الاثار المسيحية بالنجف ضحية الإهمال والتشدد الديني

 
أوابد تروي تاريخ مكان شكل بوابة دخول المسيحية الى العراق تنتظر من يجلو عنها غبار الزمن ويعيدها الى الوجود.
 
ميدل ايست أونلاين
 
النجف (العراق) – من محمد علي حريصي
 
 
كنوز العراق تندثر وسط تجاهل حكومي
 
ما زالت الاثار المسيحية التي تزخر بها محافظة النجف، تنتظر من يجلو عنها غبار الزمن ويعيدها الى الوجود، لتروي تاريخ مكان شكل في حقبة ماضية بوابة دخول المسيحية الى العراق.
على بعد امتار من مدرج مطار النجف (150 كيلومترا جنوب بغداد)، تشهد ثلاثة مواقع اثرية جرى اكتشافها في الاعوام الخمسة الماضية، على الكنوز التاريخية التي تختزنها هذه الارض وتعود الى حقبة المناذرة.
وتضم هذه المواقع الاسس التي قامت عليها اديرة هي عبارة عن منازل كبيرة مكونة من عشرات الغرف، بالاضافة الى قاعات للدراسة وغرف منامة وغرف للتخزين كان يستخدمها الرهبان.
ويقول شاكر عبد الزهرة جباري مسؤول التنقيبات التي اجريت في الاعوام 2007 و2009 و2010 ان “لهذه المنطقة التي تسمى بالحيرة اهمية تاريخية جدا كونها غنية بالاثار التي تشمل خصوصا أطلال الكنائس والاديرة والقصور”.
ويضيف وهو يشير الى المواقع الثلاثة ان “الاثار هنا مهملة منذ حوالى عام ولا تحظى بالاهتمام (…) على الرغم من ان عددا كبيرا من الدول الغربية مهتمة بتاريخ الحيرة باعتبارها البوابة الرئيسية التي دخلت منها المسيحية الى العراق”.
ومنطقة الحيرة كانت مملكة لسلالة المناذرة بين القرنين الرابع والسابع (310-628 ميلادي)، وقد دخلتها المسيحية عام 410 ميلادي، ليصل اليها النساطرة (الاشوريون) واليعاقبة (السريان) في القرن السادس الميلادي.
والحيرة كانت ارضا مشهورة بخصبتها ومناخها، وايضا بقصورها الكبيرة وبينها قصر عون العبادي الذي كان ينزل فيه كبار الضيوف من امثال هارون الرشيد، واديرتها العديدة مثل دير اللج ودير هند الصغرى.
ويقول الاستاذ في جامعة الكوفة يحي كاظم السلطاني ان “المسيحيين عاشوا منذ حقبة طويلة من الزمن في منطقة الحيرة حيث كانوا يشكلون نحو ثلث سكان المدينة، واشهرهم قبائل ال العباد”.
ويضيف مؤلف كتاب “اطباء الكوفة” ان “الحيرة امتازت بعدد غير قليل من الكنائس اقيمت بغرض العيش بها وممارسة مختلف الانشطة العلمية والثقافية فيها”، مشيرا الى ان سكانها اشتهروا خصوصا بالتفوق الطبي.
ويلفت السلطاني الى ان الحيرة التي تمتد من مدينة النجف الى منطقة تبعد حوالى 17 كيلومترا جنوبا “بقيت زاخرة بقصورها العامرة وكنائسها الكبيرة ومدنيتها الراقية إلى حين خضوعها لقوات خالد بن الوليد التي دخلتها فاتحة وذلك في سنة 633، وبقي اهلها على دين النصرانية”.
وعلى الرغم من اهمية الحيرة التاريخية والاثرية، الا انها لم تلق الاهتمام الذي يليق بها على صعيد التنقيب.
ويقول جباري ان “كل ما حدث فيها من اعمال تنقيب كانت من قبل جامعة اوكسفورد في ثلاثينات القرن الماضي، وبعد ذلك جرت اعمال تنقيب على ايدي دائرة الاثار في الأعوام 1938 و1956 و1957 حيث اكتشف قصر الخورنق” وقد بناه الملك النعمان الاول (582-609 ميلادي) الذي يروى عنه انه نشر المسيحية في انحاء العراق.
ويضيف جباري الذي يحمل شهادة في علم الاثار، ان اعمال التنقيب عادت الى المنطقة “عام 2007 بسبب توسيع المطار حيث اكتشفت حينها اولى المواقع الثلاث، وقد عملنا على انقاذها من عملية التوسيع”.
ويوضح “تم الحفر في هذا الموقع على شكل مربعات، عشرة بعشرة امتار في مساحة تبلغ خمسين مترا بستين مترا، وجرى اكتشاف الغرف واحدة تلو الاخرى حتى ظهرت جميع اسس الابنية المصنوعة من الطين”.
وعثر المنقبون خلال فترة عملهم على “العديد من الصلبان المعلقة على الجدران (…) وفي احدى الساحات عثر على قطعة من الرخام الشمعي كتب عليها ‘بركة من الله’ و’غفر الله لعبد المسيح”، بحسب ما يقول الجباري.
وكانت دائرة اثار النجف اعلنت عام 2009 العثور على 2100 قطعة اثرية في مناطق متفرقة من محافظة النجف، بينها عملات معدنية وقطع من الفخار، كما عثرت ايضا على عدد من الابنية التي تعود الى دولة المناذرة.
ويقول جباري ان اعمال التنقيب “توقفت قبل حوالى عام بسبب انتهاء الفترة التي حددت للمشروع، بالإضافة إلى صرف ميزانيته كلها التي لم تشمل اعمال الصيانة”.
ويخشى جباري ان يؤدي الاهمال الذي تعاني منه هذه الاثار الى “تدميرها”، في دعوة لانقاذها يوجهها الى المسؤولين المعنيين.
ومن جهته يقول راعي خورنة مار يوسف في بغداد الاب سعد سيروب حنا ان “التنقيب توقف خلال فترة الحصار، وايضا بسبب النبرة الاسلامية التي كانت تعتمدها السلطات في تلك الفترة لتحديد وتحجيم دور المسيحيين”.
ويتابع “اليوم نشجع دائرة الاثار (الحكومية) على الاهتمام بهذا الموضوع لتبيان حقيقة جذرونا وتاريخنا، ولو كان بايدي عراقية او اجنبية”.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *