شخص حزبي سيرأس في الأيام القادمة حكومة غير حزبية!! بقلم محمد مندلاوي

 

في بلاد الألف ليلة وليلة, كل شيء جائز, فلا تستغرب عندما ترى أشياءاً عجيبة خارجة عن نطاق المعقول, دون إبداء أي استغراب أو استنكار من فئات وطبقات الشعب, لأنه كما تعرفون متخم بموروثات ثقافية رثة عفا عليها الزمن فلذا  يتقبل مثل هذه الأفكار الشاذة بسهولة. لأنه منذ زمن ليس بقريب اعتاد على قبول اللامعقول و اللامنطقي, الذي لا يقبله العقل السليم ولا يصدقه. فبسبب وجود الأرضية الخصبة والملائمة لنمو الأفكار البالية, القادمة من غياهب التاريخ, أصبحت الناس في بلاد الرافدين لقمة سائغة لأولئك الذين خدروه باسم الدين والمذهب ونهبوا ثرواته وأمواله في وضح النهار. الآن, وبعد أن صارت فضيحتهم بجلاجل, وفضح أمرهم للقاصي والداني, حتى تناولها وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية في نشراتها الإخبارية, خرجوا على الناس المسحوقين بلعبة جديدة, وهذه المرة باسم حكومة تكنوقراطية!!. لمن يجهل مدلول “التكنوقراط” إنه يعني حُكم قائم على العلم, يا ترى أين الزقج حيدر العبادي من العلم؟! وهو يؤمن بأمور خرافية لا تصدق, أكل عليها الدهر وشرب؟. ثم, أن الحكومة التكنوقراطية أصبحت شيئاً من الماضي في العالم, كانت قد ظهرت إلى الوجود في أوائل القرن العشرين, عندما كانت الصناعة والتكنولوجيا تخطو أولى خطواتها في عالم الحداثة الصناعية. أما الآن, البشرية دخلت في عالم بعد ما بعد الحداثة. ألا يعلم العبادي ومن يلقنه في الخفاء إن الغرب (الكافر) منذ سنوات عديدة وضعت تشكيلة الحكومة التكنوقراطية على الرف في المتحف؟!. ندعوا السياسيين العراقيين أن يلقوا نظرة فاحصة على مملكة السويد الصناعية والزراعية معاً, وهي دولة الفولفو, وإيريكسون, وآسترا, وطائرة جاس المقاتلة وبوفوش, واس كو إف (S K F) الخ الخ, وعلى شعبها الذي يعيش في غاية الرفاهية والسعادة في جميع مناحي الحياة, أن هذه الدولة المتطورة في طول تاريخها الحديث لم تكمن لديها حكومة تكنوقراط؟, أتعرفون لماذا؟, لأن سياسييهم وهم عقلاء البلد يعرفوا جيداً, أن منصب الوزير هو منصب سياسي بامتياز, فأي وزير في الدولة السويدية أو أية دولة أوروبية أخرى تعمل بمعيته مجموعة من ذوي الاختصاص والخبرة في مجال عمل تلك الوزارة. وبعيداً عن المحسوبية والمنسوبية أو الرشوة,تختارهم الوزارة من بين أفضل الكوادر المتخصصة التي تحتاجها الوزارة المعنية. ولذا ترى الوزير خلال مسيرته السياسية يستلم عدة حقائب وزارية مختلفة, ويعمل معه كما أسلفنا أناس لهم باع طويل في عمل تلك الوزارة. فمرة تراه وزيراً للدفاع, وبعد فترة, تراه وزيراً للتربية, أو وزيراً للخارجية الخ. حسب القول الشعبي الشائع, أن البلد (السويد) ماشي على أربع وعشرين حباية, ليس فيها لا فساد مالي, ولا إداري, ولا تسيب ولامبالاة, ولا إهمال ورتابة لشؤون وأمور المواطنين, ولا أحد على شاكلة الفاشل مالكي أو الغشيم المتلوت عبادي أو الأنثى الحاقدة فتلاوي والكم الهائل من الكراهية والعداء والضغينة التي يحملونها هم وآخرون من نفس طينتهم بين جوانحهم على شعب كوردستان الأبي. عزيزي القارئ, كل الذي قلته أعلاه, لا يهمني مضمونه بشيء, إلا بقدر تأثيره السلبي على الشعب الكوردي ووطنه كوردستان على أيدي هؤلاء السفهاء ناكري جميل الكورد عليهم. كي لا يقولوا أني أجانب الحقيقة, في المقابل, أن السياسيين الكورد في إقليم كوردستان, وأعني الحزبين الرئيسيين, اللذين يديران دفة الحكم في الإقليم منذ عام (1992) وإلى الآن, كانا أكثر فشلاً من جميع الحكومات الشيعية المتعاقبة على دست الحكم في بغداد بعد زوال حكم حزب البعث المجرم ورئيسه المقبور صدام حسين. لقد فشل الحزبان الكورديان فشلاً ذريعاً في إثارة جميع النقاط التي تنتظر الحلول بين بغداد وأربيل, وهي: 1- موضوع المادة (140) التي كانت تحمل رقم (58) إلى الآن لا يعرف المواطن الكوردستاني لماذا تم تغيير الرقم من (58) إلى (140)؟ هل أن هذا التغيير في رقم المادة لا يحمل في طياته أية نوايا عدوانية على تطبيق نص المادة؟. ثم, أن الدستور الاتحادي حدد تاريخاً لتنفيذ هذه المادة أقصاه 31 12 2007 ألا أن القيادات الكوردية, وخاصة أولئك الذين استقروا في بغداد بعد عام (2003), بسبب جهلهم المركب, وانشغالهم بحفظ النكات السامجة, واللهاث وراء مصالحهم الشخصية الضيقة نسوا المادة (140) ونسوا حتى الشعب الكوردي نفسه. 2- إن القيادات الكوردية في كوردستان أو تلك التي ذهبت من كوردستان و تربعت على مقاعد السلطة في بغداد قد أهملت متعمدة شريحة مهمة وأصيلة من شرائح الشعب الكوردي المناضل, ألا وهي الشريحة الكوردية الفيليية, وهؤلاء أيضاً بسبب عدم نضوجهم سياسياً و فقدانهم للوعي القومي الكوردي السليم نسوا أنفسهم فلذا تغلب انتمائهم المذهبي على انتمائهم القومي وتوجهوا نحو الأحزاب والمنظمات الطائفية التي تعدهم دون البشر؟؟؟. حتى أن المهجرين منهم إلى إيران في عهد المقبور صدام حسين لم تعاد لهم جناسيهم وهوياتهم ومستمسكاتهم العراقية إلا بشق الأنفس ودفع مبالغ كبيرة كرشوة للموظفين المرتشين ورغم هذا يشيروا في جناسيهم وشهادات الجنسية التي يستردونها بأنهم من المهجرين العائدين من إيران!!!. تصوروا بعد أن كانوا قبل التهجير في عام (1980) عراقيون أصلاء وفق ما كان مدوناً في الوثائق والمستمسكات العراقية التي سحبت منهم عنوة وبعد قضاء أعواماً في ديار الغربة عاد القليل منهم بعد التحرير إلى العراق, لكن بفضل قياداتهم الكوردية التي أهملتهم صاروا رسمياً إيرانيون متجنسين في العراق, وبهذا القرار العنصري تستطيع السلطات العراقية سحب الجنسية العراقية منهم في أي وقت تشاء كما نص الدستور العراق الاتحادي في المادة 18 فقرة ب التي تقول: تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون!!!.3- أهملت القيادة الكوردية وتركت مدن كوردية عديدة عرضة للتعريب والتشييع كبدرة والجصان وزرباطية ومندلي وخانقين وجلولاء وكركوك الخ الخ. 4- وعلى مستوى حقوق الشعب الكوردي التي وردت في الدستور الاتحادي, لم تحرك القيادات الكوردية ساكناً لا هي ولا أولئك النواب الكورد الخرس آكلي السحت في البرلمان العراقي وجلهم حتى لا يجيد اللغة العربية, ولم يستطيعوا حتى تفعيل المادة الرابعة في الدستور في الفقرة ب التي تقول: التكلم والمخاطبة والتعبير في المجلات الرسمية كمجلس النواب, ومجلس الوزراء, والمحاكم, والمؤتمرات الرسمية, بأي من اللغتين. إن هذه المادة الدستورية يمنح أي كوردي الحق بطلب مترجم فوري في تلك المجالات التي حددها الدستور؟؟؟. 5- وفشلت القيادة الكوردية أيضاً بتنفيذ المادة (65) التي تقول: يجب إنشاء مجلس الاتحاد الذي سيضم عند إنشائه ممثلين عن الإقليم والجانب العربي. المشكلة, أن هذه القيادات لم تعرف توصل للجانب العربي في بغداد, أن العراق بلد اتحادي مقسم بين قوميتين رئيسيتين العربي والكوردي, ونحن الكورد لا شأن لنا إذا أنشأ العرب بسنتهم وشيعتهم و و و أقاليم وكيانات خاصة بهم ضمن جغرافية الجانب العربي في دولة الاتحاد, التي قامت على أساس ثنائية القومية عربية وكوردية,فلذا يستطيعوا أن ينشأوا ما يريدون في الشق العربي فقط. لا أن ينشأوا جزءاً سنياً وجزءاً شيعياً كأن العراق قائم على ثلاث اثنيات؟. لو نلقي نظرة خاطفة على الدستور العراقي في زمن الديكتاتورية ترى أنه قال صراحة في المادة الخامسة فقرة ب: يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين, هما العربية والقومية الكوردية… . أين هذا النص الصريح الذي يخلوا منه الدستور الاتحادي, الذي قال دون تردد: أن في العراق شعبان فقط كوردي وعربي وأقليات متآخية!!!. لم يقسم البلد على أساس طائفي, هذا شيعي وذاك سني وحفنة من الغرباء من مخلفات عهد الاحتلال العثماني!!!. الطامة الكبرى, أن السياسيين الكورد دون استثناء يقولوا ويرددوا دائماً بأن الشعب الكوردي قومية ثانية في العراق!!!, ماذا نقول لهؤلاء الحمقى الذين لا يميزون بين قومية رئيسية و قومية ثانية!!!. – اعتذر من القارئ أني كررت موضوع القومية الثانية عدة مرات في مقالات سابقة أيضاً, لكن كما قال أحد العلماء الغربيون كل الأشياء التي قيلت إذا لم يسمع أحد يجب قولها مجدداً-. حقيقة لا نعرف كيف نفسر مساومة أحد طرفي الكورد مع بغداد بالضد من مصالح الشعب الكوردي. أضف له, عدم مطالبة طرفي الكورد المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني بغداد بتنفيذ ما جاء في الدستور الاتحادي عن حقوق الشعب الكوردي وفق تواريخها المحددة. إن هذه السذاجة السياسية جعل الحاكم العربي في بغداد يتشيطن عليهم باستمرار ويظهرهم على الملأ كأنهم ليسوا ممثلي إحدى القوميتين الرئيسيتين في العراق حيث يحق لإحداهما كما يحق للآخر,لا بل تعاملوا معهم كأحزاب عراقية ليسوا كممثلي لإحدى القوميتين الرئيسيتين!!!. إن انكسارهم هذا أمام حكام بغداد هو الذي شجعهم على قطع حصة الإقليم من الموازنة العامة. وقطع مستحقات المالية للبيشمركة. وجب على القيادة الكوردية في إقليم كوردستان, أن ترد بالمثل على حكومة بغداد, وتقطع مياه السدود الموجودة في إقليم كوردستان عن العراق. أما فشل القيادة الكوردية على صعيد إقليم كوردستان فحدث ولا حرج, على مدى ربع قرن من الحكم الطفيلي المتواصل. لقد انشغلوا بالنهب ولم يستثمروا تلك المبالغ الكبيرة التي حصلوا عليها من بغداد لتعمير كوردستان, حيث ترى الآن أن شوارع وطرقات أي بلد إفريقي أفضل من شوارع وطرق إقليم كوردستان. وكذلك الماء الصالح للشرب رغم وفرة المياه في إقليم كوردستان, ألا أن المواطن الكوردستاني يصعب عليه إيجاد قطرة ماء يطفأ بها ظمأه!!!. أما ما تسمى بالكهرباء الوطنية البقية في حياتكم, لقد شيعت إلى مثواها الأخير قبل سنوات مضت, وورثتها شقيقتها الصغرى المولدات الأهلية التي تفرغ جيب المواطن الغلبان. أما الفساد المالي والإداري فلا يحتاج إلى الكلام, لأنه بات فضيحة الحزبين الحاكمين المدوية في الإقليم وخارجه. عزيزي المواطن الكوردي, ليس غريباً ما نرى من انتهاكات وسرقات مال العام, لأن جميع الأحزاب التي قادت حركات مسلحة في العالم ومن ثم سنحت لها الفرصة باستلام السلطة لم تفلح أبداً بقيادة بلد أو إقليم, بل على العكس كانت سبباً بتدمير وتأخر البلد أو الإقليم في جميع نواحي الحياة, الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الخ. وفي كوردستاننا العزيزة, إن الحزبين الحاكمين في إقليم كوردستان كذاك الجالس في أربيل أو ذاك المتقوقع في السليمانية, مما لا ريب فيه, إنهما مسئولان مسئولية تاريخية أمام عموم الشعب الكوردي عن جميع المآسي والويلات, التي لحقت وتلحق بإقليم كوردستان وشعبه الأبي.

بقلم محمد مندلاوي

05 04 2016

أحلى وأجمل حب هو أن تحب وطنك وشعبك

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *