تهـذيـب وصياغة نـصوص الكـتاب المقـدس تخـدم المؤمنين  / الحـلـقة الـثالـثة 

مقـدمة : الـپاپا بـيـنـدكـتـس السادس عـشر والعـلمانيـيـن

يسرني أن أذكــّـر من يهـمه الأمر ، برسالة قـداسة الـپاپا بـيـنـدكـتـس السادس عـشر الـتي بعـثها بتأريخ 22 آب 2012 إلى المنـتـدى العام للحـركةالكاثوليكـية في رومانيا يوضح فـيها :

أنَّ العـلمانيـين مسؤولون أيضاً عـن كـيان الكـنيسة وعـملها … ودعا الـپاپا إلى ” تغـيـير الـنظرة ” وخـصوصاً فـيما يخـصّ دَور العـلمانيـين والذينيجـب ( إعـتبارهم أشخاصاً مسؤولين فـعـلياً عـن كـيان وعـمل الكـنيسة وليس مجـرّد معاونين للإكـليروس ) … وقال قـداسـته : ” إنّ العـلمانيـينمدعـوّون للعـمل بروح إتحاد مع خـليفة پـطرس ” وليكـونوا مسؤولين ناشطين مع الكهنة … مضيفاً : ولكي تكـون المشاركة في المسؤولية ممكـنة ، يجـب الإعـتراف بعـلمانية ناضجة وملتـزمة وقادرة عـلى المساهـمة في المهـمّة الكـنسية مع إحـترام مهام وواجـبات كـلّ من الأفـراد في الحـياةالكـنسية والبقاء عـلى إتحاد ودّي دائم مع الكهـنة ..وأضاف الـپاپا : أنّه إذا كان عـلى العلمانيـين ــ المضي في درب القـداسة هـذا ــ فهم ليسوابمفـردهم إنّما يرافـقهم الكهـنة والمسؤولون القادرون عـلى تعـليم المشاركة في المسؤولية الكـنيسة والإجـتماعـية … مستـشهـِداً عـلى قـوله هـذابالدستور العـقائـدي ” نور الأمم ” بأنّ العلاقة بين العـلمانيـين والكهنة يجـب أن تكـون ( عائلية ) .

كما شجّعهم عـلى ” تحـسين جـوانب دعـوتهم كعـلمانيـين عـلى الدوام بطريقة جـدية ويومية ، ودعاهم ليكـونوا شهوداً شجعاناً وموثوقـين أينما كانوافي المجـتمع  ” .

وأفاد البابا أنّ الإنجـيل بالنسبة إليهم هـو ” نور يعـود بالرجاء في أوقات المحـن والصعـوبات والظلمة ” التي تواكـب عالم اليوم ، لذلك يحـثّهمليكـونوا في داخـل العالم ( مخـتبر عـولمة للتضامن والمحـبّة ) وليتحـلّوا بالشجاعة لتحـقـيق المقـترحات المتطلّبة بهدف النمو مع الكـنيسةومشاركـتها مسؤولية تقـديم مستـقـبل للبشرية يملأه الأمل .

وإستـناداً إلى تـوصية حـبرنا الأعـظم الـپاپا بيـنـدكـتس السادس عـشر (( الرئيس المنظـور للكـنيسة الـكاثـوليكـية في العالم )) عـلينا نحـنالعـلمانيّـين أن نكـون فـعالين في الكـنيسة والمجـتـمع خلال أنـشطتها كافة ورسلاً لبشارة الرب الخلاصية في كـل مكان .

********************  

قـبل ظهـور الكـتاب المترجَـم إلى اللغة الكلـدانية المحـكـية السائـدة ( سْـوادايا ) ! كانت :

1ـ  كـنائس الـبـلـدات تعـتمـد عـلى النسخة باللغة الكلـدانية الفـصحى ( ﮔــُـشـْـما ) وعـنـد قـراءتها في الـقـداس تـُـتـرجَـم مباشرة إلى اللهجة الكلـدانية المحـكـية حـيث الشمامسة والكهـنة متمكـنـون منها .

2ـ  أما كـنائس المدن كان يُـعـتمد فـيها ــ غالـباً ــ عـلى النـسخة باللغة العـربـية وتـقـرأ كما هي ، أو تـُـتـرجَـم ــ آنياً ــ إلى اللهجة الكـلـدانية المحـكـية كما كـنتُ أفـعـل في بغـداد واليونان . 

إن موضوعـنا في هـذه السلسلة من المقالات هـو كـتاب ( رسائل وقـراءات ) الـذي في كـنيستـنا / سـدني والمعـتـمَـد عـليه منـذ سنين ( لا أعـرف مترجـمه ) ، إلاّ أنّه قـبل سنـوات قـليلة أعـيـدت طباعـته مجـدداً وهـو المُـستخـدم اليوم ! … و( كما في السابق كـذلك عـلى اللاحـق )جاءت بعـض نـصوصه مموّهة فـصار بحاجة إلى إعادة صياغـتها وطباعـتها من أجل إيضاحها لأن صورتها الحالية لا تـفـيـد الحاضرين في الـقـداس ، أما أسباب غـموضها فـقـد ذكـرتُ بعـضها في الحـلقة السابقة ، وهـذه أخـرى :   

أولاً : فـيه كـلمات بلهجة محـلية ضيقة .

ثانياً : أثـناء إعادة طباعة الكـتاب بالحـروف الكـلـدانية ، يقـفـز أصبع الطبّاع سهـواً إلى حـرف مجاور للحـرف المطلـوب أو إلى غـير حـركـته ، ولم ينـتبه ! فـتـظهـر كـلمة جـديـدة ويضيع المعـنى ……..

ثالـثا : لا يوجـد حـرف (خ) بـين حـروف لغـتـنا الكـلـدانية ، فـما الحـل عـنـد الحاجة إلـيه ؟ إما سيخـتار (ح) مع خـط قـصير فـوقه فـيُعـتـبر  خ … أو يخـتار (ك) مع نـقـطة تحـته فـتـقـرأ  خ …

إنّ الكلمة المترجَمة هي التي تـتحـكم في إخـتـيار أحـد الحـرفـين ! مع نباهة المترجِم وحِـرص الطبّاع بالحـروف الكـلدانية ! …………كأن يكـتب : ( خِـمـيانا= أبـو الزوجة   أو   كــَـوِخْـوا = كـوكـب)

فـمثلاً عـنـد كـتابة ( خِـميانا ) بحـروف كلـدانية = معـناها بالعـربي ( حَـما ) أبو الزوجة ! هـل يخـتار الحـرف (ح    وخـط فـوقه …  أم … ك    مع نـقـطة تحـته) ؟ … الجـواب المنـطقي هـو أنْ يخـتار الحـرف الكـلـداني ( ح ) ، لماذا ؟ لأن خِـميانا = حَـما = أبـو الزوجة … من حِـماية يحـمي حُـماة … فالحـرف ح هـنا أقـرب إلى خ ! حـتى إذا نـقـرأها ( حِـميانا ) إفـتـراضاً !! … لكـن الملاحَـظ في كـتاب الكـنيسة المشار إليه ، قـد إستخـدم حـرف ( ك ) معـتـبراً إياه (خ) في كـلمة ــ خِـميانا ــ  …. فأصبح شكـلها ( كِـميانا ) مما يـوهم القارىء .

رابعا : في يوم ما ! قـرأ أحـدهم رسالة ﭘـولس الرسـول في الـقـداس ، وحـين وصل إلى كـلمة يدل معـناها عـلى ( كلام شـرف أو وعـد ) .. تـوهّـم القارىء وقـرأها بحـركة خـطأ ! فـتغـيّـر ــ لـفـظها ــ وإنـقـلب معـناها وصارت سؤالاً ( لا علاقة له بالوعـد ، ولا بكلام شـرف ) ! وبالتالي لم يستـفـد منه الحاضرون  .

وبعـد الـقـداس ذكــّـرتُ بها الكاهـن المحـتـفِـل ، فأكـد أنه سمعها وهي خـطأ فعـلاً ! وخلاّها سكـتة !! … طيب يا أخي الكاهـن كان الأفـضل أنْ تـنبّه إليها قارئها بعـد الـقـداس كي يستـفـيـد ، أما إذا تـقـول ( مشّي !) فهـذا يعـني أنـك مسامح أو ربما غـير مهـتم ، والإحـتمالان مقـبـولان بشرط أن ( تـمَـشّي ) غـيرها التي جاءت بعـدها ، لا أنْ تـفـرض نـفـسك فـيها ! ولكـن ــ كـياسة ولباقة ــ تـطـلـّـب الموقـف في حـينها أن يكـون أفـضل رد عـليك هـو ( عـفا الله عـما سـلـف ) … إذن إنـسَ الموضوع ، فهاذي تـصير بأرقى العـوائل .

كل تلك الأخـطاء هي نـتيجة عـدم مراجـعة أو تـنـقـيح الكـتاب بعـد طباعة المسـوّدة ، مع غـياب عـبارة ــ بإذن الرؤساء ــ التي كانت مألـوفة في الكـتب الكـنسية سابقاً …. والتي جعـلـتْ القـراءة متعـثـرة بعـض الشيء فـتـصل مبهمة إلى السامع …. 

وللمقارنة : هـناك قارىء يجـذب الإنـتباه فـيجـعـل الآذان تـصغي إليه ، ويُـشهَـد له بأنه ( يجـسّـد قـراءته بـنبرات صوتية متباينة تـناسب الموقـف ، يجعـل المستمع كأنه في الصورة ) …..

أما بعـض الحـناجـر ! فحـين تـهـتـز أوتارها ، تبـدو كأنّ الـرمل يتـناثـر منها ويتـطاير الصدأ عـنها ، لكـن فـُـرَصَها المتاحة لها للـوقـوف أمام المايكـروفـون أوفـر من غـيرها … فهـنيئاً للخـبراء واضعي الجـداول الأسبوعـية ، فـكلـنا سنـصل يوماً إلى خـطوط الحـياة الـنهائية ، حـيث لا ينـفع مال ولا بنـون ، ويتلاشى الحـقـد المدفـون . 

إضافة : لكي تكـون القـراءة ممتعة ومُجـدية في أذن السامع ، يُـفـتـرض أنْ تـتميّـز بنبرات صوتية متغـيـرة بما يناسب الـمشهـد الـذي يـمثـله الـنـص ، كأنْ يكـون سؤالاً ، جـواباً ، إنـدهاشاً ، أمراً ، خـبَـراً …… وليس بـوتيرة واحـدة وطبقة ثابتة كما يقـرأ الكـثيرون ! . 

إن هـذه السلسلة من المقالات بشأن إعادة صياغة النـصوص وما ورد فـيها من أفكار ، جاءت بعـد مبادرات شخـصية ــ محـددة ــ في إعادة تـنـقـيح أو صياغة الرسالة أو قـريانا من أجـل فائـدة المؤمنين الحاضرين كـلما يصادف الواجـب بمعـدل مرة كل أربع أسابـيع ، وذلك بأسلـوب مهـذب وبليغ مع الحـفاظ عـلى نصوصها ومضمونها وتسلسل فـقـراتها (( إنه مجـرد إعادة صياغة وليس تألـيـفاً جـديـداً )) .

إنّ الـدقة في العـمل والحِـرص عـلى الـواجـب والكـفاءة في الإنجاز ! جعـل البُخـل يتلألأ في عـيـون الغـيـورين ، ليس لأن أحـداً يزاحـمهم ، بل لأنهم يعجـزون عـن الإتيان بالمثل ، ولا نستغـرب ذلك عـنـد الفارغـين …

ولكـنـنا نستغـرب من المرجَع حـين يوصي ( دون فحـص أو بـيان السبب ) بالقـراءة من الـ كـتاب حـصرياً عـلى علاته …  

إذن ما العـمل ؟ …. العـمل ، يُـفـتـرض بـمـديـر الكـنيسة إبتـداءاً من الـقـس حـتى الـﭘاﭘا :

(1)

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *