الأبن الضال!

ليس هناك من مسيحيٍّ لا يعرف أو لم يسمع بقصة الأبن الضال الواردة في الإنجيل المقدَّس (لوقا 15/ 11-33) وفي عالَم اليوم كَثُرَ الأبناء الضالون المتحّدون لآبائهم المُستهينون بأبُوَّتهم! فقد ركبوا رؤوسهم وابتعدوا عن دُور آبائهم ناكرين لأصلهم ومتَّجهين بجهل وغباء نحو ذوي أصل مُنتَحَل مختلِفٍ وغريبٍ عليهم لا يعرفون عن ماهيته شيئاً سوى ما تلقنوه عن منتحِليه، فانخدعوا به وأضحوا أسرى سلاسلِه!

إن التشبيه أعلاه ينطبق بالكامل على بعض أبناء الكلدان الذين تنكَّروا لأصلهم وقلبوا ظهر المِجَنِّ لأمتهم وانخرطوا في صفوف أعدائها الذين سبقوهم الى مثل هذا الفعل الشنيع قبل حوالي قرن وربع القرن، حيث استبدلوا الأخوة بالعداوة، والوحدة بالفرقة مغشوشين ومخدوعين من قبل الدُّهاة عديمي المحبة والرحمة! فأصغوا الى كلامهم المُحَلَّ بعسل الوعود الكاذبة، ونفذوا أوامرهم بكُلِّ خبثها واضعين ذواتهم بمثابة كبش فداءٍ على مذبح مطامعهم اللعينة، ولم يخسروا أكثر من نصف عددهم فحسب بل خسروا أمولهم الى جانب ممتلكاتهم أيضاً بالإضافة الى كرامتهم!

وبعد أن قضى أسيادُهم السفهاء وطرَهم منهم، ورحمة ببقاياهم رحَّلوهم عقبَ وضع الحربِ العالمية الأولى أوزارَها الى العراق الواقع تحت انتدابهم آنذاك خشية القضاء عليهم من قبل الأتراك بالكامل وأسكنوهم في مخيمات قرب بعقوبة على أمل إعادتهم الى موطنهم في تركيا عند تسوية مشكلتهم معها، ولكنَّ إصرار تركيا على عدم القبول بهم لأسباب لا نُريد ذكرها، اضطرَّ اسيادُهم لإقناع الحكومة العراقية الفتية طوعاً أو جبراً للسماح لهم بالبقاء في العراق، ورغم ترحيب كلدان العراق ببقائهم، ولكنَّ شكَّهم في عدم ائتمانهم كان في محلِّه، وها هو الآن ظاهر للعيان في عُدوانيتهم التآمرية ضِدَّهم بأبشع صورها.

فالى هؤلاء البعض من أبناء الكلدان الذين تورَّطوا بالتعاطف مع المتنكِّرين لأصلهم وامتهم الكلدانية نقول: ألا يكفيكم ما تجرَّعتم من استهانتهم بكرامتكم واعتبارهم إياكم أتباعاً أذلاء؟ ماذا تنتظرون بعد صراعهم الداخلي المرير فيما بينهم؟ هل تأملون أن تقوم لهم قائمة بعد نهش لحم بعضهم البعض؟ متى تستفيقوا من أوهامكم أيها الأبناء الأعزاء؟ هل لا أخذتم من عودة الأبن الضائع أو الضال عبرة؟ كونوا على ثقة تامة أيها الأحباء بأن عودتكم الى حضن امتكم الكلدانية ستُقابل كمقابلة الأب لإبنه الضال، وليس كما أرادها شقيقُه! إنها لفرصة ذهبية نادرة لإتخاذكم القرار الصائب! اتركوا خرنوب الخنازير الذي لا يُشبع من جوع، وهلُمّوا الى مائدة امتكم الكلدانية الغنية معزَّزين مكرَّمين ساهموا في إعدادها واشبعوا منها!!!

الشماس د. كوركيس مردو

في 29 / 7 / 2013

 

 

 

 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *