المؤتمر القومي الكلداني العام وتحديات المرحلة الراهنة

كلمة على هامش المؤتمر القومي الكلداني العام / ديترويت

خاهه عما كلذايا

ينعقد مؤتمرنا المؤتمر القومي الكلداني العام في مدينة ديترويت متزامناُ مع يوم العَلَم الكلداني الذي يصادف السابع عشر من أيار،كما ينعقد مؤتمرنا وهو يجابه تحديات عديدة ومختلفة ومتراكمة، ومن هذه التراكمات ما يؤثر سلباُ على التوجه العام لبناء الشخصية القومية الكلدانية وإحياء وتنشيط الشعور القومي للكلدان وعدم الإنجرار وراء مسألة العمومية الدينية لتحل بديلاً عن الهوية القومية .

الدين والقومية

الكثيرين ممن ألتقيتهم أو ممن يكتبون بعض التعليقات على مانكتب، يحاولون بشكل أو بآخر إضفاء الجانب الديني وتغليبه لا بل جعله الأساس في القياسات القومية، ومن جانبي أرى أن هناك بونا شاسعاً ما بين الأثنين، فالكثير يقول بأننا مسيحيين ويكفي هذه الكلمة أن تجمعنا كلنا، ومن هذا المفهوم أو هذا المنطلق تأسست بعض التنظيمات الهشة والتي لا يتعدى أصحابها عدد اليد الواحدة، فأنطلقت لفظة ( سورايا أو سورايه ) لتحل بديلاً عن اللفظة ( كلدنايا أو آثورايا أو سرينايا ) وقد أثبت الزمن فشلها من ناحية توجهها الديني وعدم أصالتها، فهذه الكلمة حديثة العهد وليس لها أي مدلول تاريخي ولا تعني شعباً معيناً بأي شكل من الأشكال فالمسيحي موجود في الهند والصين واليابان وجنوب أفريقيا وغيرها من دول العالم، ولكن ما الذي يربطني به ؟ التاريخ المشترك ؟ كلا .. رابطة الدم والمصير أم وحدة الأرض والمبادئ؟ لا هذا ولا ذاك، فالعقيدة الدينية والإيمان شئ مكتسب من الآباء إلى الأبناء وفي وقتنا الحالي فإن التغيير شمل هذه الناحية بشكل كبير فالكثير يغير معتقده من دين إلى آخر تبعاً لسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا، إذن يبقى الجانب القومي هو الرابط الأساس بين ابناء أية قومية، فلا الياباني يمكنه أن يصبح كلدانياً ولا الأفريقي، لذلك تكون الهوية القومية هي الرابط الحقيقي بين أبناء هذه المجموعة، والقومية الكلدانية لا تشذ عن هذا الطريق فما يربط الكلدان في ما بينهم لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن نقارنه بما يربط الكلداني المسيحي بالياباني المسيحي مطلقاً ، لا بل هو ضرب من الخيال . وإن حدثت حالة فريدة أو أعتبرها غير طبيعية بل هي حالة أستثنائية، وهي أن تكون القومية الواحدة تحتوي أبناء دين واحد، أقول حالة أستثنائية وأنا أسوق شواهد على ذلك ومن عراقنا الحبيب ومجتمعنا، هناك عرب مسيحيين وعرب مسلمين، في القومية الكردية هناك أكراد مسلمين وأكراد مسيحيين، في التركمانية هناك تركماناً مسلمين وتركماناً مسيحيين، واليوم نرى ونلمس ونسمع دعوات واضحة وصريحة من إخوة لنا في جنوب العراق أبناء أور الكلدانية ومن الناصرية وذي قار يعودون إلى أصولهم ويصرخون بأعلى أصواتهم نحن لسنا عرباً بل كلداناً وإن أختلفت ديانتنا عنكم، وهم يشاطروناآألامنا آمالنا، ويحيون كل مناسبات الكلدان القومية لا بل ذهبوا أبعد من ذلك بأن أحيوا ذكرى إستشهاد رئيس أساقفة نينوى للكلدان الشهيد المطران بولس فرج رحو الشهيد الأب رغيد كني ورفاقه الشمامسة الشهداء، كما أحيوا مناسبات دينية مسيحية أكثر مما يقوم بها الكلدان المسيحيين، وأحيوا جميع مناسباتنا القومية كرأس السنة الكلدانية أكيتو وغيرها، إذن من هذا المنطلق وعلى أساس هذه الأمثلة الحيّة نقول أن مسألو خلط الأوراق ليحصلوا بالنتيجة على خلط المفاهيم والمعتقدات هي حالة يجب أن ننبه عنها وأن نتوقف عندها طويلاً، كما أنه يجب التعميم على أبناء شعبنا من عدم الإنجرار وراء المشاعر، فهي حالة مزج ما بين المشاعر والمعتقدات وأصالة الفرد وتاريخه، فقوميتنا الكلدانية وإنساننا الكلداني أقدم من الأديان جميعها، لذلك علينا أن نضع أسساً جديدة للتعامل مع أشخاص يحاولون بناء الفكر الديني على أساس محو الفكر القومي، أو النهوض بالجانب الديني على خلفية تحطيم المعنوية الذاتية القومية للإنسان الكلداني.

لا أختلف على أهمية الجانب الديني، ولكن هذا الجانب هو شئ شخصي، هو علاقتي بالرب الخالق، وهذه العلاقة تختلف في قوة أواصرها بين شخص وآخر، لا بل في العائلة الواحدة ترى رب الأسرة بعلاقة قوية بينما بقية أفراد الأسرة لا تعنيهم شيئاً هذه العلاقة، وبعض الدول قد أسقطوا العلاقة الدينية من حساباتهم نهائياً، فما تريد أن تؤمن به يعود لك، ولكنك يجب أن تكون لك هوية قومية، ولا يمكن أن تساوي بالأهمية الهوية الدينية، أما مسألة الإنتساب القومي فهذه مسألة لا يمكن أن يختلف عليها في العائلة الواحدة إلا من شذ عن الطريق، وهي حالة في حدود ضيقة جداً إن لم نقل نادرة ولكنها ليست معدومة، فالإبن ينتسب إلى أبيه، وهو يحمل أسم أبيه وجده كأسم ثلاثي وعشيرته كأسم عائلي وإنتسابه إلى مجموعته كهوية قومية، فالألقوشي مثلا يمكن أن يصبح لا دينياً أو علمانياً أو مسلماً أو أي دين آخر، ويمكنه أن يجحد إيمانه الكاثوليكي ويصبح نسطورياً أو إنجيلياً أو غير ذلك، ولكن من المستحيل أن يصبح هذا الألقوشي تلسقفياً أو بطناوياً أو كرمليسياً، لا يمكنه أن ينتسب إليهم، فأهل تلك المناطق يعرفونه جيداً وسوف يقولون له أنت ألقوشي ولست منگيشي، ليس بدافع التفضيل أو الإساءة ولكن بتخصيص الهوية، والإنتساب وهكذا هو مفهوم الهوية القومية لا يمكن أن يغير الفرد هويته القومية إذا حاول تغيير ديانته أو مذهبه، فهما حالتان مختلفتان، ولا يمكن التقرب بينهما أو المقارنة مطلقاً، وهنا أقصد أنه لا يمكننا بأي شكل من الأشكال أن لا نسمي الأسماء إلا بمسمياتها، لذا نخلص إلى نتيجة لنقول لا يمكننا قبول تسمية ( السورايي ) لنضعها على شعبنا الكلداني وغيره، فتعريف الشعب يختلف عن تعريف الأمة والقومية والدين والمذهب، إذن كل من يحاول ربط مسألة الدين بالقومية يكون ربطه غير متناسقاً، ولا يمكن قبوله مطلقاً، وبهذه الحالة لا نسمح بالشد على الجانب الديني على حساب الهوية القومية، فلكل مقومات ومبررات وجوده، يمكنك القيام بالتبشير الديني في أي مجتمع كان بينما لا يمكنك أن تبشر بقوميتك مطلقاً، لا بل يمكنك من عمل نهضة قومية ، نحن لا نستحدث قومية بقدر ما نحيي ونستنهض في أبناء شعبنا أصالتهم وتناريخهم المشرق ونحثهم على أستذكار مآثر الأجداد لتكون حافزاً لنا ودافعاً لكي نسمتر بجهودنا في إقامة المؤتمرات والندوات ونناضل من أجل تحقيق طموحاتنا المشروعة وبهذا يكون شعار وحدتنا ضمان لنيل حقوقنا القومية والوطنية المشروعة ، هو من صلب أهتماماتنا لنقوم بتحقيقه وتطبيقة خدمة لأبناء شعبنا الكلداني الأصيل .

عاشت أمتنا الكلدانية المناضلة وعاش العراق العظيم

المجد والخلود لشهداء العراق وشهداء الكلدان وإلى لقاء .

 

نزار ملاخا

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *