تهنئة من القلب للمرأة الكوردية في عيدها الأغر / محمد مندلاوي

 

في الثامن من آذار من كل عام, تحل علينا مناسبة سعيدة وعزيزة على قلب كل إنسان يؤمن بالمساواة بين الجنسين اللذان يشاركان منذ عصور سحيقة جنباً إلى جنب في بناء صرح الحضارة البشرية. إلا أن هنالك بعض المجتمعات المتخلفة, وعلى وجه الخصوص على جانبي الخليج الفارسي أو العربي كما يحلو للبعض تسميته, لازالت هذه المجتمعات الذكورية تتعامل مع المرأة بقوانين القرون الوسطى, وتتحكم في كل تفاصيل حياتها اليومية, وتفرض عليها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها زياً ولوناً معيناً, لا يسمح لها بتجاوزه. بل في إحدى الدول الخليجية, يقال والعهدة على القائل, أن ملكها كانت له ثلاث عشرة زوجة, وهذا العدد – 13- حسب النص القرآني الذي منح الرجل مشروعية الزواج في آن واحد من اربع نساء فقط, يكون خلاف العقيدة الإسلامية, إلا أن ذلك المجتمع المنافق الاستهلاكي, لم يعترض على ملكه بارتكابه الصريح مخالفة شرعية واضحة للعقيدة؟!. بينما يرى العالم يومياً كيف أن هذا المجتمع غير المتحضر, يشاكس المرأة التي هي حصن العائلة الحصين ورمز استمرارية الحياة بأدق تفاصيلها الجميلة في التمتع بأبسط حق من حقوقها كإنسان, حين لا يسمح لها بقيادة سيارة إلى مقر عملها وإن كانت تحمل أعلى شهادة أكاديمية أو تتقلد أعلى منصب إداري في الدولة!. وفي حالة مراجعتها للدوائر الحكومية لتجديد جواز سفرها, يجب عليها إحضار ولي أمرها!. وفي الثمانينات القرن الماضي, قام نظام حزب البعث العروبي في العراق, بإصدار وابل من القرارات والقوانين الرجعية, كان من ضمنها قراراً رجعياً يعيد المرأة إلى الزمن العثماني البائد, حين قرر بموجبه منع المرأة من السفر إلى خارج العراق بدون محرم!. وبعد تحرير العراق من براثن حزب البعث المجرم, فرض النظام الجديد ذات النفس الطائفي على المرأة العراقية بشكل وآخر الحجاب الذي بات يرمز للانتماء إلى جهة سياسية. إلا أن المرأة الكوردية في إقليم كوردستان, لم تستسلم لإرادة أولئك الذين يوحي لك مظهرهم الخارجي بأنهم كورداً, إلا أن مكنوناتهم الداخلية التي تحمل في ثناياها أفكاراً هدامة غير ذلك, ويريدون حجرها بين أربعة جدران وإبعادها من المشاركة الفعالة مع نظيرها الرجل في مفردات الحياة, لكن المرأة الكوردية المتحررة من قيود الذل والعبودية حطمت بعزيمتها الفولاذية طوق التخلف الذي حاول كورد الجنسية وضعه حول عنقها, واقتحمت بكل جدارة واقتدار ميادين العمل السياسي والأكاديمي والحرفي, وأثبتت للعالم أجمع إنها إن لم تكن أفضل وأقدر من الرجل ليست أقل شأناً منه. إن المرأة الكوردية حالها حال نظيرها الرجل, تكافح و تناضل ليل نهار, بلا كلل أو ملل على الساحة الكوردستانية والعراقية وسجلت لنفسها في سجل الشرف وفي ضمير شعبها الكوردي تاريخاً مشرفاً لا يمحى من الوجود أبد الدهر. أما في الجانب الآخر من الحدود المصطنعة, في غربي كوردستان, ساوت الفتاة الكوردية نفسها مع الرجل, من خلال إثبات قدراتها الأسطورية التي فاقت قدرات وتحمل الرجل في ساحات القتال الشرس, الذي فرض على الشعب الكوردي في غربي و جنوبي كوردستان من قبل أولئك الغرباء القتلة القادمون من جهات العالم الأربع لاضطهاد الشعب الكوردي واحتلال وطنه كوردستان. وفي مثل هذا اليوم المشهود, نهنئ أيضاً المرأة الكوردية الباسلة في شمالي وشرقي كوردستان, التي صنعت تاريخاً مشرفاً لأمتها الكوردية, حين وقفت كالطود الشامخ والسد المنيع بوجه الأوباش بكل صلابة, وتحملت المشاق وقارعت الظلم والطغيان والاحتلال البغيض بكل أشكاله وصنوفه ومسمياته, وهي التي تخلت بمحض ارادتها الحرة عن جميع ضروريات الحياة و ملذاتها وما تحتاجها الجنس اللطيف من المستلزمات اليومية, وحملت مع أخيها الرجل سلاح الشرف والكرامة, لتحرير وطنها المحتل, وتأسيس الدولة الديموقراطية الكوردستانية, إسوة بدول العالم الحر. ونحن هنا, بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا, شيباً وشباباً, نبارك للمرأة الكوردية عيدها الأغر, ونتمنى لها من صميم الفؤاد, مزيداً من النجاح والتفوق والعزة والرفعة والسؤدد في جميع ميادين الحياة .

 

الأم مدرسة إذا أعددتها … أعددت شعباً طيب الأعراق                                        الأم روض إن تعهده الحيا …  بالريّ أورق أيما إيراق

 

(من قصيدة “العلم والأخلاق” لحافظ إبراهيم)


محمد مندلاوي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *