الأصول الكلدانية لآل أبونا الكِرام

” خاهه عَمّا كَلذايا “

قبل مدة ليست بالقصيرة كتبنا مقالاً، وذكرنا في ما ذكرنا فيه عن نَسَب آل أبونا ، العائلة الألقوشية الكلدانية ، وبعد عدة أيام كتب أحد المتطفلين من الذين يخولون أنفسهم بحق ليس لهم فيه حق، وقد تكلم بالنيابة عن آل أبونا، ولا ندري مَن خوله ليكون الناطق الصحفي أو الإعلامي لهم، وقال بأن آل أبونا يعيشون في غمٍ وحزنٍ عميقَين، وذلك بسبب ما نسبهم نزار ملاخا إلى ما لا ينتسبون إليه، ويقصد بأن هذه العائلة ليست كلدانية وأن الكاتب نزار ملاخا قد أعتدى عليهم وغبن حقّهم عندما قال عنهم بأنهم كلدان أصلاً، لغةً وجنساً، وقد ذكرتُ في وقتها بأن زوجتي من آل أبونا وهي تقول بأن عائلتها كلدانية أصيلة، كما أن المرحوم والدها كان يكرر دائماً القول بأنهم كلدان ولكن أجداده كانوا على مذهب النساطرة، كما كان أغلب مسيحيي تلك المناطق، ولكن البطاركة من آل أبونا تراهم تارةً نساطرة وأخرى كاثوليك، وهنا ألتقيت الأستاذ المخرج السينمائي هيثم ابونا الذي أكد بأنه كلداني ابن كلداني مع إحترامه لكافة الهويات الأخرى وبدون أستثناء، وكلنا يعرف أن أصول آل أبونا هي كلدانية صرفة، ولم نسمع يوماً أن أحداً من جميع البطاركة من هذه العشيرة أدعى أو أنتسب أو أرتضى بغير الكلدانية هوية قومية له، كما أن آباءنا وأجدادنا لم يلاحظوا على أي من أفراد هذه العشيرة إرتداءه ذلك الزي أو وضع ريشة على رأسه، كتلك الريشة التي ينفرد بوضعها الآثوريون.

يبدو أن عائلة آل أبونا قبل أن تحمل هذه الأسم حمل عدداً من أبنائها أسماء مختلفة كلقب يتلقبون به، وإن الأصول الأولية لهذه العشيرة لم يكن حلب كما هو شائع ولا ألقوش، بل كان من بغداد، فيحق لهم أن يكونوا بغادّة أصليين كما هم حلبيين وهم موصليين وهم ألقوشيين أيضاً، والشاهد على ذلك ما كتبه أحد أبناء هذه العشيرة، وهو الخوري إيليا أبن القس حنا، حيث حمل هذا الخوري ثلاثة ألقاب فهو الخوري إيليا الموصلّي، وهو الخوري إيليا البغدادي وهو الخوري إيليا الكلداني، يقول الأستاذ بنيامين حداد في سفر ألقوش الثقافي المطبوع في بغداد سنة 2001 وفي صفحة 59 منه عن إيليا أبونا ( الخوري ) ما يلي : ــ

” هو الخوري إيليا ( ألياس، إيلياس ) أبن القس حنا من أسرة عمّون الأبوية البطريركية والملقب بالموصلّي وبالبغدادي وبالكلداني “

هذا كلام ليس مني، ولكن لنفرض جدلاً بأن الأستاذ بنيامين حداد قد توهم في إثبات أصل هذه العائلة، أو تصور بأن الخوري إيليا أبونا هو كلداني، وبالحقيقة هو غير ذلك، إذن دعونا نقرأ عنه ما كتبه هو عن نفسه، ونقرأ في كتابه ( الحيوة ) أو ( بستان الحياة ) ومن نفس المصدر يقول نصاً، ” إنه القسيس إيلياس بإسم خوري بغدادي أبن قسيس حنا الموصلي من نسل البطاركة المشرقيين من طائفة الكلدانيين من عيلة ( عائلة ) بيت عمّون ” . لا أعتقد بأن هناك شكاً في ذلك، فالكلام واضح وبإعتراف الخوري نفسه، فهو كلداني القومية قالها بكل وضوح، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو / كيف يكون الخوري كلدانياً وعشيرته من قومية أخرى ؟ هل يعقل هذا ؟

يستمر السرد حيث يقول المصدر ” ولعل ( عموّن ) هو اللقب الأول للأسرة الأبوية ( أبونا ) قبل أن يترك أبناؤها مدينة بغداد ويستقروا في نهاية المطاف في ألقوش ( دير الربّان هرمزد ) “

وما يجلب الإنتباه هو أن الخوري إيليا أبونا قد لقّب نفسه بالبغدادي، بينما أبوه لقب نفسه بالموصلي، حيث يقول المصدر ( أبن قسيس حنا موصلّي ) وهذا يعني بأنه من الموصل أو حمل لقب الموصلي قبل أن يذهب إلى يغداد، أو أنه عاش في بغداد فحمل لقب البغدادي بينما والده عاش في الموصل فحمل لقب الموصلّي، ومن ثم سكنت العائلة ألقوش فحمل لقب الألقوشي، أما حمل لقب ( الكلداني ) فأعتقد بأنه لا توجد منطقة أو مدينة أو محافظة بأسم ( الكلدان ) لذا فإنه حمل لقب الكلداني والذي يدل على أصوله القومية الكلدانية، ولذلك فهي تسمية قومية صرفة مائة بالمائة، ولا سيما هو القائل عن نفسه بأنه من طائفة الكلدانيين، وهو ليس بذاك المستوى الذي لا يستطيع أن يميز في ما إذا كانت تسمية ( الكلداني ) تسمية قومية أم مذهبية أم مناطقية جغرافية، وإلا لما أستخدم المصطلحين ( نسطوري ) و ( كاثوليكي ) . وبالمناسبة يقول المصدر عن سبب إعتناق الخوري إيليا أبونا المذهب الكاثوليكي يقول المصدر في صفحة 59 ” وعن علة إعتناق الخوري إيليا أبونا للمذهب الكاثوليكي ) وفي كتاب ذخيرة الأذهان للقس بطرس نصري الكلداني في صفحة 358 يقول عن الخوري إيليا أبونا ” إنه الخوري إيليا البغدادي، ابن القس حنا الموصلي من آل عمون من نسل البطاركة النساطرة والعشيرة الأبوية وإنه قصد رومية سنة 1659م ” وفي هامش نفس الصفحة أورد القس بطرس نصري البستاني ما نصه ” وتأييداً لهذا القول روي أنه كان يوماً ثلاثة إخوة من العائلة الأبوية ، وبعد موت أحد بطاركتها تنازع أولادهم المنذورون على البطريركية ، ولما وقع الإختيار على أبن الأخ الأوسط قتله عمّه الأكبر وأستولى أبنه على المنصب البطريركي، وان يوجد في ألقوش تمثال لهذا المقتول ممثلاً بسيف يطعنه ورأسه مهشم، كما روى يوحنان هرمز آخر بطريرك من هذه العائلة الأبوية ” .

إذن التوضيح هنا لا يحتاج ‘لى شرح كثير، حيث يقول إته من نسل البطاركة النساطرة، وهذا لا شك فيه مطلقاً، ولم يقل من نسل البطاركة الآشوريين أو الآثوريين كما يتوهم البعض، فالكثيرون كانوا نساطرة في تلك الأيام، يعني على المذهب النسطوري، وبالمناسبة فإن تعريف المذهب كما أوردته الكتب هو : ــ مجموعة من المبادئ والآراء الدينية أو الفلسفية أو العلمية أو الفقهية المنسوبة إلى أحد المفكرين أو إحدى المدارس، وبهذا تكون النسطورية مذهب لأنها منسبة إلى نسطوريوس،

في كتاب ” خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ) للمطران ( البطريرك ) مار لويس ساكو وفي باب التسمية يقول نصاً ” من المؤكد أن هناك أختام بعض البطاركة ( النساطرة ) وشواهد قبورهم تحمل التسمية الكلدانية ” . ماذا يعني أن بطريركاً نسطورياً يحمل التسمية الكلدانية ؟ إن قلنا بأنهم لم يكونوا يميزون بين المذهب والقومية فهذا خطأ كبير نُجبر أنفسنا للوقوع فيه، وإن قلنا بأنه لا فرق بين الإثنين فكذلك خطأ، أما الصواب فهو وكما يقولون هم أنفسهم أن النسطورية على مذهب نسطورس والكاثوليكية على شركة الإتحاد مع روما، أما الكلدانية فهي الهوية القومية لذلك الشعب أو تلك الملّة سواء كانوا نساطرة أم كانوا كاثوليكاً،

أصل بيت الحلبي / وأما الأخ الأصغر فهو جد آل بيت الحلبي الأعلى، ولعله كان يدعى إسحق الذي بإسمه دعي أسحق جدهم الآخر، ولذلك فأصل بيت الحلبي كان من بغداد كما أن العائلة الأبوية كانت قاطنة بغداد أولاً قبل إنتقالها إلى تلحش وألقوش ” . وللعلم فقط بأن الخوري إيليا أبونا كان قد سافر إلى أمريكا وقد كتبوا عنه بأنه أول شرقي يصل امريكا . ويقول القس بطرس نصري في ذخيرة الأذهان الفصل الرابع ص 360 ” هذا وإن كوريال القسيس الكلداني العجمي في آخر غراماطيقه الكلداني يواصل سلسلة البطاركة الشمعونيين ” وأعتقد بأن كوريال القسيس هو أخ مار يوحنان هرمز الذي كان مطراناً على الموصل ، وبهذه الحالة يكون أخ البطريرك إيليا الحادي عشر أيضاً من العائلة الأبوية .

في صفحة 98 من كتاب سفر ألقوش الثقافي يذكر الأستاذ بنيامين حداد ” وتضطر روما إزاء وضع الإنقسام في الطائفة الكلدانية، وإعتقادها حتى آنذاك بوجود بطريركيتين ( بطريركية بابل وبطريركية ديار بكر ) إلى إتخاذ إجراء يمحو الخلاف، فتعمد إلى حل مار يوحنان من بطلانه وتعتبره بطريركاً على الكلدان منذ صيف 1827م “

لو كان مار يوحنان هرمز وهو من العائلة الأبوية غير كلداني القومية، لماذا يتم تعيينه بمنصب بطريرك الكلدان ؟ أو مسؤولاً عن الكلدان ؟ ويذكر نفس المصدر بأن الأب جبرائيل دنبو حصل على أمر من المجمع يتضمن بأن يتم الإعتراف بمار يوحنان هرمزد بطريركاً على الكلدان. وفي مسألة طرد آل أبونا من ألقوش يقول نفس المصدر بأن أهالي ألقوش قدموا شكوى ضد إسماعيل باشا العمادي حاكم الموصل، فاغتاظ كثيراً وأمر الأهالي بطرد بيت الأب من ألقوش ، فهجروها إلى قرية پيوس

في نشرة على موقع الفيس بوك بعنوان ( عائلة أبونا ) تقول النشرة في

النقطة 7 – عائلة أبونا أنجبت الرحالة الخوري ألياس حنا الملقب بالموصلّي الكلداني الذي يعتبر أول رحالة من آسيا وأفريقيا يصل أمريكا ، وأستغرقت الرحلة خمسة عشر سنة من 1668 – 1683 م .

وفي موقع ألكتروني آخر وهو موقع القدس نشر نفس الخبر،

نستنتج من ذلك بأن الخوري ألياس الموصلي هو كلداني القومية وهو من بيت عمّون اي من بيت الأب، إذن بيت أو عائلة ابونا قومياً هم كلدان وكانوا كذلك، وتقلبهم مابين المذهب النسطوري والكاثوليكي لا يغير شيئاً من هويتهم القومية، أو إنتسابهم الكلداني .

ويبدو لي أن من يحاول أن يطمس الهوية القومية لآل أبونا أو من يحاول أن يغير هويتهم القومية الكلدانية إلى هوية أخرى مستحدثة، او يحاول أن يستغل ظرف الأجداد في تقلباتهم المذهبية ويطغي عليها طابعاً قومياً هو كمن يبحث عن الماء في الصحراء أو كمن يركض وراء السراب يحسب أنه ماء، فما أوردناه من دلائل وبراهين لاتقبل الجدل والنقاش لكونها براهين موثقة وبقلم أبنائها . عسى أن يتعظ بعض الذين يحاولون تنسيب آل أبونا إلى غير ما هم عليه حقيقةً، فاي تنسيب لآل أبونا لغير الكلدانية كهوية قومية لهم، هو غبن بحقهم ومساس بكرامتهم وهويتهم القومية .

نزار ملاخا/ 12/10/2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *