنقلابات عسكرية في عديد من البلدان وعلى سبيل المثال في شيلي في عام 1973 . وصادرت الديمقراطية ومبادئها, وفرضت على الشعوب أنظمة دكتاتورية عسكرية تبطش بشعوبها , واطلقت يدها في إنتهاك حقوق الانسان لانها تتعاون معها وتخدم مصالحها .

2- لقد خرقت الولايات المتحدة مبدأ السيادة الوطنية وحقوق الانسان والقانون الدولي , خارج أراضيها كما حصل في  بنما وهايتي وغواتيمالا ونيكاراغوا وبلدان غرب افريقيا وغيرها , ودعمها اللامحدود لاسرائيل ونشاط مخابراتها ال CIA في العديد من البلدان  في الستينات والسبعينات من القرن الماضي , وعملت على ضرب القوى والحركات الديمقراطية والمساعدة في اقامة انظمة عسكرية دكتاتورية تقمع شعوبها كما حصل في أندونيسيا عام 1965والعراق في عام 1963.

3- سياسة الهيمنة والتوسع وبسط النفوذ والسيطرة على منابع النفط في البلدان النامية هي من أهم الاهداف التي تحرك الولايات المتحدة جيوشها لتلبية مصالحها .

4- الزعامة والتفرد في السياسة الدولية وقيادة العالم , هي من أهم الاهداف التي تدفعها لتحرك جيوشها في المناطق التي تقتضيها هذه المصالح , مع انتهاج دبلوماسية القصف الجوي كما حصل في يوغسلافيا في عام 1998 والتدخل العسكري في عام 1999 , وقصف بغداد في 17-12-1998  والسودان بصواريخ كروز في أعقاب تفجير السفارتين الامريكيتين في كينيا وتنزانيا, واحتلال العراق بدون استحصال قرار ثاني من مجلس الامن والتوسع شرقاَ في اوربا, وتدخلها في النزاع الجورجي الروسي في عام 2008 على أثر احداث افخازيا واوسيتا , فتفجرت ازمة بين روسيا والاتحاد الاوربي من جانب ومع امريكا وحلف الناتو من جانب آخر , واثارت مسألة الدرع الصاروخي في بولونيا وخلقت ازمة بين روسيا وبولونيا وحلف الناتو ,وهيمنتها على مجلس الامن وتحركت منفردة باسم الشرعية الدولية .

5- وظفت الحرب على الارهاب لتحقيق مصالحها و وانفتحت امام جيوشها العديد من مناطق العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط ومنطقة الخليج  الغنية بالنفط, بحجة محاربة الارهاب .

 

ماذا أنتجت لنا الديمقراطية الاميركية :

شعبنا يريد الديمقراطية والحرية والعدل وقانون يضمن حقوق الانسان ,ولكن هذا لا يمكن تحقيقة من خلال الوصفة الاميركية, التي اضعفت الوحدة الوطنية ومزقت النسيج الاجتماعي , وأنتجت لنا أزمات بنيوية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية .

1- أنتجت لنا محاصصة طائفية وقومية , تحت عنوان الديمقراطية التوافقية , التي ليس لها اساس قانوني ودستوري , ما يحكمها هو صراع الكتل وصراع المصالح , وسمحت لهذه الكتل أن تكون فوق الدستور والقوانيين, وفتح الباب أمام العامل الخارجي لحسم صراعات داخلية , وهذه الصناعة الاميركية للديمقراطية تضر بمصالح الشعب والوطن .

2- إستوردت لنا الديمقراطية الاميركية شركة الحماية المسماة ( Blak Water) . والمعروف عن هذه الشركة إنها لا تحترم حقوق الانسان , ولا القانون الدولي , كما حصل في جريمة ساحة النسور بقتل 17 مواطن على أيدي بعض أفراد الشركة في يوم 17-9-2007 وجرح 30 مواطن .( هذا ما نقلته وكالات الانباء في حينه) أن خصخصة الامن بهذه الطريقة اصبح عاملاَ لعدم الاستقراروإثارة الصراعات الداخلية , كما أن وجود هذه الشركات يعد إنتهاك لمبدأ السيادة الوطنية .

3- بضغط من الديمقراطية الاميركية على الكتل المستفادة من هذه الديمقراطية , تم تغيير قانون الانتخابات بتشريع قانون لا ديمقراطي يسرق علناَ أصوات الناخبين وينتهك حق الاقلية , وسمح لبعض الدول الاقليمية في إدارة الانتخابات من خلال تغذيتها بالمال السياسي والاعلام والدعم المتنوع . لان المصالح الاميركية ومصالح الكتل وبعض الدول الاقليمية إقتضت تغيير قانون الانتخابات وتزييفها لصالحهم .

4- انتجت لنا الديمقراطية الاميركية ميليشيات مدعومة بعلم الاميركان من دول اقليمية , وبهذا شجعت السياسة الاميركية في العراق على نمو القوى المتطرفة والارهاب بمختلف أنواعه , وتنامت معها تجارة المخدرات وعصابات الجريمة , وظلاميوا القاعدة وبقايا البعث , مع تنامي الصراعات المضرة بالسلم الاهلي و بالوحدة الوطنية

5- أعطت الديمقراطية الاميركية الضوء الاخضر , لقوى الاسلام السياسي في محاربة المويسقى والفن والمسرح والغناء والثقافة الديمقراطية .

 

تجربة العراق أكدت على الحقائق التالية :

1- فشل السياسات الاميركية باسقاط الانظمة من خلال الحرب , وأن هذه التجربة لم تكن نموذجاَ يقتدى به في بلدان أخرى .

2- لا يمكن بناء دولة المؤسسات الديمقراطية وتشريع قانون ديمقراطي , يحقق العدل والمساواة و يضمن حقوق المرأة وضمان حق المواطنة من خلال الحرب والتدخلات الخارجية .

3- أكدت تجربة العراق زيف بعض السياسيين الذين توجهوا للولايات المتحدة لطلب المساعدة والحماية من النظام الدكتاتوري , والضغط لاصدار قانون ما يسمى تحرير العراق , بدلاَ من التوجة للمجتمع الدولي وميثاق الامم المتحدة في الحالات الانسانية .

4- فشل السياسيين العراقيين الذين عولوا على المشروع الاميركي , في تحقيق الديمقراطية وحقوق الانسان , وأكدت التجربة أن هذه المفاهيم ماهي إلا  شعارات زائفة توظفها الولايات المتحدة في توسعها العسكري واحتلالها لبعض البلدان .

5- أكدت تجربة العراق أن الولايات المتحدة تفرض على حلفائها المحليين الماسكين بالسلطة السياسية  على السير معها في سياسة الخصخصة , وتبني السياسة الاقتصادية النيوليبرالية , الخالية من المضامين الاجتماعية , والتي لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي , وعلى إضعاف دور الدولة , وخلق التمايزات الاجتماعية في البلد , وهذا مما يوسع جمهرة المهمشين إجتماعياَ وزيادة نسبة البطالة مع زيادة نسبة الفقر بين فئات المجتمع .

6- أكدت تجربة العراق , أن المستفيد من عملية التغيير العسكري إقليمياَ ايران وداخلياَ الكتل المهيمنة من الاسلام السياسي والمتنفذون من القوميون , والخاسران هوالشعب أولاَ والوطن ثانياَ حيث إحتل وانتهكت السيادة الوطنية , وفتحت الابواب أمام التدخلات الخارجية , وتهددت الوحدة الوطنية , وظهرت هويات ثانوية بدلاَ من الهوية الوطنية .

7- ليس دفاعاَ أو مجاملة لكنها الحقيقة التي سيكتبها التاريخ بحروف من ذهب , وهي أن تجربة العراق أكدت صحة سياسات ومواقف الحزب الشيوعي العراقي , من عملية التغيير أولاَ ومن العملية السياسية وتطويرها باتجاه الديمقراطية ثانياَ , وبحل معضلات وازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية ثالثاَ , وطريقة بناء الاجهزة العسكرية والامنية ومكافحة الارهاب رابعاَ.

8- التجربة تؤكد الآن حاجة المجتمع العراقي لوحدة عمل ونشاط قوى اليسار والديمقراطية , وتنامي دور نقابات العمال ,وتوسع نشاطات منظمات المجتمع المدني ودورها  الجماهيري الضاغط باتجاه سن قوانين وتشريعات الدولة المدنية الديمقراطية .

30-10-2010  

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *