البطريرك ساكو يزور فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية: “نناشد منح الطائفة الكلدانية الحقّ الشرعي في تمثيل عادل وصحيح يساهم في صنع القرار”

الأب ألبير هشام – مسؤول إعلام البطريركية الكلدانية:

زار غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو صباح اليوم السبت، 28 أيلول، فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال سليمان، في القصر الجمهوري ببعبدا. وشكر غبطته فخامة الرئيس على مواقفه ورعايته لجميع المكوّنات في لبنان، وأبرز دور أبناء الكنيسة الكلدانية في الانخراط في النسيج الوطني اللبناني، كما ناشد منح الطائفة الكلدانية الحقّ الشرعي في تمثيلها ومشاركتها في صنع القرار اللبناني.

من جهته عبّر فخامة رئيس الجمهورية عن تضامنه الكامل مع العراق وأهله، وخاصّةً مع مسيحييه لما تعرضوا له من مضايقات وتهجير واعتداء على الأماكن المقدسة، كما يحصل اليوم في سوريا أيضًا. وأكد فخامته أنه تكلّم عن هذا الأمر المؤلم في الندوات العالمية وفي الدول المؤثرة وفي اجتماع الجامعة العربية ببغداد. كما شدد على ضرورة إشراك المسيحيين ليس بالنظر إلى عددهم الانتخابي وكثافتهم بل بالنظر إلى قيمتهم الحضارية. ووعد فخامته ببذل كل الجهود لتقديم المساعدة لأبناء الطائفة الكلدانية.

وأشار البطريرك ساكو خلال اللقاء إلى أهمية التركيز على دور المواطنة الواحدة في الدول العربية، وليس على دور المذهب الواحد، ويجب على دساتير الدول أن تنفك من الانغلاق، مستذكرًا المقترح الذي قدمه يوم أمس في اجتماع بطاركة الشرق الكاثوليك في الصرح البطريركية ببكركي وهو إنشاء تجمع مسيحي مشرقي ومجلس سياسي مسيحي يستطيع أن يعطي رؤية واضحة مستقبلية للمسيحيين في الشرق. كما طلب غبطته من فخامة الرئيس أن ينقل إلى الجامعة العربية طلب إصدار تصريح يطمأن المسيحيين في المنطقة ويعزز حضورهم مما سيساعدهم كثيرًا.

ندرج أدناه نصّ كلمة غبطة البطريرك ساكو التي ألقاها أمام فخامة رئيس الجمهورية:

فخامة الرئيس،

نتشرّف اليوم بزيارتكم يا فخامة الرئيس في هذا القصر الجمهوري العامر ونفرح بلقائكم لما عُرفتم به من مزايا يتحلى بها شخصكم الكريم، وما صدر عنكم من مواقف نبيلة وأنتم على رأس هذا الوطن الحبيب، وطن الأرز، وطن الرسالة الذي تغنّى به الكتاب المقدس وتأمله الشعراء والفنانون وكان ولم يزل واحة سلام وحرية وانفتاح وعيش مشترك وسط صحراء هذا الشرق المضطرب.

فخامة الرئيس،

إن الفسسيفساء الروحي والاجتماعي الذي يميّز هذا الوطن المضياف جذب إليه أبناء الكنيسة الكلدانية منذ القرن الثامن عشر، فانخرطوا في نسيجه الاجتماعي والكنسي وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ من المكوّن الوطني اللبناني، لا بل لعبوا أدوارًا هامّة في الميادين كافةً، نذكر منهم على وجه الخصوص الأستاذ ميشال شيحا الخالد الذكر الذي ساهم في وضع الدستور اللبناني، والأب لويس شيخو اليسوعي، بالإضافة إلى سُبحة طويلة من الأسماء المضيئة التي أدلت بدلوها في سبيل خير هذه البلاد وارتفاع شأنها.

واليوم، إذ نزور هذه البلاد التي تنعم برعايتكم الرشيدة، وقد تبوأنا السدة البطريركية للكنيسة الكلدانية، نقدّم باسم كنيستنا إكليروسًا وعلمانيين آيات الشكر والامتنان لهذا الوطن، من خلال شخصكم الكريم… على كل ما قدمه لبنان لأبنائنا الكلدان عبر عقودٍ عديدة خلت ولم يزل صُحبة سيادة المطران ميشال قصارجي السامي الوقار رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان وسيادة المطران شليمون وردوني المعاون البطريركي، وحضرة الأم فيليب قرما الرئيس العامة للراهبات الكلدانيات بنات مريم وقدس الأب جوزيف عبد الساتر الرئيس الأعلى للرهبان الكلدان في العالم وحضرة الآباء الكهنة الأفاضل وجميع أبناء كنيستنا الكلدانية في لبنان، نحيي الشعب اللبناني الحبيب المناضل أبدًا في سبيل قيم الديمقراطية والحرية، في العدالة والمساواة وكرامة الإنسان.

ومن هذا المنطلق يا فخامة الرئيس، نناشدكم من هذا المنبر الأرفع والأسمى، أن يتمّ في عهدكم الممنون منح الطائفة الكلدانية التي نمثّل، الحقّ الشرعي في تمثيل عادل وصحيح يوصل صوتها إلى البرلمان اللبناني ويُشركها المشاركة الفعّالة في صُنع القرار اللبناني.

ينضمّ إلينا في المطالبة بهذا الحقّ المشروع والطبيعي حضرة رئيس المجلس الأعلى للطائفة الكلدانية في لبنان الأستاذ أنطوان حكيم الذي نشكره على جهوده، وحضرة الأستاذ جورج سمعان حنّاوي رئيس الجمعية الخيرية الكلدانية الناشطة ورابطة الشبيبة الكلدانية. إنّهم يجسدون في حضورهم معنا اليوم يا فخامة الرئيس دورَ العلمانيين الرائد في الكنيسة الكلدانية والذي بدونهم لا تصل الرسالة كاملةً إلى كلّ من يجب أن تصل إليه.

لن يفوتنا يا سيادة الرئيس أن ننوّه بجهود الدولة اللبنانية، رغم ضآلة مواردها، في سبيل مساعدة الإخوة العراقيين والسوريين النازحين والتابعين لكنيستنا الكلدانية والذين يتقاطرون إلى لبنان طلبًا للمأوى والمؤازرة وهربًا من آلة العنف والقتل.

إننا إذ نسأل الله أن تزول هذه الغيمة السوداء من سماء شرقنا الحبيب، نحمل لبنان في صلاتنا الدائمة ونضرع إلى ضابط الكل أن يؤازركم ومعاونيكم في كلّ عملٍ صالح وينصركم دومًا لرفع راية السلام والتآخي لتعمّ العالم حضارة المحبة.

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *