أناس يعـبـدون بقـرة أمام الملأ والبطرك ساكـو يستـنـكـف من أيقـونة مخـلصه المسيح / الحـلـقة التاسـعة

 

 

بومباي مـدينة ناهـضة متـناقـضة تجـمع بـينها أبنية قـديمة منـدثـرة وعـمارات عـصرية شاهـقة ، يسكـنها أثـرياء وبجانبهم أم تـفـتـرش رصيف الشارع العام مع أطفالها مأوى لهم وقـد لا تـوجـد فـيها طبقة شعـبـية وسطى إقـتـصادياً . الناس فـيها بُـسطاء بمظهـرهم مساكـين بسلوكهم هـكـذا رأيتهم ، عـقائـدهم الـدينية متـنـوّعة تـبـدأ من عـبادة حـية الكـوبرا مثلاً حـتى تـصل إلى الله خالق الكـون .

دخـلتُ كـنيسة (  ST. STEPHEN CHURCH ) الكاثـوليكـية سمعـتُ قـداساً بطخـس لاتيني بلغة ـ كـونكاني ـ المحـلية لاحـظتُ (1) رتبة السلام : كـل شخـص ينحـني لصاحـبه من مكانه يميناً ويساراً بإبتسامة خـفـيفة وكـفـّيهِ منطبقان نحـو الأعـلى أمام صدره (2) بعـد الإنـتهاء من جـمع الصينية ( صنـدوق ﭘـلاستيكي ) يوضع عـلى المدرجات أمام المـذبح … كما في الصورة الـدائرة الخـضراء (3) يوجـد كـرسي خـلـف المـذبح مباشرة لجـلـوس الكاهـن أحـياناً ، فـتـُحـجَـب الرؤية بـينه وبـين الحاضرين في الكـنيسة ، كما لم أجـد عـرشاً أو كـرسياً لـلمطران .  

مررت أمام مؤسسات حـكـومية وأهـلية ومعابـد لأديان متـنـوعة لم أجـد أمام أبـوابها حـراساً ، إلاّ نادراً جـداً بـوّاباً أعـزلاً ، ولكـن الكـنيسة المشار إليها هي الـوحـيـدة يحـرسها شـرطي بـبنـدقـيته ليل نهار وبـزيّه الرسمي ، يظهـر في الدائرة الزرقاء بالصورة ( إلتـقـطتها من مكان أتحاشى الشك أو الـتـساؤل ) .

كما حـضرت قـداساً باللغة الإنـﮔـلـيزية ، لم تـروَّج الصينية خلاله وإنما يوجـد صنـدوق عـنـد باب هـيكـل

الكـنيسة من الـداخـل ، توضع فـيه الـنـقـود كما في الصورة المجاورة .  

في الكـنيسة مدرسة أهـلية مناهجها باللغة الإنـﮔـلـيزية يـبـدأ دوامها صباحاً بالصلاة الربـية وقانـون الإيمان وتـرتيلة … لاحـظت سيـدة هـنـدية شابة بجُـلبابها الأسود الطويل محجـبة تماماً ، تجـيـد الإنـﮔـليزية ومعها إبنـتها ، دعاني فـضولي إلى سؤالها عـن تـواجـدها في الكـنيسة ويـبـدو أنها عـرفـت قـصدي ! فأفادتـني بأنها مسلمة سجّـلت إبنـتها في هـذه المدرسة لسبـبـين : الـدراسة باللغة الإنـﮔـلـيزية بالإضافة إلى الأخلاق والتربـية … قـلت لها : هـل تـتـلقى هـنا محاضرات عـن الـدين الإسلامي ؟ قالت : كلا ! وهـنا تـذكـرتُ البطرك ساكـو …. وكـيف لي أنْ لا أتـذكـره ! .

بطركـنا العـزيـز أسس مـدرسة أهـلية تابعة لكـنيسته في كـركـوك ، يـدرّس فـيها القـرآن لأطفالـنا المسيحـيّـين ويقـول ( خـلي يتـثـقـفـون ويلادنا ) ولا أدري أية ثـقافة سيكـتسبها ( ويلادَهُ ) المسيحـيـون من أول سورة فاتحة في القـرآن ؟ وهـل يفـسّر لهم ــ وفـقَ المفـسرين ــ مَن هم المغـضوب عـليهم والضالـين المذكـورين فـيها ، وإلاّ فإنه مقـصّر في أداء الواجـب الـتـثـقـيفي ……..

نـقـول : (( لـو )) لـو أنّ المـدارس الإسلامية تعـمل بالمثـل وتـدرّس فـصولاً من الإنجـيل للأطفال المسلمين كالموعـظة عـلى الجـبل نموذجاً ! تـزرع المحـبة والسلام والرأفة في قـلوبهم مثـل الآية ( أحـبّـوا أعـداءكم ) ( أحـسِـنـوا إلى مبغـضيكم ) ؟ …. تـنـتـفي حاجـتـنا بل نـتجـنب الكـتابة بهـذا الشأن .

وما عـدا ذلك لا يمكـن تـفـسير سلوك غـبطته ( ومن بعـده المطران يوسف تـوما الماشي عـلى خـطاه ) إلاّ بالتملـق للمسلمين وبـدون نـتيجة … لماذا ؟ لأن إخـتـطاف المسيحـيّـين  وقـتـلهم والإستيلاء عـلى بـيوتهم وأسلمة المسيحي القاصر وووووووووو مستمرة !  وأخـيرا قـوانة حجاب المسيحـيات ، أليس كـذلك يا غـبطة الجاثاليق ساكـو ؟ وأنت تـتـظاهـر بكلامك في هـولـنـدا كأنـك ثائر تـتحـدى السلطة ، ولكـنـك كما نـقـول في ألـقـوش ( ما تـﮔــدر تحـل رجـل دجاجة ؟ ) .

والمطران باسل بموعـظته في كـنيسة الشهـداء / مشيـﮔان يقـول بالـدقـيقة 25:24

https://www.youtube.com/watch?v=V1HkVfVjnXY

: (( الـﭘاﭘا يقـول ولا أحـد يسمع له ، والبطرك يقـول ولا أحـد يسمع له )) …….

طيب يا أخي ، إذن لماذا كـل هـذه السفـرات واللقاءات والإجـتماعات والخـطابات والمقابلات والنـفـقات بمئات الآلاف من الـدولارات التي يمكـن أن تسعـف بها النازحـين والنازحات ؟ إعـتـكِـفـوا في صوامعكم كما كان يفعـل المرحـوم الـﭘاﭘا شـنـودا ، وفـعـل الآن الـﭘاﭘا تـواضروس وأفـلح وجاء بنـتيجة ! بـدلاً من شـغـفـكم بالمآدب المتـقاسمة ومقاسمة الغـذاء وغـذاء المحـبة .    

رأيت إلهاً يمشي في الشارع !

خـرجـت صباحا لـلـسير في الشارع العام ، رأيتُ بقـرة يتـدلى من رقـبتها رباطاً يلامس الشارع ( وأنا الغـشيم تـصوّرتها تائهة ! ) تـتـبَّعـتها قـليلاً فـعـلمتُ أنها خـلـف إمـرأة تملكـها تـمشي نحـو أحـد أعـمـدة الكـهـرباء عـلى الرصيف حـيث تربطها ، يا أخي إنّ تلك الـبقـرة إله معـبـود مُصان ومحـتـرم ، وهـذا المشهـد ( بقـرة مربـوطة إلى عـمود كهـرباء ) مألـوف في أكـثر من مكان في ذلك الشارع حـيث صَوّرتها عـن بُـعـد …. طيب ثم ماذا ؟ البقـرة الإله ، حـرّة في أن تبقى واقـفة في الشارع أو عـلى الرصيف الضيق ، وعـلى المارة والمركـبات أن يحـتـرموا خـيارها دون مضايقـتها ! …

أما صاحـبة البقـرة فـتجـلس وبجـوارها سلتان في إحـداهما حـشيش طري وفي الأخـرى مسحـوق يشبه نخالة قـمح تبلـله بالماء وتـصنع منه كـرات تضعها في السلة ، والمارّة الـذين يعـبـدون البقـرة يقـفـون ويلمسون بأيـديهم رأسها أو أي مكان من جـسمها ويقـبِّـلونه ــ مثـلما نـقـبِّل صورة قـديس ــ ويأخـذون قـليلا من حـشيش السلة أو كـرة من تلك النخالة ويُـطعـمون إلههم ثم يسحـبـون محـفـظة ــ جـزدان ــ من جـيـوبهم ويضعـون شيئاً من الـنـقـود في السلة ( طبعاً لجـيب المرأة ) .

إذن هـكـذا يقـيّمون إلههم الـبقـرة عـلناً وبكـل فخـر أمام الملأ ، وتـريـدونـني أنْ لا أتـذكـر البطرك لويس الجاثاليق العـنـيـد وهـو يستـنكـف من أن يرى ربّه المسيح مستـشهـداً عـلى الصليـب ، والـذي بدمه الغالي وبموته نال البطرك فـداءاً مجاناً ؟… ومْـﭼَـلــّـبْ بالمشرقي ﮔال والمشرقي حـﭼـى إرضاءاً للآثـوريّـين وتملقاً أمام المسلمين ، ويقـول أنا بطرك الكـلـدانيّـين .

ومررتُ عـنـد منطقة أخـرى فـشاهـدتُ منـظراً محـفـزاً لـلـشجـون ومـذكــِّـراً بالأصالة ، شـجـرة مقـطوعة لم يـبق منها سـوى جـذع طوله حـوالي 60 سنـتـمـتر قـلِـعَـتْ جـذوره من الأرض وتـرِكَ مرمياً عـلى الرصيف ، لكـن أصالة الجـذور أبَـتْ إلاّ أن تمـدّ نـفـسها في التربة ثانية لـتـنبت في الطرف المقـطوع أغـصاناً وأوراقاً ………. أما البطرك ساكـو فإنه يقـلع جـذورنا التراثية ويجـددها بأخـرى إصطناعـية تعـويضاً عـن تلك الأصيلة  .

وفي شارع آخـر رأيت مزاراً فـيه إله ثانٍ بهـيئة أيقـونة غـريـبة ذات أذرع مزيّـنة بالورود وأمامها شموع وبخـور موضوعة فـوق رف أشبه بالمذبح يعـلـوه ناقـوس وبجانبه صنـدوق لـتبرّعات المؤمنين ، يمر الناس بجانبها فـيتـوقـفـون ويركـعـون ويتمتمون بشفاههم ويمدّون أصابع يـدهم اليمنى إلى جـبـينهم كأنهم يقـولـون بإسم الآب ، ثم يضعـون نـقـوداً في الصنـدوق ! …. أثاري عـملية جـمع الفـلوس فـن قائم بـذاته فإذا كانت هـذه الأيقـونة ذات المعـنى الخـرافي تـنال هـذا الإحـتـرام من المؤمنين بها ، كم بالأحـرى عـلى البطرك ساكـو أن يحـترم أيقـونة ربنا المسيح الـذي عُـلـق عـلى خـشبة ملعـوناً من أجـل معاصي ساكـو ومعاصينا ، لا أن يحـذفه من عـلى الصليب بحجة قـيامته ؟ .

وأخـيراً شاهـدتُ معـبـداً كـبـيراً مزدحماً وقـت الصلاة لم يُـسمح لي بتـصويره من الـداخـل ، إنه كـثير الشبه بكـنيسة مار ﮔـورﮔـيس في ألـقـوش من حـيث هـنـدسة الهـيكل بثلاثة أقـسام والستارة ( صطرا ) ومدرّجات المـذبح وبـيت القـربان ( قـدس الأقـداس ) ومكان الشمامسة ــ ﮔـوداعلايا ، ﮔـودا خـتايا ــ …. طبعاً بـدلاً من ذلك يوجـد تمثال بـوذا عـلى المـذبح ، وفـرقـتين من المرنمين والعازفـين بآلات موسيقـية تراثية متـنـوعة من الجـنسين عـلى الجانبَـين وبأيـديهم كـتاب للقـراءة ….. ومن الخارج تماثيل الفـيل وغـيرها ، لم أسأل عـنها لصعـوبة تحـدثهم باللغة الإنـﮔـليزية ………….

المهم في كـل هـذا ، الناس يفـتخـرون بإيمانهم ، إنْ كان بالبقـرة أو الحـية أو الزعـرور أو بفـرض الجـزية أو بقـطع الرقاب ، لكـن بطركـنا الموقـر ﭼَـلــَّـبْ : ﮔال المشرقي وإجا المشرقي  ، ولم تعجـبه أيقـونة رب المشرقي ، خـلي نـشوف وين يوصل بـينا ويّة المشرقي مالته …

********************

المقال المقـبل إستـراحة من تراث جـريـدة عـمّـا كـلدايا / سـدني ـ 2001 بعـنـوان :

الجـحـش وبعـران الوالي

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *