البابا يُعلن وثيقة سينودس الشرق الأوسط



قالت وكالة “الاخبار الكاثوليكية” ان قداسة البابا بنيدكس السادس عشر، أعلن عن وثيقة عمل السينودس الخاص بأساقفة الشرق الأوسط الذي سيعقد للفترة من 10 – 12 تشرين الاول القادم فيما وجه البابا نداءه الشخصي في سبيل بذل جهود، دولية، عجلة لنزع فتيل التوتر المستمر في منطقة الشرق الاوسط.
وقد تم إعداد وثيقة عمل السينودس من قِبل لجنة من بطاركة ومطارنة الشرق الأوسط وممثلين عن مكاتب الفاتيكان. وتشتمل الوثيقة على التعامل مع الحركة المسكونية والحوار بين الأديان والكنائس الشرقية الكاثوليكية والتبشير.
وتضمنت وثيقة العمل 45 صفحة باللغات العربية والانكليزية والفرنسية والايطالية. وتظهر الوثيقة أن المسيحيين محاطون دائماً بالحرب ويعاملون أحياناً كأنهم غرباء فيما اشارت الى حاجة مسيحيي الشرق الأوسط الى الدعم الخارجي ليتمكنوا من البقاء في المنطقة والمساهمة في صنع السلام.
  وتخاطق الوثيقة جميع المسيحيين، ولكن بشكل خاص للكثيرين من الذين يعيشون في الشرق الأوسط: “إن عَيش الحقيقة والتصريح بها وأعمال الخير ومتطلبات الشجاعة هي الالتزام الحقيقي، والشهادة الأكثر فعلاً هي السماح للأعمال أن تتكلم بصوت أعلى من الكلمات، والعيش بمسيحية مخلصة وإظهار التضامن من خلال عمل المؤسسات المسيحية مثل المدارس والمستشفيات.
  وتضيف الوثيقة، أن “الحياة في الغالب صعبة على مسيحيي الشرق الأوسط بسبب الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي وإنعدام الاستقرار الناتج عن ذلك في المنطقة”، مستندة في قولها هذا على ردود الاستبيان الذي أُرسِلَ الى قادة الكنائس في المنطقة. وأضافت، لقد زاد من تصاعد ظاهرة عدم الاستقرار، التهديد للوضع الاجتماعي في العراق وإنعدام الاستقرار السياسي في لبنان.

نص الخبر:

البابا يُعلن وثيقة سينودس الشرق الأوسط التي تؤكد على السلام والحوار

سندي وودن – وكالة الأخبار الكاثوليكية – نيقوسيا – قبرص.

أعلنَ قداسة البابا بنيدكس السادس عشر وثيقة عمل السينودس الخاص بأساقفة الشرق الأوسط وصلىّ من أجل “حلول عادلة ودائمة” للصراعات في المنطقة التي تسبب الكثير من الشدائد. وقال قداسته يوم 6 حزيران الجاري في نهاية القداس الذي أقامه في الساحة الرياضية في نيقوسيا: “أُكرر ندائي الشخصي لبذل جهود دولية عاجلة ومنسقة لنزع فتيل التوتر المستمر في منطقة الشرق الأوسط، وبصورة خاصة في الأراضي المقدسة، قبل أن تؤدي مثل هذه الصراعات الى المزيد من سفك الدماء”.
  وقدم قداسة البابا الوثيقة الى الممثلين عن كنائس الطقوس اللاتيني والموارنة والروم الكاثوليك والأرمن والأقباط والكلدان والآشوريين الكاثوليك الذين يعيشون في البلدان من مصر الى ايران.
  وسينعقد السينودس في الفاتيكان للفترة من 10 الى 24 من شهر تشرين الأول القادم. ويركز هذا السينودس على “التواصل والشهادة للمسيح” في المنطقة التي ولِدت فيها المسيحية، لكن المسيحيون فيها اليوم يشكلون أقلية.
  وقال قداسته للكاثوليك في المنطقة بأن السينودس سيكون مناسبةً لتسليط الضوء على أهمية الوجود المسيحي والشاهد في أراضي الكتاب المقدس، ليس فقط للمسيحيين في جميع أنحاء العالم وإنما لجيرانهم ومواطنيهم أيضاً. وأضاف، لكم الرغبة في العيش بسلام ووئام مع جيرانكم اليهود والمسلمين وتتصرفون غالباً بشكل صانعي السلام في عملية المصالحة الصعبة. وعلى الرغم من الاعتراف بهذه الرغبة لعملهم في مجالات التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الأنشطة الخيرية، إلا أن الكاثوليك في المنطقة يواجهون التمييز والتقييد في حقوقهم، بخاصةٍ حقوقهم في الحرية الدينية.
  تم إعداد وثيقة عمل السينودس من قِبل لجنة من بطاركة ومطارنة الشرق الأوسط وممثلين عن مكاتب الفاتيكان. وتشتمل الوثيقة على التعامل مع الحركة المسكونية والحوار بين الأديان والكنائس الشرقية الكاثوليكية والتبشير.
  وقد بدأ قداسة البابا اعلانه بذكر أحد أعضاء اللجنة، المطران لويجي بادوفيز، رئيس مؤتمر الأساقفة الأتراك الذي قُتِلَ يوم 3 حزيران الجاري، وقال: إن وفاته تمثل تذكرة واقعية للمهنة التي يتقاسمها جميع المسيحيين ليكونوا شهوداً شجعان في كل الظروف لما هو جيد ونبيل وعادل.
  وصدرت وثيقة العمل هذه المتضمنة 45 صفحة باللغات العربية والانكليزية والفرنسية والايطالية. وتظهر الوثيقة أن المسيحيون محاطون دائماً بالحرب ويعاملون أحياناً كأنهم غرباء. وتشير الى حاجة مسيحيي الشرق الأوسط الى الدعم الخارجي ليتمكنوا من البقاء في المنطقة والمساهمة في صنع السلام.
  وتقول الوثيقة لجميع المسيحيين، ولكن بشكل خاص للكثيرين من هم يعيشون في الشرق الأوسط: “إن عَيش الحقيقة والتصريح بها وأعمال الخير ومتطلبات الشجاعة هي الالتزام الحقيقي، والشهادة الأكثر فعلاً هي السماح للأعمال أن تتكلم بصوت أعلى من الكلمات، والعيش بمسيحية مخلصة وإظهار التضامن من خلال عمل المؤسسات المسيحية مثل المدارس والمستشفيات.
  وتضيف الوثيقة، أن الحياة في الغالب صعبة على مسيحيي الشرق الأوسط بسبب الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي وإنعدام الاستقرار الناتج عن ذلك في المنطقة. إذ استندت الوثيقة في قولها هذا على ردود الاستبيان الذي أُرسِلَ الى قادة الكنائس في المنطقة. وأضافت، لقد زاد من تصاعد ظاهرة عدم الاستقرار، التهديد للوضع الاجتماعي في العراق وإنعدام الاستقرار السياسي في لبنان. كما أكدت رفض ردود الاستبيان بوضوح أية معاداة للسامية، وبينت أن العداء الفعلي بين العرب واليهود هو عداء سياسي في خصائصه بسبب وضعية الصراع وما نتج عنه من عداء سياسي. وأضافت، نظراً للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ومعارضة وجود دولة يهودية، فإن معاداة الصهيونية هو على الأكثر موقف سياسي، وبالتالي يتعين النظر اليه على أنه أجنبيا في كل خطاب كنسي. وفي جميع هذه الحالات، يتطلب من المسيحيين تحقيق روح المصالحة على أساس العدالة والمساواة بين الطرفين.
  ويعمل الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية على خلق الصعوبات في الحياة اليومية، إذ يحدد من حرية التنقل والحياة الدينية والاقتصادية، كما يتطلب الوصول الى بعض الأماكن المقدسة الحصول على الاذن من الجهات العسكرية التي تمنحها للبعض وتحجبها عن آخرين، على أُسس أمنية. والأبعد من ذلك، يستخدم بعض المسيحيين اللاهوتيين المتطرفين الكتاب المقدس لتبرير الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين مما يجعل موقف المسيحيين العرب أكثر حساسية تجاه هذه القضية. ويفسر هؤلاء المتطرفون المسيحيون كتاب الرؤيا بالقول بأن يسوع المسيح لن يأتي ما لم يسيطر اليهود على الأراضي المقدسة.
  ومع الاعتراف بانعكاس التوترات السياسية في المنطقة على العلاقات بين أتباع الديانات المختلفة، تشجع الوثيقة مراراً وتكراراً على بذل جهود جديدة للحوار والتعاون بين الأديان. وتشير أيضاً الى أن سيطرة القيم والثقافات التقليدية في جميع أنحاء المنطقة هو عامل جدير بالثناء، ولكن ذلك قد يؤدي أيضاً الى استبعاد اؤلئك الذين يُنظر اليهم على أنهم مختلفين. وتضيف، وكعنصر من عناصر التشخيص، إن الدين لايعمل فقط على التمييز بين الناس ولكنه قد يكون مصدراً لإنقسامهم أيضاً، وذلك عند مناشدته وإحداثه للإقصاء والعداء. فالمسيحية هي ديانة أصلية في منطقة الشرق الأوسط حيث وُجدت هناك لقرون عديدة قبل ظهور الاسلام.
  وتبين الوثيقة كون العلاقات، في كثير من الأحيان، صعبة بين المسيحيين والمسلمين، إذ يعود السبب الرئيس في ذلك الى عدم تمييز المسلمين بين الدين والسياسة، وبذلك يضعون المسيحيون في موقف غير مستقر باعتبارهم غير مواطنين. وتؤكد الوثيقة على أن الاعتراف بحرية الأديان وحقوق الانسان هما مفتاح للحياة بوئام بين المسيحيين والمسلمين.
  وقال عدنان المقراني، وهو استاذ مسلم في جامعة كريكوري الباباوية وفي المؤسسة الباباوية للدراسات العربية والاسلامية في روما، قال في رسالة الكترونية الى وكالة الأخبار الكاثوليكية: إن الربط بين الدين والسياسة لايمثل جزءاً من العقيدة الاسلامية لكنه يمثل ثقافة وتاريخ العديد من البلدان ذات الغالبية المسلمة. وأضاف، والاسلام كبقية الديانات وُلِد في الفترة الزمنية حين كانت فكرة الفصل بين الدين والسياسة غي معروفة، كما كانت ديانات أخرى مبدئياً في صراع ضد فكرة الدولة العلمانية. وقال أيضاً، إن المشكلة الحقيقية في بعض البلدان التي تسمى بالعالم الاسلامي هي الفقدان للديمقراطية ويستخدم بعض الحكام المستبدين الدين لتبرير احتكارهم السياسي.
  وفي حث كاثوليك الشرق الأوسط للحوار مع الأرثودكس واليهود والمسلمين والدروز، قالت الوثيقة: “ينبغي على الكاثوليك تجنب الانعزال في حيز محدود وفي موقف دفاعي، فالأفضل لهم تشجيع المشاريع التي تساعد أهالي المنطقة من المجاميع والأديان المختلفة ولمعرفة تعاليم بعضها البعض دون التظاهر بأن الاختلافات المذهبية فيما بينها غير مهمة.
  وقال البيان إن القوة العسكرية للقوي والغضب والعنف للضعيف لم تجلب السلام الى الشرق الأوسط، ولهذا، فالحل الوحيد والمعقول لمشاكل المنطقة هو الالتزام بالحوار والمصالحة.
  وعلى الرغم من احتمال رفض جهود السلام، لكن هناك امكانية لقبولها بعد الأخذ بنظر الاعتبار كون طريق العنف الذي تبناه كل من الطرفين القوي والضعيف قد قاد الشرق الأوسط الى لاشيء غير الجمود العام.

You may also like...

1 Response

  1. شرقي says:

    في السادس من شهر يونيو 2010، وفي نهاية زيارته لأسقفية الشرق الأوسط بمقرها في قبرص، قام بنديكت 16 بتسليم خطة عمل “سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط ” المزمع إقامته من 10 إلى 24 أكتوبر 2010 في مقر الفاتيكان بمدينة روما.
    وكان البابا يقوم بالإعداد لهذا المجمع الهجومي الجديد على الإسلام، كما هو مكتوب، منذ رحلاته إلى تركيا (28/11 ـ 1/12/2008)، ثم إلى كل من الأردن وإسرائيل وفلسطين (8ـ15/5/2009)، وأخيرا إلى جزيرة قبرص (4-6/6/2010)، ليستكتب أساقفتها آراءهم ومطالبهم لتأتي صياغة خطة عمل المؤتمر النهائية عن لسانهم كعادته دائماً…

    وتتكون الوثيقة من تمهيد، ومقدمة، وثلاثة فصولٍ عناوينها:
    الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط.
    توحيد الكنائس.
    شهادة المسيحيين.
    أما الخاتمة فهى عبارة عن تساؤلٍ هو خلاصة الوثيقة إلى حد ما، إذ تقول: “أي مستقبل لمسيحيي الشرق الأوسط ؟”…
    وتأتي الإجابة في العنوان الفرعي له شديدة الوضوح واضحة المغزى: “لا تخش شيئا، أيها القطيع الصغير!”…

    نعم، لا تخش شيئاً أيها القطيع الصغير، فالوثيقة لا تكف عن تكرار أن المسحيين في الشرق الأوسط أقلية ضعيفة و تعاني من الاضطهاد، لذلك تطالب كل العالم المسيحي ليتحرك لإنقاذهم من الظلم والإنقراض!!

    فهذا هو أحد أهم مضامين الوثيقة التي تقع في إثنين وخمسين صفحة في النص الفرنسي وأربعين في النص العربي…
    التدخل لحماية الأقليات المسيحية بأي وسيلة وبأي ثمن!! ويا لها من مغالطات فجة…

    والمسألة شديدة الوضوح منذ أولى الكلمات، إذ نطالع في المقدمة: “أنه لكي نفهم وضع الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط اليوم، لا بد وأن يكون حاضرا في ذهننا وثائق مجمع الفاتيكان المسكوني الثاني، إلى جانب مسودة خطة العمل هذه، وتعاليم البابوات السابقين والكرسي الرسولي حول كل بند من هذه البنود، إضافة إلى مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية، والقانون الكنسي الغربي”.
    أي أنه مجمع لتكريس وترسيخ الوجود الفاتيكاني الككاثويكي في الشرق الأوسط لاستخدام الأقليات المسيحية في حربه الجديدة في سياقها ضد الإسلام…
    وأقول الجديدة لأن البابا ينوي هذه المرة اللجوء إلى الغرب المسيحي المتعصب وإلى المؤسسات الدولية كهيئة الأمم وغيرها في محاولته الشرسة للقضاء على الإسلام والمسلمين، وفقا لما قرره مجمع الفاتيكان الثاني لتنصير العالم (1965)…

    أما عن هدف هذا السينودس غير المسبوق في تلاعبه بالألفاظ و في ليّ الحقائق، فهو كما يقول النص: “تأكيد وتقوية المسيحيين في هويتهم، وإحياء الوحدة بين الكنائس ذات الحكم الذاتي”…
    وهذه العبارة الأخيرة مكتوبة باللاتينية في حين كل نصوص الوثيقة باللغات الأجنبية: (Sui iuris)، بدلا من استخدام عبارة “الكنائس المنشقة” التي كانت تستخدم سابقا…
    مثلما كف الفاتيكان عن مناداة اليهود بعبارة “قتلة الرب”، وأصبح يناديهم بعبارة “الإخوة الأكبر”.. بمعنى السابقون في الإيمان.

    والوثيقة تغص بمثل هذا التلاعب بالألفاظ من باب التمويه على القارئ غير الملم بالتعبيرات الأساسية المستخدمة، ومنها على سبيل المثال: عدم إستخدام عبارة “تنصير العالم” الشهيرة منذ مجمع الفاتيكان الثاني، وإنما قول: “توصيل النبأ السعيد إلى كافة البشر”، والنبأ السعيد في العرف الكنسي هنا هو “الإيمان بحياة وموت وقيامة ربهم يسوع”!!، وكذلك عدم استخدام تعبير “توحيد الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما”، وإنما قول: “أن تلتف الكنائس حول أسقف روما (وهو أحد ألقاب البابا) خليفة بطرس، الراعي العالمي للكنيسة، من أجل الكنيسة العالمية”، ولكي يتم تحقيق هذا المطلب لا بد من تدعيم دور الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط على كافة المستويات بدءاً بالكنائس المنشقة، وذلك من أجل “تزويد المسيحيين بأسباب وجودهم في مجتمع ذي أغلبية مسلمة، ومعرفة ما عليهم القيام به بصورة واضحة بفضل توجيهات رعاتهم”، أي أنه مزيد من التوغل الفاتيكاني الكاثوليكي في الشرق الأوسط ومزيد من الاستخدام لوجود المسيحيين المحليين في عملية إقتلاع الإسلام والمسلمين التي يعدّون لها، وإن أمكن أن تتم بتعاون بعض المسلمين الذين يقبلون التواطؤ! وإن كان الفاتيكان يطلق عليهم عبارة:
    “حكماء المسلمين”!..

    ولا يسع المجال هنا لتناول كل بنود الوثيقة المليئة بالتحايل والأكاذيب، فعدد بنودها 123 بنداً، وكل بند بحاجة إلى عدة صفحات لشرحه وشرح خباياه الملتوية، وتكفي الإشارة إلى أهم وأوضح التعليقات الصادرة في فرنسا التي وصفت هذه الوثيقة بأنها “نداء إلى حرب صليبية جديدة ضد الإسلام”، أو “أن البابا يستعدي مسيحيو أوروبا على الإسلام”، أو “البابا يحث أوروبا المسيحية لنجدة إخوانهم من الإبادة في الشرق الأوسط “، أو “البابا يدعو أوروبا إلى حماية أصول جذورها المسيحية في الشرق الأوسط”…
    ورغمها سأتناول أهم الفريات لعلها توقظ حمية المسؤلين عن الدين في بلداننا بدلا من الصمت المهين، ومن هذه الفريات:

    * “أن المسيحين الأوائل وجدوا العداوة من سلطات شعبهم الدينية، فقد كان وطنهم يرزح تحت الاحتلال ويخضع لسلطة الإمبراطورية الرومانية (…)، وأن الوضع في الشرق الأوسط يماثل في كثير من الأوجه الوضع الذي عاشته المسيحية الأولى في الأراضي المقدسة”…
    وكأن المسيحيين يرضخون تحت نيران “احتلال المسلمين” لأراضيهم ويسومونهم أشد أنواع العذاب أو يلقون بهم إلى ساحات الأسود الجائعة!
    * “أن النصوص المقدسة كتبها رجال ملهمون من الروح القدس على أراضينا وبلغاتنا وهذه النصوص الإلهية تمثل مرجعية حتمية لا يمكن التغاضي عنها في الشراكة بين الكنائس وفي الشهادة بها، وفي أن تكون نصوص الأناجيل مصدر إلهام المسيحيين العاملين في الحوار بين الأديان وفي توحيد الكنائس وفي النشاط السياسي”…
    والطريف هنا أن الوثيقة تقر بأن الأناجيل لم تعد “منزلة من عند الله”، وذلك مراعاة لكل ما تضمه من متناقضات.
    * و”أن الكنيسة إنقسمت على أثر مجمعيّ إفسوس عام 431 وخلقيدونيا عام 451 لأسباب كريستولوجية” أي متعلقة بالمسيح، لتفادي عبارة أنها “خلافات عقائدية أساسية وأن التراجع عنها يعني التراجع أو التنازل عن العقيدة التي يؤمنون بها…
    ومنها: هل المسيح ابن الله أم بشر، هل له طبيعة واحدة أم طبيعتان، هل هو الله أم مجرد نبي كما يقول هو عن نفسه في الأناجيل ؟ الخ الخ..؟
    * تطالب الوثيقة كافة الكنائس المنشقة وعددها حوإلى 350 كنيسة بتوحيد عيد الميلاد وعيد الفصح، وقد تم ذلك فعلا هذا العام. فمن المعروف أن السيد المسيح له ثلاثة أو أربعة تواريخ ميلاد في الأناجيل، وأن الفرق بين عيد الفصح في العقائد المختلفة يصل إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع تقريبا وفقا للعقيدة والتقويم…
    والطريف أن الوثيقة تؤكد أن هذه الاختلافات قد تم تخطيها بالبيانات المشتركة بين البابوات والأباطرة بينما الأتباع نيام أو غير مدركين بما يتم من تلاعب في عقائدهم.
    * تكرار “أن هذه الأرض التي نشأت عليها المسيحية هي أرضنا وأن ضياع المسيحية حيثما وُلدت يمثل خسارة للكنيسة العالمية، لذلك لا يجب الحفاظ على هوية المسيحيين فحسب وإنما الحفاظ على روح الإنجيل بين الشعوب المسيحية، وفي علاقاتهم مع غير المسيحيين والحفاظ على ذكرى الأصول الأولى حيّة”…
    وما على المسلمين إلا الطاعة وقبول التنصير، فذلك من المطالب المتكررة!!
    * و”لأن الكنيسة رسولية بطبعها فكنائسنا لها مهمة محددة هي توصيل الإنجيل للعالم أجمع”…
    وهذه هي الصياغة الأولى الواردة في نصوص مجمع الفاتيكان الثاني قبل قولها صراحة “تنصير العالم”.
    * و”يجب على الكاثوليك العمل على تقديم أفضل مساهمة في تعميق مفهوم “الدولة العلمانية الإيجابية” بالإشتراك مع باقى المواطنين المسيحيين ومع المسلمين المفكرين والمصلحين”، وبذلك سيخففون من الصبغة الدينية والحكم باسم الله لدى بعض الحكومات مما يساعد على إيجاد علمانية إيجابية “…
    والمضحك أن نفس هذا البابا يسعى إلى إعادة غرس المسيحية في أوروبا وإقحامها في كل شيء، بينما يحاول تخريب الإسلام القائم على الربط بلا انفصال بين الدين والدنيا لفرض العلمانية التي يشكو منها في الغرب.
    * “استخدام كافة وسائل الإعلام الحديثة والإنترنت لتكون في خدمة الإبرشيات لنشر رسالة المسيحية ومجابهة التحديات التي تواجهها “.
    * وأخيرا وليس آخرا: ” كل مسيحي في بلده هو حامل لرسالة يسوع وعليه تبليغها “.

    ومن أهم المطالب التي تنادى بها هذه الوثيقة:

    * “احترام حقوق الإنسان الدينية، وحرية الضمير”، أي “حرية أن تؤمن أو لا تؤمن أو أن تمارس ديانة ما علناً، أو حرية تغيير الديانة”.
    * “عملية التبشير يجب أن تأخذ في الاعتبار اختلاف العقائد والمواقف لدى المسلمين والمسيحيين”.
    * “تشجيع المسيحيين الوافدين إلى مصر على شراء العقارات والأراضي”.
    * “أن المسيحيين مواطنون أصليون في الشرق الأوسط قبل مجيء الإسلام بكثير ،وأن مفتاح التعايش بين الإثنين هو الإعتراف بالحرية الدينية “.

    ومن الواضح بصورة مؤسفة أن العديد من هذه العبارات والمطالب أصبح يرددها الكثير من الأقليات النصرانية المنساقة بلا فهم خلف هيستيريا الفاتيكان لتنصير العالم، غير مدركة أن البساط الديني بدأ فعلا ينسحب من تحت أقدامها هي، وسيعقبه امتصاص هويتها في الكاثوليكية الفاتيكانية، وأكبر دليل على ذلك هو توحيد أعياد الميلاد والفصح وفقا لكاثوليكية الفاتيكان، ومنها مطالبة الفاتيكان بالإدارة المشتركة للأماكن المقدسة في فلسطين المحتلة…
    وما خفي كان أعظم بما أن البابوات والأباطرة يقررون ويتفقون وما على القطعان إلا التنفيذ..

    أما علاقات الفاتيكان المحددة مع المسلمين فتأخذ البنود من 95 إلى 99، بخلاف ما يرد في كل الوثيقة في أماكن متعددة.
    وأساس التعامل مع المسلمين هو ما ورد في وثيقة “في زماننا هذا” التي أصدرها مجمع الفاتيكان الثاني عام 1965، و”أن الحوار مع المسلمين ضرورة حيوية يتعلق بها مستقبلنا إلى حد كبير”، متمنين “أن تتسع دائرته لتضم مزيد من المؤمنين المسلمين”…
    وهى المرة الوحيدة التي تصف فيها الوثيقة المسلمين بالإيمان، إذ أن المقصود بهم من يمشون على هوى الفاتيكان ومن يتنازلون له في كل لقاء عن جزء من مكونات الإسلام أو من أساسياته…

    ويوضح البند 96 أن المسيحيين بحكم أنهم مواطنون في نفس البلد ونفس الوطن لذلك فهم يعيشون لمجتمعهم كشهداء للمسيح وللإنجيل، ويكرر هذا البند ما سبق للبابا بنديكت 16 وأعلنه أثناء زيارته لتركيا قائلا: “رغم اختلاف أصولنا (…) فإن الإسلام قد وُلد في وَسَط كان يوجد به اليهود وأفرع مختلفة من المسيحية، وكل هذه الظروف تنعكس في التراث القرآني لذلك لدينا عددا كبيرا من الأشياء المشتركة منذ البداية وكذلك الإيمان بالإله الواحد “…
    وتواصل الفقرة: كما أن الحوار مع المسلمين له أهمية خاصة “إذ أن التراث الأدبى العربي-المسيحي الثري يجب أن يتم إبرازه بصورة أكبر”، وهو تكرار لما قيل في عدة أماكن أخرى في الوثيقة:”أن المسيحيين العرب هم أصحاب النهضة العربية”، بحيث يتم استبعاد حقيقة أن العلماء والأدباء المسلمين هم أصل الحضارة الأوروبية!
    ويا لها من مغالطات لا بد من الرد عليها على كافة المستويات، فما يقصده الفاتيكان بالبحث عن المشترك بيننا وإسقاط الباقي، يعني الخروج عن تعاليم القرآن الذي أبى ذلك البابا كتابة اسمه وقال: “التراث القرآني”.

    أما الأمر الذي لا يروق لسادة الفاتيكان فهو “أن المسلمين لا يفرّقون بين الدين والسياسة، وهو ما يضع المسيحيين في الموقف المحرج لعدم المواطنة، كما تحدد الوثيقة، في حين أنهم المواطنون الأصليون لهذه البلدان قبل وصول الإسلام”…
    واللافت للنظر الدرجة التي يتجاهل بها الفاتيكان أن الإسلام دين دنيا وآخرة أنه لا انفصال بين الإثنين!
    كما أن المسيحيين كانوا دوما أقليات ولم يحكموا أي بلد فتحه الإسلام، ولم تقم لهم قائمة إلا في لبنان عند انسحاب الاحتلال الفرنسي وقام قبل مغادرته البلاد بفرض أن يكون الحاكم مسيحيا ورئيس الوزراء مسلما، علما بأن المسلمين يمثلون الأغلبية في لبنان رغم تعدد الطوائف المسيحية.

    وباختصار شديد يمكن القول أن هذه الوثيقة المتعددة الأغراض والأهداف هي تلخيص لأهم قرارات مجمع الفاتيكان الثاني (1965) القائم على فكرة تنصير العالم وتحميل هذه المهمة على كافة المسيحيين في العالم، الكنسيين منهم والمدنيين، وعلى توحيد الكنائس المنشقة بمسميات أخرى غير تحت “لواء كاثوليكية روما”، وإنما “بالشراكة” لاقتلاع الإسلام!! وهى نفس الفكرة التي كان قد أعرب عنها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في كتاب “الجغرافيا السياسية للفاتيكان”…

    واللافت للنظر سرعة التحرك الفاتيكاني، فبعد الإعلان عن الوثيقة ببضعة أيام ذهب المطران جون سانتامو يوم الثلاثاء 15 يونيو الحالي، يرافقه الدكتور منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية في مصر للقاء فضيلة الإمام الأكبر بمشيخة الأزهر لبحث موضوع اللقاء المقبل بينهم في نوفمبر القادم، لبحث “إعادة التوازن بين ما هو مادي وما هو روحي”، وأيضا “دور المسيحيين في الشرق كجزء أصيل وفاعل في المجتمع”!، أي للبدء في تنفيذ فصل الدين عن الدولة أكثر مما هو حادث وإسناد مزيد من السلطات والتحكم للتيار المسيحي المتواطئ مع الفاتيكان..
    ومن الواضح أن هذا اللقاء سيأتي بعد انعقاد السينودس بأسابيع معدودة لتنفيذ ما سوف يتمخض عنه…

    وفي نفس الوقت سافر الكاردينال نصرالله صفير للقاء الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزى من 14 إلى 18 يونيو الحالي، لتدارس الموقف في لبنان وفي المنطقة وخاصة “موقف المسيحيين في الشرق الذين تمثل جماعاتهم ثراءاً وعنصرا أساسيا لهوية هذه البلاد “…
    وقد أعلنت المتحدثة الرسمية المساعدة لوزارة الخارجية الفرنسية “أن رئيس الوزراء برنار كوشنير قد أنشأ قسما للأديان في قلب إدارة استطلاعات الخارجية، آخذا في الاعتبار الأبعاد الروحية والدينية في العلاقات الدولية”…
    أي أن فرنسا المزعومة العلمانية قد رضخت لتيار الفاتيكان رسميا لتنفيذ مطالبه المتعصبة.

    خلاصة القول أننا في مواجهة قادمة جد شرسة، ينطبق عليها تماما الأوصاف التي تحدثت عنها الجرائد الفرنسية بأنها حرب صليبية جديدة لاقتلاع الإسلام والمسلمين بمساندة الغرب المسيحي المتعصب بكل مؤسساته المحلية والدولية، وبمعاونة كل الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط، وخاصة في مصر التي تحدثت عنها الوثيقة تحديداً…

    والأمر مرفوع إلى الإمام الأكبر في الأزهر، وإلى الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وإلى كل مسلم محب لدينه لإعداد الرد الفاصل، كلٌ في مجاله، خاصة بعد أن تم تنصير البلد شكلا، بغرس عدد لا يحصى من الكنائس بلا تراخيص، والتوحش في الاستيلاء على أراضي الدولة لضمها زورا لأديرة يقتنيها أفراد معدودين، وبعد أن أكدت الوثيقة أن المنصرون وخاصة الإنجيليون يباشرون عملهم علنا بلا أي اعتراض!!

    وتقف الكلمات في الحلق مريرة مؤلمة، فالتنازلات التي تمت فادحة، والتعصب الكنسي الفاجر والقائم على الأكاذيب والمغالطات، لم يعد يكتف بكل ما حصل عليه من تنازلات وإنما قد نوى هذه المرة الوصول إلى النهاية في محاولته لاقتلاع الإسلام والمسلمين…
    فهل من مجيب ؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *