المطران سـرهـد جـمو يَـفـكّ رمـوز تـرنـيمة ( إمَّـر لي عـيتا أيـكا … )

تـناولـت القـربان المقـدس للمرة الأولى في كـركـوك عام 1957 وإنـتـقـلـتُ إلى ألـقـوش عام 1958 وشاركـت في الأنـشطة الكـنسية مبتـدئاً بـموكـب درب الصـليـب من يـوم الجـمعة عام 1959 …. وخادماً صغـيرا للـقـداس مع الشماس ثم تعـلـّـمتُ الترانيم ومنها ( إمَّـر لي عـيتا ) ومعانيها الحَـرفـية فـقـط ، وكم كـنتُ أتباهى أنا أيضاً بإعـتـباري شماساً واثـق الخـطـوة يمشي مَـلكاً في تـفـسيرها حـرفـياً وبحـركاتي التمثيلية أينما يتـطلب الموقـف (( مثلاً .. أمام رئيس دير المخـلص ــ صيـدا ــ لبنان2012 مع رهـبانه فأعـجـب بمعانيها السطحـية !!! )) …. فـماذا لـو كـنتُ فـسّـرتُ له مقاصدها الرمـزية التي لم يشرحها لـنا أحـد ؟… حـتى شاهـدتُ تسجـيلاً لمحاضرة سيادة المطران سـرهـد جـمو في تـشرين الثاني 2014 الـمتميـزة وهـو يفـسر الترنيمة بلغة واثـقة الـنـبـرة ، وإيمان ﭘـطرس الصخـرة ، ولهـفة حارّة كالجـمرة في كـنيسة مار ميخائيل / سان ديـيـﮔـو فأعـجـبتُ بها ……

حـﭼـي بـيناتـنا ، أعـجـبتـني المحاضرة إلى درجة تـذكــّـرتُ إنـدهاشي من ركاكة العـبارات في خـطب الـبعـض وتـكـرارها الممل ! وقـلـتُ يا حـيـف أين فلان وفلان وفلان أيام زمان ! ….. يا الله مشّي ، فـلكـل زمان دولته ورجاله … وفي العـراق الـيـوم قادته .

يقـول سيادته :

إمَّـر لي عـيتا .. واحـدة من الـتـرانـيم الجـميلة التي نـرتـلها في الآحاد المناسِبة … كان تـفـسـيرها مفـقـوداً حـقاً ، وكـنت أسأل نـفـسي منـذ زمن طـويل : مَن ، ومع مَن ، يكـون المتـكـلم في هـذه الـتـرتيلة ؟

الشاعـر وضع حـواراً مع إجابات … لأنه يسأل : قـولي لي أيتها الكـنيسة ، أين تـريـدين أن أبنيكِ ؟

أحـياناً أستـنـدُ إلى الإنجـيل لإعـطاء معـنى لهـذه التـرنيمة ، والآن سأفـصلها لكم …..

حـين يسأل الشاعـر الكـنيسة ، أين تـريـدين أن أبنـيكِ ، أعَـلى الشمس ؟ أعَـلى القـمر ؟ أعَـلى النجـوم ؟ أعَـلى الجـبال ؟ فـما الـذي يقـصده في سـؤاله عـن ( أين يـبنيها ) ؟

نحـن الآن وصلـنا إلى الـقـمر ، ولكـن ماذا عـن الشمس التي لـو إقـتـرب مدار الأرض منها قـليلاً فإنها ستحـرقـنا ، وإذا إبتعـدنا قـليلاً عـنها نـنجـمـد من الـبرد …. فـما المقـصود بـبناء الكـنيسة عـلى الشمس ؟ ثم الأبعـد منها النجـوم ، مَن يـذهـب إلى هـناك للـبناء ؟ وماذا يـريـد بها هـذا الشاعـر اللاهـوتي ؟

وأخـيـراً ــ حـسب إعـتـقادي ــ تـوصّـلـتُ إلى تـفـسيرها لأني أراه ذا معـنى أكـثر … فالمتـكـلم السائل يكـون مطراناً وليس المسيح لأن المسيح هـو الـذي أسّـسها فلا يسألها أين يـبنيها .

المطران عـنـده أبرشية ويسأل : قـولي لي أين أبنيكِ أيتها الكـنيسة ، هـل عـلى الشمس ؟

طيب ، نعـرف أنّ عـين الإنـسان منـوّرة فـيـبصر بها .. والعـقـل هـو بمثابة نـور يـدرك به … فالشمس هي رمـز لـنـور العـقـل الـذي يرى به .

أبنيـكِ عـلى الشمس تعـني هـل : أبنيكِ عـلى مـدارك العـقـل ! أبنيكِ عـلى ما وصل إليه الـذهـن ! أبنيكِ عـلى الـتـقـدّم العـلمي لهـذا الزمن ! هـل نبني الكـنيسة عـلى ما وصل إليه الطب والفـيزياء والكـيمياء ؟

من جانب آخـر أرى تحـويراً في نـص الردة ( دَمّـير وَمّـيـر ، وَ ، مّـيـر وَمّـيـر ، دَمّـير وَمّـيـر بَكـثاوي ) لكـنه أدبـياً والأصح تـوازناً يكـون : ( دَمّـير وَمّـيـر ، دَ ، مّـيروَمّـيـر ، دَمّـير وَمّـيـر بَكـثاوي ) .

طيب ….. شِمشا دَعْـكـين زَلـّـيقاو = الشمس ينـطفىء شعاعها ( شمشا بـدأخي زهـريراح ) = الـذهـن يـنـطفىء إدراكه !…… إن أعـظم عـبـقـري يشيخ في نهايته ، تـتـدهـور إمكانياته الـذهـنية … ونحـن نـرى الـيـوم أن أعـمق عـلم يعجـز أمام مايكـروب حـديث … وكـل يـوم يـوجـد مايكـروب جـديـد …. ( شمشا د هـونا بـدأخي زهـريراح ) .. فـمهما تـقـدّم العـلم لا يصل إلى إدراك نـقـطة من هـذا الكـون .

ثم يسأل : قـولي لي اين أبنيتكِ ، أعَـلى القـمر ؟

تعـلمون أنّ الشعـراء يتغـنون بالقـمر ويكـتبون مشاعـرهم عـنه ..  لأنه رومانسي فـيتخـيـلـونه ويحـلمون به … فـهـل أبنيكِ عـلى مشاعـر الإنسان الطيـبة ؟ كلا لأن ضوء القـمر خـفـيف ــ نازوك ــ فحـتى رِقة الإنـسان لا تـنـفع كي تـُـبنى عـليها الكـنيسة !

النجـوم … النجـومية … الشهـرة … أناس كـثيرون يسرّهم أن يكـونـوا نجـوماً .. وحـتى مار ﭘـولس يقـول أن نجـماً عـن نجـم يخـتـلـفان في مجـدهما ، ويقـصد إخـتلاف الـناس عـن بعـضهم ، بعـض الناس مولعـين بحـب الظهـور كي يـبـرزوا مثـل الكـوكـب  … فـعَـلى ماذا أبنـيكِ يا كـنيستي ، هـل عـلى هـكـذا منافـسات ، كـشخة ، وكل واحـد يريـد أنْ ينـتـفـض أمام عـيـون الناس لـيصبح مرئياً ؟ … النجـوم تـتهاوى كأوراق الشجـر اليابسة ، هـكـذا نحـن حـين نـتعالى ونـصبح نجـوماً … نـتـذكـر النجـوم المتألقة في ــ هـولي وود ــ حـين يشيخـون وتـرونهم ، ستـقـولـون كان من الأفـضل لو لم نـرَهم لـتبقى صوَرهم الجـميلة في ذهـنـنا !! .

هـل أبنيكِ عـلى الجـبل ؟ يعـني الـقـوة ؟ .

إذن صار عـنـدنا : (1) العـقـل .. (2) العاطفة والخـيال … (3) الكـشخة ( الشهـرة ) …. (4) الـقـوة .

فـعَـلى أي من هـذه الأشياء تـُـبنى الكـنيسة ؟ قـوتها ليست نابعة من قـدرتها الـذاتية ….. والجـبال تـنـصهـر كالشمع …. فلا يمكـن الإعـتـماد عـلى الـقـوة .

فـيا أيتها الكـنيسة ، أنا المطران لا يجـوز أن أسـنـد نـفـسي عـلى عالِم أو خـبـيـر في شـؤون الـدنيا ، ولا عـلى العـواطف ، ولا عـلى الكـشخة ، ولا حـتى عـلى الـقـوة .

وأخـيـراً هـل أبنـيكِ عـلى الصخـرة !! نعـم … يعـني عـلى شمعـون ( مار ﭘـطرس ) الـذي قال : أنت المسيح إبن الله الحي .

إخـواني وأخـواتي : إنّ ما يعـمله شمعـون كـشخـص ، يصنعه ( الصخـرة ) رمز الإيمان . هـذه العلاقة ( شمعـون ــ إيمان شمعـون ) وضعها المسيح وتخـص جـميع الرسل … لكـن شمعـون يُجـيـب بإسم الجـميع ، وهـذا ينـطـبق عـلى شمعـون والآخـرين ولكـن الـبركة الأولى لشمعـون ، وبه تكـتمل السلسلة ، وبـدونه تكـون العلاقة ( السلسلة ) مقـطوعة .

ما هي الصخـرة ؟

أنا أقـول للمسيح : أنت هـو المسيح إبن الله الحي … هـذه هي السلطة المخـوّلة لـلمطران والتي لا يأخـذها من تـفـسيرات دنـيـوية !! ولا يأخـذها من عـواطف ومزاجـيات ، ولا يأخـذها من شهـرة أو قـوة … المطران يأخـذ سلطته من مكان واحـد : من شمعـون الصخـرة ، من إيمانه بالمسيح راساً حـيث العلاقة المباشرة بـينه والمسيح ……….

عـلى هـذه الصخـرة أبني كـنيستي ، يعـني عـلى هـذا الإيمان ، وأنا المطران ملـزم أن أكـون مؤمناً بهـذا دائمياً ، عـلى صخـرة الأساس هـذه . لـذلك حـين المسيح سأل الـتلاميذ ، أجاب شمعـون نيابة عـنهم .

إخـواني وأخـواتي : هـذه لكي تـفـهـموا أن مطرانكم يسأل عـلى ماذا أبنيكم ؟ وأنا مطرانكم الضعـيف والخاطىء واجـبي أن أريكـم أين أبنيكم ، عـلى أي أساس أضعـكم ؟ هـل عـلى مَن يـدّعي العِـلم ؟ هـل عـلى مَن يـدّعي الـقـوة ؟ هـل عـلى مَن يـدّعي الكـشخة ؟ هـل عـلى مَن يـدّعي العاطفـيات والمزاجـيات ؟

واجـبي أن أبنيكم عـلى إيماني بـيسوع ……… فالصخـرة هي : شمعـون وإيمان شمعـون .

***************

ملاحـظة : سمعـت الكـثيرين من مناطق جـغـرافـية متـنـوعة ( أفـراداً ومجاميع ، شمامسة وكهـنة ) يرتـلـون هـذه التـرنيمة ………… فلا يؤدونها بكـفاءة الـقـوش ، ولا يقـبـلـون تـقـويم أدائهم .

https://www.youtube.com/watch?v=e8eXksjGLuM

كـتابة : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *