سنهادس 2013 للهـوية الكـلـدانية وللمطران مار باوي سـورو

 

السنهادس الكـلـداني

أيام معـدودة تـفـصلـنا عـن الإجـتماع الموسع والمثير للجـدل والـذي طال إنـتـظاره لسنـوات ، سنهادس مطارنة ﭘاطريركـية بابل للكـلـدان الـذي سيعـقـد في مطلع حـزيران 2013 وليس غـريـباً أن تـطـرح خلال جـلساته مشاريع عامة روتينية مألوفة في كـل سنهادس ، وأخـرى طارئة وساخـنة ولـيـدة الحالة الآنية كـما في أيامنا الحالية .

حـين نعـطي رأينا في موضوع معـين إنما نعـطيه مستـنـدين إلى حالات ألفـناها أو صادفـناها وموجـودة معـنا ، كالبحـث في شؤون الرعـية وعلاقـتها بالكـنيسة ، فإنـتـقال الكـهـنة من كـنيسة إلى أخـرى يتـطـلب البحـث ، وطول مدة إنـتـظار صدور قـرار التصريح بـبطلان الزواج لسنـوات لمن يحـتاجه يهم الكـثيرين منهم مما يجـعـلهم يلجـؤون إلى كـنيسة أخـرى والتي تـتساهـل معهم لغاياتها الخاصة ، وهكـذا حالات طـلب العـماذ من كـنيسة إلى أخـرى والـتـدقـيق في هـوية الأشـبـين المذهـبـية التي وإنْ كانت منطقية نـظـرياً ولكـن الواقع العـملي شيء آخـر ناهـيك عـن أمور كـنسية أخـرى .

مهام ساخـنة أمام السنهادس

الـيوم نرى أمام السنهادس مشروعَـين ساخـنين عـلى ساحة كـنيستـنا الكـلـدانية هـما : هـوية شعـبنا ومعـضلة القـرن الحادي والعـشرين ( ليس تـصويت ) بل تعـيـين المطران مار باوي سـورو عـلى إحـدى أبرشـيات كـنيستـنا الكـلـدانية . نعـم قال الرب يسوع المسيح أن يُـعـطى ما لقـيصر لقـيصر وما لله لله ، إنها مسألة بسيطة إذا ناقـشناها بـبساطتها الحـرفـية سنـقـول أن حـيثياتها كانت مادية نـقـودية تـتعـلق بصورة قـيصر عـلى القـطعة المعـدنية فلا نـذهـب بعـيداً في تأويلـنا لها ، أما إذا أخـذناها بأعـماقـها وإمتـداداتها السياسية فـسنـذهـب بعـيداً .

هـل أن كـل ما ليس صلاة ، يكـون سياسة ؟

كـثيرون يقـولـون أنَّ عـلى الكـنيسة أن لا تـتـدخـل في الشؤون العـلمانية مثل السياسة والـقـومية ! ولكـنـنا نـذكــِّـرهم : أن قـداسة الـﭘاﭘا الراحـل يوحـنا ﭘـولس الثاني حـين نـزل من مـدرج الطائرة التي أقـلته لزيارة وطـنه ﭘـولونيا ووطأتْ قـدماه أرضها ! قـبَّـلها إعـتـزازاً بها لإنها وطـنه يحـبها ، وإذا قـيل أن الوطـن عـزيز ولا دخـل له بالسياسة ! نـقـول لهم أن الـﭘاﭘا نـفـسه قال للرئيس الـﭘـولوني أن يحـتـرم حـرية شعـبه !! وقال أيضاً : لو أن السوﭬـيـيت إحـتـلوا ﭘـولونيا فـسأكـون أول مَن يحـمل السلاح دفاعاً عـنها ! .

فأنا شخـصياً لا أرى ذلك سياسة وإنما حـق إنساني ، فالله لم يخـلق البشر للصلاة فـقـط وإنما ليستمتعـوا بالحـياة ويـبنوها ويـدافعـوا عـنها وعـن قـيم الإنسان الـذي يعـيش معـهم بل وحـتى الـدفاع عـن حـقـوق الحـيوانات وكـلها تستـنـد إلى الكـتاب المقـدس .

إن ما يهـمنا في هـذا هـو أن الراعي ليست مهمته فـقـط إيجاد المرعى الـنـضر لقـطيعه ، وإنما مسؤوليته هي حـمايته أيضاً من الـذئاب الخاطـفة التي قـد تـفـتـك به ، وعـليه فـقائـد الشعـب أو المرجع الـديني ليست مهـمته الصلاة فـقـط وزرع الإيمان في قـلوب أبناء رعـيته وإنما عـليه أن يـدافع عـنهم بما يضمن الحـفاظ عـلى كـيانهم وتأريخهم وتراثهم وهـويتهم وحـريتهم فإذا ضاع الشعـب إنـتـفـتْ الحاجة إلى القائـد .

أنا يمكـنـني أن أصلي لوحـدي في غـرفة والباب مقـفـل عـلي ، ويمكـنـني أن أرنم وأنـدم وأتـوب وأؤمن وأركع دونما حاجة إلى قائـد أو راعي أو كاهـن ، ويمكـنـني أن آكـل وأشرب عـلى البساطة دونما طـباخ ، ولكـن حـياتي ليست أكـل وشرب فـقـط ، فأنا أعـيش بـين الناس ونـفـوس بعـضهم أمّارة بالسوء ، فإما أن أصارعـهم شخـصياً من أجـل الـبقاء وهـكـذا يعـمل غـيري من الناس ، أو نخـوّل مَن يقـوم بهـذه المهمة نيابة عـنا جـميعاً لـيـدرأ الخـطـر عـنا ، ولهـذا نشأتْ الحـكـومات والتـنـظيمات …. .

ولـنركـِّـز أكـثر ، نحـن نعـيش بـين أجـناس مخـتلفة وأديان متـنـوعة ومذاهـب متعـددة واجـب عـلينا أن نحـتـرمها بمثل ما نريـدها أن تحـتـرمنا دون أن ينكـر أحـدنا الآخـر ، وطبـيعي أن تكـون القـوة والسلطة بـيـد الـبعـض وليس الكـل ، وهـنا تبرز الحاجة إلى القائـد الـفـذ الـذي بحـكـمته يطالب بحـقـوق أبناء شعـبه أو رعـيته إذا تعـرضتْ إلى غـبن .

نحـن في العـراق لـنا إخـوة إنْ كان من أديان متـنـوعة أو مذاهـب متباينة ، وواجـب عـلينا أن نكن لجـميعهم كـل الإحـتـرام والمحـبة ، وبالمقابل نـتـوقع أن يـبادلـونا بالمثل ، فإذا أخـفـقـوا في ذلك ورفـضوا النيات الحـسنة التي عـنـدنا فـما العـمل ؟ إنك ستـقـتـنع بأنْ لا تـنـتـظـر من الأشواك تيناً .

لماذا تستـجـدي شيئاً هـجـيناً أنت تملك أصله ؟

حـكى لي زميل وقال أنَّ أحـد القـياصرة في زمن الـﭘاﭘا ليون الثاني عـشر حَـكمَ عـلى شخـص بالإعـدام فـوضعه في سجـن بابه مفـتـوح وفـيه ثلاث نـوافـد واسعة غـير مغـلقة و وفـر له فـرصة مجانية للخلاص خلال ساعات زمنية إذا كان ذكـياً فـيُـعـفى ويُـطـلق سـليماً حـراً . فـتـش هـذا المسجـون فـرأى نافـذة أولى وخارجها ناراً كـثيفة ستحـرقه إذا رمى بنـفـسه فـيها لا محالة ، وجاء إلى نافـذة ثانية فإذا بـبحـيرة كـبـيرة جـداً سيغـرق إذا جازف ورمى بنـفـسه فـي وسطها فلا خـلاص منها ، ولما أتى عـنـد الـنافـذة الثالثة رأى حـديقة للحـيوانت المفـتـرسة فـمن المستحـيل أن يضمن نجاته إذا قـفـز إليها فـموته يكـون محـقـقاً … ولكـنه لم يكـتـرث للباب المفـتـوح ولم يتـوقع أن يُـسمح له بالخـروج منه !! ولما حان الوقـت وإنـتهـتْ فـرصته الزمنية أقـتيـد إلى الـقـيصر فـسأله لماذا لم يخـلص نـفـسه ؟ فـشرح له محاولاته الثلاث المخـيفة ، فـقال له الـقـيصر : هـوَ ذا الباب مفـتـوحٌ والخلاص عـنـده مؤمَّنٌ ، فـلماذا ذهـبتَ تبحـث عـن منافـذ خـطـيرة لا تسعـفـك ؟

ورغـم أنـنا نحـن الكـُـتاب وسيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم والمطران مار باوي سـورو ، والمطران سرهـد جـمو وكـهـنـتـنا وأبناء شعـبنا وتأريخـنا ، كـلها تـنادي بأنَّ لـنا إسماً تأريخـياً متوارثاً من أجـدادنا حـتى الـيوم فـلماذا نـتـركه ونستأجـر لـنا إخـتـصاصـيّـين ونـدفع لهم رواتبهم كي يـبحـثـوا لـنا عـن إسم آخـر ! ما حاجـتـنا إلى كـل ذلك ؟ هـذا منـطـق يرفـضه أبسط الناس ، وكـما قال سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم : إذا كـنا نحـن الكـلـدان أقـوياء سـترى الآخـرين يُـقـدِمون إلينا .

قـضية مار باوي

أما مسألة مار باوي فـهي حـقـيقة صارتْ حادثة العـصر وتستحـق أن تـدوَّن في مجـموعة (( غـينيس )) للأرقام القـياسية والبارزة بسطـوع ، فـطالما نحـن بحاجة إلى عـدد من المطارنة ، طيب وهـذا مطران جاهـز وبأعـلى المواصفات (1) مخـتـوم من الهـيئة العـليا للرقابة وصحـيفـته بـيضاء ناصعة … فلا إثم عـليه (2) موسوم مِن قِـبَـل مديرية الـتـقـيـيس والسيطرة الـنوعـية عـيار 24 … فلا غـش فـيه (3) مناسب لحجمنا وذوقـنا … فلا حاجة إلى بروفة (4) وبعـدين نحـن نحـبه وهـو يحـبنا … فالجُـسور مبنية مسبقاً ، طيب أين الخـلل يا إخـوان ؟

أما أن تـتـعـذروا بأعـذار واهـية .. نرضي هـذا وذاك ، وما نريـد الربُـع يزعـلون ، قالت الكـنيسة وحـكى النـقاش ومار فلان .. فـتـلك مسألة لا يقـبلها عـقـل أبسط الناس وأنـتم تعـرفـون الحـقـيقة مثـلما نحن نعـرفـها ولكـنكم لا تعـتـرفـون بها ، نحـن لم نزعـل حـين قـبلـوا عـشرة من رفاق العـمر في تحـدي لكـنيستـنا ، لا بل ودّعـناهم بالهلاهـل ، وإذا يوجـد من بـين إكـليروسـنا اليوم مَن ينـوي الإلتحاق بركـب الأوائل العـشرة ، نـقـول لهم مقـدماً ألله وياكم ونوزع ﭼـوكـليت لخاطرهم لأن كـنيستـنا ليست سجـناً للكـهـنة بل هي نظام وإلتـزام ، ومَن لا يلتـزم لا مكان له عـنـدنا …. وعـليه فلا مفـر إلاّ أن نـقـول في موضوع مار باوي أن المسألة فـيها (( إنـّة )) وأقـصد إنــّة شخـصية ، سواءاً إعـتـرف مَن يهمه الأمر أم لم يعـتـرف .

فإلى السنهادس المقـدس ، وهم يقـولون أنَّ ألسنة الروح القـدس ستكـون فـوقهم ، تـرى ! هـل سيرفـرف الحـمام عـلى رؤوسهم ؟.

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *