ذكـريات عـن الشـماس ودرجات الشماسية في ألـقـوش

بتأريخ  26 شـباط 2021 إستمعـتُ إلى قـناة الـقـيامة الـفـضائية / برنامج خـدّام الـرب فـحـفـزني إلى إستـرجاع ذكـريات ماضية وأقـول :

أتـذكـر مرحـلة الـدراسة الإبتـدائية / ألـقـوش ، كان حـضور الـقـداس الصباحي في الكـنيسة إلـزامياً بتـوجـيه من الكاهـن معـلم التـربـية الـدينية ، أما في المرحـلة المتـوسـطة فـقـد كـبرنا بعـض الشيء فإنـتمينا إلى الإخـوية المريمية ــ الجـيش المريمي ــ وفي تلك الأثـناء تعـلـّـمتُ خـدمة الـقـداس بكـتابته عـلى صفحات دفـتـر جـيـب بخـط يـدي بالـﮔـرشـوني ثم تعـلـمـتُ اللغة الكـلـدانية وأنا في الصف الـثالث المتـوسـط .

كـنـتُ مع مجـموعة من الشمامسة اليافـعـين غـير مرسومين أمثال ( عـزيز حـنا رزوقي ، عـزيز ﮔـوريال أودو ، يوسف صادق شكـوانا ، المرحـوم صباح صادق سورو ، ﭘـيّـوس دارهم خـلـف بناية الكـنيسة وآخـرين يؤسفـني لست أتـذكـر أسماءهم ) أصواتـنا جـيـدة وكـفاءتـنا مقـبـولة عـند الكـهـنة والمؤمنين وفي الوقـت ذاته كان عـنـدنا شمامسة عـريقـين مرسومين رسائـلـيّـيـن (هـوﭘَـثـيّـقـنا) مضطلعـين باللغة الكـلـدانية وبالطقـس الكـلـداني ــ طخـسا ــ وبالألحان أمثال : إلياس ملـوكا ، ﭘـولس قاشا ، متيكا حجّي ، هـرمز كادو ، زورا جـبـو لاوو ، ثم إيليا سـﮔـماني وكـثيرين غابـوا عـن بالي ــ وإنْ لم أكـن مخـطئاً ــ لم يكـن عـنـدنا شمامسة بـدرجة ( إيـونـﮔـيلايا .. إنجـيـلي ) وأيضاً حـسب عـلمي وخـدمتي في كـنائس بغـداد في مرحـلة الستينات حـتى مطلع التسعـينات لم يكـن هـناك شماس مرسوم بتلك الرتبة التـكـريمية المرموقة .

وفي السياق ذاته يسرني إعادة بعـض ذكـريات أثـينا في أواسط تسعـينات الـقـرن الماضي ، حـين عـلـّـمـتُ ولـوحـدي خـمس دورات لأطـفال الـتـناول الأول ( بكـل متـطلـباته : التعـليم المسيحي ، الإعـتـراف ) مع تـلـقـيـنهم نصوص الـقـداس الإحـتـفالي الكلـداني فـخـدموه لـوحـدهم بكـفاءة . ونـظـراً لعـدم وجـود كاهـن ثابت للجالـية العـراقـية في تلك الأيام ، كـنـتُ أحـياناً أتـواجـد في كـنيسة ــ آخـرنـون ــ فأقـرأ الإنجـيل في الـقـداس ، وكم من مرة طـلـب مني كاهـن الكـنيسة الأب سـتـيفانـوس الـيـوناني أن أقـدّم الكـرازة أيضاً عـن الإنجـيل بالإضافة إلى مرافـقـتي سكـرتير المطران الأب أثاناسـيـوس عـنـد المـذبح والمشاركة بصوتي بعـض الصلـوات الكلـدانية الخاصة بالمـؤمنين وأحـياناً بالعـربي ، وأردد بعـض صلـواته الخاصة به بالكلـداني رغـم تـنـبـيهي له بأنها تخـصه مثل (( يا  إيه مار بخـول يَـومين )) فكان يقـول : أنا الـذي أطـلب منـك ذلك …  أما بعـض الشمامسة وخاصة الـدارسين في السيمنـير يتـصوّرون أني أخـدع الكاهـن لـعـدم معـرفـته باللغة الكـلـدانية .

وأذكـر موقـفاً عـنـد قـراءتي الإنجـيل كـنـتُ أبـدأ بعـبارة (( شـلاما عـمخـون )) فـتـثـور ثائـرتهم ويعارضوني بحـجة أنّ ذلك السلام يخـص الكاهـن وإني أتجاوز عـليه مما إضطررتُ إلى نـقـل إحـتجاجـهم له ، فـطـلب أن أجـمعهم بعـد الـقـداس ، ولما حـضروا قال لهم :

حـين تـواجـهـون أشخاصاً كـيـف تـبـدأون الحـديث معـهم ؟ قالـوا : نحـيّـيهم ( نـسلـّـم عـلـيهم ) فـقال : إذن أين الإشكال حـين يأتي الشماس مايكـل ويـواجـهكم لـقـراءة الإنجـيل فـيُـسلـّـم عـلـيكم ؟ هـل تـريـدونه أن يتجاهـلكم ؟ ثم أنا الـذي أطـلـب منه ذلك !! ؟ فـسـكـتـوا .

إنّ غايتي من كـل ذلك هي : أن الرسامة وإنْ كانت فخـراً ومسؤولية ، لكـنـنا أدينا الـواجـب بـدون تـكـريمها لـنا لأن المـبـدأ هـو (1)  الحـماس النابع من الإيمان !!!! (2) الشعـور بالكـفاءة !!!(3) الـتـلـهـف إلى المشاركة !! (4) عـدم حـرمان الناس من موهـبتـنا التي منحها الله لـنا ! ، عـلماً أنـنا نجـد الـيـوم في كـنيستـنا الكـلـدانية شمامسة مرسومين ( هـوﭘَـثـيَـقـنا ــ رسائـلي ) لا يجـيـدون لغـتـنا ولا يعـرفـون الطـقـسا ، ولا عـنـدهم إلمام بخـدمة الـقـداس إطلاقا ، ولا عـنـدهم ثـقافة إنجـيلية وإنما ( مسيحـيـون ) فـقـط .

إن تـقـديم أية خـدمة في الكـنيسة هـو واجـب إنساني منـذ بـدء المسيحـية ، أما ــ درجات ــ الرسامة الشماسية فإنها  لم تكـن هـكـذا في بـداية الـبشارة ، بمعـنى في زمن الرسول ﭘـولس لم يكـن هـناك مصطلح هـوﭘَـثـيّـقـنا وغـيره وإنما شُـرّعَـت هـذه الـدرجات لاحـقاً .

هـمسة في آذان بعـض مطارنـتـنا الكـلـدان الأكاديميـيـن الشباب : 

إعـتـزّوا برأيكم المستـقـل بجـرأة كي تـظـهـروا أنـكم أحـرارٌ قـبل أن تـنجـرفـوا وتعـطـوا آذانكم صاغـية إلى ضعـفاء الـنـفـوس الغـيـورين المتملـقـين فـيجـبرونكم عـلـى نـشر تـصريحات غـير منـطـقـية عـلى لـوحة الإعلانات ، تـتـرك إنـطباعاً عـنـكم ، ويشـوّه شخـصيتـكم ومكانـتها ، وأنـتم فـوق ذلك المستـوى … فأقـول :  

قـبل أن تـلـدكم أمهاتـكم كان في كـنيستـنا شمامسة يافـعـين أكـفاء دون رسامة ! والـيـوم نـراهم يتمتعـون بالكـفاءة ذاتها بل وأفـضل !! ولا يـزالـون غـير مرسومين !!! فـهـل الله يـرفـض خـدمتهم ؟ راجـعـوا أنـفـسكم وإقـرأوا رسالة ﭘـولس الرسول الأولى إلى أهـل كـورنـثـوس الإصحاح 12 عـسى أن تستـفـيـقـوا وتستـفـيـدوا منها وأنـتم قادة أبرشيات ، فالمرء يُـكـرَم أو يُهان عـنـد الإمتحانات .

رأيي الشخـصي : 

كـتب مار ﭘـولس إلى أهـل رومية : ( الجـميع أخـطأوا وأعـوزهم مجـد الله ) وهـذا يعـني أني أنا وأنت والكاهـن ورئيس الأبرشية والـﭘاﭘا لسنا منـزهـين عـن الخـطأ مع الإنـتباه إلى أنـنا كـلـنا واحـد في المسيح ، وكما قال الـﭘاﭘا فـرانسيس بتأريخ 11 شـباط 2016 عـنـد زيارته بازيليك الـقـديسة مريم الكـبرى للصلاة أمام أيقـونة العـذراء مريم كعادته عـشيّة زياراته الرسوليّة : (( ينبغي عـلينا أن نعالج الأمراض التي يتعـرّض لها رجال الـدين ــ جـميعـنا قـد نصاب بها ــ وبالتالي ينبغي عـلينا أن نـفهم أنـنا لسنا أمراء ، ولسنا أسياد ، وإنما نحـن خـدّام للناس ………)) .

إن هـذه الأفـكار هي التي حـفـزت سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم إلى إلقاء كـرازته المثيرة وإنـتـقاده المؤمنين السـذّج والمثـقـفـين حـين يعـبـدون شخـص المطران

         https://www.youtube.com/watch?v=oyNbbUKMV3Y&t=124s 

فـكـتـبتُ عـنها ثلاث مقالات يمكـن الإطلاع عـليها :

http://kaldaya.me/2018/03/07/9271          الـحـلـقة الأولى

http://kaldaya.me/2018/03/18/9377          الـحـلـقة الثانية

http://kaldaya.me/2018/04/04/9575         الـحـلـقة الثالـثة

وإسمحـوا لي بفـقـرة أخـرى وهي العـماذ .. الـﭘاﭘا فـرانسيس يقـول : ((( ليس العـماذ هـو الطريق الـوحـيـد لـدخـول ملكـوت السماوات ))  .. وكاهـن كلـداني يقـول في كـرازته : (( إن المسلم الـذي هـو خـوش ولـد يـدخـل ملكـوت السماوات )) … إذن ما الـداعي إلى أن نكـون مسيحـيّـيـن ؟ إن أفكاراً كـتلك هي موجّـهة مِن قِـبَـل جهات مخـفـية هـدفها هـدم المسيحـية لأنها منافـية لـلـنـصوص الإنجـيلية ! ولهـذا قال المسيح : ولكـن متى جاء إبن الإنـسان ، ألعـلـّـه يجـد الإيمان عـلى الأرض ؟؟  

 

أتـذكـر في دروس الـتـربـية الـدينية / المرحـلة الإبتـدائية / مدرسة العـزة للـبنين / ومدرسة ألـقـوش الأولى للـبنين / كان معـلمنا المرحـوم الأب هـرمز صنا يـوزّع ملـزمات لكـل تـلـميـذ مطبوعة بجـهاز الـرونـيو / كـمصدر نـقـرأه للإمتحان ، تعَـلــّـمنا منه ( وليس من إجـتهادي الشخـصي ) أنـنا جـميعـنا يمكـنـنا أن نعـمّـذ غـيـرنا في ظروف معـيـنة وليس فـقـط الكاهـن …. بل وفي ظروف خاصة ــ نادرة ــ يمكـن إعـتـبار الشخـص معـمّـذاً من ذاته بـدون عـملـية العـماذ الميكانيكـية أي بـدون ماء وصلاة وقـد وضحـتُ ذلك في إحـدى مقالاتي .

وبالمناسبة ، في سنة 1963 حـملتُ ــ بصفة أشـبـيـن ــ طفلاً نسطورياً وتعـمـذ في كـنيسة المسيح ولم يـفـرض الكاهـن أو المطران أن يكـون الإشبـين  نسطورياً ! لأن رسـل المسيح لم يكـونـوا مَـذهـبـيّـين !! وهـل إعـتـمـدنا عـلى الأشـبـيـن لـيُـثـقـفـنا بمسيحـيتـنا ؟؟؟؟؟؟ … شأنه شأن إشـبـين العـرّيس ( قـريـوا !! ) كان له دور في الأزمنة المتخـلـفة …  أما الـيـوم هـل ــ للـقـريـوا الموقـر ــ دَورٌ يؤديه مع العـرّيس ؟؟؟ أم أن العـريس هـو الـذي يعـلـّـم الإشـبـيـن ؟ أتـركـوا القـوانين الـقـديمة الموضوعة في زمن التـخـلـّـف .   

كـتـبتُ كـل هـذا لتـصحـيح بعـض الـفـتاوي الغـريـبة لـبعـض كـنائسـنا الكـلـدانية ، ونسأل : أليست كـنيستـنا بحاجة إلى صرخات تُـعـيـد الـنـظر في فـتاوينا وتُـسعِـدُ المسيح في مجـتمعاتـنا ؟ .   

الـنـقـطة الأخـرى : 

نحـن لا نجـتـهـد وإنما تـيماثـيـوس في رسالته الأولى 2 : 11ــ12 يوصي قائلاً :

(( لـتـتعـلم المرأة بسكـوت فى كل خـضوع . ولكـن لست آذن للمرأة أن تُـعَـلم ولا تـتـسلط عـلى الرجل بل تكـون فى سكـوت )) . إن الله يحـدد أدوارا مخـتـلـفه للنساء والرجال فى الكـنيسة نـتـيجة الطريقة التى خلق الله بها الإنسان . كما أن الله ومن خلال كـتابات الرسول ﭘـولس يحـظـر عـلى النساء أن يخـدمنَ كمعـلمين روحـيـين للرجال.  أما إذا كان قادة الكـنيسة الـيـوم لا يقـبـلـون أو لا يعـتـرفـون بتـلك التعـلـيمات فـلـماذا لا يعـلـنـوها عـلى الملأ فـربما سنستـفـيـد من فـلسفاتهم .

وأستـغـل الفـرصة لأقـول : نحـن تهـمـنا كـنائسـنا الكـلـدانية ، لماذا لا تكـون فـيها ستـراتيجـية منـفـتحة موحـدة وتـعـلـن ميزانيتها للمؤمنين ؟ لماذا تكـون المعـلـومات سـرية عـنـد السيد الرئيس وهـو الـذي نـذر نـفـسه للخـدمة ونبـذ ماديات الحـياة (( وربما يعـرف بها بعـض الـذيول الـدائـرين في فـلكه )) وبالتالي يتـصرفـون بها دون عِـلم أبناء الـرعـية ….. عـلماً أن في مرحـلة قـبل أسـقـفـية كـنيستـنا الكـلـدانية ( أستراليا ) كـتـب البعـض تـقـريرا عـن هـكـذا موضوع إلى رئيس الأساقـفة الكاثـوليك في أستراليا الكاردينال جـورج ﭘـيل الـذي إستـدعى كاهـن الكـنيسة وأخـبره بالتـقـرير مع تـوصيته له !! فـما كان من الكاهـن ــ في الأسبوع التالي ــ إلاّ أن نـشر ثلاثة أرقام يتيمة لا غـيـرها وهي : الوارد (( في الحـساب المصرفي للكـنيسة !!!!!!!! )) ، الصادر ، الباقي …. ولم نـفـهم منها شـيئا ، ولا عـرفـنا أين صُـرفـت الـفـلـوس !!!!!! .

وأخـيـراً : لا شك ، الكـنيسة بحاجة إلى المادة ، مثـلما العـلمانـيـون الفـقـراء بحاجة إليها أيضاً . فالأفـضل للمانحـين والخـيّـرين أن يقـدّمـوا عـطاءاتهم لكـل جانب بصورة مستـقـلة ، خـوفاً من أن تـذهـب (( حـصة الكـهـنة إلى الفـقـراء العـلمانيـيـن )) فـيصيـب الكـهـنة غـبناً وظـلماً ، عـلماً أن الكـنيسة وميزانيتها تحـت تـصرّف الكاهـن في مخـتـلـف نـفـقات حـياته وذلك إنطلاقاً من مـبـدأ ( مَن يخـدم المـذبح يأكـل من المـذبح ) متـناسين رسالة مار ﭘـولس الأولى إلى أهـل تـسالـونيكي 2 : 9  (( كـنا نكـرز لكم بإنجـيل الله ، ونحـن عاملون ليلا ونهارا ، كي لا نـثـقـل عـلى أحـد منكم )) .

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *