العيد…واتفاقية نبذ العنف والكراهية ..

تمر علينا هذه الايام مناسبة عيد الفطر المبارك وهو أول أعياد المسلمين يحتفلون به في أول يوم من أيام شهر شوال، وعيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان ويكون أول يوم يفطر فيه المسلمون بعد صيام شهر كامل ولذلك سمي بعيد الفطر، ويلتقي الناس في العيد ويتبادلون التهاني ويزورون أهلهم وأقرباءهم، كما يزور المسلم أصدقاءه ويستقبل أصحابه وجيرانه، ويعطف على الفقراء.

للعيد ألوان عديدة، كلها ألوان زاهية وجميلة، و يجمعها شعور واحد، شعور الفرحة، ولا يقف عند حد أكل الحلويات، وشراء الجديد من الثياب، ولكن للعيد معنى أعمق من هذا كله؛ فهو نظافة القلب والروح وهو الهدية التي أنعم الله بها على الجميع لتوظيف التسامح والتاخي بمعناه الحقيقي.

لست هنا لأتلون بالمثالية امامكم، لكني فكرت في ان نعقد اتفاقية روحية يوقعها كل منا مع نفسه ، مضمونها يستند الى قبول الاخر كما هو ، ونبذ العنف الكراهية وبدء صفحة جديدة ، وخصوصا بين الفرقاء من السياسيين، لأن الحياة تحكمها مجموعة من التجارب والخبرات المتراكمة وهو ما يدعونا دائماً للنظر إليها واستخلاص العِبر منها، فما شهدته مدينتنا الموصل من تجربة قاسية على الجميع ، وبقدر ما كان فيها من سلبيات إلا أنه يمكن تحويلها الى الصلاح والخير، حتى نتمكن من المضي نحو مستقبل زاهر لنا ولأجيالنا اللاحقة، فكل الشعوب التي نراها اليوم متحضرة ومتقدمة مرت بهذه الأزمات القاسية وربما اشد قساوة منها، إلا أنها وضعت أمامها أهدافاً واضحة المعالم واتفقت على تحقيقها، فالاتفاق مفتاح تقدم الشعوب ورقيها، وما يجمعنا في الموصل من تآخٍ وترابط وتواصل علينا جعله القاعدة لهذا الاتفاق الذي يمكن أن ننطلق منه جميعاً.

فليكن عيد الفطر المبارك يوماً للتوافق ومناسبة لإصلاح ما أفسدته الأحداث وما تركته من ضرر في الأنفس، ونجعل عنوانه التآخي ورفض العنف ، فعيدنا جامع ومناسبة للتواصل مع كل من ابتعد عن أصدقائه وزملائه وجيرانه وما يربطه بهم من العيش المشترك ووحدة المصير، ولتكن هذه المناسبة فاتحة طريق لمستقبل أبنائنا نحو حياة مشتركة تجمعها المحبة، والوحدة الوطنية بعيداً عن المواقف السياسية، فكل هذه الظروف طارئة وسوف تنجلي، فنحن جميعاً متفقون على هدف العيش بكرامة وسلام في وطن يضمنا جميعاً.

في الختام علي ان اتذكر واذكر، كمْ مسلم من مذهب معين هنأ اخيه المسلم من المذهب المختلف… وكم مسيحي هنأ جيرانه او صديقه او زميله المسلم في العمل ، وكم كرديا هنأ عربيا ، وعربيا هنأ كورديا بهذا العيد السعيد ، وكم ايزيديا زار اخاه في الوطن والانسانية بهذا العيد المبارك وكم وكم وكم .

نصيحتي الى من يجب ان يتوقف عن بث الشرور والعنف وخطاب الكراهية ان يعترف اولا بالمسؤولية ويعتذر للموصل واهلها وللعراق عموما، وعن قناعة وايمان لا عن توظيف سياسي… “وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحّص مافي قلوبكم والله عليم بذات الصدور” (آل عمران)… يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “قل الحق ولو كان مرا”، وهؤلاء خالفوا باسم الدين والحق غالبية المبادئ والتشريعات، وليعودا الى رشدهم، عسى الله ينظر الينا بعين الرحمة ((والله غفور رحيم )) .

 

بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *