درب الصلـيب ليس حادثة مرور مأساوية ، ولا وفاة شخـص في المستـشفى بعـد إجـراء له عـملية ، إنه مسار يتجه نحـو جـبل لـيرتـقـيه الرب المسيح فـتـتـوّجَـتْ حـياته بالصلب عـلى خـشبة التـضحـية من أجـل الـبـشرية …. إنه طريق مليء بالآلام يُـساق عـليه رب الكـون بكـل عـنجـهـية ، إلى حـيث يُـصلب بعـجـرفة ناكـريه بعـد محاكـمة لا تـرتـقي حـتى إلى درجة الصوَرية … في ذلك الـدرب سبقـتـنا نساء أورشليم حـين تأمّلنَ وبكـينَ وهُـنّ ينـظرنَ المسيح والجـنـودَ الرومانيّـين يقـودونه ، تـؤازرهم تظاهـرات أولـئـك الـذين كانـوا البارحة يهـلهـلـون له ويفـرشـون الأرض أمامه قائلـين مبارك الآتي بإسم الرب ، والـيوم خـذلـوه ! فهـل نـفـرح لآلامِه أم نـتأمل آلامَه ؟ ………. أي أم أو أب أو أخـت أو أخ يقـبل أن يُعـدَم إبنهم بعـد وعـدٍ لهم بأنه سيكـون بعـد قـليل في الملكـوت ؟ كـونـوا واقـعـيّـين معـنا ولا تـتـفـلسفـوا عـلينا .
إن التأريخ نـفـسه قـد تأمّلَ صَلب المسيح عـلى أفـواه الأنبـياء قـبل ميلاده …. وتأمّله كـذلك سمعان الشيخ عـنـد الهـيكـل في طفـولته … أما عـنـد صلـيـبه فـقـد بكـته بمرارة وتأمّلته أمه مع المجـدلية عـلى جـلجـلته ، وهـناك ضمائر حـية عـديـدة في حـينها أنـصفـته …. وها نحـن نـتأمله منـذ 2000 سنة حـين إخـترناه وآمنا به رباً ومخـلصاً ، فـما الـذي يـريـده البطرك ساكـو منا بتعـليماته الغـريـبة التي نـشرها في 1 شـباط 2016 وكأنه هـو المؤمن الـوحـيـد ليقـول (( نحـن نـؤمن بأن الألم يحمل أملا وأن يسوع حي وممجـد ، وكل لاهـوتـنا المشرقي ينطلق من القـيامة )) …. ثم يخـتم فـتـواه قائلاً (( تغـطية التماثيل بالـقماش الأسود يوم الجـمعة العـظيمة ، هـذا يجـب أن ينـتهي )) ! ؟ أي نموذج من بطـرك أنت يا بطرك ساكـو ؟ http://saint-adday.com/?p=10393
فـنسأله : هـل أن اللاهـوت المغـربي ينـطـلق من الميلاد مثلاً … وهـل اللاهـوت الشمالي ينـطـلق من العـماذ ، كي يقـول أن لاهـوته المشرقي ينطلق من القـيامة ؟ … أم أنه بإكـثاره من مصطلحاته الطنانة سـيـوحي لـنا بأن إيمانه أعـمق من إيمانـنا وتـفـكـيره أوسع مما عـنـدنا ؟ .
إنّ قـيامة المسيح قـد تـوّجَـتْ خـطة الله في خلاص الـبـشرية ، نعـم ولكـن نسأله : هـل نـنسى سيناريـو حـياته ؟ هـل نـنسى ميلاده فلا نحـتـفـل به (( لأنه قام )) ؟ هـل نـلغي دخـوله إلى الهـيكـل (( لأنه قام )) ؟ هـل نلغي ذكـرى عـماذه (( لأنه قام )) ؟ هـل نلغي تجـلـيه (( لأنه قام )) . وهـل نلغي صَلـبه (( لأنه قام )) ؟ …………. وبالتالي هـل نـنسى ألام جـمعـته العـظيمة جـمعة الآلام (( لأنه قام )) ؟ …
أبدا لـن نـنسى ، لأن هـذا ليس ما تـقـوله لنا طقـوسنا الكـلـدانية الكاثوليكـية ليوم الجـمعة العـظـيمة .
أخي البطرك : من أين لك هـذه الأفـكار ؟ ومَن هـو الـذي يـوجّهـك ويُـعَـلمك ؟ لـقـد جـلـدوا يسوع ، بصقـوا في وجهه ، حـمّـلـوه الصليب قـبل أنْ يحـمله ، وقع تحـت ثـقـله ثلاث مرات ، تـوّجـوه إكـليل الشوك وهـو معـلـق عـلى الصلـيـب ، أعـطوه خلاّ ممزوجاً بمرارة ….. ألا تـستحـق هـذه كـلها في بصرك وبصيرتـك كي نـتأمّل ألامَه في الجـمعة العـظيمة التي تحَـمّلها من أجـل معاصينا ومعاصيك …. حـتى تأتينا بفـتاويـك ، ثم لخاطر حججـك اللامنـطـقـية ، عـلـينا أنْ نـرضيك : قالت القـيامة وحـكـت المشرقـية وقال الممجـد ؟ … وتخـفي من ورائها أفـكارك الغامضة الغـريـبة والمجهـولة بالنـسبة لـنا ؟ .
إن الصليب بـدون مصلوب ــ رمز صليب النساطرة الذين خافوا من الإسلام الفاتح وإتهامات المسلمين ــ والـذي أنت مغـرم به وتسميه ( مشرقي ) ، ليس رمزاً للـقـيامة إطلاقاً ! بـدليل كان موجـوداً قـبل ميلاد المسيح كـوسيلة للإعـدام … وحـين كان الرومان ــ قـبل الميلاد ــ ينـظرون إلى أي معـدوم عـلى صلـيـبٍ ، فإنهم لم يتحـدثـوا عـن قـيامة ــ عـصفـور ولا حـشرة ــ ؟ لكـن القـيامة صار لها معـناها اللاهـوتي حـين صُلـِبَ المسيح عـلى الصليب ثم دفـنه وقـيامته بعـد ثلاثة أيام ، فلا يمكـنـنا أنْ نـفهم الـقـيامة إلاّ والمسيح عـلى الصلـيـب لـيُـذكــّرنا بـكل محـطات حـياته حـتى قـيامته .
إن مسيرة ألـفي سنة من عـمر المسيحـيّـين مليئة بصلوات طـقـوسـنا الشرعـية وبـذكـريات المواعـظ والمحاضرات والكـتب والصور والمخـطوطات ، ومواكـب درب الآلام في أيام جُـمَع الآلام .. إن حـياتهم غـزيـرة بـدماء الشهـداء .. ومثـلما كان رمزاً لـلعـنة التي قـبـِلها المسيح عـوَضاً عـنا ، فـبعـد القـيامة صار الصليب : الضمان لنا ، فـتحَـمّل المؤمنـون إضطهادات وقـطعَ الرقاب بسبـبه ومن أجـله … فهـل تـمحى كـلها بـبـضعة أسطر يكـتـبها صاحـب الفـضيلة والجلالة والعـظمة حـضرة البطرك لـويس ساكـو الفائـق الإحـتـرام والـوقار بـقـوله :
(( تغـطية الـتماثيل بالـقماش الأسود يوم الجـمعة العـظيمة ، هـذا يجـب أن ينـتهي )) ؟ …..
نعـم يمكـنـك أن تـنهـيها في بـيتـك وبـيت أخـوك وأبـوك وأنت عـمرك ستين سنة ، ولكـن ليس في كـنيستـنا العـريقة وعـمرها 2000 عام …. وهـنا لا بـد أن نـسأل لـنـقـول : ألا يوجـد مطران كـلـداني يقـف ويقـول لك من أين لك هـذه الفـتاوي ؟ هـل جـميع أساقـفـتـنا يقـولـون لك سمعاً وطاعة أمام فـتاويك الخارجة عـن تـقالـيـد كـنيستـنا العـريقة ؟ ماذا دهاهم ، هـل صمت لسانهم ؟
إذا كان سماحة مولانا فـضيلة البطرك ساكـو قـد شاهـد فـيلم آلام السيد المسيح التي تـوقـظ الحجـر .. أفلا تـثـير تلـك الآلامُ ، ألاماً في نـفـسه ؟ أي بطرك يكـون هـذا ؟
وبعـد كـل ذلك تأتينا بتأريخ 29 شـباط 2016 سـكـرتاريته المتملـقة له والتي لا تعـرف شيئاً عـن اللاهـوت … لـتخـتـبر فـرحها في تأملاتها رتبة درب الـصـلـيب …….. ولا نـدري بأي مخـتـبر إخـتـبرتها فخـطـرتْ بـبالها فـكـرة بحـثها عـن الفـرح وهي تـرى الحـزن يعـتمـر الـوجـوه التي حـضرت مراسيم درب الصـليـب ؟ أي تـفـكـيـر ساذج هـذا . http://saint-adday.com/?p=11451
فالحـقـيقة الباقـية إلى الأبد هي :
لولا يسوع الرب المصلوب عـلى الصليب ، الرب الذي دفع ثمن خـطايانا ،لما حـصل هـذا التوافـق بـين عـدالة اللهورحمته لنا نحـن البشر .