الناس معادن … وأدمغتهم كذلك

كنت – ومازلت – لا أفهم طبيعة الذكاء ولا أستسيغ تعميمه على أحد.. فحين يصف أحدهم فلان بأنه «ذكي» أتساءل على الفور عن قصده الحقيقي. فالعالم حولنا مليء بأشخاص يوصفون بالذكاء بدون أن يثبت عليهم ذلك (من خلال علم مكتسب أو ثروة محققة). وفي المقابل قد تجد أشخاصاً يبدون أغبياء ولكنهم – على أرض الواقع – حققوا نجاحا كبيرا في الحياة وبنو علاقات اقتصادية واجتماعية أفضل من «الأذكياء»… وبناء عليه قد يكون منصفا النظر الى «الذكاء» كأنواع متعددة ومتشعبة (يستحيل) اجتماعها في شخص واحد!!

وعلم النفس الحديث وسع بالفعل من مفهوم الذكاء البشري ووصل به الى سبعة أو ثمانية أوجه رئيسية:

… فهناك مثلا الذكاء المنطقي؛ والذكاء الفراغي، واللغوي، والفني، والبدني، والاجتماعي، والعاطفي.. وبناء عليه لم يعد كافيا ان تصف شخصا بأنه «غبي» أو «ذكي» بل يجب أن تحدد ما إن كان ذكيا من الناحية المنطقية أو الفراغية أو الاجتماعية – أو حتى الاقتصادية والبدنية!

فالذكاء المنطقي مثلا يشمل المهارة في التحليل والاستنتاج والوصول لنتيجة منطقية مقبولة للجميع؛ وصاحب هذا النوع من الذكاء يصبح موهوبا في الفيزياء والرياضيات والفلسفة والفلك (وينطلق في حل العقد من العام للخاص أو من الخاص للعام)!!

أما الذكاء الاجتماعي فهو القدرة على فهم دوافع الغير واستنتاج تصرفاتهم وتفهم مشاعرهم ونواياهم بسهولة.. وشخص كهذا محبوب من جميع الأطراف وينجح في مهن كالعلاقات العامة والمفاوضات التجارية وأعمال السفارات في الخارج…

أما الذكاء الفراغي فهو القدرة على تخيل الأبعاد الثلاثة وفهم العلاقة بين عناصر «الجسم» المختلفة.. وأصحاب هذا الذكاء يعرفون بالغريزة كيف يصلحون المحركات ويعيدون تركيب القطع المختلطة وينجحون في مهن تتطلب تصورات فراغية كتصميم الأزياء والنحت والرسوم المعمارية والتصاميم الهندسية…!

أما الذكاء الفني فيكمن في القدرة على إدراك الأنماط الايقاعية ودرجات النغم وطبقات الصوت وفروقات الألوان بسهولة قد تحير الشخص العادي.. وهذه الموهبة قد تبدأ في سن مبكرة جدا كما حدث مع موزارت وروبنستاين ممن اتقنوا العزف قبل الكلام!

أما الذكاء اللغوي فيتضح من بلاغة الخطاب، وإيجاز التعبير، وجمال الصياغة.. وتجده لدى الخطباء والشعراء والكُتّاب والأدباء بوجة عام (رغم افتقار معظمهم للذكاء الشخصي أو الاجتماعي)..

أما الذكاء البدني فيعد أحدث تصنيف في أقسام الذكاء.. فحتى وقت قريب لم يعتقد علماء النفس أن للمهارات الحركية علاقة بالقدرات العقلية؛ ولكنهم اليوم يرون ضرورة وجود ذكاء بدني يهيئ (اللاعب أو العازف أو الجراح) لتطوير التناغم بين أعضائه وإدراك الفواصل الزمنية اللازمة بين حركة واخرى.. وأصحاب هذه الموهبة ينجحون في الجمباز والباليه والرقص أو في مهن كالجراحة والتمثيل والعزف على البيانو…

بقي أن أشير إلى أن أنواع الذكاء هذه ليست نهائية أو كاملة – أو حتى واضحة الحدود والمعالم.. فهي بدورها قد تتفرع لأقسام أصغر وأصغر، في حين قد يجتمع بعضها في «كوكتيل» يعطي صاحبها ذكاء مميزا (… ومع هذا يظل في نظرك بليدا في جوانب معينة كالتعامل اللبق أو المهارة اليدوية أو إدراك طبيعة الجمال في معزوفة رقيقة أو لوحة بديعة)!!

منقووووووووووووووووووووووووووول

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *