الـﭙاطريرك لويس ساكو برفضه الكتابة حفزنا عـلى الكتابة

 

إنَّ مقابلة غـبطة الـﭙاطـريـرك لويس ساكـو الكـليّ الـوقار أخـيراً ولمرتين ــ حـين كان مطـراناً ــ مع الإعلامي ولسن يونان في إذاعة (SBS)/ سـدني حـفـزنا للـتعـقـيـب عـليها، ولولا تـصريحاته بعـد أن صار مسؤولاً أعـلى في أكـبر مؤسسة كـلـدانية “ﭙاطـريـركـية بابل عـلى الـكـلـدان” ما كانت تـنهال عـلى المواقع الإلكـتـرونية كـتابات المثـقـفـين والمهـتمين بالشأن الـديني والـقـومي بل وحـتى الإجـتماعي، والهـدف منها إيصال مشاعـر وصوت الشعـب الـكـلـداني إليه بإعـتباره الآن في حـقـبتـنا التأريخـية هـذه وحـتى عـلى مـدى السنين المنـظـورة أمامنا هـو المرجع الأعـلى عـنـدنا. إنَّ جـلَّ غاية كـُـتابنا هي توضيحُ واقع الكـلـدان في كـل مكان والـذي ليس بمقـدور غـبـطـته أن يتعـرَّف عـليه لولا هـذه الـكـتابات بل وليسمح لـنا غـبطـته أنْ نـقـول له بصراحة الواثق من نـفـسه أنَّ ــ بعـضَ ــ سـفـرائه دون تحـديـد أماكـنهم لم يعُـد بإمكانهم بل لا يريـدون أنْ ينـقـلـوا له السيناريو الحـقـيقي والمشـهـد الـواقـعي المعـلن والمضموم والموجـود في جـغـرافـيتهم بشأن ما يخـتـلج في صدور أبناء الكـلـدان لأسباب يمكـن أنْ نؤجـل ذكـرها الآن.

إن غـبطـته كـزعـيم، شأنه شأن أي قائـد دولة أو رئيس مؤسسة أو مدير مشروع أو رب أسرة بحاجة إلى عـيون كـثيرة ومراصد جـمة يراقـب من خلالها ظروف رعـيته، ويستـطلع الـتـضاريس حـول جـبهات مؤسّـساته، والقائـد الناجح يستمع إلى معانات أصغـر جـندي في ثـكـنـته، فـنحـن الـذين أدّينا الخـدمة العـسكـرية قـد زوّدتـنا بخـبرة في هـكـذا حـقـول وخاصة عـنـد الأزمات حـين كان يُـنـقـل الموقـف إلى السيد القائـد عَـبر المكاتبات، بعـيـداً عـن واقع المقاتل الـذي كان يضع دمه عـلى كـفه بكـل إخلاص وتضحـيات، ولكـن… مع كـل الأسف… كانت مزوّرة فإنخـدع بتـلك الحـسابات.

نحـن لا نسمح لأنـفـسـنا أن نكـون معـلمين لأي كان، ولكـن غـبطـته عـصريّ الـتـفـكـير يـدرك غاية الإدراك أنَّ أولاد الـيوم خـبراء بالكـومـﭙـيوتر أكـثر من أولـياء أمورهم الـذين ترعـرعـوا في أحـضانهم وعـنـدهم فـنيات لا يستـطيع والـدَيهم وأجـدادهم الأوائل أداءَها حـتى يوم القـيامات، وهـذا لا يمثـل تخـلـفاً وإنما هي تغـيّرات في أسالـيـب الحـياة للأفـراد وتـطـوّر القابـليات من عام إلى عام تـفـرض نـفـسها وليس مطـلوباً من الجـيل الماضي أن يأتي بمثـلها، وإذا رفـضها مثلاً! فإن الجـيل الصاعـد لا ينـتـظـر عـقارب الـزمن الـتـقـلـدية بل ينـظـر إلى الساعة الـرقـمية ويتابع نـقلاتها الـعـددية.

إنَّ ما ورد في مقال الأخ فاروق يوسف خـيا في مناشـدته، هي العـلمية التي أرادها منا غـبطـته في توصيته وليس شيئاً آخـراً في قـوله، فـخـدُّنا الأيمن جاهـز بعـد أن لـُـطِـمَ الأيسر، ولكـن لا نـنسى قـول الرب عـن الكـيل الذي يُـكال لـنا منـذ الصباح الـباكـر وحـتى الـعـصر! وإذا كان لغـبطـته رأي آخـر فـنحـن كـلنا سمعاً وطاعة، كـما كـنا نـطـيع السيد الآمر في وحـدتـنا وأكـثر.

يُـسعـدنا دائماً أن نـقـرأ خـبراً عـن غـبطـته ومقالاً بخـط يـده وأنْ نـرى صورة عـن لـقائه ولكـنـنا في ذات الوقـت لسنا كاميرا فاقـدة الإحـساس كي نـطبع مقاله عـلى ورقة سيـليـلوزية ولا نستـنـسخ صورته لوحة صامتة نضعـها في ألبوماتـنا العائـلية، وإنما نـقـرأ ما بـين سـطـورها ونحـلل ما فـيها ونرى مَن يقـف في مقـدمة صورته ومَن خـلفـها، ونحـن جـنود إستـطلاعـيون نمشي أمامه ونـدلـّه عـن أية مطـبّة فـيها ونوعـها، ولكي لا يظـن السوء بنا في كـلامنا، نـذكـِّـره ــ إنْ كان غـبطـته من المتابعـين في تـلفـزيون ماضينا ــ ربما صادف أنْ لاحـظ الرئيسَ السابق عـنـد زياراته في داخـل المؤسّـسات أو أمام البنايات ذات المدرّجات، أن شخـصاً مهـندَماً أنيقاً كان يمشي أمامه بضعة أمتار مهمته إعـطاء إشارات بأصبعه (له ـ وليس لـغـيره) لـيـدلّه عـلى إتجاهات الطرقات ومكان المدرّجات، إنه رئيس الـدولة يمشي مَـلـَـكاً لا يلتـفـتُ لكـل صغـيرة وكـبـيرة عـنـد الممرات ولكـن عـوائق طـبـيعـية أو (مخـفـية !) قـد تصادفه وتجـرّه إلى ما لا تحـمَـد عـقـباه من عـقـبات، فـكان بحاجة إلى موظـف بسيط يمشي أمامه ويصرف له راتبه لـيـنبّهه إليها، وتلك! لم تـُحـسَب عـليه عـيوباً أو سلبـيات.

إنّ مهـمات عـديـدة وتركات كـثيرة ليست هَـيِّـنة، شاء الـقـدر أن تـلـقى عـلى أكـتاف غـبطـته الكـفـوءة وأمام عـينيه الأمينة، ونحـن متأكـدون أنه لو لم يكـن قادراً عـلى مواجـهـتها ما كان يقـبل بالنهـوض بها وفي ذات الـوقـت ليس إعـتماده عـلى نـفـسه وإمكانياتها، فـبعـد الإتـكال عـلى الله هـناك عـدد لا يُـحـصى من مؤازريه عـلى طريق الحـق ومصاعـبها.

إنّ أخـطاء الماضي تـثيـرنا وطروحات كـثيرة عـنـدنا وملاحـظات مهمة في جـعـبتـنا لا نـريـد عـرضها دفـعة واحـدة كي لا تـطـيل كـتاباتـنا ونربك مقابـلـنا، فالمَهَـمَّة جـديـدة والأيام طـويلة والـقـضايا متباينة وكـما قال الأخ حـبـيب تومي (ينبغي أن نكـون كـرماء في إتاحة الفرصة لـﭙـطركـنا… ومن حـقـنا أن نـفـتخـر بهـويتـنا دون الـتعـرّض لـغـيرنا). نعـم إنَّ شيئاً واحـداً مطـلوب منا نعـتـز به جـميعـنا وغـبطـته معـنا، أنْ لا نـفـرّط بهـويتـنا التي إعـتـزتْ وتميَّـزتْ بها كـنيستـنا الكاثـوليكـية لشعـبنا الكـلـداني تحـت إسم ﭙاطـريـركـية بابل عـلى الـكـلـدان… والـبقـية تـنـتـظـرنا… فإنـتـظِـرنا سـيِّـدنا.

بقـلم: مايكـل سـيـﭙـي

سـدني ـ 15 شـباط 2013

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *