القوميون الكلدان الإخلاص للوطن  وللكنيسة وخطاب قومي كلداني معتدل

 

الشعب الكلداني باعتباره من المكونات العراقية العريقة يكون قد ساهم في بناء الحضارات البينهرينية القديمة ، وفي العراق المعاصر ساهم ويساهم الشعب الكلداني ببناء العراق الحديث ، والكلدانون هم ملح المجتمع العراقي إنهم يرتبطون بعلاقات ثقافية واجتماعية مع مختلف الطبقات المجتمعية وعلى مديات التعددية الثقافية والدينية والعرقية وعلى امتداد المسافة الزمنية والجغرافية العراقية  . ومقابل ذلك نلاحظ آيات التقدير والأحترام من كافة المكونات العراقية لهذا الشعب المسالم العريق في وطنه ، فالمكونات العراقية من الأكراد والعرب والتركمان والمندائيون والأيزيدية والشبك والأرمن والسريان والمعتدلين من الآشوريين كل هؤلاء يحترمون تاريخ وثقافة وقومية الشعب الكلداني .

 لكن من المفارقات الغريبة العجيبة هنالك من الكلدان انفسهم يبخسون تاريخ هذا الشعب ويستكثرون على ابنائه افتخاره بتاريخه وهويته القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ، ويصبون حمم غضبهم على كل من يدافع عن هذا الشعب ، كل ذلك استجابة ومجاملة للاحزاب القومية الإقصائية المتنفذة والتي تنشط في ساحة شعبنا القومية والسياسية والتي تدعو علانية الى سياسة التطهير القومي ضد الكلدان وصهرهم في البودقة الآشورية بحجة المحافظة على وحدة شعبنا المسيحي .

 إن القوميين الكلدان وفي مقدمتهم الكتاب الأعضاء في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لا يمكن ان يقبلوا بهذه السياسة العنصرية ، فأين الخطأ ان يقفوا الى جانب شعبهم الكلداني ضد محاولات التطهير القومي هذا ؟

الغريب والعجيب ايضاً هناك من الكتاب الكلدان انفسهم من يقفون بوجه المدافعين عن حقوق شعبهم الكلداني ويوصمون بمن يفتخر بقوميته الكلدانية بأنه انقسامي ومفرق ، وربما هذا الموقف الغريب له اسبابه فحينما يكون شعب ما ، واقعاً تحت ظلم واضطهاد يحاول بعض ابنائه مجاملة الطرف القوي المتنفذ على حساب شعبهم .  هنالك صوركثيرة مشابهة لحال الشعب الكلداني وكمثل غير حصري صورة الشعب الكردي حينما طاله القمع والأضطهاد  في اواسط القرن الماضي ، وكان كل من يدافع ويقف الى جانب شعبه الكوردي يصار الى اتهامه بأنه من المتمردين والعصاة ، وقد وقفت شريحة كبيرة من الأكراد الى جانب الحكام قامعي شعبهم الكوردي .

والشئ بالشئ يذكر فثمة حالة اخرى تشبه التي جسدها دريد لحام في شخصية ( غوار الطوشي) حينما يريد اللجوء الى دولة عربية مجاورة فكان عليه كيل الشتائم للنظام والحكام في بلده لكي يكسب ودّ الدولة التي يرغب اللجوء اليها  ، فثمة كتاب من ابناء شعبنا يسلكون هذا السلوك ، فيتوددون لمن له المال والنفوذ ،

فثمة قول :

رأيت الناس قد ذهبوا الى من عنده ذهب ، اما من ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا

وثمة وتر آخر ، وأتى العزف  عليه بنتائج جيدة ، وهي التهجم على القومية الكلدانية ومخاصمة ومهاجمة من يدعو لها ويفتخر بها ، فالذي يتهجم عليها ينال الحظوة لدى الأحزاب والجهات المتنفذة والقريبة من دائرة صنع القرار . وقد رأينا كيف يتسابق من يريد التقرب من تلك الجهات ( المجلس الشعبي والزوعا ) كيف يجري التسابق في التهجم على حبيب تومي وغيره من الكتاب الكلدان والأتحاد العالي للكتاب والأدباء الكلدان وكل ما اسمه كلداني . وقد أثبتت هذه الطريقة جدواها في حالات كثيرة فهناك اسماء احزاب وشخصيات تسلقت جدار التقرب وهي تحظى بمنافع مادية كبيرة خاصة من المجلس الشعبي .

القوميون الكلدان والكنيسة والبطريركية .

بالرغم ان الكنيسة الكاثوليكية في العراق هويتها محدودة بشكل رئيسي بالشعب الكلداني فالبطريرك مار لويس ساكو الكلي الطوبى هو بطريرك على الكلدان في العراق والعالم ، وهو المعني بالأهتمام بمعاناتهم ومشاكلهم ، وله منزلة رفيعة في الأوساط السياسية والشعبية العراقية ، والحالة تمتد جذورها الى يوم تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، إذ وقف بطريرك الشعب الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما ( 1900 ـ 1947 ) الى جانب تشكيل الدولة العراقية الحديثة وكان له مواقف عراقية وطنية مشهودة في ضم ولاية الموصل الى العراق وغيرها من المواقف الوطنية المشرفة ، فكان له ولشعبه الكلداني المكانة السامية لدى الحكومة العراقية يومذاك فكوفئ بتعينه عضواً في مجلس الأعيان كما كوفئ شعبه الكلداني بكوتا محددة بأربعة مقاعد في البرلمان ، اليوم يجلس سعيداً غبطة البطريرك مار لويس ساكو ، وله مكانة سامية في الدولة العراقية ، كيف لا وهو بطريرك شعب نبيل وأصيل وهو الشعب الكلداني ذو المواقف الوطنية والمكانة الأجتماعية في المجتمع العراقي .

القوميون الكلدان يكنون جزيل الأحترام للبطريرك ولمؤسسة البطريركية برمتها ، فهناك ارتباط روحي بين الكنيسة وشعبها ، ونحن في هذا اليوم ضعفاء محتاجين الى التضامن والتكاتف بين الكنيسة وشعبها ، وقد رأينا اب الكنيسة يدق ناقوس الخطر ، ويعلن ان كنيسته منكوبة ، من يقف الى جانب البطريركية في هذا الوقت العصيب إن لم يقف ابنائها والنخبة المثقفة بشكل خاص .

نحن الذين نفتخر بتاريخنا وأسمنا الكلداني من رأينا ان تشكل رابطة القومية الكلدانية هي الخيمة التي تحتوينا جميعاً ومن توحيد خطابنا ( الأكليروس والعلمانيين ، كما في الكنيسة الآشورية على سبيل المثال ) وبعد ذلك يصار الى توحيد الخطاب المسيحي بين الكلدان والسريان والآشوريين . ونحن ندعو البطريركية ان تلعب دورها في توحيد الكلمة وفي المحافظة على الإصالة ، لقد كان لكنيستنا الدور الكبير في حفظ الهوية الكلدانية وذلك منذ عام 1445 حينما اعادت الأسم القومي الكلداني بعد نبذها المبادئ النسطورية وعودتها واتحادها مع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، لتعيد اسمها القومي الكلداني .

لقد تطوع بعضهم لدق اسفين التفرقة بين البطريرك وشريحة مثقفة من ابناء شعبه وقد كتبت في وقتها مقال تحت عنوان :

محاولات إذكاء الخلاف بين البطريركية والعاملين في الشأن القومي الكلداني

حسب الرابط ادناه :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=668411.0;wap2

في هذا السياق نُشر في الآونة الأخيرة مقال تحت عنوان :

ماذا يريد القوميون الكلدان من البطريرك وكنيسته ؟ وهناك مقلات اخرى بهذا الأتجاه .

في الحقيقة نحن نقف الى جانب البطريركية في همومها المتعلقة بنزيف الهجرة والتغيير الديموغرافي ، نحن مع البطريركية والكنيسة والشعب الكلداني برمته نشكل وحدة واحدة ، ونحن الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن نشكل شعباً مسيحياً واحداً يطاله التفرقة الدينية ولهذا يكون العراق دولة مرشحة لتفريغه من مسيحييه ، وهذه مهمة ثقيلة يحاول البطريرك الكلداني النهوض بها باعتباره يمثل اكبر كنيسة مسيحية في العراق ، ونحن نقف الى جانبه بكل محبة ، واعتقادنا ان الرابطة القومية هي خير وشاج يتماهى به هذا الشعب وهو مقسم بين قارات الأرض ، وأين الضرر ان يكون مثل هذا الطرح من القوميين الكلدان ؟

نحن القوميون الكلدان لنا فكر مستقل ونحترم كل الأطراف التي تحترم توجهاتنا ولهذا نرتبط بعلاقات طيبة مع كل المكونات في إطار التعددية ، ونتيجة هذا الخطاب القومي المستقل لم نجد اي طرف قوي يلزم ظهرنا ، فليس لنا مناصب نوزعها لأننا بعيدين عن مصادر صنع القرار إضافة الى عدم وجود  دعم مالي لنا من اي طرف متنفذ في العملية السياسية إن كان في اقليم كوردستان ام في العراق الأتحادي .

ولهذا ليس لنا مقرات وحراس وسيارات دفع رباعي ، الذي نملكه هو قلمنا وفكرنا ونحن نعمل على نشر الوعي القومي بين ابناء شعبنا الكلداني هذا الذي نستطيع فعله ونطمح اليه في الوقت الراهن .

قناعتنا ان شعبنا الكلداني منتشر في دول المهجر وفي المدن العراقية ، وشريحة كبيرة منه تسكن اقليم كوردستان ، ونحن نؤمن بأن الرابطة القومية الكلدانية هي ضرورة قومية تربط هذا الشعب ليدافع في إطارها عن حقوقه المشروعة ، ونؤمن ايضاً بضرورة وحتمية التعاون بين مؤسسة الكنيسة وشعبها في الإطار القومي ، والأقتداء بالكنائس الشقيقة الأخرى ، مثل الكنيسة الأرمنية والكنيسة الآشورية ، وفي الأخيرة ( الكنيسة الآشورية ) ثمة تماهي منقطع النظير بالقومية الاشورية ، وعلى كنيستنا الكلدانية ان يكون لها نفس المستوى من الدفاع عن القومية الكلدانية ، هذا هو الطبيعي والمألوف والمطلوب . وهذا ما ندعو اليه نحن القوميين الكلدان .

نحن نتساءل هل ثمة خطأ في توحيد الخطاب القومي بين الكنيسة وشعبها ؟  لنقتدي بالكنيسة الآشورية في هذا الصدد ، والتي نعمل جاهدين بالتقرب منها على فرض ان هذاالتقرب هو الوسيلة لتحقيق الوحدة ، فلماذا لا نستفيد من تجاربها بالشأن القومي ؟ وأنا معجب بشجاعة وصراحة البطريرك الآشوري بوقوفه مع هموم شعبه القومية بل هو من الداعين الأوائل للفكر القومي الآشوري ، فلماذا لا تكون بطريركيتنا الكلدانيــة بهذا المستوى من الأعتزاز بالفكر القومي الكلداني ؟

وختاماً اقول : ان انحياز الزعيم لشعبه ليس إثماُ

 

د. حبيب تومي ـ القوش في 17 ـ 05 ـ 2014

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *