دروس مَحُو الأُمّية لمن يَجْهل تاريخ الكلدان في القومية -الدرس التاسع- بقلم د. عبدالمسيح بويا يلدا

 

الفتوحات الاسلامية

ــ هذه سلسلة دروس تخص تاريخ الكلدان في بلاد بين النهرين دجلة والفُرات وأيضاً تاريخ الشعوب المُجاورة. إذن لا يحُق لأي أثوري (كلداني نسطوري) من الذين جَلَبَتْهم بريطانيا (في أحداث الحرب العالمية الأولى) من هكاري/تركيا وأورمية/إيران أن يُعَلّق على نصوص هذه الدروس بأي شكل لإنهم ليسوا عراقيين.

إقرأ الاخبار الصحيحة عن الكلدان باللغة العربية والانكليزية في إحدى المواقع التالية:

1. موقع المركز الكلداني للاعلام / سان دييكو أمريكا.

www.kaldaya.ne

2. Chaldean Patriarch موقع البطريركية الكلدانية في بغداد:

http://saint-adday.com/

3. موقع كنيسة المشرق الكلدانية:

http://saint-adday.com/old_website/index.htm

 

وليس في موقع عنكاوة كوم الذي تديره الحركة الـ لا ديمقراطية والـ اشورية (الزوعة) المعادية للقومية الكلدانية ونصبت على إدارته كلدان مأسورين ومسلوبي الإرادة، أيادهم مُقّيدة ولسانهم مربوط بشروط الراتب الذي يقبضونه من الزوعة. من حيث الاسم يبدوا الموقع وكأنه واجهة كلدانية ولكن في داخله تعمل *ذئاب خاطفة* مُختصة بـ ألإساءة الى قومية عنكاوة الكلدانية واصبح الموقع يُرَوّج للكلدان عبارات اشور واشوريون التي كانت في التاريخ دائماً كلمات مرادفة لكلمة الخيانة. وفي نفس الوقت أصبح ممنوعاً نشر كلمة القومية الكلدانية في الموقع. ومن يشِك في حُكمي، فلِـيَـتَـفَـضّل ويرسل هذه النصوص للنشر في موقع عنكاوة كوم. من ثِمارهم تعرِفونَهم.

الدرس التاسع

 

الفتوحات الاسلامية

الفتوحات الإسلامية هي عدة حروب خاضها المسلمون بعد وفاة النبي محمد في السنوات بين (632–732) في العهدين الراشدي والأموي، كان من نتائجها سقوط مملكة الفرس وفقدان البيزنطينيين لإقاليمهم في الشام وشمال أفريقيا ومصر نشر الإسلام ونشر اللغة العربية معه ومن ثم ظهور الحضارة العربية الإسلامية. قبل الاسلام سلسلة الحروب بين الروم البيزنطين والفرس 602–628 بعد الميلاد أضعفت الأمبراطوريتين ومهدت لسقوطهما أمام الفتوحات الاسلامية. في البداية بين 602–622 نجح الفرس بقيادة خُسرو الثاني برويز (في الكتابات العربية يسمى كِسرى برويز) في التوسع حيث إحتل الفرس حلب سنة 609 وأنطاكيا سنة 611 ثم دمشق والقدس سنة 614 وحملوا عود الصليب من القدس إلى عاصمة الفرس في ميزوبوتامية قطيسفون (المداين)، ثم إحتل الفرس مصر بين 617 و 618ـ وفي عام 626 حاول الفرس أحتلال القسطنطينية لكن هُزِمَوا هناك٠ عندما تسلم هرقل الحكم في القسطنطينية عام 610، الروم جمعوا قوتهم تحت قيادة هرقل ودفعوا الفرس خلفاً وهزيمة خُسرو الكاملة حصلت في معركة نينوى عام 627، ثم إحتل الروم سوريا والولايات الفارسية في ميزوبوتامية في سلسلة معارك بين 622 و629 وإستطاع هرقل إسترجاع عود الصليب إلى القدس عام 630ـ تم إغتيال خُسرو الثاني برويز عام 628 بعدها وفي سنة 629 إبن خُسرو الثاني عَقدَ صُلحاً مع الروم اصبحت بموجبه الحدود الجغرافية بين الفرس والروم كما كانت سنة 602.

العرب المسلمون من الحجاز (السعودية حاليا) هاجموا الى الشمال واسقطوا الامبراطورية الفارسية في معركة القادسية 636 م والامبراطورية والرومانية في معركة اليرموك في نفس السنة. ثم سقطت القدس ومصر سنة 638 م. في ظل حكم العرب المسلمون ضلت اوضاع المسيحين جيدة نسبيا، إذ تم إيجاز حقوقهم الدينية في الدولة الاسلامية بقانون (اهل الذِمَة). بعض من المسيحيين في المدن والدول التي تم فتحها (احتلالها) من قبل العرب المسلمين اعتنقوا الاسلام طوعاً لاسبابهم الخاصة والبعض الاخر اكراهاً. الرجال من المسيحيين اللذين اعتنقوا الاسلام تم اعفائهم من الخدمة العسكرية في الجيوش الاسلامية التي اصبحت في حالة حرب (فتوحات) مع امبراطورية الروم المسيحية خوفاً من ان يتعاطفوا في الدين المسيحي مع الامبراطورية الرومانية المسيحية. السؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان دخول الرجال المسيحيون الى الاسلام نابعا من القناعة والايمان، لماذا إذن يبقى احتمال تعاطفهم مع الدين المسيحي قائما إذا كانوا تركوه بقناعة. وكان الفرد المسيحي يدفع ضريبة نقدية (الجِزية) للدولة المسلمة مقابل اعفائه من الخدمة العسكرية. اما في الوظائف المدنية (في ظل الحكم الاسلامي) كانت اوضاع المسيحيين في البداية جيدة، اذ كان لابد من العرب المسلمين (وهم يحتلون الاقاليم والمدن المسيحية واحدةً بعد الاخرى) ان يستعينوا بخبرة الموظفين المسيحيين وهكذا إحتفظ المسيحيون في وظافهم ومراكزهم المهمة في بداية العصر الاسلامي. ويجب التذكير هنا ان مسيحيي العراق كانوا قبل الاسلام (وبسبب وحدتهم في الدين مع الحكم الروماني اليوناني المسيحي في المنطقة) في تماس مباشر مع الحضارة اليونانية السائدة انذاك في العالم الاوروبي. وبمجهود المسيحيين تم ترجمة ونقل العلوم الحضارية في ذلك الوقت من اللغة اليونانية الى الارامية – الكلدانية. إذ كانت الكلدانية اللغة السائدة الاولى في المنطقة.

الخطوة الاولى التي قام بها العرب المسلمون نحو التعريب بعد ذالك هو انهم عربوا الدواوين وطلبوا ترجمة الكتب العلمية من الكلدانية الى العربية. بعدها تم تدريب كوادرعربية لتستلم مسؤوليات ووظائف مدنية. بعدها تم تعيين مسلمون عرب في الوظائف المدنية ودواوين الدولة الاسلامية الحديثة. ثم اصبحت اللغة العربية هي السائدة في العراق واصبح العرب يمثلون الاغلبية في الدرجات الوظيفية. الا ان الاضطهاد الكبير ضد المسيحيين حصل بعد تزايد نفوذ غير العرب في الاسلام (المغول والفرس والترك). وبسبب الترابط القوي بين العروبة والاسلام فان القوميات والدول الغير العربية التي دخلتها الجيوش الاسلامية اصبحت بفعل الفتح الاسلامي شعوبا ودولا عربية. والفرد اللذي اعتنق الاسلام وان كانت قوميته قبل الاسلام بابلية كلدانية او فينيقية او قبطية، اصبح الكل بعد اعتناقهم للاسلام عربا. على العكس مما حصل للقوميات الاوروبية بعد اعتناقهم المسيحية اذ اصبح الايطالى مسيحيا لكن بقت لغته وقوميته ايطالية والفرنسي اصبح مسيحيا لكن احتفظ بقوميته ولغته الفرنسية بعد إعتناقه للمسيحية و…الخ. لكن اللذي حصل في الشرق مع الفتوحات الاسلامية هو ان عروبة القرآن جعلت اللغة الرسمية للمسلم هي عربية. لذلك عروبة الاسلام قضت على كل القوميات الغير العربية التي دخلها الدين الاسلامي وهكذا تلاشت اسماء اللغات والقوميات الكبيرة التي حكمت المنطقة قبل الاسلام وتحولت بعد الاسلام تلك القوميات الى اقليات قومية صغيرة تعيش وسط اغلبية عربية.

في الشرق قوميتان فقط قبلتا الدين الاسلامي لكن لم تقبل (لم تكتسب) لغة القرأن العربية وهما القومية الفارسية والتركية، إذ نرى في تركيا مسلمين لكن قوميتهم تركية وفي ايران مسلمين لكن قوميتهم فارسية. منذ ذلك الحين ولحد الآن شهدت المنطقة حروباً مستمرة بين هذه القوميات الثلاثة (العربية والتركية والفارسية) بسبب الصراع على السلطة لانه كل طرف من هؤلاء يدعي بانه اجدر لقيادة الدول الاسلامية العربية وغير العربية.

الدولة العربية الاسلامية بعد وفات النبي محمد:

الخلافة الاسلامية يمكن تعريفها بأنها نظام الحكم الذي أوجده المسلمون بعد وفاة الرسول لتولي قيادة المسلمين وإدارة شؤون الدولة الاسلامية التي كانت قد بدأت مرحلة التوسع. بعد وفاة الرسول تولى امر قيادة الدولة الاسلامية خلفاء الراشدون الاربعة وهم ابو بكر االصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب. بعد الخليفة الرابع جاء الى الحكم الامويون وبعدهم العباسيون.

 

الدولة الأمَوية:

 

الأمويون هم أولى السلالات الإسلامية بعد عهد خلفاء الراشديين وحكمت بين 661-750 م. وعاصمتها دمشق.

ينتسب الأمويون إلى جدهم أمية من أقرباء الرسول محمد. مؤسس السلالة هو معاوية بن أبي سفيان (661-680 م) الذي كان واليا على الشام منذ 657 م من قبل الخليفة عمر بن الخطاب. بعد استشهاد الخليفة الثالث ومبايعة علي بن أبي طالب بالخلافة تمرد معاوية وأتباعه على خلافة علي بن أبي طالب. الساحة خلت لـ معاوية بن ابي سفيان بعد ان قتل الخوارج إمام علي وتنازل ابنه الحسن عن الخلافة. الخليفة الاموي الثاني هو يزيد بن معاوية الذي بعد وفاته دخلت البلاد في صراعات مذهبية وعرقية على غرار ثورة الحسين بن علي ثم ابن الزبير. لكن الخليفة الاموي الخامس عبد الملك بن مروان (685-705 م) سيطر على الأمور وكبح جماح الثورات. قام بعدها بتعريب الإدارة ودواوين الدولة الاسلامية، ثم سك أولى الدراهم الإسلامية. اهتم عبد الملك بن مروان بالقدس وعمارتها وجعل منها مركزا دينيا مهما. في عهد ابنه الوليد (705-715 م) تواصلت حركة الفتوحات الإسلامية، سنة 711 م غرباً حتى إسبانيا، ثم شرقا حتى تخوم الهند، تمّ سنة 715 م غزو بخارى وسمرقند. تلت هذه الفترات فترة اضطرابات قاد معظمها الموالي وغيرهم من المسلمين غير العرب في البلدان التي تم قتحها، وكانت موجهة ضد احتكار العرب لمراكز السلطة، على غرار ثورة الخوارج في إفريقية. عادت الأمور إلى نصابها مع تولي هشام بن عبد الملك (724-743 م) وتواصلت حركة الفتوحات، إلا أن الأمور لم تعمر طويلاً، مع ظهور حركات جديدة كالخوارج في إفريقية وشيعة آل البيت في المشرق. قاد العباسيون الحركة الأخيرة وتمكنوا سنة 750 م أن يطيحوا بآخر الخلفاء الأمويون في الشام مروان بن الحكم (744-750 م).

أحد أحفاد الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك وهو عبد الرحمن الداخل تمكن من الفرار من امام العباسيين إلى الأندلس (الإقليم الجنوبي من شبه الجزيرة الإسبانية) واسس فيها امارة اسلامية اموية سنة 756 م وعاصمتها قرطبة.ـ وفي عام 1492 سقطت غرناطة بعد حصارها من قبل قوات الدول الاوروبية المجاورة.

الخلافة العباسية:

هي السلالة التي حكمت بعد الامويين بين 750 – 1258 م. كان مقرهم في بغداد منذ 762 م. ثم سامراء بين 836 – 883 م.

يرجع أصل العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب (566 ـ 662) عم نبي الاسلام محمد بن عبد الله. بمساعدة من أنصار الهاشميين استطاع أبو العباس السفاح (749 ــ 754) بعد معارك طويلة القضاء على الأمويين ومظاهر سلطتهم، قام هو وأخوه أبو جعفر المنصور (754- 775) بتقوية الخلافة العباسية وفي عام 762 تم بناء مدينة بغداد. ازدهرت الدولة العباسية في عهد هارون الرشيد (786 ــ 809) الذي تولت وزارته أسرة البرامكة (حتى سنة 803). عبد الله المأمون 813 ــ 833 (ابن هارون الرشيد) اهتم بالعلوم ورفع من مكانة مذهب المعتزلة حتى جعله مذهباً رسمياً للدولة، واستمر ذلك حتى جاء الخليفة أبو الفضل جعفر المتوكل على الله فأحيا السنة ومنع فكرة المعتزلة.

 

المعتزلة ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري (80 هـ – 131 هـ) في البصرة (أواخر العصر الأموي)، وقد ازدهرت في العصر العباسي. اعتمدت المعتزلة على العقل وقالوا بأنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام بشكل تلقائي. انشرت فكرة المعتزلة في وقتها لانها ركزت على التوحيد وعلى العدل الاجتماعي وتقليص امتيازات رجال الدين. من أشهر اتباع المعتزلة الجاحظ، والخليفة العالم المأمون والرازي.

في العصر العباسي الثاني 843-1258 انقسمت الدولة العربية على الاسس الطائفية (الطولونية والفاطمية والحمدانية) وحصل تفوق لصالح المسلمين السلجوقيين على حساب الدولة العباسية لكن السلاجقة وايضا الدولة العباسية سقطوا على يد هولاكو سنة 1258 م.

السلالات الغير العربية التي حكمت العراق كلياً او جزئياً بعد وفات النبي محمد:

الدولة البويهية 932 – 1055

السلاجقة 1055 – 1258

الحكم المغولي 1258-1516

الدولة الصفوية الفارسية 1501-1785

الحكم العثماني 1516-1917

الدولة البويهية 932 – 1055 م:

قامت الدولة البويهية الشيعية في الجزء الغربي من إيران وفي العراق، وأسستها أسرة بني بويه، أشهر رجال أسرة بني بويه الحاكمة ثلاثة هم عليّ، حسن وأحمد أبناء بويه. البويهيون كانوا من أقوى السلالات الفارسية التي حكمت ايران وجزء من العالم الاسلامي من حيث قدرتها على البقاء في الحكم بظل الدولة العباسية. في البدء كانت عاصمة البُويهيون شيراز في إيران، بعدها نقل علي بن بويه العاصمة إلى أصفهان. اولاد بويه وبعد وفاة والدهم عمَلُوا ((مرتزقة)) في جيوش الامراء المتصارعين والمتنافسين على اقاليم فارس في تلك الفترة وهم ماكان بن كالي، ليلى بن النعمان، أسفار شيرويه ومرداويج بن زيار. إرتفع شأن الدولة البويهية على يد الأخ الأكبر من أولاد بني بوَيْه علي بن بويه؛ حيث ولاّه مرداويج الزياري بلاد الكَرَج، فاستطاع بفضل مقدرته العسكرية والإدارية وحسن معاملته لأتباعه من بناء جيش قويّ انتزع به معظم بلاد فارس في خلال فترة قصيرة، واتخذ مدينة شيراز قاعدة لحكمه. وبعد مقتل مرداويج سيطر البويهيون على أصفهان والري وهمذان والكرج وكرمان والأهواز.

في العراق وبعد ان ضعفت الخلافة العربية تعظم نفوذ المسلمون الأتراك في بغداد على حساب المسلمين العرب، لذلك الخليفة العبّاسي مُسْتَكْفي بالله طلب مساعدة البوَيهيين الفرس لتقْليل نفوذ الأتراك في الدولة العباسية. بعدها تحرك الأبن الثاني من بني بويه أحمد نحو بغداد وإستولى عليها في عام 945م وطَرَدَ الأتراك منها. بعدها استقبله الخليفة المستكفي بالله واحتفى به وعيَّنه أميرًا للأمراء، ولقّبَهُ مُعِزّ الدولة، ولقب أخاه عليًّا عماد الدولة، كما لقب أخاه حسن ركن الدولة. بعد إستلاء البُويهيون على بغداد، إستأثروا بالسلطة ونَشَروا المذهب الشيعي في بغداد، وعمدوا الى اذلال الخلفاء العباسيين بحيث أصبحت الدولة البويهية في بغداد لا تخضع لسُلطة الخليفة العباسي.

سقوط الدولة البويهية في بغداد:

أصيب نفوذ البويهيين بضعف شديد في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجريين بسبب تنازع الأمراء فيما بينهم على السلطة، عندها إزداد نفوذ الجند المُرتزقة من الأتراك في بغداد حيث إحتلّ السلاجقة الأتراك بغداد سنة 447 هـ في عهد أخر ملوك بني بويه ابو نصر خسرو وأسْقَطُوا دولة بني بويه في بغداد ومعَهم بدأَ حكم السلاجقة في بغداد.

 

الدولة السلجوقية 960 – 1258 م.:

 

السلاجقة كانوا عشيرة تركية من قبائل الغز التركية ودخلت هذه العشيرة في الإسلام أثناء عهد زعيمها سلجوق سنة 960 م. وقد هاجروا إلى إيران من وسط آسيا وسيطروا عليها في منتصف القرن الحادي عشر وإتخذوا من أصفهان عاصمة لدولتهم. ثم سيطروا على سوريا والعراق ومناطق أخرى. قام أحفاد سلجوق، طغرل (1038-1063 م) وجغري (1038-1060 م) بتقسيم المملكة إلى نصفين. النصف الغربي وقاعدته أصفهان، النصف الشرقي وقاعدته مرو. توسعت مملكة طغرل بك نحو الغرب بعد انتصاره على العشائر الأخرى من الغزنويين (سنة 1040 م بالقرب من داندنقان). ثم ضمت فارس إليها سنة 1042 م. وأجزاء من الأناضول، ثم العراق أخيراً سنة 1055 م، بعد القضاء على دولة البويهيين في بغداد. بلغت الدولة أوجها في عهد السلطان ألب أرسلان (1060/63-1072 م) ثم ملك شاه (1072-1092 م) من بعده، كما قام وزيره نظام الملك (1060/65-1092 م) بإنشاء العديد من المدارس لتعليم مذهب أهل السنة في المنطقة. استولى السلاجقة على أرمينية سنة 1064 م، ثم بسطوا سيطرتهم على الحجاز 1070 م. كما حققوا انتصارا حاسما على البيزنطيين في ملاذكرد سنة 1071 م. أكملوا بعدها سيطرتهم لتشكل كامل الجزيرة العربية تقريبا. بعد سنة 1092 م وبسبب الصراع على السلطة بين أفراد العائلة، أصبحت المملكة السلجوقية ممالك عدة. قامت مملكة سلجوقية في العراق وإيران ودامت إلى حدود سنة 1194 م. وأخرى في الشرق أقامها السلطان سنجار (1118-1157 م) والتي لم تعمر طويلا بعده. كان على خلفائه ومنذ 1135 م الصراع مع جيرانهم. قضى عليهم شاهات خوارزم (الخوارزمشاهات) أخيرا سنة 1194 م. قامت فروع أخرى للسلاجقة في كرمان (1041-1187 م) مقرها بردشير، في الشام (1094-1117 م) مقرها دمشق ثم حلب وفي الأناضول (1077-1308 م) مقرها إزنيق (نيقية) ثم قونية. استمرّ حكم السلاجقة حتى هزيمتهم على أيدي المغول في منتصف القرن الثالث عشر.

 

الحكم المغولي 1258-1516: هروب المسيحيون بسبب الاضطهاد من المدن الكبيرة الى القرى في الجبال:

 

إمبراطورية المغول تعْتَبَر ثاني أضخم إمبراطورية في التاريخ بعد الإمبراطورية البريطانية وهي نتجت من توحيد قبائل المغول والترك في مايسمى اليوم منغوليا، وكـان مؤسس إمبراطوريتهم هو جنكيز خان الذي أُعلن حاكما لها عام 1206 فكانت فاتحة للغزوات التي وصلت أقصى مدى لها عام 1405 من بحر اليابان إلى الحدود الروسية الفنلندية. انهى المغول حكم العرب المسلمون في المنطقة واستمر حكمهم 300 سنة. بعد موت جنكيز خان عام 1223 زحف مغول إيران غربا بزعامة هولاكو نحو ميزوبوتامية بمثابة عاصفة مدَمّرة أحرقت الأخضر واليابس في بغداد التي كانت عاصمة الخلافة العباسية خمسة قرون وتعرضت بغداد للهدم والسلب وأهلها للقتل وكانت بغداد عاصمة العالم علمياً وعِمرانياً. هولاكو احتل بغداد عام 1258 بعد أن استسلم الخليفة العباسي المستعصم الذي لقي حتفه بعد خمسة أيام من دخول المغول. ويقال ان في حينها تم ذبح مئات الالاف من العراقيين على يد المغول. كان هولاكو وثنياً ولكنه تعاطف مع النساطرة بعد أن وهبوا له إمرأة نسطورية كان إسمها دكوزخان. وعندما تَعَب هولاكو من القتل والتدمير وضع جيشه في ميزوبوتامية والشام تحت أمرة إبنه كتبغا الذي إستمر في التحالف مع النساطرة. وقسم المغول العراق إلى منطقتين جنوبية وعاصمتها بغداد وشمالية وعاصمتها الموصل، ويدير المنطقتين حاكمان مغوليان ومساعدان من التركمان أو الأهالي الموالين.

في البدء كان المغول اعداء للعرب لكن الامير المغولي جنكزخان إعتنق الدين الاسلامي سنة 1295 وجعل من الاسلام دين الدولة الرسمي وبدأ عندها اضطهاد علني ضد المسيحيين ودام خلال قرن 14 كله. بعد ان رجع المغول التتار الى ديارهم أسلموا وأقاموا إمبراطوريات وممالك الإسلامية بأفغانستان وباكستان وشبه القارة الهندية وبالملتان والبنغال وآسيا الوسطي وأذربيجان والقوقاز والشيشان وفارس.

تيمورلنك صعد الى الحكم في اواخر قرن 14 وأقام الإمبراطورية التيمورية عام (1379 – 1401 م) وكانت العاصمة سمرقند بوسط آسيا. وقد حكم إيران والعراق والشام وحتى الهند. وفي الفترة ما بين 1393 ــ 1401م هجم المغول التيموريون مرة أخرى العراق بقيادة تيمورلنك ونهبوا بغداد التي كانت عاصمة له. في خلال حكم تيمورلنك حصلت إبادات جماعية ضد المسيحيين. ضد اليعاقبة في مدن مارديين، أميد -اصبحت فيما بعد دياربكر، وضد اليعاقبة بين تكريت والموصل. نفس الكوارث حصلت ضد المسيحيين في مدن بغداد، الموصل، اربيل، نصيبين، تبريز واورميا.

بسبب الاضطهاد والابادة الجماعية في عهد تيمورلنك، المسيحيون اللذين بقوا على قيد الحياة كانوا امام خيارين اثنين: اما يعتنقوا الاسلام، او يهربوا من الموت من المدن الواقعة في السهول الى قرى جبلية في شمال العراق، ومن مدن تركيا الى جبال مدينة هكاري. وبعد ان هدئت عاصفة الاضطهاد، حاول البعض النزول من الجبال لتفقد احوال مدنهم الكبيرة التي هاجروها، فرأوا ان معظمها دُمِرت وسُويَت بالارض. بعدها اصبح المسيحيون يعيشون في المنطقة كأقليات منسية حتى من قبل اوروبا المسيحية. وتم عزل القرى المسيحية عن بعضها بحيث لم يعد بأمكان المسيحيين الاتصال مع الاقارب في القرى الاخرى. كان قصد المغول إرغام المسيحيين في تلك القرى ان ينسوا خصوصيتهم القومية والدينية ويذوبوا في المجتمع الاسلامي المغولي الجديد.

ثم سلم تيمورلنك الحكم في العراق إلى المجموعات التركمانية التي عاشت متصارعة إلى أن سيطرت الأسرة الصفوية على مقاليد الأمور في العراق سنة 1508، واستمروا يحكمون بغداد حتى أخرجهم العثمانيون الأتراك سنة 1534.

الحروب الصليبية 1088-1270 م

في القسم الثاني من القرون الوسطى وبعد ان تم هزيمة امبراطورية على يد الرب المسلميين، حاول ملوك اوروبا التسلل شرقا بحجة الدفاع عن حقوق المسيحيين. عندها بدأت سلسلة حروب بين الغرب اللاتيني المسيحي والشرق المسلم (العرب والترك). النتيجة النهائية كانت مخيبة للآمال، اذ تراجعت حرية المسيحيين في الشرق واصبح ينظر اليهم كعملاء او موالون للغرب المسيحي بعد ان سمّ الغرب تلك الحروب بـ الحروب الصليبية.

الدولة الصفوية الفارسية 1501-1785 م.

الصفويون سلالة حكمت في بلاد فارس بين سنوات 1501-1785 م، أسسها الشيخ صفي الدين الأردبيلي (1252-1334م) الذي قهر اق قيونلو واتخذ تبريز عاصمة له وتلقّـب بالـ شاه.

توسع نفوذ الصفويون أثناء زعامة جنيد (1447-1450 م) ومن بعده حيدر (1460-1488 م) الذي كَـوّن الجيش ونضم سياسة الحركة.

قره قوينلو وآق قوينلو هي قبائل تركية حكمت بغداد، قره قوينلو حكمت بغداد بين 1375 – 1468 والثانية بين 1468 – 1508. قره قوينلو وآق قوينلو باللغة العربية تعني الخروف الاسود والخروف الابيض.

تولى إسماعيل الصفوي (1501-1524 م) الحكم سنة 1494 م وبسط نفوذه بين سنوات 1499-1501 على شمال بلاد فارس (إيران) حيث قام بطرد القراقويونلو سنة 1507م واستولى على العراق. أقر إسماعيل الصفوي المذهب الشيعي الإثني عشري مذهبا رسميا للدولة وأصبحت الدولة الصفوية الممثلةَ الرسمية للمذهب الشيعي في وجه الدولة العثمانية التي كانت تمثِّل الإسلام السُّني. الصفويين أحيَوْا بعضَ المعتقدات والطقوس الشيعية التي بدأت مع عهد دولة البويهيين الشيعة في بغداد والدولة الفاطمية الشيعية في مصر. مثلاً أمَرَ إسماعيل الصفوي بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الامام الحسين وكذلك صنع التربة الحسينية للسجود والصلاة.

 

الصراع الطائفي بين الصفويين الشيعة والعثمانيين السنة تحول الى صراع سياسي وعسكري بين الدولتين على الزعامة أو المرجعية الإسلامية. إدعى الصفويون بانهم اولى بقيادة المجتمعات الاسلامية وبحسب المذهب الشيعي الذي ينحاز اكثر للامام علي (الرابع من خلفاء الراشدين) الذي ينتمي الى اهل بيت الرسول محمد من خلال زواجه من فاطمة الزهراء بنت الرسول. وبالمقابل طرح العثمانيون انفسهم كأمتداد للخلافة الاسلامية السنية بحسب الأية “وامرهم شورى بينهم”.

يعتبر السنة معنى هذه الاية واضحاً بانه يرفض الزعامة الوراثية العائلية للمجتمعات الاسلامية (من نسل بيت الرسول و من خلال ابنته فاطمة) ويطرحون عوضاً عنها انتخاب الزعامة الاسلامية عن طريق الشورى (معناها قريب من الانتخاب).

استطاع الصفويون من انتزاع العراق من الاحتلال العثماني لبعض الوقت لكن الصفويون مـنِيوا بهزيمة امام العثمانيين في معركة “جالديران” سنة 1514م في عهد السلطان العثماني سليم الاول. وترتب على انتصار العثمانيون السنة أن نهض رؤساء عشائر شمال العراق – وهم من الشافعية السنة – لمساندة العثمانيين. فلم يمض وقت طويل حتى انضمت 25 مدينة للحكم العثماني. فتوسع العثمانيون وضموا إليهم ديار بكر وسائر مدن شمال العراق حتى أصبح الجزء الأكبر من أراضي شمال العراق في يد العثمانيين. توفي سليم الأول سنة (926 هـ = 1520م) وهو في طريقه لغزو إيران مرة أخرى. بعدها انتعشت امال إسماعيل الصفوي في الانتقام من العثمانيين من جديد، لكن إسماعيل الصفوي مات ايضاً متأثرا بالسل وعمره سبعة وثلاثون عاما في 1524م.

بعد موت اسماعيل الصفوي حكم طهماسب الاول الذي نقل العاصمة اى قزوين سنة 1555 بعد سقوط تبريز بيد العثمانيين. الصفويون أعادوا تنظيم صفوفهم أثناء عهد عباس الأول (1587-1629 م) الذي نقل العاصمة الى اصفهان سنة 1593 م. استولى عباس الأول على أذربيجان سنة 1603 م، ثم شيراز، أرمينية وأجزاء من أفغانستان سنة 1608 م. و في سنة 1624 م قام بضم العراق مرة أخرى.

في عهد شاه حسين (1694-1722 م) ضعف اقتصاد الدولة وبدأ الصراع الطائفي مع الطائفة السنية بسبب موقفه المتشدد ضد اهل السنة. في سنة 1719 م بدأ زحف الأفغان السنة في عهد حاكمهم الغلزاي (گلزاي) على الدولة الصفوية الشيعية حيث استولى الافغان على أصفهان سنة 1722 م وقاموا بخلع شاه حسين ثم أعدموه سنة 1726 م. بعدها اصبحت السلطة في بلاد فارس يتقاسمها الزند والأفشريين حتى انتقلت بعدها إلى القاجاريين. انقرضت السلالة الصفوية بموت عباس الثالث.

الدرس العشر والاخير سيكون حول الدولة العثمانية

خاص كلدايا نت

د. عبدالمسيح بويا يلدا / 2.7.13

 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *