ردٌّ أشـبه بـِ ردّ ٍ قـبل تسع سـنوات لم وَلن تــُـثـمِرَ البذورُ المتـناثـرة عـلى الطرقات (1)


في شـهـر أيلول من عام 2001 صدر العـدد الثامن من جـريـدة ( عـمّا كـلـدايا ) الغـرّاء في سـدني جاء في صفـحـتـها السادسة عـمودان : الأيـمن منهـما حـمل العـنـوان ( ناقـد أعـجـبَـنا نـقـدَه لـنا ) ومما جاء فـي تـقـديمي له ” قارىء شـهم مخـلص في مشاعـره ، أمين في نياته صادق في طروحاته ، حـريص في تعامله شجاع في إقـدامه ،  يؤلـمه تـشتــّت الأمة ويجـرحه إنـشـقاقها ، يتكلم ببلاغة جـميلة ويـثـني عـلى الجهود الخـيِّرة ، كما يعاتب عـلى الوخـزات المثيرة . نعـم لقـد أجاد قارئـنا العـزيز السيد لبرون سـيمون خـنـنيا ” … ثم وردَتْ في العـمود نـفـسه من مقاله الكـلمات ” تـنابز – لـمـز – تجـريح ” بالإضافة إلى ذِكـْره بـيت الشعـر : ليس الفـتى مَن قال كان أبي  بل الفـتى مَن قال هأنـذا ” .
أما العـمود الأيسر فـقـد تـضَـمّـن ردنا عـليه بعـنـوان ( ردٌّ منير عـلى نـقـد جـدير ) أقـتبس منه ما يلي :
“إن الإسـمَـين الأكـثر بـروزاً في ساحة وادي الرافـدين قـديماً كانا الكـلدانيّـين والآشوريّـين ( وهـما شـعـب واحـد يتكـلمان لغة واحـدة عـلى أرض واحـدة يـشتـركان بتأريخ واحد ) كما أن هـذين الشعـبَـين تداخلا فـيما بـينهما كـتـداخل السمن والعـسل بحـيث لا يمكن فـرز هـذا عـن ذاك ، شاءا أن يـبنيا لهما حـضارتين متميزتين وإمبراطوريتين مستقلتين “.
إنّ مَن يقـرأ كـتاباتـنا السابقة في جـريـدتـنا تـلك أو اللاحـقة في صحافة اليوم ، يشمّ منها رائـحة التـحابـب ومشاعـر التـجاذب ورغـبات التـقارب بـين أبناء شعـبنا الواحـد ، وقـبول بعـضنا للـبعـض الآخـر وإنْ إخـتـلفـتْ التسميات فالمنـطق لا يقـبل أن نـنـكـر أحـد منا طالما هـو حيٌّ موجـود ومعـتـزٌّ بإسمه ، إنها مبادئـنا ، ولكـن في الوقـت نـفـسه نعاتِـب ونلوم ونـنـتـقـد ، لا بل نـُعـيـب أصحاب الفـكـر الإنـفـرادي الإنـعـزالي الإقـصائي الأناني المنغـلق في العائـلة الواحـدة والذين يـريـدون الساحة لهم ولـوحـدهم دون أن يكـتـرثوا بـمَن هم بجانبهم من أفـراد أسرتهم ، وكأنّ الحـياة عـنـدهم هي يوم واحـد ناسين أو متـناسين أنّـها كانـت دائمة لأجـدادنا مثـلما هي لنا الآن وستـستـمر لأبنائـنا ولأحـفادهم في القادم من أيامنا . نـحـن من جانبنا لا نـكلّ جـهـداً وسوف نستـمر في نهـجـنا وأسُس تـفـكـيرنا ولن نـتـنازل عـنها ، هادفـين إلى ربط أبناء الشعـب الواحـد بآصرة واحـدة وإنْ إخـتـلفـتْ ألوان عـيونهم وتسريحات شعـرهم . إنّ تـفـسيرنا البريء لأفـكار الإخـوان الإقـصائـيّـين من أبناء شعـبنا لا يخـرج من دائـرة إعـتـبارنا إياهم بأنهم مرحـليّـون منغـلقـون قـصيرو النـظر لابد أن يأتي يومٌ حـين يرفـعـون الغـشاوة عـن عـيونهم ، في الوقـت الذي نستـغـرب من نمط تـفـكـيرهم عـنـدما يستـغـربون من إسم القـومية الكـلـدانية ويستـكـثـرونها عـلى أبناء أمتـنا ولا يـقـوَوْن عـلى قـبول إسمَين متـميّـزَين نابعَـين من قـناة واحـدة ، وكأنهم لم يرَوا في الخـرائـط الجـغـرافـية نـهراً متـفـرّعاً إلى فـرعَـين ، وأغـلب الظن أنهم متأثــّرون بالأغـنية العـراقـية القـديمة التي يقـول مطلعـها : ( يا للي تحـبْ غـيري روح عـني إنهزم  ….. رُمّانـتين بْـفــَدْ إيـدْ ما تِـنـْـلـزم ) .
ويسرني هـنا أن ألفـتَ نـظر القارىء العـزيـز لأحـرّك ذهـنه للغـرض ذاته عـسى أن ( يتـلقــّـفـها وهي طايرة ) وأسأله : هـل تـعـرف المطرب المحـبوب ( هـيثم سـيـﭙـي – الملقـب بأمير الحـب ؟ ) وهـل تـعـرف ( مايكل يوسف – كاتب هـذه المقالة ؟ ) بالتأكـيد سيكون الجـواب : كـَـلاّ ! لإن المطرب هـو هـيثم يوسف وليس شيئاً آخـراً ، كما أن الكاتب هـو مايكل سـيـﭙـي وليس غـيره ، والقارىء معـذور لأنه لا يعـلم بأنّ كِـلينا من عائلة سـيـﭙـي الواحـدة ، شاءت الأيام أن يتسمى مطربنا بـ ( هـيثم يوسف ) الذي جـدّه هـو يوسف زلاّ ويعـتـز به ولا يتـنازل عـنه ، ولكـن الناس عـرفـوا مطربنا بإسمه الفـني وهـو فـخـور به ولا يُـعـرف بإسم آخـر ، وسيـبقى هـذا الإسم ملازماً له مدى الحـياة ، وبعـدها عـلى الأقـراص والأشرطة المسجّـلة والإنـتـرنيت ، مثـلما عـرفـوا مايكل سـيـﭙـي ، وفي ذات الوقـت حـينما أتـمسّـك بلقـبي ليس إستـخـفافاً أو تـنافـراً مع لقـب غـيري وإنما إعـتـزازاً بتـسميَـتي التي يعـرفـني الناس بها وأنا أقـدّر تسمية الآخـر ، وهـكـذا فإنّ تـقـديري لغـيري يأتي من خـلال إحـترامي لإخـتياراته وإيمانه وآرائه وإلاّ فـسوف أخـسر تـقـديره لي ، إنه منـطق بسيط جـداً لا يحـتاج إلى جـهـد ذهـنيّ لإدراكه إلاّ الذي ليس له ذهـنٌ متـذكـّرين قـول المسيح ” بالكـيل الذي تـكـيلون يُـكال لكم “.
وأزيـد القارىء الموقـر معـلومة هي أن إخـْوَة من أب واحـد وأم واحـدة من عائـلتـنا الواحـدة هم أحـياء يُـرزقـون اليوم في العـراق ، وَرَدَ إسم لقـب البعـض منهم في شهادة جـنسيتهم  بصورة ( زلاّ ) وللبعـض الآخـر بإسم  (عـبـدالا ) حـيث أن هـذا الإسم وارد في عائـلتـنا أيضاً ، وستـظـهر أجـيال بـهـذا الإسم الجـديـد يعـتـزّ به الأحـفاد ويعـتـقـدون إعـتـقاداً راسخاً بأنهم من بـيت أولاد عـمهم ، ولكـن لا هـذا ولا ذاك وإنـما بإسمهم الخاص ، ولكي نـكـون واقـعـيّـين فإن أياً منا (سـيـﭙـي – زلاّ – عـبدالا ) لا يحـق لنا أنْ نـفـرض إسمَـنا عـلى الآخـر طالما طـُبع في ذاكـرة أبنائـنا ومجـتـمعـنا وتأريخـنا ، إنّ ذلك مثال واحـد من ملايـين الأمثلة في المجـتـمع البشري ، والغاية منه هي أن لا يتـعـجـب البـعـض من أنّ لإسمَين مخـتـلفـَين أصلاً واحـداً . إنّ التـكـتيك المرحـلي المخادع لبعـض الجـماعات بتـكـريس وتـعـبئة الـتسمية الهـجـينية المقـرفة في قـناني ، والتي لم نـرَ مثـلها في التأريخ الإنساني ، أقـول إنّ هـذا التكـتيك لن يجـدَ له مَمَرّاً في عـقـولنا نـحـن الكـلـدان ، ولا يمكن لأيّ كان أن يفـرضها عـلينا فـرضاً ولا مساومة ، بل عـلينا أن نـتـبادل المشاعـر ( كـياسة أدبـية عـلى الأقـل ) ونـقـبل الآخـر بقـناعة كـواقع ملموس مدى الحـياة نـؤمن به ولا نـنـكره وهـذا لا يمكـن الوصول إليه إلاّ حـينما تـكـون النيات صافـية ، والحـق نـقـوله لمَن لا يؤمن ولا يقـبل بهـذا المنـطق الواضح والصريح ، بأنـنا ملـتـزمون بإرشاد ربنا حـين قال : مَن ينـكـرني أمام الناس أنـكره أمام أبي الذي في السماوات ( متي 10 : 33 ) ، ونـحـن نـنـتـظر دون ملل وبإستـعـداد للردّ عـلى كـتابات مَن يعـتـرض أو يـردّ .

( 2 )

نشرتْ جـريـدة العـراقـية الغـراء بتأريخ 23 / 6 / 2010 مقالاً بعـنـوان ” التعـصب يقـود إلى الشـطط ” للكاتب لبرون سيمون ، رداً عـلى مقالي في الصحـيفة ذاتها ” فـخـر الكـلـدان بماضيهم …. ” المنشور بتأريخ 9 / 6 / 2010 . وفي هـذه المناسبة أودّ الإشارة إلى الأسطر الإيجابـية الواضحة في ردّ السيد لبرون وسلبـياته المغـروزة تـحـتها ، فـقـد أكـون مبالِغاً إذا قـلتُ إنها المرة الأولى وإنه أول آثوري يكـتب النص التالي ( نعـم إستـفـدنا نحن الآشوريون عام 1933م في مذابح سميل من الكـنيسة الكـلـدانية وخـصوصاً من إخـوتـنا الألقوشيّـين في وقـفـتهم المشرفة والبطولية الكـثير ) إنه إعـتـراف يتـطلـّب شجاعة من رجـل آثـوري ، بحـقـيقة تأريخـية خالـدة حـتى يوم القـيامة ، يــُشكـَر عـليها رغـم أنـنا لم نـكـن في إنـتـظار إيّ إعـتراف مِن هـذا القـبـيل . ثم يُـكـْمِل الكاتب كلامه عـن وقـفة ألقوش ويقـول (  في الدفاع عـن العـقـيدة المسيحـية في المذابح التي إرتـُكِـبَتْ في السميل ) وذاكـراً بعـض فـقـرات من قانون الإيمان المسيحي وغاية الفـداء عـلى الصليـب ، وكأنه كاهـن يـكرز بـين المؤمنين في قـداس ، وهـنا أسأله : هـل أن فرمان الإبادة بحـق الآثوريّـين كان بسبب مسيحـيتهم ، كي يـدافع الألقـوشيّـون عـن العـقـيـدة المسيحـية ؟ هات الدليل !
يعـترف السيد لبرون (( أن بعـض الكـُـتـّاب الآشوريّـون ( الآشوريّـين ) ينـكرون بأن الكـلـدان شعـب ينـتـمي إلى قـومية وله حـضارة وثـقافة ….. وإن قـصور ( قـصر ) النـظر في قـول الحـقـيقة لـدى البعـض هي التي أصبحـتْ السمة الغالبة للجـدل ….! )) ولكـنه في الوقـت نـفسه يتـعـجّـب من متابعـتي المقـصودة لتـلك الكـتابات ، فأنا أسأله : لِـمَن يكـتب أولـئـكَ ، وهـل يكـتـبون للقـراءة فـقـط ؟ أين المنطق هـنا يا أخـونا وأنـت تـنـدهـش من كتاباتي وليس من كـتاباتهم ، وتـريدنا ساكـتين ؟ ولطالما يسـرّك أن تـذكـر الرب المسيح فأنا سأقـول : هـل سكـت المسيح عـلى المخـطئين والمُـحابـين والدجالين والظالمين ؟ وهـل أنّ كـلامه مع اليـهـود كان تـعـصّباً وتـعـبـيراً عـن عـقـدة في داخـله ؟  أهـكـذا تـزن الأمور بالعـلمية التي تـنـصح بها ؟ ثم هـل تـجـرّأتَ يوماً أن تـردّ عـلى أولئـك الكـُـتــّاب الذين تـقـصدهم وأنـتَ غـير راض عـنهم ، لـتوَجّـهَـهم بإتجاه البناء والتـكاتـف مثـلما لك الهمّة في الردّ غـير المنـطقي عـلى الطرف الثاني ؟ هـل قـلتَ لهم يوماً إن الكـلـدان قـومية عـريقة وأصيلة من بـيث نـهـرين ، لا ولن يمكـنـنا أنْ نـمحـوَهم من الخارطة الديموغـرافـية العـراقـية ؟ هـل قـلتَ لهم يوماً أنّ مَن ينـكـر الكـلـدان ، فالكـلـدان سوف ينـكـرونهم ؟ هـل كـتـبتَ يوماً أن إقـصاء الآثوريّـين للكـلـدان يستـنـهـضُ ويُـلهِبُ مشاعـر الشعـب الكـلـداني أكـثر وأكـثر ؟ وأوَدّ أن أذكــِّـرَكَ للعِـلم فـقـط أن أحـد المسؤولين الآثوريّـين إسمه رامي أو آرام أو ما يشبه ذلك قال قـبل بضعة سنين في القـناة الأسـترالية  ( C – 31  ) في مقابلة أدارها المذيع ولسن : نـحـن نعـلـَم أنّ إخـوتـنا الكـلـدانيّـين مثـقـفـون ودارسون … ( لقـد شـهـد عـلينا شاهـد من أهـلهم ) .
في مقاله الجـديـد المشار إليه ، أعاد الكاتب لبرون كـلمات مثل الهـمز واللمـز التي كان قـد أوردها في مقاله القـديم قـبل تسع سنوات في ردّه عـلى مقالي وقـتـئـذ ، يـبـدو أن صاحـبنا يردّد بعـض الكـلمات في ذهـنه كي لا ينـساها وتـكـون جاهـزة عـنـد الحاجة إليها ليطـرّز بها مقاله . ثم أراه يستـهـجـن دعـوتي للقـراء إلى الإستـمتاع سوية بقـصيـدة المعـرّي ( التي لم تـكن دعـوة لحـسم نـزاع كما يـدّعي السيد لبرون ، ولستُ أدري أيّ نزاع ! ) ويستـكـثر عـليّ أن أفـتخـر بأمجاد أمتي عـلى طريقـتي الخاصة كما لا يَرغــَبـُـني أن أذكـر شِعـْر المعـرّي في المفاخـرة وهـو لا يـدري أني قـد أطـَعّـم مقالاتي مستـقـبلاً بقـصائـد شـعـراء آخـرين من أمثال أبو فـراس الحـمداني ، عـنـترة بن شـدّاد والمتـنبّي …. فـليوفــّر جـهـده في الإعـتراض مقـدّماً . وأفهم من الفـقـرة اللاحـقة في مقاله هـذا أنَ هـناك فـتـنة معـبّأة ومركـونة عـلى الرفـوف ، وأنّ نارها جاهـزة للإشتعال وسعـيرها مستـعـدٌ للإلـتهاب بقـدحة من قـصـيدة الذم والمفاخـرة ، حـيث يرجـو مني قائلاً أن أهـتم في الكـتابة عـن ( القـضايا المهمة لأمتـنا ولشعـبنا دون اللجـوء إلى الذم والمفاخـرة عـلى لسان شاعـر وقـصيدته والتي تـشعـل نار الفـتـنة وسعـيرها بـين جاليتـنا ومجـتمعـنا الموحّـد تـحـت كـنيسة السيد المسيح الموحّـدة ) …. عـفـية عـلى قـصيدة لها هـذا التأثير السحـري المباشر . أنا ليس لـديّ عِـلمٌ لا مِن بعـيد ولا من قـريـب بالفـتـنة التي يخاف كاتبنا إشتعالها ، ولكـنه زلّ قـلمه عـنـد مصطلح ( مجـتـمعـنا الموحّـد ) ! يا أخي أين هـو ذلك المجـتـمع الموحّـد الذي ذكـرتــَه ؟ نعـم إنها أمنيات في الخـيال ولكن أنـظر إلى الواقع عـلى الأرض وعـلى الصعـيد الرسمي وفي بنـود الأنـظمة الداخـلية لأصحاب النـوادي السياسية وغـير السياسية ، لا بل في الضمائـر ، هـل سـتـرى التـوحّـد ! أما كـنيسة المسيح الموحّـدة التي ذكـرتــَها في ردّك ، فـذلك موضوع ثـريّ وواسع ومثـيـر ومُـشـَوّق ولـذيـذ فـهـل عـنـدك الإستـعـداد للخـوض فـيه ؟ أكـتب عـن تلك الوحـدة ليأتيك الرد . أما مسألة ناﭙـليون والتـنــّين النائم فـلنؤجـله إلى مناسبة أخـرى . لقـد لاحـظـتُ بكاتبنا الموقـر إنه يُـعـيد ما كـتـبه في الفـقـرات الأولى من ردّه الجـديـد ربما ليُـزيد من حـجـم الصفـحة ، أدام الله في عُـمرهِ وحـيويّة قـلمِهِ .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *