أحداث الموصل في عام 1959 يرويها شاهد عيان (3 ـ 4 ) / بقلم : فخري بطرس

 

سأوضح في هذا الجزء بحرص وأمانة وحيادية تطورات الاحداث في مدينة الموصل عشية وخلال مؤامرة عبد الوهاب الشواف ضد الجمهورية الفتية , وسأذكر حقائق لم يطلع عليها أبناء الشعب العراقي ولا الجيل الجديد من مدينة الموصل ومدن العراق الاخرى , وما أشيع من محاكم البروليتاريا أو محاكم عبد الرحمن القصاب أوأكد للرأي العام العراقي والعربي لا وجود لهذا النوع من المحاكم , كانت تطلق هذه الاشاعات آنذاك من إذاعة صوت العرب وبصوت المهرج المعادي للشعب العراقي المذيع أحمد سعيد كان يضلل الرأي العام العراقي والعربي ويحرض ضد الشيوعيين والديمقراطيين وضد الجمهورية , وخلال إعتقالي ومعي المئات من الشيوعيين في فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم لم يثبت علينا إنننا قمنا بتشكيل محاكم أو قتل أو إعتداء على ممتلكات الناس وأرواحها وأعراضها أوالقيام بأعمال سرقة , وخلال إنقلاب شباط الاسود تم إعتقالنا ثانية ومعنا عدة آلاف من مدينة الموصل وأريافها من الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين ورغم أن البعثيين جمعوا أعداد من شهداء الزور ومع هذا لم يتمكنوا من تثبيت قضية ضدنا بأننا قتلنا أو شكلنا محاكم , وهذه هي الحقيقة وما أشيع ضدنا منذ ذلك التأريخ إلى وقت قريب هو كان ضمن الحملة الاعلامية الظالمة ضدنا وسأتناول تسلسل الاحداث .

مؤامرة الشواف بدأت بأحتلال مدينة الموصل :

1- في يوم إعتقال الوفد المفاوض من قبل العقيد عبد الوهاب الشواف والذي صادف 7-3-2010  تبين أن الشواف قد بدأ بتمرده العسكري ففي مساء 7-3-1959  أنزل الشواف قطعات عسكرية إحتلت مواقع عديدة ومهمه في المدينة بحجة فرض الامن والهدوء فيها  يبدوا كانت  هذه الخطوة الاولى لمؤامرة عبد الوها ب الشواف وهذا ماكان يبغيه ومعه المتآمرون .

2- أتم الشواف إحتلال المدينة  في المساء وشاهد الناس مجاميع وعصابات من المسلحين المدنييين تتحرك علناَ في شوارع المدينة وبحماية الجيش وكانوا يحملون رشاشات (بور سعيد مصرية الصنع) . وبنفس الوقت تحركت مجاميع كبيره مسلحة من عشائر شمر , ودخلوا المدينة من الشمال الغربي من منطقة  (الموصل الجديدة) والتي تقع في غرب المدينة لغرض تقديم الدعم لحركة الشواف وكانوا يهتفون بشعار  (حضرية وبيت – حضرية وبيت) بما أن المرأة في المدينة تسمى حضرية , فهم الشعار من قبل جماهير المدينة بأنهم سيدخلون البيوت وسيتبيحونها على طريقة غزوات عرب الجاهلية . فهذا الشعار كان له وقع مؤلم كبير على جماهير المدينة مما دفع أعداد كبيرة منها في مقاومة ومواجهة هؤلاء المجاميع القادمة من الريف و كان لهذا الشعار دورسلبي في الاحداث وتصاعدها. وقد تم حماية هذا الشعار ورافعيه ومن حوله من المسلحين من قبل الاجهزة الامنية والعسكرية آنذاك .

هنا أطرح سؤال لماذا طلب عبد الوهاب الشواف دخول هذه المجاميع المكونة من بعض عشائر شمر في الوقت الذي إحتل فيه المدينة وفرض منع التجوال فيها؟

رغم إنه كان شعار الذين دخلوا المدينة من الريف بقرار وموافقة العقيد عبد الوهاب الشواف ولكن هل كان حقاَ الشواف حريصاَ  على فرض سلطة القانون وعلى المدينة وأبنائها عندما طلب من بعض مسلحي الريف الدخول إليها ؟

وبسبب ضغوطات خارجية عربية وأقليمية  ودور شركة نفط عين زالة وقوى التآمر كانت عوامل قد دفعت ببعض أبناء مدينة الموصل للانزلاق بأعمال الفوضى وخرق سلطة القانون في تلك الفترة ولكن أبناء مدينةالموصل كغيرها من المدن العراقية يمتازون بالمرؤة والشهامة والاباة وعزة النفس والاستشهاد من أجل الشرف والوطن والدين والمبادئ , لهذا فأن الغالبية العظمى من أبناء المدينة قد أثارهم هذا الشعار الغريب وإستفزهم .

هنا أطرح سؤال : هل يعقل أن يقف مكتوف الايدي أي مواطن عراقي أو عربي ويستسلم بوجه القادم بقوة السلاح لاستباحة بيته وشرفة وعرضة ؟  لمصلحة من تم رفع هذا الشعار؟ كثير من جماهير مدينة الموصل تجمعت وتضامنت بالعاطفة وحصنت نفسها للدفاع عن بيوتها التي هددت من قبل المجاميع المسلحة القادمة من خارج المدينة .

3- بالنسبه لنا في اللجنة المحلية إتخذنا إجراءات منها عدم الانصياع لحضر التجوال الذي أعلنه الشواف عند إحتلاله للمدينة , وأن نكون مع الجماهير والدفاع عنهم وعن عوائلهم وأن نتحدي المتآمرون, ونصد شرر الجماعات التي رفعت شعار ( حضرية وبيت – حضرية وبيت)  والتي لا يهمها  المدينة وفرض الامن فيها وإستقرارها وضمان حياة أبنائها . وبنفس الوقت إتخذنا إجراءات الصيانه لحماية الرفاق والكوادر المعروفة , ورغم إننا كنا عزل من السلاح , إلا إنه كانت قوتنا هو في إلتحامنا مع الجماهير , وهذه المسألة كان يتخوف منها المتآمرون والعصابات المسلحة والغرباء القادمون إلى المدينة لاننا كنا ملتحمين مع الجماهير , المجاميع المسلحة من بعض عشائر شمر بقيت محصورة في منطقة ( الموصل الجديدة) ورغم دعم الجيش لهم لكنها تخشى دخول المدينة وتنتظر الفرصة لاستباحتها . مع التأكيد أنه ليس كل القوات العسكرية التي إحتلت مدينة الموصل في مساء 7-3-2010 جميعهم محسوبين على حركة الشواف , كان بينهم العديد من الجنود وضباط الصف مع الجمهورية الفتية وضد المتآمرين عليها ولكنهم إحتلوا المدينة بأوامر عسكرية .

4- حال إحتلال المدينة بدأ البحث عن بقية أعضاء اللجنة المحلية لاعتقالهم ولقد تم إعتقال سكرتير اللجنة المحلية الرفيق (هاشم حسين) , ( كان عدد أعضاء اللجنة المحلية آنذاك 5 رفاق ) عمر الياس وفخري بطرس لم يتمكن المتآمرون من إعتقالهم فقد إستطاع الرفيقين من إيجاد أماكن آمنه وتواصلوا في إداء مهامهم وبدأت عمليات ملاحقة واسعة للشيوعيين والديمقراطيين المكشوفين والمعروفين لغرض إعتقالهم وتم محاصرة المدينة .

5- بدأ الشواف تمرده العسكري ضد الجمهورية في فجر يوم 8-3-1959 . إستغل ظروف مناسبة لتحركه العسكري بغداد كانت منشغلة في هذا اليوم بأحتفالات 8/ آذار يوم المرأة العالمي ودخول المجاميع المسلحة لدعم حركته ويبدوا قد إستكمل كل خطوات التنسيق مع الوحدات الاخرى لتحركه العسكري .

6- في لحظة تمرد الشواف بدأ بث إذاعة سرية , والمذيع الذي قرأ بيان التحرك العسكري ( للمؤامرة) هو القيادي البعثي في المدينة فاضل الشكَره (الاذاعة هدية من شركة نفط عين زاله للمتآمرين وهذا ما أكده فاضل الشكَره في أعترافه في المحكمة التي يرأسها الشهيد فاضل عباس المهداوي وإذيع إعترافه علناَ من خلال وسائل الاعلام) . وكان المذيع يحرض ضد الشيوعيين ويطلق الافتراءات ضدهم ويدعوا إلى مطاردتهم وإعتقالهم .

7- كان هم المتآمرين هو البحث عن الشيوعيين والديمقراطيين وجرى إعتقال العديد منهم وكانت المطاردات للبحث عنهم مستمرة , فأتخذنا قرار بأقامة الصله مع تنظيمات تابعة للجنة المحلية في أرياف الموصل ودعوتهم لفك الحصار عن المدينة , فتمكنا في مساء 8-3-1959 من تهريب مجموعة من الرفاق في زوارق في الليل لعبور النهرللاتصال بالمنظمات في الارياف وتمت العملية بنجاح و بشكل سريع  .

8- وعلى الفور إستجابت المنظمات في الارياف لقرار اللجنة المحلية , وبحركة سريعة تمكنت من تعبأة  جموع الفلاحين والكادحين من العرب والاكراد والتركمان والشبك والازيدية والكلدان والآشوريين وتم تطويق المدينة من قبلهم , وصبيحة يوم 9-3-1959 دخلت هذه القوى إلى المدينة .

9- المتآمرون والمجاميع المسلحة أصابهم الرعب وبدأوا بأطلاق النار عشوائياَ على المواطنيين وقتل عدد من الابرياء بنيران أسلحتهم , وإستخدموا بعض الجوامع كمواقع عسكرية لهم , إذاعة المتآمرين كانت تبث البيانات والنداءات وتعطي أخبار كاذبه لرفع معنويات أنصارهم , وكان أحد بياناتهم الكاذبه والمضحكة  (إنهم سيطروا على الوضع وسيقوموا  بأستلام عوائد نفط عين زالة ) . هنا أطرح سؤال هل أن عوائد النفط هي ملك للشعب أم هدف المتآمرون للاستيلاء عليها ؟

10- توفرت لدينا قناعة بعد متابعة الوضع ودراسته أن القوى المدافعه عن الجمهورية من الجماهير هي كثيره وأن المتآمرون هم في حالة من العزلة والذعر والارباك والخوف ولن يتمكنوا من الاحتفاظ بمواقعهم وأن المؤامره سوف تفشل ولكن الوضع في المدينة وحسمه يحتاج إلى مبادرة .

11- فقررنا النزول إلى الشارع ومحاصرة المجاميع المسلحة ومساعدة رفاقنا وجماهير الفلاحين والكادحين القادمين من الارياف , فأول خطوة قمنا بها هو تأمين السلاح لحماية بيوتنا وبيوت الناس من رافعي شعار( حضرية وبيت – حضرية وبيت) . فتوجهنا مجموعة يتقدمهم الرفيق الشهيد مهدي حميد وكان عسكري مفصول , وقد إرتدى ملابس عسكرية وبرتبة ملازم أول  حيث هي رتبته الاصلية في الجيش قبل فصله . وكان معه الرفيق عمر الياس وفخري بطرس ومجموعه من الرفاق  وقدم الرفيق مهدي حميد نفسه إلى آمر السراي بأنه آمر وحده عسكرية قادمه من كركوك , وأن الوحده المدرعه التي يقودها هي في الجانب الثاني من المدينة , وبهذه المناوره تمت السيطره على مركز السراي  وتقدم الرفاق والجماهير المدافعه عن الجمهورية إلى المركز وتم الحصول على الاسلحة بعد السيطرة على المركز بطريقة سلمية .

12- لقد تحول مركز الشرطه الذي تم الاستيلاء عليه إلى مقر مؤقت للمقاومة الشعبية , لايوجد أمامنا خيار للدفاع عن بيوتات المدينة وحماية أنفسنا ورفاقنا وجماهيرنا غير هذه المبادرة التي فرضتها الاحداث في تلك الفترة , رغم أن عملنا هذا لم يكن بموافقة وتوجيه من قيادة الحزب وإنما كان إجتهادنا آنذاك الاستيلاء على مركز الشرطة مكننا من الحصول على السلاح , ولكن نظراَ لضخامة أعداد الغرباء المسلحون , فأن هذا السلاح الذي حصلنا عليه كان غير كافي للدفاع عن المدينة ولمواجهة مخططات المتآمرين على الجمهورية , العمل الذي قمنا به كان حافزاَ قوياَ للجماهير المدافعه عن بيوتها وعن الجمهورية , فأندفعت أعداد كبيرة من تلك الجماهير بعفوية بدون توجيه من قيادة المنظمة و إستولت في المناطق التي تحركت فيها على عدد آخر من مراكز الشرطة وتم الحصول على كميات جيدة من السلاح , كان تحرك الجماهير سريعاَ وعملية الاستيلاء على المراكز تتم بدقائق , وهذا يعود لكثرة الجماهير التي تحركت بشكل عفوي هذا أولاَ وثانياَ لحماسها للدفاع عن الجمهورية وثالثاَ لحماية عوائلها ومناطقها من المجاميع الرافعة لشعار ( حضرية وبيت – حضرية وبيت).

13- لقد إستخدمنا مكبرات الصوت وبدأنا بتوجيه نداءات للجنود الذين إحتلوا المدينة ندعوهم فيها بعدم إطلاق النار على الجماهير ونطالبهم بالدفاع عن الجمهورية , وجرى الاتصال برفاقنا وأصدقائنا من الضباط من أبناء المدينة الذين كانوا متواجدين فيها أثناء الاحداث في إجازة قادمين من بغداد ومناطق أخرى وكان غالبيتهم برتبة ضابط إحتياط وعلى الفور إرتدوا ملابسهم العسكرية وتوجوا للجنود وضباط الصف المتواجدين في شوارع المدينة يدعوهم فيها للوقوف مع الجماهير وعدم تنفيذ أوامر المتآمرين فأستجاب أعداد من العسكريين لهذه المبادرة  وإنحازوا لصف المدافعين عن الجمهورية والبعض الآخر تم تحييده  , فما كان من المجاميع المسلحة إلا أن توجه بعض منها نيرانها على الجنود الذين أرسلهم الشواف لاحتلال المدينة , وهذا كان ما يريده المتآمرون هو أن تنزلق المدينة في حالة من الفوضى وغياب القانون  بدأ عدد غير قليل من العصابات المسلحة ومن المحسوبين على رجالات الاقطاع والبعثيين من إلقاء سلاحهم على الارض والهروب بدون سلاح فجمعنا هذه الاسلحة ووزعناها على الجماهير .

14- في ظهيرة يوم 9-3-1959 , شاهدنا في سماء المدينة تشكيلة طائرات القوة الجوية العراقية آتيه من بغداد , فحامت فوق معسكر الغزلاني وأطلقت أحدى الطائرات  صاروخ واحد فقط لا غير , وقد تم توجيه الصاروخ بشكل دقيق جداَ دخل الصاروخ من خلال النافذة إلى مقر الشواف , كنا نشاهد حركة الصاروخ ومعنى آلاف الجماهير , فقد أثار هذا المشهد إعجاب كل من شاهده , صاروخ واحد من الجو ويدخل من الشباك ويصيب الهدف ما هذه الدقه لدى هذا الطيار العراقي .

15- الحقيقه أن الاحداثيات لمكان تواجد الشواف وموقع مقره في المعسكر قد قدمت من قبل رفاقنا الضباط في كتيبة الهندسه , ووجه الطيار صاروخه الدقيق على ضوء هذه الاحداثيات التي قدمها رفاقنا لاجل أن لا تحدث أضرار في الارواح والمباني وممتلكات المعسكر .

16- جرح عبد الوهاب الشواف في غرفته وتمكن من الانسحاب والتوجه إلى مستشفى القوة الجوية الواقعة مقابل ( معسكر الغزلاني) لغرض العلاج وقد وصلتنا معلومات أن عدد من ضباط الصف والجنود تمكنوا من محاصرته وتصفيته .

17- مساعد الشواف  ( الرائد محمود عزيز مساعد آمر الموقع ) قد جرح أيضاَ وكانت جروحة طفيفة و تمكن من الهرب من معسكر الغزلاني متوجهاَ إلى الثكنة الحجرية, وتبين أن سبب توجهه مع قوة عسكرية إلى الثكنه الحجرية , لغرض إرتكاب جرائم بحق السجناء من الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين حيث كانوا مسجونيين و بأعداد كبيرة في سجن الثكنة الحجرية , فأراد تصفية السجناء السياسيين جميعاَ  وعند وصوله إلى الثكنه ومعه قوة عسكرية وقف في ساحة السجن , وطلب بأخراج الشهيد كامل قزانجي وعند خروج الشهيد كامل قزانجي من بوابة السجن متوجهاَ إلى الساحة وهو لايعرف سبب إخراجه و شاهده محمود عزيز فأمر بأطلاق النار علية وإستشهد على الفور , وفي هذه الاثناء إعترض آمر كتيبة الهندسه الشهيد ( عبد الله الشاوي) الذي كان مسجوناَ ضمن السجناء السياسيين بأمر من عبد الوهاب الشواف فخرج من السجن إلى الساحة وفي نقاش مع محمود عزيز إعترض على مقتل كامل قزانجي فوجهة محمود عزيز النيران إلى صدره وإستشهد في الحال . وطلب محمود عزيز بأخراج جميع المعتقلين فرفض المعتقلون الخروج وكان ضمن المعتقلين الشهيد ( يحيى .ق) فقال لمحمود عزيز من داخل سجنه (إذا تريد قتلنا إدخل علينا وإرمينا بالرصاص جميعاَ ولا نريد أن نخرج إليك واحداَ واحداَ وتقتلنا كالنعاج)

18- كنا قد علمنا بتوجه محمود عزيز إلى الثكنه الحجرية وقدرنا وجهته وهي لاجل تنفيذ مخطط إجرامي لتصفية السجناء السياسيين وعلى الفور توجهنا مع مجاميع كبيرة من الجماهير إلى الثكنة الحجرية وفي تلك الدقائق العصيبة التي كان يتحدث فيها الشهيد يحيى قاف مع القاتل محمود عزيز تم تطويق الثكنه العسكرية من ثلاث جهات وكان الهدف هو لاطلاق سراح السجناء السياسيين , وعلى الفور علم محمود عزيز بوصولنا وتطويقنا للثكنه فأصابه الذعر ولن يتمكن من إكمال مخططة الاجرامي بتصفية السجناء السياسيين , فهرب إلى سطح الثكنه مع القوة التي معه وكانت أعدادهم قليله , وعلى الفور تمكن من إستطلاع المكان قبل وصولنا إلى السطح فوجد ثغره من السطح يمكن النزول منها  تؤدي لممر في حافة النهر من خلف السجن وهناك سيارات للثكنه موجوده فتمكن من ركوب سيارة وهرب إلى سوريا , وبقت أعداد من القوة التي معه إضافة لضباط من الثكنه مع المتآمرون , ووقعت معركة بين الجماهير والقوة العسكرية في الثكنة , إننا كنا نخشى من تصفية السجناء السياسيين .

19- كانت الاحداث تتسارع في المدينة ففي نفس اللحظات التي قصف فيها المعسكر , حصل تحرك عسكري داخل كتيبة الهندسه في المعسكر وشارك في هذا التحرك ضباط وضباط صف شيوعيين وأصدقاء ووطنيين مؤيدين للجمهورية . وبعد النجاح السريع لانتفاضة كتيبة الهندسه ولعلمهم بهروب محمود عزيز بأتجاه الثكنه الحجرية فتحركت قوة من كتيبة الهندسة لملاحقة محمود عزيز وجماعته , وذلك خوفاَ من أن يقوم بتصفية آمر كتيبتهم الشهيد ( عبد الله الشاوي) فوصلت القوة العسكرية إلى الثكنه الحجرية أثناء المواجهات بين الجماهير وبقايا المتآمرين فيها  وحسمت المعركة خلال دقائق . كنت ومعي الرفيق المرحوم عمر الياس وعلى الفور توجهنا إلى السجن و تم إطلاق سراح السجناء السياسيين وكان معهم وفدنا المفاوض مع عبد الوهاب الشواف المكون من الرفيقين ( عبد الرحمن القصاب وعدنان جلميران)  ومعهم الرفيق ( هاشم حسين سكرتير اللجنة المحلية) وبقية السجناء السياسيين من الشيوعيين والوطنيين والديمقراطيين. وتفقد نا مواقع الثكنة الحجرية التي جرى فيها وحولها القتال فشاهدنا أعداد من القتلى والجرحى وأتذكر شاهدت من ضمن الشهداء شهيدنا العريف ( حرز لا أتذكر إسم والده) فتركنا الثكنه للعسكر وخرجنا منها مع السجناء السياسيين وتم نقل الجرحى إلى المستشفى .

20- المواجهات داخل مدينة الموصل بعد فشل مؤامرة عبد الوهاب الشواف حسمت وتغيرت موازين القوى لصالح الجمهورية , وتمت محاصرة فلول المتآمرين على الجمهورية وجيوبهم , فبدأ بعضهم بالاستسلام وعوملوا معاملة حسنة  حتى إنهم تفاجئوا من تعاملنا الحسن معهم , مما دفع بالبعض منهم القول كنا نقاوم لكوننا نخشى أن تقتلونا إذا أمسكتم بنا .

21- لم يستسلم كل المتآمرون فقد إنسحبت بعض المجاميع وبدأوا لاحقاَ بأغتيالات وتنفيذ أعمال إجرامية بحق المدنيين سأتحدث عنها لاحقاَ لكن ما يمكن قوله أن الوضع إستقر في المدينة والوضع العسكري والجماهيري حسم لصالح الجمهورية بعد أن فشلت مؤامرة الشواف , لكن تآمر القوى المعادية للجمهورية المرتبطة بالدول الاقليمية والدوائر الغربية لن يتوقف لا بل إزداد أكثر إتساعاَ وشراسة .

(يتبع)

ملاحظة : سأتوقف عن نشر بقية أحداث الموصل وذلك بسبب سفري وحال عودتي من السفر التي تستغرق شهر سأبدأ بنشر تكملة الاحداث .

1-7-2010

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *