الأكيتو.. التاريخ منحه الخصوصية لدى البابليين القدماء / وديع زورا

تهتم الشعوب بتاريخها وحضارتها وإبراز ثقافتها وتراثها والعمل على إحيائها بحثا ودراسة و نشرا ، لتستلهم الاجيال الدروس والعبر. وعلى أية حال ، فإن لكل جماعة بشرية معينة نمط المعرفة التاريخية الخاص بها ، والذى يعكس كثيرا من صور الحياة ألاجتماعيه والسياسية لحضارتها ، وفي هذا الاطار يعد العراق القديم مهد الحضارات من سومريه وأكديه وأشورية وبابليه إلخ ، وتشير الابحاث الأثرية الى إن الإنسان ومنذ أقدم الأزمنة أستغل مناسبات معينة من السنة أو أحداث معينة للاحتفال بها ، ولهذا فقد شغلت الأعياد والمناسبات حيزاً مهماً في الحياة اليومية لسكان بلاد ما بين النهرين القدماء هي احتفالات رأس السنة ، إذ عرفت في بلاد بابل باسم أكيتو ، ولهذه الإحتفالات جذور نستدل عليها من خلال إشارات في النصوص المسمارية التي تبين إن إحتفال أكيتو كان معروفاً في مدينة أور في الفترة التي سبقت حكم السلالة الأكدية ، وإنه كان معروفاً أيضاً في مدن سومرية مثل لجش وأوما. تدور إحتفالات رأس السنة في جوهرها حول زيارة بيت أكيتو والذي يكون على إحدى قنوات النهر ، لذلك يمكن أن نطلق عليه بأنه بيت ذو مناسبة دينية محددة للإحتفال الذي يقام في رأس السنة.

يعتبر نيسان مناسبة تؤرخ للمرور إلى العام الجديد بالنسبة لسكان بلاد ما بين النهرين منذ القدم ، وكانت بابل مركز إقامة احتفالات أكيتو التي كانت المدينة الأولى التي تحتفي بهذه المناسبة المهمة ولاحقا في المدن الأخرى ، وكان هذا العيد يعني حلول فصل الربيع ونهاية فصل الشتاء البارد وبدء موسم الاعتدال الربيعي الذي يرمز إلى الحياة والخير. 

وفي خلال هذا الإحتفال كان يقام موكب ضخم يحمل خلاله تمثال الإله مردوخ ( الإله القومي للبابليين ) من معبد أي ساكيلا الى بيت أكيتو ، ثم يعاد الى معبده بنفس الطريقة وكان من الواجب على الملك أن يساهم في هذا الإحتفال الى جانب عامة الشعب الذين يجدون متعة وفرحة بهذا العيد. إن معظم الكتابات القديمة لا تذكر لنا سوى إشارات قليلة عن تفاصيل هذا الإحتفال وطقوسه ، ولكن تلك النصوص تشير الى إن إحتفال أكيتو كان يقام في أغلب مدن العراق القديمة الكبرى مثل الوركاء وسبار واور ولكنه كان يقام على نطاق واسع في بابل منذ العصر البابلي القديم

قال الباحث في مجال التاريخ عامر عبد الرزق الزبيدي لوكالة انباء بغداد الدولية.. كان أكيتو في جذوره القديمة الأولى عيداً شعبياً لجز صوف الماشية والأغنام ، وكان يُحتَفَل به بين شهري آذار ونيسان ، ويُمثل رأس السنة الجديدة ( الإعتدال الربيعي ) ، ثم أصبح من المتعارف عليه الإحتفال بهِ في اليوم الأول من شهر نيسان كل عام في الوسط والجنوب من بلاد النهرين ، بينما لا توجد دلائل على معرفة هذا العيد في الشمال من بلاد النهرين قبل سنة ( 1200 ق . م ) ، وذلك حين قام الملك الآشوري ( تيكولتي نينورتا الأول 1214 – 1208 ق . م ) بعد غزوه وتدميره لمدينة بابل بسرقة تمثال الإله مردوخ ونقلهِ ضمن غنائم الحرب إلى بلاد آشور في شمال العراق ، مما حفز الشعب الآشوري على الإحتفال بهذا العيد لأول مرة إقتداءً وتقليداً لإحتفالات البابليين به.

بمناسبة حلول عيد أكيتو ، رأس السنة البابليه… أقدم لكل العراقيين و لأبناء شعبنا الكلداني خصوصاً أحر التهاني وأجمل التبريكات ، داعياً من الرب ان يعيده على الجميع بالخير و السلام.

المصدر

.                1 – د. هديب غزاله… رئيس قسم الآثار – جامعة بابل

2 – الصحفي … حيدر طالب الفدعم

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *