الرياضة القومية في فرنسا .. ماهي ؟ وما قواعدها ؟

دون أدنى شك، تعتبر كرة القدم من اكثر الرياضات رواجا في العالم بأسرة ، ومع ذلك تحتفظ كل دولة برياضتها القومية الخاصة بها، فمثلا الرياضة الاكثر شعبية في فرنسا هي رياضة القيام بالمظاهرات، والدليل غلى ذلك ان 3655 مظاهرة غطت شوارع العاصمة الفرنسية في عام 2011 أما سنة 2012 فقد وصلت عدد المظاهرات لغاية شهر مايس الى 1208 وبعدها حجبت شرطة بلدية باريس اعدادها اللاحقة ،هذه الارقام قد تبدو خيالية ولكنها حقيقية ، فما هى الاسباب التي تدعوالى هذا العدد الهائل من المظاهرات ؟ وما هى قوانين اللعبة إن جازة لنا التعبير ؟ . يعرف عن الشعب الفرنسي عالميا بأنه شعب متذمروصعب الارضاء ، ولكن هذه الصفة لاتعد بالضرورة صفة سلبية فلولاها لما قام هذا الشعب بثورات متتالية ولما تميزتأريخه بزلازل سياسية منحت فرنسا ماهي عليه من مكانة مرموقة في العالم في يومنا هذا ، فحق التظاهرات العامة تم منحه عشية قيام الثورة الفرنسية عام 1789 ، ولكن مهما تعددت اسباب التظاهر من إجتماعية أوسياسية أو اخرى متعلقة بشؤون دولية أو بمشاكل محلية ، فإنها تنجز بشفافية عالية دون وقوع أي حوادث تذكر تحت رقابة شرطة باريس ، التي تضمن حسن سيرها وهى المسؤولة عن منح التراخيص لها وليس للمحافظة أي علاقة بذلك .

أما عن قواعد اللعبة ، فهى بسيطة جدا ، فلكل فرد الحق بالتظاهر وليس بالضرورة أن تكون مدعومة من قبل جهة معينة أو حزب أو منظمة . فيكفي اخبار دائرة الشرطة قبيل موعدها بواسطة البريد الالكتروني ، أو الفاكس او برسالة بسيطة تدون فيها أسماء3 أشخاص يقومون بتنظيمها كي تستطيع الشرطة توظيف الوسائل والموارد المادية والبشرية من أجل الحفاظ على الأمن وتجنب وقوع الحوادث .

ولإعطاء فكرة عن طبيعة المظاهرات التي تعم شوارع العاصمة ، نذكر منها التي وقعت لادانة ما يحدث في سوريا أو لموظفي المطارات من أجل زيادة رواتبهم أو التي تندد بالاصلاح في نظام التقاعد الحالي أو مظاهرة قراصنة الانترنت من أجل تحميل البرامج مجانا .. الخ ، ومن الجدير بالذكر ان معظمها تحدث حول ساحة باستيل بسبب أهمية هذا الموقع تاريخيا .

ولايضاح المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه المظاهرات ، تحولت إحداها الى إنتفاضة بل وثورة عارمة غيرت وجه فرنسا ومسار تأريخها وهى ثورة مايس من عام 1968 ، التي أخذت بعدا خطيرا أرعبت الجنرال ديكول ولاذ بالفرار من موقعه في قصر ألاليزيه الى جهة مجهولة واختفى عن الانظار لمدة ثمان وأربعين ساعة دون ان يعرف حتى رئيس الوزراء أين هو . أموركثيرة دعت الى القيام بهذه الثورة ، ففي ذلك الوقت كان المجتمع الفرنسي مجتمعا محافظا من الناحية الاخلاقية والجنسية والسياسية ، ونظامه الرأسمالي كان نظاما ظالما لطبقات الشعب العمالية والفلاحية والطلابية . ولهذا ابتدأت الثورة بحركة إحتجاجية طلابية عنيفة أدت لاحقا إلى تحرك العمال ونتج عنها إضراب شامل شل البلاد بشكل تام وأدى بدوره الى أزمة سياسية كبيرة . وهذا ما لم يحصل في أي بلد غربي اخرولكن فرنسا خرجت اكثر قوة وشبابا بعد تلك ألازمة الرهيبة التي هزتها في اعماقها .والمؤيدون لها يعتبرونها اكبر نسمة حرية هبت عليهم في العصرالحديث إذا ما استثنينا الثورة الفرنسية.بقيت كلمة أخيرة حول عدد المظاهرات التي منعت من قبل شرطة باريس ، فمن بين العدد الهائل والتي حدثت في عام 20 11 تم منع 3 منها فقط وهذه حالة إستثنائية قد يعود سببها الى تهديد الأمن العام أوأن أجهزة الشرطة غير مستعدة لاحتواءها لسبب او لاخر .

د. تارا ابراهيم – باريس

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *