الأصول الكلدانية لآل أبونا الكِرام ( 2 )



تحدثنا في الحلقة الأولى عن بعض المعلومات التي تبحث عن اصول هذه العائلة الأصيلة وجذورها القومية الكلدانية، ولا علاقة لهذه الجذور بالمعتقدات الدينية أو المذاهب والمدارس التي آمنوا بها، فهم أحرار في ذلك ولا شأن لنا به، ولكن نحن نبحث عن الأصول والهوية القومية لألقوش وأهل ألقوش، فلا يعني أن تقع ألقوش تحت السيطرة العثمانية بأن كل أهل ألقوش هم عثمانيوا الجنسية أو القومية، فهنا القومية ليست كالدين، قديماً قيل الشعوب على دين ملوكها، نعم أما الشعوب فليسوا على قومية ملوكهم، فهل نستطيع أن نقول بأن أهل فلسطين هم رومانيون بسبب وجود آثار رومانية أو لأن الرومان أستعمروهم مدة من الزمن ؟ وهل يمكن أن نقول بأن الأردنيين هم رومانيوا القومية والجنسية بسبب وجود المعبد الروماني في عمّان ؟ وهكذا ومن هذا المنطلق فإن إعتبار أهل ألقوش آشوريين بسبب وجود أثر يسمى شيرو ملكثا وهو آشوري وهذا يكفي لكي نؤمن ولا نقبل الجدل بهوية قومية أهل ألقوش، فلمن يفهم في المجال القومي والتاريخي فإن تعبير أو مصطلح أو كلمة ( آشور ) المراد بها رقعة جغرافية أو منطقة معينة وهذه الرقعة سكنتها شعوب، وجميع مصادر التاريخ عندما تذكر كلمة ( آشور ) تسبقها بكلمة منطقة أو إقليم وهكذا،

يقول الأستاذ بنيامين حداد في سفر ألقوش الثقافي ” وهذا يشجعنا للإعتقاد بأن الأصول الأولى لهذه الأسرة ( ويقصد أسرة آل أبونا الكِرام ) أو عمّون أو الأبوية ) قد تكون من المدائن( ساليق وطيسفون ) المركز البطريركي الشرقي الأول “.

إذن هنا أعزائي القراء، لنا وقفة، لنقول ماذا تفعل أسرة آشورية ( إن صح التعبير أو إن صحّت الفرضية ) في المدائن ؟ في الوقت الذي لم يكن أصلاً أي وجود للآشوريين في تلك المناطق، بعكس التواجد الكلداني في المناطق الآشورية ، أليست المدائن هي موطن الكلدان الأوائل ؟ بالتأكيد كما تذكر المصادر بأن هذه الأسرة هي كلدانية الأصول والعروق والهوية ونسطورية المذهب وهذا لا جدال فيه .

ويذكر المطران إيليا أبونا في تاريخه ص 43 إنه كان للبطريرك إيليا الثامن شقيق أسمه القس يوحنان الذي أنجب أربعة أبناء وهم دنخا بكره، وابراهام ويوسف وغيليا والإخوان الأخيران يوسف والأركذياقون إيليا هما أصل الدوحة التي ينحدر منها أبناء يوسف ونعمان حلبي الساكنين في مدينة الموصل.

أتحفنا الصديق العزيز الشمّاس الدكتور گورگيس مردو بهذه المعلومات القيّمة عن الإنشقاق الذي حصل في هذه العائلة نورده هنا كمعلومة نستفيد منها .

انشقاق العائلة الأبوية “آل أبونا”

يروي قصة هذا الإنشقاق آخر مطران ينتسب لهذه العائلة هو ايليا ابونا والمتوفي في قرية القوش بمنتصف القرن العشرين وبالتحديد في عام 1956م. رواها ضمن كتابه غير المطبوع بعنوان ” تاريخ بيت أبونا” باللغة الكلدانية حيث يقول: بعد وفاة البطريرك “ايليا الثامن 1617-1660م” حدث انشقاق بين أفراد البيت الأبوي نتيجة وقوع جريمة قتل فيه! فقد كان قد نُذِر صبيان من أبناء العشيرة لولاية العهد البطريركي بحسب التقليد القديم. وكان الصبيُّ الأول ايشوعياب بن دنحا، والصبي الثاني حنانيشوع بن ابراهيم،. وكان كُلٌّ من دِنحا وابراهيم شقيقين للبطريرك ايليا الثامن الراحل، ولما كان دنحا الشقيق الأكبر لذا كانت الخلافة البطريركية من حقِّ إبنه ايشوعياب، إلا أنَّ ايشوعياب هذا لم يكن متعلِّماً بما فيه الكفاية كما كان حنانيشوع إبن عَمِّه. فاختارت جماعة آل ابونا بالإجماع تقريباً حنانيشوع بن ابراهيم لخلافة عَمِّه في المنصب البطريركي رافضةً ايشوعياب رغم أحقيته، فأخذ الغضبُ من دنحا والد ايشوعياب مأخذه بسبب خذل الجماعة لإبنه، وعزم على الإنتقام ودبَّر أمرَ هروبه وعائلته بعناية.

وفي أحد الأيام وبينما كان حنانيشوع إبنُ أخيه يُصلّي في الكنيسة هجم عليه عمُّه دِنحا وقتله، وهرب مع أفراد عائلته الى اورمية في بلاد العجم “ايران”. وهنالك إتصل بالآباء المُرسَلين الدومنيكان وتداول معهم حول أمر رسامة إبنه المنذور ايشوعياب بطريركاً، فرسموه ليسيرعلى خط يوحنان سولاقا واتخذ له اسم “البطريرك شمعون الثالث عشر 1662-1700” ولم يلبث أن غادر هو وأفراد عائلته خوسروا وتوجَّه الى منطقة هيكاري ملتجئاً الى العشائر النسطورية. إلا أنَّ حاكم المنطقة الكردي آنذاك الأمير جولميرك لم يسمح له بالإقامة بين العشائر النسطورية كي لا يؤثر على افكارهم، إذ إنَّهم لا يفهمون غير لغة السيف والمناداة باسم الأمير. فاضطرَّ للرحيل الى قرية قوجانس والإقامة فيها بعيداً عن العشائر التيارية النسطورية حاملاً لقب مارشمعون الثلث عشر. وكانت هذه العائلة الهاربة من القوش تضم ثلاثة إخوة هم بنيامين واسحق وناتان، عقدوا اتفاقاً بينهم على أن تتناوب البطريركية فيما بين أبنائهم، إلا أنَّ خلافات عميقة نشبت بينهم لاحقاً أدَّت الى حدوث اغتيالات داخل هذه العائلة. ومن الجدير بالذكر بأن هذا البطريرك شمعون الثالث عشر هو الذي نكث بعهده وخرج عن خط الشهيد البطريرك يوحنان سولاقا وعاد الى النسطرة تحت تأثير وضغطٍ كبير من المتزمتين النساطرة، قاطعاً الوصال مع روما عام 1670م.

” خاهه عما كلذايا “

نزار ملاخا

19/10/2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *