بين بغداد واربيل

التجربة الكوردستانية فرضت حضورها في العراق، ولا يمكن عقد مقارنات بين إقليم كوردستان وأي مدينة عراقية، وتلك التجربة لم تشيّد بالشعارات ، إنما بآليات حكمٍ وإجراءات وأنظمة وقوانين، مختلفة تماماً عما هي عليه في أجزاء العراق الأخرى. وقد شاهدناها يوم احتفالات رأس السنة الميلادية على الفضائيات، عندما كانت الفضائية الشرقية تنقل مقاطع من احتفالات اربيل بهذا اليوم ، وبالمقابل تعرض مآسي بغداد العاصمة من انقطاع التيار الكهربائي الى فيضانات المياه الاسنة الطافحة داخل الدور والمنازل مهددة بكارثة صحية بين اهالي بغداد ، وربما كان تصرف القوات الامنية بمنع تصوير الشرقية لتلك اللقطات شيء من الصح، باحد الجوانب، الذي هو فضح الفساد والتقصير والتخلف الذي وصل اليه العراقيون امام العالم ،ما جعل احدنا يشعر بالخجل عندما يسأل عن مسقط رأسه وهو مهاجر الى دولة اجنبية ، او عندما يحاول التعرف الى صديق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ، لكن منع القوات الامنية للتصوير من الجوانب الاخرى جميعها كان خطأ فادح، فعلى القوات الامنية ان تؤمن بالديمقراطية وان تؤمن بحرية التعبير وان تؤمن بأن الشعب يستحق ان يعيش بحرية ، ولا تمنع أي تعبير عن الرأي او فضح أي فساد موجود ، فالعراق اصبح بسبب التجاذبات السياسية والفساد المستشري والازمات المتكررة وسوء الخدمات ووووو ، بؤرة للعصابات ومركز لتصدير الفساد الى العالم ، ووصل به الحال ان يطلق على بغداد اسوأ مدينة في العالم يعيشها سكان ، ” حسب استطلاع مجموعة ميرسر للاستشارات التي ذكرت : “أن الاضطرابات السياسية وسوء إجراءات تنفيذ القانون في العاصمة العراقية والهجمات على سكان المدينة وزوارها الأجانب تجعل بغداد أسوأ مكان يمكن العيش فيه في العالم لسنة 2012 سواء من ناحية نوعية الحياة أو الأمن. حيث لا تزال نقاط التفتيش الأمنية وكتل الخرسانة والأسلاك الشائكة تقيد الحركة في شوارع بغداد بعد تسع سنوات من سقوط نظام الحكم السابق، فيما تشير تقارير إلى أن غالبية العراقيين لا يحصلون على الكهرباء سوى ست ساعات يوميا في المتوسط، وبحسب بيانات رسمية عراقية فان العراقيين الذين يحصلون على مياه نظيفة لا يزيدون على ثلث السكان فيما لا تتجاوز نسبة الذين ربطت مساكنهم بشبكة الصرف الصحي 19 في المئة” ( انتهى ).

نعم انها حقائق يعيشها اغلب العراقيين ( اولاد الخايبة ) ، راضخين لها قابلين صامتين من هذا الجانب، كون ما موجود هو اكبر واعظم من ضعف الخدمات التي بات العراقيون يطلقون عليها كماليات ، فالمظاهرات الاخيرة في بعض المحافظات العراقية عزفت عن ذكر الخدمات وجعلت مطالبها تنحصر في حفظ كرامة العراقيين وشرفهم وعزتهم ، التي من المؤكد هي اهم من الخدمات والكهرباء واي شيء اخر ، فأقتصرت المطاليب بمنع اغتصاب النساء بالسجون والغاء القوانين الجائرة والظالمة التي تهدد كل عراقي اذا تحدث بما لايرضي المسؤولين احيانا، مثل المادة اربعة ارهاب والمسائلة والعدالة، والمساواة بين الذاهب والطوائف والمكونات العراقية ، وقوانين اخرى تهين كرامة العراقيين.

في الختام لا يسعنا الا ان نقول “حسبنا الله ونعم الوكيل ” لايستقيم العود اذا كان الاساس اعوج ” لنا الله سبحانه وتعالى عسى ان يلين القلوب الغليظة ، كي تهتم الحكومة بالشعب وتنظر اليه نظرة اب الى ابنائه ، وتبتعد عن تسيير امور البلد بمستشارين من خارج البلد، لايهمهم سوى مصالح بلدانهم الاقتصادية والسياسية. والله من وراء القصد

 بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *