جبل قنديل الأشم قِبلة الكورد الأمينة /  محمد مندلاوي

 

إن العلاقة الحميمة التي تربط أولياء أمور العرب السنة بالأتراك الطورانيون وفيما بعد بتركيا التي أصبحت مع بزوغ نجم الخلافة العثمانية قِبلتهم المفضلة, وأخذت هذه العلاقة الخطيرة باستمرار خطاً تصاعدياً بينهم, وليست وليدة الظروف الراهنة التي تلت تحرير العراق من ربقتهم التي دامت لسنوات طوال كما يتصور البعض. لو يلقي الإنسان المتتبع نظرة فاحصة في بواطن كتب التاريخ العربي والإسلامي يرى فيها بكل وضوح, أن بداية تلك العلاقة غير البريئة بينهما تمتد في تعرجات التاريخ إلى سنوات حكم بني أمية, عندما استقدموا زمرة من الأتراك وأشباههم التركمان من موطنهم في (طوران), في آسيا الوسطى, إلى المنطقة التي كانت تخضع لسلطتهم الدينية والدنيوية كغلمان ومرتزقة ليكونوا في خدمة الخليفة والولاة الأمويون, وضد رعاياهم المتذمرون من ظلمهم وحكمهم الجائر. وبعد أن أفل نجم بني أمية, وجاء العباسيون إلى سدة الحكم بمساعدة قائد كوردي اسمه (أبو مسلم الخراساني) وكافئه العباسيون فيما بعد بقطع رأسه وحرضوا شاعرهم أبو دلامة بشتمه وشتم شعبه الكوردي قائلاً: أبا مجرم ما غير الله نعمة … على عبده حتى يغيره العبد… أفي دولة المنصور حاولت غدره … إلا أن أهل الغدر آباؤك الكُرد. لا ندري من الغادر هنا!, وجب على الشاعر أن يهجوه و يشتمه,أهو أبو مسلم الكوردي الذي وطأ المنابر لبني العباس, أم الغادر أبو جعفر المنصور الذي أمر بقتل ضيفه!!. على أية حال هذا ليس موضوعنا الآن. وبعد مقتل أبو مسلم تطورت العلاقة بين بني العباس أنجال وأحفاد ذلك السفاح, والأتراك أحفاد هولاكو باضطراد, بشكل تصاعدي, حتى أيام حكم الخليفة العباسي العاشر ألا وهو المتوكل (822 – 861م) عندما اتفق الأتراك في ليلة ظلماء مع ابنه المنتصر ضد أبيه المتوكل وتآمروا عليه وقتلوه شر قتلة, وكانت هذه الجريمة النكراء بداية النهاية للخلافة العباسية, وبدأ يتضح للعيان دور الأتراك الطورانيون الأكبر والأخطر في بلاد المسلمين, حتى سنحت لهم الفرصة الذهبيةً واستحوذوا على الخلافة الإسلامية نهائياً, ولم يكترثوا بحديث النبي محمد الذي يقول: ” الأئمة مِن قريش” وهذا أن دل على شيء إنما يدل على أن الأتراك اتخذوا الإسلام وسيلة وليس غاية. وما لبثوا حتى نقلوا مركز الخلافة إلى عدة مدن في الأناضول واستقروا في نهاية الأمر في آستانة (اسطنبول) وعندها بدأت رحلة الآلام والعذابات المريرة للشعوب التي وقعت تحت سوط حكمهم الإجرامي. ومن سوء طالع العرب كانوا إحدى هذه الشعوب التي حكمها الأتراك, وهم من أكثر الشعوب الإسلامية التي دق الأتراك في مؤخرتهم الخازوق التركي حتى الموت وعلى نطاق واسع. يظهر جلياً لكل ذي عينين, أن النبي محمد كان يعرف جيداً, بأن هؤلاء الأتراك ليسوا ألا حيوانات شرسة بجلود بشرية, فلذا قال في إحدى أحاديثه الذي نقله مسلم في صحيحه: ” لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون التُرك …” وفق هذا الحديث النبوي, أن كل مسلم وخاصة العربي مأمور بمقاتلة الأتراك الطورانيون. ألا أنه للأسف الشديد, أن العرب السنة كالقط يحب خناقه, رغم جميع الويلات والمآسي التي حلت بهم على أيدي هؤلاء الأتراك الأوباش, تراهم في كل صغيرة وكبيرة ونكاية بالشيعة يهرولوا إلى أنقرة, عاصمة التآمر على العرب والمسلمين, العاصمة التي وقفت دائماً في المربع المعادي للعرب والمسلمين. وأشهر عرب السنة الذي فر هارباً إليها, كان طارق الهاشمي الذي أدين في المحاكم العراقية بعدة جرائم, وقبل هروبه إلى تركيا نزل ضيفاً عند رئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني في مدينة السليمانية, ومن هناك فراً هارباً إلى أنقرة التي احتضنته تشفياً وإغضاباً للعراق الجديد. لكي لا ننسى, قبل طارق الهاشمي كانت العائلة الهاشمية المالكة في العراق وحكومتها العميلة هي الأخرى كانت صنيعة تركية بصبغة بريطانية. وهكذا العائلة المالكة في الأردن, هي الأخرى كانت ولا زالت ترتبط بوشائج وثيقة مع الأتراك الطورانيون. للأسف الشديد لا يزال العرب السنة في العراق يتقاطرون على زيارة الباب العالي, الذي تحول إلى باب أردوغان في أنقرة, ويستفتونه في أمورهم الدينية والدنيوية!!. عجبي, هل نسي هؤلاء العرب, ماذا فعل بهم الأتراك أبان الخلافة العثمانية رغم ولائهم التام لها!. أليس الأتراك من أوائل الذين اعترفوا بدولة إسرائيل؟ ولم يعدوا أنفسهم طرفاً في الصراع الإسلامي اليهودي بسبب وجود أولى القبلتين وثالث الحرمين, الحرم الإبراهيمي, ومسرى النبي محمد حبيب قلوب المسلمين ومهجة صدورهم, وبيت المقدس. تأكيداً على أنهم لا يعدوا أنفسهم جزءاً من العالم الإسلامي, صرح قبل سنوات مضت الناطق الرسمي باسم الحكومة التركية نجاتي أوتكان: ” أن بلاده مستعدة للعب دور الوسيط بين العرب وإسرائيل”. أليس هذا دليلاً دامغاً على أنهم يعدون أنفسهم خارج الصراع المشار إليه؟, ويقفون مع الجانب غير العربي الإسلامي, أضف له, أنهم يرتبطون منذ عقود طويلة مع دولة إسرائيل بعشرات الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية والأمنية وجميعها ضد شعوب المنطقة وعلى رأسها الشعبين العربي والكوردي؟. وعلى مستوى الإعلام بكل وسائله المختلفة, وبالخصوص المرئية منه التي تهكم السيد حسن نصر الله باسم إحداها عندما قدم حرف الباء فيه على الراء وسماها الـ ع ب ر ي ة؟. إن إحدى الإعلاميات التي تعمل في هذه القناة الإخبارية والتي تكشف عن صدرها للمشاهدين, وتجري كل فصل من فصول السنة عملية تجميل لعضو من أعضائها العلوية… أو ترفع خديها وتكبرهما أو تنفخ شفتيها بالبوتكس, كأنها أرتيست تعمل في نادي ليلي وليس في قناة إخبارية! هذه الإعلامية…, لديها برنامج شبه يومي في القناة المذكورة وتستضيف فيه باستمرار أصنافاً من الأتراك الطورانيون وتطلق لهم العنان كي يسرحون ويمرحون في هذه الحظيرة المتسخة دون حسيب أو رقيب, وعندما يحبك هؤلاء المدلسون على الطريقة التركية جملة من الأكاذيب الرخيصة القصد منها النيل من القامة الكوردية ومن حركته التحررية بقيادة حزب العمال الكوردستاني المناضل, ترسم الإعلامية المذكورة على وجهها ابتسامة صفراء ميتة, ولم ترد على ضيفها, كما تفعل مع ضيوفها الآخرين عندما يقولوا كلاماً يمسوا فيه الشخصية العربية!! أليست هذه هي العنصرية؟. بما أن المستهدف هو الشعب الكوردي وليس العربي تصمت دون رد أو توضيح منها كما يجب!. نتساءل, أين شرف المهنة؟. من القنوات العربية الأخرى التي تبث من لندن, قناة ظاهرها مدني وباطنها إسلامي اسمها الـ ح و ا ر, ونحن هنا على طريقة السيد نضيف نقطة على حرف الحاء الذي جاء في اسم القناة؟.  استحدث في هذه القناة مؤخراً برنامجاً باسم “أوراق تركية” استضاف المحاور في أول حلقة له شخصين, أحدهما تركي طوراني عنصري وطائفي حتى النخاع, لا يستحق حتى أن نذكر اسمه ولقبه التركي القبيح, لأنه صغير وصغير جداً كسيده أردوغان. كالعادة, أن مقدم البرنامج من أولئك الذين لا يعرف الحق ولا أخوه, فلذا أرخى الحبل للمخلوق التركي وتركه يقول كيفما ما يشاء عن الكورد وحزبهم الطليعي الـ ” “P K K, لم يقل مثله مالك في الخمر, حتى وصلت به الصلافة والوقاحة, أنه اتهم حزب العمال الكوردستاني بتجارة المخدرات, بينما السائد في العالم ونشرته كبريات الصحافة العالمية, أن رؤساء وزارات الكيان التركي اللقيط, هم المتهمون بتجارة المخدرات, وآخرهم ولي نعمة المتحدث التركي, وهو رجب طيب أردوغان. حقاً لم يكذب المثل القائل “ضربني وبكى سبقني واشتكى”. لماذا لم يقل هذا المخلوق التركي عن ما يحدث في جمهورية تركيا الطورانية من عمليات تهريب للمخدرات من قبل أولئك الذين يتبوأون المناصب العليا في الكيان التركي المتهرئ. ليعلم القارئ الكريم, قبل مدة ليست ببعيدة نشرت صحيفة العرب اللندنية نقلاً عن تقارير تركية, “أن دائرة الفساد التي تلاحق أردوغان آخذة في الاتساع بعد ظهور ملفات جديدة تتهم أردوغان ورجاله بالاتجار بالأسلحة والمخدرات,الخ”. هذا هو رئيس هذا الطوراني المتدعش, متهم بتجارة الأسلحة والمخدرات. بخلافه يحاول هذا التركي العاق, أن يدنس اسم الكورد الطاهر؟. لماذا يحاول أن يلصقها بمن حذائه أطهر منه ومن جميع أولئك الذين تولوا الحكم في الكيان التركي اللقيط, منذ أن أنشئ وإلى الآن؟. لماذا لم يتحدث عن قتل القرويين الكورد على أيدي الجندرمة التركية المجرمة؟. لماذا لم يسأله المحاور عن الجرائم التي يرتكبها الجيش التركي الباغي في المدن الكوردية في شمال كوردستان, والتي راح ضحيتها المئات من المواطنين الكورد العزل؟. لماذا لم يسأله المحاور عن قصف الطيران التركي لمقبرة الشهداء, أين حرمة الميت التي أوصى بها الإسلام؟!. لماذا لم يسأله مقدم البرنامج عن تدمير الطيران التركي لمساجد المسلمين الكورد في كوردستان!!!. لماذا لم يسأله المحاور, عن دعم تركيا اللامحدود وأردوغان شخصياً لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة؟ّ. ليعلم هؤلاء الأوباش ومن يقف ورائهم, أن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم.   

  محمد مندلاوي

25 09 2015

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *