الجـحـش وبعـران الـوالي

 

من تراث جـريـــدة عـمّـا كـلدايا / سـدني ـ 2001

 

كان لأحـد الولاة بعـرانً في بادية نائية ، أوكـلَ أمرها إلى راعي ليَهـتم بها ، مرَّ زمان حـتى طالت قامتها وحـسُن مظهـرها …. وحـين تسَطـّحَ قـليلا سنامها من كـثرة سـمنها صار يـبخـل عـليها جَـمالها ، وعـنـدها قـرر أن يـنغّـص عـليها إنـتعاشها ورفاهـيتها ، فأوصى بتسيـيرها مربـوطة في قافـلة تـنـقـل الأمتعة وتـدرّ عـليه ربحا .  

ظن الـوالي ــ الغـبي ــ أن البعـران لا تعـرف طرق الـقـوافـل في الصحـراء ، فـبعـث إليها جحشاً ( قـصير الـذيل ، طويل الأذنين ، أنكـرَ الصوتين ) يتـقـدّم القافـلة ، يمشي فـتـتبعه في طريق يعـرفها ، حـيث يعـتاش منها !.

كانت البعـران تـُحَـمَّـل أكـثر من طاقـتها ، تـُساق أياماً وليال لمسافات بعـيدة بلا ماء ولا عـلـف لها ، وهي تطيع دون تـذمّـر منها ، تمشي بصمت والتعـب لا يُـضنيها ، فـذاقـتْ الأمرَّين ثـقـلاً وجـوعاً وعـطشاً ولا تـفـتـح فاها .

 

 

ولما قـرب أجَـل ــ الوالي العـزيـز ــ تـذكــّـرَ أعـماله الظالمة وخاف من الآخـرة وعـواقـبها ، تحـرّكـتْ أحاسيس ــ الرحـمة ــ عـنـده فإستغـفـر ربه ، وطلب الغـفـران من أبناء جـلدته عـسى أن يرث ملكـوته ، وأخـيرا دعى بعـرانه التي فـنيتْ عـمرها في خـدمته ، وقال لها :

(( أقـرّ وأعـترف بأنني قـسيتُ عـليكم حملا وحـرمتكم مأكلاّ وإرتـواءاً ، في البارحة إستغـفـرتُ ربي لأني ظـلمتـكم ، واليوم جـئـتُ لأعـتـرف بآثامي أمامكم راجـياً صفحَـكم ، فهلاّ أحـظى بعَـفـوِكم لتمسَح عـني ذنـوبي بغـفـرانكم ، والله خـيراً يجازيكم )) ؟

 

سـكـتـتْ الـبعـران الـقـديـرة .. وبعـد بُـرهة قـصيرة إلتـفـتـتْ إليه مرفـوعة الرأس كأولاد الأميرة وقالـتْ :  

يا مولانا ! كـنا نـنسى التعـب والإرهاق كـلما طرح الحمل عـن ظهـرنا أرضاً … ويغـيب الجـوع والعـطش عـن بالـنا كـلما شبعـنا شـوكاً وإرتـوَينا ماءاً … فهـذه كـلها معـفـية عـنـك مجاناً …

ولكـنـنا لن نغـفـر لك حـيـن بعـثـتَ هـذا ــ الجُحَـيـش ــ يتـقـدّمنا لـيقـودنا ويحـدو بنا نحـن البعـران  .

الحـلـقة العاشرة : (( البطرك لـويس ساكـو في هـولـنـدا إمتـداد لسنهادس روما )) إنـتـظروها ….

بقـلم : مايكل سـيـﭙـي / سـدني ـ

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *