المؤتمر الكلداني العام وهموم الحانقين!

منذ الإعلان عن عقد المؤتمر الكلداني العام وحتى ما بعد افضاضه في 1 / 4 /2011 ، لم يتوقف بعض الكتاب من أبناء شعـبنا ولا سيما الكلدان المتأشورين فاقـدي الحس القـومي والمستهـينين بكرامتهم في سبيل إرضاء مُنتحلي التسمية الآشورية زيفاً الذين جعلوا منهم أسياداً لهم وهم لا يستأهلون أن يكونوا حتى . .  حيث انهمكوا بتدبيج المقالات الركيكة اللغة والصفـيقة الكلمة، المخرِّبة لا البانية، الى الحد أن بعضهم إستغـلَّ المناسبة للطعـن والإنتقام مِمَّن بينه وبينهم حسابات قديمة.

 
فمِن بين دعاة الآشورية المزيفة، إتهاميون وافترائيون لا يتورعون عن وصف الكلدان بأوصاف بذيئة وقـذرة بعيدة عنهم، وتنطبق فعلاً على قائليها وقومهم بالذات، فهم الذين لَوَّثوا أبناء الشعب المسيحي بجراثيم باطلهم وأكاذيبهم وراحوا يخدمون أجندات الأعداء كتابعـين أذلاء، بينما الكلدان الأصلاء ينأون بأنفسهم عن مثل هذه الممارسات البائسة التي تتسم بالجهل والتخلف الحضاري.

هناك من بين الكلدان المتأشورين مِمَّن صغرت لديه نفسُه فانصعق أمام سحر الدولار الحرام، إتهم المؤتمر بتبنيه أجندة مواضيع مفرِّقة لشعبنا، فحكم عليه مسبقاً بتبنيه الإنفصال والفرقة، وها هو البيان الختامي للمؤتمر قد جاء مفنداً إدعاءَه الإفترائي، لأن الكلدان ليسوا انفصاليين بل هم التواقون الى الوحدة، تلك الوحدة المبنية على العدل والواقع الموضوعي الراهن، فلهم يعود الرقم الأصعب في المعادلة القومية وعلى جميع الأصعدة ديمغرافياً، ثقافياً، علمياً، اجتماعياً وحضارياً، ومن هذا المنطلق المنطقي، لن يسمحوا لأيٍّ مَن كان مِن هواة الكراسي والمناصب الإنعزاليين أن يُمليَ عليهم إرادته أو يطالبهم باتباع أجندته المشبوهة والمشوهة في الوقت الذي هو فارغ مِن كُلِّ شيء !

نقرأ لكلداني بالإسم وبأنه أستاذ للإعلام حسب إدعائه حيث يقول: <<  حضي والصحيح( حظي) مؤتمر النهضة الكلدانية الذي اختتم أعماله في الأول من نيسان باهتمام بالغ لا سيما من الكتاب والمثقفين الكلدان. والإهتمام أخذ اتجاهات شتى منها مَن عارض الفكرة وله أسبابه ومنها مَن وقف مع الفكرة وله أسبابه ويستطرد: كان لا بدَّ لهذا المؤتمرأن يحضى والصحيح( يحظى) بالإهتمام لأن وضعنا نحن الكلدان يتطلب النهضة بعد سبات طويل نسينا فيه الكثير وصرنا مهمشين ليس من قبل الآخرين بل لأن التهميش وقع على أيدينا ومؤسساتنا >> انتهى الإقتباس

 وهنا أود أن أسأل الإستاذ، بدأت مقالك بتعبير جيد حتى قولك بأن الإهتمام أخذ اتجاهات شتى بين معارضين لفكرة المؤتمر وأنت واحد منهم،وبين مؤيدين لها، ولكنك أحجمتَ عن ذكر أسباب كُلٍّ من الفريقين فكيف يتسنى للقاريء معرفة الأسباب؟كما لم تبيِّن كيف همَّش الكلدان أنفسهم وما دور مؤسساتهم في هذا التهميش؟أليس عدم توضيحك للأمر تقديمَ براءة مجانية لِمَن استماتوا في تهميش الكلدان وأنت تعرفهم حقَّ المعرفة وتتستَّر عليهم عندما تتنصل عن ذكرهم، إنهم (الكلدان النساطرة ) منتحلو التسمية الآشورية المزيفة لكونهم لا يمتون إليها بأية صلة والبعض من الكلدان المتأشورين المخدوعين والجهلة بالتاريخ، واللاهثين وراء الدولار الحرام!

حسب علمي كان هذا الأستاذ تلميذاً اسكولياً سمنيرياً، من المفروض فيه عدم معاداة مَن شاركهم العيش والزمالة ولو لفترة،أما أن يُهاجمهم ومعهم المؤسسة الكنسية التي هم جزء منها وبهذا الشكل الصلف دون مراعاة لمقامهم الكنسي ودرجاتهم الكهنوتية فهذا عقوق وتصرف مخجل! وبصدد دفاعه عن الإعلام المستقل فالكل يقف الى جانب هذا الإعلام، ولكن متى شعر صاحب الشأن بأن هذا الإعلام غير مستقل ومنحاز بالكامل الى أعدائه، كيف يرضى أن يفسح له المجال لتنفيذ أجندتهم من خلاله؟ إن المؤسسة الكنسية الكلدانية بعيدة كُلَّ البعد عن السياسة وعلى العكس من غريمتها المؤسسة الكنسية النسطورية بشقيها،المنغمسة في السياسة حتى أذنيها فلماذا لا ينتقدها ولو بالتلميح أو الإشارة؟ الكنيسة الكلدانية برئاستها وبأحبارها الأجلاء، أعربت علنا ومراراً عن تشبثها بقوميتها الكلدانية والدفاع عنها ضدَّ كل مَن يُعاديها دون أي رغبةٍ أو ميل الى السياسة، لأن الكنيسة الكلدانية هى قائدة شعبها دينياً وقومياً وليس سياسياً ! لم يكن المؤتمرون على علم بانتظارك بفارغ الصبر صدور البيان الختامي لكي تبني تقريرك على ضوئه، ولأنك عجول فقد استبقت صدوره وأعربت عما في داخلك وإذا ما بقي لك شيء لم تُشهره فالبيان منشور وبإمكانك الرجوع إليه!

القومية التي عقد المؤتمر من أجلها هي الكلدانية والكلدانية وحدها ولا تهمها التسميات الأخرى كما لا تعاديها، بل تعترف بها كتسميات تبناها قسم من شعبنا عبر الزمن. القومية الكلدانية ستنهض مستندةً الى ما يملكه أبناؤها الكلدان من تراث وأدب وعلم وثقافة وشعر وموسيقى وكلها تتمثل في لغتها الكلدانية أصفى اللهجات الآرامية وأعذبها نطقاً ونغماً. الكلدان لا يبالون بالتيار التعصبي الشوفيني اللاوحدوي بكل ما تعنيه الكلمة فهو تيار تفريقي فوضوي لا قوة ولا تأثير له لا في الوطن الأم ولا في بلاد المهجر، وبدون التيارالكلداني الوحدوي الحقيقي،الوحيد والمخلص لا سبيل الى الوحدة المنشودة من شعبنا المخدوع بتصورات المتفذلكين الإنتهازيين قليلي الإدراك.

لقد قرأت المقالات التي تحدَّثت عن المؤتمر الكلداني العام وأثار أصحابُها تساؤلات مريبة وغريبة ومن بينها ، أن المؤتمر سيعمق الهوة بين الكلدان والطائفتين الخارجتين من صلبهم الآثوريين والسريان، ولكن الواقع أظهر بطلان تلك المزاعم، فأهداف المؤتمر كانت نهضة الكلدان مجدداً لتثبيت هويتهم الكلدانية الأصيلة وصيانتها من محاولات التشويه العبثي بفرض تسمية مركبة دخيلة بدلاً عنها أولاً، والمطالبة بحقوق الكلدان المشروعة وطنياً وقومياً بمقتضى الدستور ثانياً. كان المؤتمر زاخراً بالبحوث والدراسات والكلمات التي أعَدَّها المؤتمرون، وحيث أن الوقت لم يتسع ليقوم أصحابها بقراءَتها كاملة، فقد قاموا بإلقائها مختصرة جداً. وقد شارك الكلدان العديدُ من إخوتهم الآثوريين الأحباء المنفتحين حيث أكرمهم الكلدان وأفسحوا لهم المجال للتعبير عن آرائهم بمنتهى الحرية فكانت كلماتهم تدعو الى التكاتف والتآزر ووحدة الصف بين الكلدان والسريان والآثوريين، وإن دلَّ هذا على شيء فإنه يدل على أن هنالك شريحة لا بأس بها من إخوتنا الآثوريين المتحضرين تختلف بأفكارها وآرائها وتصوراتها عما تعتمده الأحزاب الآشورية من تعصب وتزمت موروثين من طبيعتهم القبلية وجهالتهم التاريخية، جاهدت بنشر هذا الفكر الشوفيني بين أبناء الشعب الآثوري البسطاء والمسالمين .

يا للتناقض الفاضح بأقوال صاحب الرسالة الدافئة الى مؤتمر النهضة الكلدانية، ما هذا الدفء وما هذه الفرحة الكبرى التي كرَّرتها مراراً في مقالك عندما تتهم المؤتمر بعدم إبعاده الذين وصمتهم بالإنتهازيين وأصحاب العقد والمفرقين والمتعصبين والأنانيين، كيف عرفتَ المؤتمرين بهذه الأوصاف وأنت غائب عنهم؟ هذه النخبة الكلدانية الخيرة هي التي ضمها المؤتمر لنقائها،إخلاصها،وفائها لأمتها الكلدانية وخلوها من المتصيدين في المياه العكرة القابعين في الزوايا المظلمة ينبشون في سير المخلصين من الكلدان. ممثلو العراق وعلى رأسهم الأستاذ ابلحد أفرام هم أخلص مَن تمسكوا بقوميتهم الكلدانية ولم يساوموا عليها رغم كُلِّ الإغراءات المادية، وكذلك الحال مع الكلداني الصرف المهندس فاروق يوسف. لم يكن للمطران سرهد جمو قرار الإختيار، وناقل الخبر مشاكس هذا إذا لم يكن الخبر من تأليفك، إسمح لي بالقول بأن هويتك الكلدانية قد فقدتها مخيراً منذ زمن طويل، والدليل رسالتك الجامدة لا الدافئة، شكراً على شعورك وليسامحك الله!

الكلدان ليسوا بحاجةٍ الى قناعة مَن لم يُعجبهم شعار المؤتمر” النهضة الكلدانية” لأنهم أدرى بما يصبون إليه من المتبرعين لهم باقتراحات هي دون طموحاتهم. لا يقبل الكلدان أن يُلبسهم أحد رداء التعصب القومي الآشوري المزور والفارغ معاً.الكلدان ينظرون الى كامل العراق موطناً أصيلاً لهم ولا يسعون الى جزءٍ صغير منه أبداً، وهذا أنصع دليل على ارتباطهم بوطنهم وقوميتهم وأوضح تعبير عن شعورهم وانتمائهم الى كل شبر من أرض العراق. والخلاصة: إن المؤتمر الكلداني العام قد أنهى أعماله وأصدر بيانه الختامي وأعلن عن مقرراته وتوصياته، ودعا أبناء الكلدان بأن زمنهم الجديد قد إبتدأ، وعليهم القيام بالعمل الفعلي عبرالهيئة التنفيذية المنبثقة عن المؤتمر وقد انتخبت انتخاباً ديمقراطياً حراً، وهي مكونة من خمسة عشر عضواً من الوطن الأم العراق ومن بقية دول العالم. فالى العمل المثمر .

الشماس د. كوركيس مردو
عضو الهيئة التنفيذية للمؤتمر

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *