تعـقـيبٌ عـلى مقال الأخ زيـد تعـقـيـباً عـلى نـداء غـبطة الـﭘطريرك

كـتب الأخ زيـد مقالاً بـدأه بالعـبارة الأولى الـتي كـتبها غـبطة الـﭘاطريرك مار لـويس روفائيل الأول ساكـو في نـدائه للكـهـنة (( لـقـد طـفح الكـيل ….. )) ورغـم أن هـذه العـبارة إنـفـعالية أنْ تأتي في مطلع المقال ، إلاّ أنَّ الحـقـيقة هي أن الكـيل طافح منـذ زمن ليس بالقـصير بل ولكي أكـون دقـيقاً بعـض الشيء أقـول منـذ عـهـد ــ ما بعـد شـيخـو ــ ولكي أكـون منـصفاً أكـثر فـقـد كان هـناك في ذلك الزمن مَن لم يكـن راضياً عـن شـيخـو أيضاً ! ليس إلاّ لكـونه ملـتـزماً كـلاسيكـياً أصيلاً ، وأعـتـقـد أن هـذه الكـلمات الثلاث تكـفي للـتعـبـير عـمّا أريـد قـوله .

وقـبل أيام كـتب الأخ د. صباح قـيا من كـنـدا مقالاً بعـنـوان ــ رسالتي الأولى الى راعي الكنيسة الكلدانية ــ يتساءل فـيه لماذا لا تحـذو كـنيستـنا الكـلـدانية حـذوَ الكـنائس اللاتينية في الـنـظـر إلى الرعـية ( كـمحـور ) ؟ وفي مقال سابق لي أستـفـسَرتُ فـيه من سادتـنا المطارنة الكـلـدان : هـل أن الكـنيسة هي أنـتم الإكـليروس كـهـنة الهـيكـل أم نحـن المؤمنون العـلمانيّـون الرعـية ؟ فـتجـنـبوا الإجابة إبتعاداً عـن الأخـذ والرد .

ومع مقال زيـد ، يتساءل مَن عـسى أنْ تكـون الكـنيسة في قـول المسيح حـين يقـول : لـن تـقـوى عـليها أبواب الجـحـيم ….. هـل هي نحـن العـلمانيّـون أم جـدرانها ؟ ولكـني أقـول لـزيـد : عـن أية جـدران تـتـكـلم ! ألم يقـل المسيح أن بإمكانه أن يهـدم الهـيكـل ويعـيد بناءه خلال ثلاثة أيام ؟ فـهـل للجـدران أهـمية في نـظـر المسيح ؟ ثم لـنذهـب أعـمقاً بعـض الشيء ، المقـصود بالهـيكـل ـ الجـسـد ـ فـسيّان ، أليس الجـسـد ضعـيفاً وفانياً وقـد يُـحـرق ، ولكـن هـناك روح الإنسان الـذي يحـمل الإيمان ، وهـو الـذي يـبقى حـياً ، فالكـنيسة حـية بإيمان الرعـية لا بجـدرانها .

لا نستـغـرب أن الإكـليروس عَـبر ألفـين من السنين كانـوا ولا يزالـون نماذج لـتلامـيـذ المسيح ، فـمنهم مَن ينـكـر وآخـر يشـك وثالث يخـون وبعـضهم يـبحـث عـن منصب من جهة اليمين أو اليسار وآخـرون يحـضرون بـين الـناس كـعـدد مضاف فـقـط ، وللإنـصاف نرى الـبعـض والـذين مع كـل الأسف يُـنـظــَـر إليهم كـمنـبوذين !! أقـول عـن هـؤلاء الـبعـض فـيهم روح الـتـقـوى وهـم جـنود مجهـولون من النوع الـذي قال عـنهم الرب يـدخـلون إلى مخـدعـهم ويقـفـلون الباب ويصلون ولا ينـتـظـرون أجـراً من الـناس .

في مواقـف كـثيرة أكـد المسيح عـلى الرعـية : دعـوا الأطـفال يأتون إلي ، الخـروف الضائع ، العـدوّ الزارع ليلاً ، تلمـذوا جـميع الأمم …. إنـنا بهـذا الكلام لسـنا نـلغي دَور القادة أو الرعاة ولكـنـنا نؤكـد عـلى نـداء الـﭘاطريرك فـنـنـتـقـد رجال الـدين الـذين يجـعـلون من أنـفـسهم هم المحـور والـناس تـدور حـولهم ، في حـين أتى المسيح ليخـلص العالم .

نحـن العـلمانيون نـتابع ونهـتم بما يقـوله ﭘاﭘا الـﭬاتيكان والـﭘاطريرك أكـثر من إهـتمام كـثير من رجال الـدين الـذين بعـضاً منهم يسمع ولا يقـتـنع وآخـرون ( يـثـولـوها ) لأنهم يرَون في أنـفـسهم أباطرة في كـنائسهم .

لـنرى هـذه الأمثـلة :

قـبل أكـثر من 15 سـنة زار رجـل وإمرأته كاهـناً في دولة ما ، فأراد أن يتـفاخـر أمامهما بـداره الشخـصية مُـلك صِرف والتي لا يقـبل أن يقـترب منها إلاّ القـليلين ، فـصار يُـريهم غـرف الـدار وملحـقاتها ومن بـينها حـمّامه الـغـريب حـيث فـتحات التيارات المائية المتـدفـقة بقـوة شـديـدة من جـدرانه والتي تعـمل بمثابة دلك طـبـيعي للجـسم حـين يقـف أمامها أثـناء الإستحـمام ، فـسألتْ المرأة الكاهـنَ : لمَ هـذا الـبـذخ يا أبونا وأنت رجـل الله ؟ فأجاب : ولماذا الـﭘاﭘا عـنده مثل هـذا الحـمام ؟؟

فـماذا يقـول ذلك الكاهـن عـن ﭘاﭘا الـﭬاتيكان الحالي الـذي يرضى بسيارة بسيطة للتـنـقـل ؟ هـل سـيـبـيع سـيارته الفـخـمة إقـتـداءاً بالـﭘاﭘا ؟ إن رجـل الـدين ــ إنْ أراد له قـدوة ــ كي يتـشـبَّه بها ، لا يتخـذ من المطران الفلاني أو الـﭘاطريرك أو الـﭘاﭘا أو الكاهـن في الكـنيسة الأخـرى قـدوة له ، لماذا ؟ لأن جـميعهم ( إنْ أرادوا ) لهم قـدوة واحـد وهـو المسيح ، فـلماذا التـشبث بآخـرين ؟

وهـكـذا قـبل أكـثر من عـشر سنين سُـئِـل شخـص هـل تـدفع إشتراكات للكـنيسة ؟ قال : حـين أمتـلك سـيارة كـتـلك التي عـنـد كاهـن كـنيستـنا عـنـدئـذٍ سـيكـون بإمكاني أن أشـترك …. فـقالوا له : لا تـقـل ذلك لأن هـذا الكاهـن ليس هـو الـوحـيـد الـذي يمتلك مثـلها . طيـب نحـن الـيوم نـقـول لأولئك الـذين إنـتـقـدوا رأي الشخـص ونـقـولها للـكاهـن نـفـسه : ما هـو رأيكم بالـﭘاﭘا الحالي المتـواضع جـداً ونـدائه لرجال الـدين أن لا يمتـلكـوا سـيارات فارهة ؟

يقـول الأخ زيـد أن الكـنائس الأخـرة تجـذب البعـض إليها بـواسطة (( الإهـتمام ، إبتسامة طيـبة ، السؤال الدائم ، إستـفـقادهم متى غابوا، تشجـيعهم عـلى إبداء رأيهم ، إعـطائهم الثقة بإيمانهم ، التحـدّث معهم بشكل دائم عـن الكـتاب المقدس والمسيح والثالوث ، كل تلك الأمور البسيطة يحـتاجها المؤمنون في كـنائسهم )) هـذا كـله صحـيح لأن عـلمانيّـينا هم مؤمنون تـقـلـيديون لا يعـرفـون من الـدين شيئاً سوى القـول بأنـنا مؤمنون ، وهـناك بعـض منهم يتجـنبون الإستـفـسار من كـهـنـتـنا عـن الإيمان واللاهـوت وأمور أخـرى دينية خـوفاً من إتهامهم فـوراً بالإلحاد أو التمرد عـلى الإكـليروس أو معاداة الكـنيسة أو ما شابه ذلك ، في حـين أن الحـقـيقة هي أن الكاهـن ليست لـديه إجابة مقـنعة فـيغـطيها بـذلك الإتهام ، وبكـل إخـتـصار فإن أغـلب الكـهـنة صاروا في نـظر أنـفـسهم موظـفـين لا أكـثر . وأخـيراً فـفي سنة من السنين خـطـب الكاهـن وسط الناس بعـد قـراءة الإنجـيل ، طبعاً نحـن نسمعه وقال : نحـن نكـتـفي بالتسعة والتسعـين خـروفاً ولا نبحـث عـن الخـروف المائة الضائع ، وأضاف : إن ما هـو حلال لكم يكـون حلال لـنا ، وكـل ما هـو حـرام عـلينا هـو حـرام عـليكم . فأي أب روحي هـذا ؟

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *