رحـمة روما ومحـبة شـليطا وشركة روح أيـوب تـروح فـدوة لحِـقـد ساكو البطـرك

 

لا شـك أن الإستماع إلى حـديث مخـتـبِـري الحـياة ، واعـين ومثـقـفـين ، وكما نـقـول بالعامية ــ تعـبانين عـلى نـفـسهم ــ والـتـشاور معهم وبالأحـرى الحـياديّـين منهم ، هـو عـمل إيجابي ، ولا يُستغـنى عـن آرائهم الـبناءة والمتـبـلـورة من تجارب الحـياة لخـدمة المجـتمع …..

في يـوم ما ، حـضرتُ لـقاءاً وإستمعـتُ إلى مناقـشة مسألة بـديهـية ساطعة كالشمس ، فـتـفاجأتُ حـين إقـتـرح بعـض الحاضرين تـصويتاً ديمقـراطياً من أجـل حـسم المـوقـف للـقـبـول أو الرفـض ! إن إقـتـراحهم في رأيي جاء لسبـبَـيـن (1) محـدودية مقـدرتهم عـلى الحـوار فـيتجـنـبـون خـوض الـنـقاش (2) أياً كانت الـنـتيجة فإن الـتـصويت ــ في نـظرهم ــ هـو تخـديـرٌ يُـرضي المـدّعي والخـصم والحَـكـَم والناس .. بـدون تحَـمّل المسؤولية !!

فإعـتـرضتُ قائلاً : ( إن المنـطق أقـوى من الـديمقـراطية ) لأن الحـقـيقة ليست بحاجة إلى تـصويت لإحـقاقها ، فما فائـدة الـديمقـراطية التي ــ قـد ــ تجـمع أصواتاً كـثـيرة من جـماعة ( مْـوافِجْ ) فـتـتراجع الآراء السـديـدة لـلـقادرين ، وتـتهاوى حـكمة نخـبة المثـقـفـين ، فـتـضيع صحة ورصانة المتعـلمين ويُـكـرّس خـطأ الجاهـلين … كما في الصورة التالية :

حـين نـناقـش شؤوناً ذات صِلة بالكـنيسة مع متـصيّدين بمياه عـفـنة عـلى شاكـلتهم ، والمتمسّحـين برداء رجال الـدين كالأصنام ، يكـون الإنجـيل صفعة عـلى وجـوههم لـدناءتهم ، فـفـيه قـصص تهـذيـبـية جـميلة يسطع فـيها القانـون ولكـنه يترنح متـراجعاً خجـولاً بل متلاشـياً  أمام دِفء المحـبة والـتسامح الـحـنـون .

فـفي قـصة الزانية يقـضي القانـون بـرجـمها لكـن المسيح لم يعـتمـد عـليه ولم ينـقـضه بل تجاوزه بغـفـرانه دون أن ينسى مبادئه ومحـبته حـين قال لها ( لا تخـطئي ) ….. وقـصة دينار قـيـصر ، كان فخاً لم يـبـتـذل المسيح كلامه برفـضه إياه ، كما لم يسـايـر المنافـقـين مجَـرّبـيه بل أفحَـمهم برصانة منـطقه …. وهـكـذا في قـصة الـدرهـمَين فالمسيح لم يمتـنع عـن الإيفاء أسـوة بالجـميع ( مثـلما إعـتمـذ مع الجـميع ) وإنما أوصى ﭘـطرس بكـل هـدوء أنْ يلـبي الطلـب ــ من فـم السمكة ــ درءاً للعـثـرات .

سـردتُ تلك المقـدمة من منـطـلـق مسيحـي لـتكـون ردّا مسبقاً عـلى كـل مـدّعٍ ومتسلح بالقانـون ومتـشبّـث بـبـنـوده كأنه قـميص عـثمان ….. بل أنّ بعـض الفارغـين ينادون بتـطبـيقه في مواقـف معـينة يخـتاروها حـسب أهـوائهم ومصلحـتهم ، وفي حالات أخـرى يـطالـبـون بتـكـريس المحـبة والغـفـران ، فـيكـيـلـون بمكـيالـين لأن في داخـلهم حِـقـد مكـنـون .

سأخـتـصر الموضوع :

لم يتعـوّد البطرك ساكـو العـيش بسلام ، هـذه شيمته لأنه قـلـق منـذ نـشأته ، مُكـْـفهَـرّ وجهه ، صعـب في طبعه ، المرارة مرتـسمة عـلى محَـيّاه ، لـذلك يحَـرّك ساعـدَيه ويلاعـب أصابعه ويُـمـوّج شـفـتيه ويـقـطـّـب جـبـينه أثـناء حـديثه ….. والله لا يغـيّـره ، ما لم يغـيّـر نـفـسه بنـفـسه .

فـقـد إمتلأنا فـرحاً وإغـتـبطـنا لهـفة ورقـصنا طرباً حـين شاهـدنا المفاجأة الكـبـرى عـلى شـريط ﭬـيـديو لسيادة المطران شـلـيطا يخـطب بـين المؤمنين من أبناء رعـية كـنيسة مار ﭘـولس الكـلـدانية وهـو يُـعـلـن الخـبر المفـرح عـن حـلحـلة مشكـلة ﭬانكـوﭬـر وذلك بتـوصية من المجـمع الشـرقي / روما ، حـيث قال :

(( بـدعـوة مني كـمطران أبـرشية مار أدّاي الكـلـدانية في كـنـدا ، الـيـوم شارك معـنا الأب أيـوب في قـداس هـذا الأحـد المبارك 8 آيار 2016 وتعـلمون أنه كان تابعا لـديـر الرهـبان في العـراق ولكـن بمساعـدة قـداسة الـﭘاﭘا والمجـمع الشرقي في روما أصبح كاهـناً كـلـدانياً حـراً من الـنـذور الرهـبانية وغـيـر تابع للـديـر في العـراق . وعـليه طـلـب مني المجـمع الشرقي إذا أستـطيع أنْ أتـدخـل في هـذه الـقـضية ونـقـبله كاهـناً في أبرشيتـنا الكـلـدانية في كـنـدا ، وأنا دعـوت الأب أيـوب البارحة فـوراً وشـرحـت له نـتائج هـذا الـقـرار الـذي أتى من الـﭘاﭘا وطلـبتُ منه أن يطيع قـوانين وأوامر الأبرشية الكـلـدانية والمجـمع الشرقي والبـطـركـية الكـلـدانية والأسـقـفـية الكـلـدانية في كـنـدا ، سـوف نـفـتح له الباب ليكـون كاهـناً بـين كـهـنـتـنا في أبرشيتـنا / كـنـدا ، وهـو وافـق عـلـيها كـلها . طبعاً سنـدرس الموضوع من أجـل الـوصول إلى إتـفاق يُـرضي الجـميع فـنحـن أبناء أبرشية واحـدة ، فالرب يريـدنا موحـدين لا متـفـرقـين …. )) .

وحـين إنـتهى المطران من خـطابه ، إشتـد الـتـصفـيق طويلاً فـرحاً بالحـدث وتعالت الهلاهل إلى السماء إبتهاجاً بهـذا الـيـوم السعـيـد الـذي صنعه الرب في كـنيسة الـقـديس ﭘـولص الكـلـدانية / ﭬانكـوﭬـر وعـمّ السلام ، ولكـن ما الـذي حـدث ؟ ………………………….. !!

هـنا لعـب البطرك ساكـو دوره في شـق الصف الكـنسي ، يا أخي أنا قـلـتُ إنه لا يريـد السلام . فـقـد وصلـتـنا الأخـبار من مصادرنا المحـلـية في كـنـدا أن المطران شـلـيطا لا يمكـنه أن يقـبل الأب أيـوب كاهـناً في كـنيستـنا الكـلـدانية / كـنـدا !! ليش يابا ؟

(( لأن غـبـطة الباطريرك مار لـويس روفائيل الأول ساكـو باطريرك بابل عـلى الكـلـدان والعالم والأوقـيانـوس المبجـل والفائـق الإحـتـرام ، لـيس راضياً عـلى سيادة المطران شـلـيطا أن يقـبل الأب أيـوب في كـنيستـنا الكـلـدانية حـتى بعـد صدور قـرار روما بإنـفـكاكه من نـذوره الرهـبانية ، ورغـم طـلـب ورغـبة المجـمع الشرقي بقـبـول إنـتمائه إلى كـنيستـنا الكـلـدانية ورغـم موافـقة الأب أيـوب بشروط سيادة المطران !! )) .

وسيادة المطران شـلـيطا حائـر مع نـفـسه ، هـل يلبي طلب روما العـظيمة أم أهـواء ساكـو السقـيمة ؟ .

للحـديث تـتـمة ……….

بقـلـم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *