حذاري من اليأس

< أستطيع كل شىء فى المسيح الذى يقويني  >

 

أيها المؤمن إحذر اليأسَ بغض النظرعمّا تشعر من ضعفٍ في حالتِك الروحية، ولكي تعلم فإن اليأسَ هو إحدى الحروب التي يشنُّها الشيطان على الإنسان، يهذف منها إضعاف معنوياته، وإبطال جهاده الروحي، ليسهل وقوعُه بين يديه. ولكن إذا كان اليأسُ يستحوذ عليك من نفسك، فاستعِن بنعمة الله ولا تَيأس منها ابداً. فإذا كنتَ تظن بأن عملَكَ لا يوصلك الى التوبة، فثِق بأن عملَ الله من اجلك قد يوصِلك إليها إذا سألتَه!

 

في حياتك الروحية: قد يجرُّكَ الى اليأس ايجادُكَ صعوبة في وصولك الى مثاليات تفوق مستواك، أو أنَّ هناك خطواتٍ واسعة عليك خطوَها لا تتلاءَم مع التدرُّج اللازم لذلك. وعندما تعجزعن إدراك ما تُريدُه، يلعبُ اليأسُ دورَه. ولذلك مِن المُفيد أن تضع لك نظاماً تدرُّجياً يتماشى مع قدرتك  وقابليتك. وبحسب مقدار النعمة التي منحك إياها الله.  وقد لا تعلم بأنَّ الله لا يُطالبك إلا بخطوة واحدة، فإذا خطوتها يقودُك الى ما يتبعها من خطوات …

 

وقد ينتابُك اليأس لأنَّك تشعر بأنَّك غير قادر المثول أمام الله، قبل أن تكون قد أصلحتَ حالتك. ففي هذه الحالة من الأفضل لك أن تقول لله: لستُ بقادرعلى إصلاح ذاتي قبل أن آتي إليك، ولكنني آتيكَ لكي تُصلحني. إذا غالبك شعور بأنَّك لا تُحِبُّ الله، لا تَقُل: إذاً ما الجدوى من كُلِّ أعمالي إذا كنتُ لا أُحِبُّه! لكن، عليك أن تقول: < إن كنتُ لا أُحِبُّ الله. فإنَّ الله يُحِبُّني، وبحُبِّه لي قادرٌ أن يدفعني الى مَحبَّتِه >.

 

إذا كان استخدامُك للوسائل الروحية، لا يُشعرُك بقُربٍ حقيقي مِن الله. لا تقطع الأمل وتيأس. واصل القراءَة الروحية بثبات حتى إن كنت لا تفهمُها، وداوم على الصلاة وإن كانت دون حرارة، ولا تُهمل الإعتراف وإن كان بدون انسحاق. فربَّما مِن أجل ثباتك تُمنَحُ النعمة، فتزوِّدُك بالحرارة والفهم والإنسحاق.

 

إنَّ ثباتك على استخدام الوسائل الروحية، يعمل على جعل الله في فِكركَ ولو بدون توبة، أما إذا استسلمتَ لليأس وهجرتَ هذه الوسائل، ليس بعيداً أن تسوءَ حالتُكَ وتنحدِر بك الى أسفل وتُنسيك الله كُلِّياً. خيرٌ لك أن لا تيأس حتى لو لازمتكَ حالة الضعف إبقَ كما أنت، لئلا يقودُكَ اليأس الى الأسوأ.

 

لا تترك الصلاة إذ بها تشعُر أنَّك لستَ وحيداً، بل مُحاطاً بعنايةٍ إلهية ومراقبةٍ من قوات سماوية وشفاعة القديسين، وبذلك تحصل على هدوء النفس والطُمأنينة. ولا بدَّ أن تثق بأنك في يد الله، ولست في ايدي البشر، ولا رازحاً تحت ثقل التجارب والمِحَن، ولا سطوة الشاطين. فحين يرى الله فيكَ الغيرة والسعيَ والهِمة فبالصلاة تنالها. الله هو الضابط للكُل < لا ينعس ولا ينام > ولا تظن أنَّه بعيدٌ عن مشاكلك ومشاكل كُلِّ إنسان، إنَّه يرقب كُل شيء من أجل حَلِّ معضلاته.

 

الشماس د. كوركيس مردو

في 6/10/2015

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *