بقي العراق طفلاً منغولياً ولا زال

ان تتبعنا مراحل تطور الانسان من الولادة – الطفولة – الصبوة – المراهقة والشباب – النضوج – البلوغ نجد ان الانسانية ايضاً ولدت من مابين النهرين/العراق والجزيرة السورية الى التقاء الانهر الاربعة في شط العرب/البصرة “طبعا لم يبقى سوى نهرين هما دجلة والفرات، وهذان النهران مصابان بمرض التعدي والاعتداء من الجيران، اذن ام البشرية هي شرقنا

عليه ولادة البشرية وحضارتها كانت من هنا، وعاشت صبوتها ومراهقتها هنا ايضاً، ولكن شبابها انتقل الى اليونان وفلاسفتها! هذا الاشعاع الفكري للثلاثي (سقراط وافلاطون وارسطو) ومن جاء بعدهما، كان له تأثير على العالم اجمع من ضمنها منطقتنا وشرقنا الاوسط، ولكن بقينا منذ القرون الخمسة الاولى قبل الميلاد ولحد اليوم نعيش مرض الطفولة المنغولي، لا ننكر فلاسفتنا ومفكرينا وعلمائنا وبدايات معظم العلوم والقوانين مَرًت من هنا! وبقي طفلنا كما هو مراهق لا يقبلوا ان ينمو ويتطور وينتقل الى مرحلة اخرى لانهم وضعوا على عينيه نظارات سميكة بحيث لا يرى الا ما يريدون له ان يراه! ووضعوا على اذنه سماعات خاصة لا يسمع الا وشوشة القتل والثأر والانتحاربحيث لا يشم الا رائحة الدم! وهكذا بقي عراقنا مصاباً بهذا المرض الطفولي المنغولي مع بقية زملاءه في الشرق الى يومنا! وهكذا كانت نتيجة ذلك ابقائنا كما نحن لم نستفد من مراحل تطور البشرية بدليل مراوحتنا في مكاننا ثقافياً واجتماعياً ودينياً وسياسياً، ولكن للتاريخ نقول اننا تعلمنا كلمات لم نكن نعرفها سابقاً مثل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة والمساواة والحرية وقبول الاخر والتنوع والتعدد،،، نشهد انها بقيت كلمات فقط نضحك بها على الاخرين عند الانتخابات او عند حضورالمؤتمرات والندوات والمحاضرات وعند استقبالنا للآخرين! ولكن الشعوب الاخرى استفادت من طفولتنا وشباب الحضارة اليونانية بحيث بلغت مرحلة النضوج كل من انكلترا وفرنسا والمانيا، وانتجت اوربا الحرة وخاصة عندما دخلت في مرحلة البلوغ، ونحن في مابين النهرين بقينا كما كنا، وفي بعض الاحيان: الى الوراء در!!! ومن الجهة الاخرى كانت الحرب الباردة بين القطبين الاتحاد السوفيتي وامريكا الاثر الكبيرفي دخول العالم مرحلة الشيخوخة وافرزت القطب الواحد والازمات الاقتصادية والاقتصاد الحر

ومن نتائج تطور هذه المراحل هو تكنولوجيا المعلومات – الاتصالات والانترنيت – غزو الفضاء – تطور العلوم البحثية والطب، نعم نشهد مرة اخرى: كانت استفادتنا كبيرة من هذا التطور النوعي بحيث اصبحنا في رأس قائمة منتهكي حقوق الانسان، واستفذنا كل اموالنا وطاقاتنا ان ننتزع البسمة والفرحة من افواه شعبنا وشعوبنا باستعمال هذا العلم والتطور التكنولوجي الى اقصى حد وانتجنا احزم ناسفة ومفخخات حتى الموبايل الذي صنع من اجل تقارب البشر والبشرية وتسسير الامور الحياتية لاجل سعادة الانسان! استعملناه لتفجير السيارات عن بعد! وكذلك الانترنت وآلاف المواقع التي سخرناها للاساءة الى الاخر وقتله وتدميره والتشهير به، وهذه كلها من اجل ابقائنا تحت نير الطفولة بحيث لا نتذكر الا شمعة المراهقة والذي تجاوز قليلاً مرحلة الشباب وتكلم عن الخيروالحق والجمال وجهت له تهم جاهزة معروفة ووضعت العصي في دولابه الدائر ببطئ، والباقي يسيرون كالالات مسخرين عند الحاجة لا تعرف غير طريق واحد فقط! ولا تعرف غير قول النعم فقط

اذن زرعنا فحصدوا ونحن نلم التبن وبعض الغلات التي وقعت بين الصخور، وزرعوا وحصدوا ايضاً بحيث فاتنا القطار بمسافة مهما ركضنا سنضل نلهث وراءه، انظروا الى الاباطرة القدماء وانصاف الالهة قد عادوا بلباس غيرهم مستغلين الظروف الخاصة بابقاء الطفل (منغولي) وابقاءه كما هو بافهامه ان هذا هو مصيره والحد الاقصى من بلوغه وهو الطاعة ثم الطاعة ثم الطاعة، اي ضرورة الغاء شخصيته كانسان وكرامته كشخص بشري لكي يبقى تحت السيطرة، وهم يعرفون جيداً ان تعلم وتثقف ونما ودخل مراحل تطوره الطبيعية سيكون هناك مليون لا بل ملايين من العربات الخضراء التي ولدت في تونس، دون الانتحار حرقاً! عندها سيولد مخلص اسمه “دعم التوجه الديمقراطي” ليأخذ على عاتقه تخطي مرحلة الطفولة والشباب الى بلوغ مسؤول يتساوى فيه الانسان وكرامته في العدالة والمساواة من خلال حوار ثقافي بناء، لبناء الذات العراقية ليكون مهيأ لقبول الاخر (شقيقه وجيرانه) دون ان يسأله ما هو دينك؟ او ماهو مذهبك؟ او ماهي قوميتك؟ او من اي عشيرة انت؟ او من اي اعمام؟ بل يسأله عن نقاوة عراقيته الاصيلة

Shabasamir@yahoo.com 

www.icrim1.com 

     

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *