مار ساكو: يا مهاجرين ارجعوا

الإخوة الأكارم وجه غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق

والعالم أجمع نداءً ( نصّه في أدناه ) راعوياً أبوياً يطلب فيه من الذين في المهجر العودة لديارهم والمشاركة في البناء والإعمار، بالحقيقة كانت الرسالة قاسية جداً ، وأثرّت فينا تأثيراً كبيراً لأنها جرحت مشاعرنا في الوقت الذي نحن كنا نتوقع من غبطته أن يكون الأب الحنون والراعي الصالح والمدبر لهذا الشعب الذي لم يترك العراق بطراً ولهفة وراء شهوة أو نزوة، لقد كنا مجبرين على تركه، ولو توفرت الفرصة لغيرنا لترك العراق كما توفرت لنا لكان قد أستغلها من أول لحظة، ، وهنا تحضرني قصيدة شعر شعبي أعتقد للشاعر عمر الفاروق أنقلها هنا للضرورة ولشرح الحالة كما هي

دگيت بابَكْ يا وَطَن ,,,,,,,,,,,,,,,,, باب الوطن مقفول

دگيت رقمك يا وطن ………….. رقم الوطن مشغول !!!

شنهو اليشغلك يا وطن ,,,,,,,,,,, فدوة رحتْلَك گول

جاوَبْني وبصوتَه العَذب ,,,,, ولسانَه المعسول

مذبوح آني من الألم ,,,,,, ياوليدي مومشغول

والشعب سَد بابَه وگعد ,,,,, من الظلم مذلول

واللي فتح بابه وطلَع,,,, مخطوف لو مقتول

كل هذا وتگلي أشعجب ,,,, باب الوطن مقفول

كل هذا وتگلّي أشعجب ,,, ليش الرقم مشغول

غبطة البطريرك الجليل مار لويس روفائيل الأول ساكو المحترم

تحية كلدانية وتقدير

قرأتُ نداء غبطتكم الذي في أدناه، وحقيقةً تأثرت لما فيه، وتأثري كان أكبر بسبب عدم تمكني من تلبية نداء غبطتكم، وذلك لأسباب عدة

1 – داري مغتصب في كركوك والغاصب عراقي ولن أتمكن من إعادته

2 – وظيفتي مفقودة وأنا لا أقوى على العمل في اي مجال آخر لكثرة الأمراض ورخاوة البدن فعمري قد تجاوز الثالثة والستين

3 – إنعدام الأمن ولا أتمكن من توفير الأمن ولقمة العيش لأولادي وعائلتي

4 – أين سيدرس أولادي وأحدهم في كلية الهندسة ولي بنت في الجامعة سنة أولى، ومَن يضمن لهم الأمن والحياة

5- تركت العراق منذ أربعة عشر عاماً وتأقلمت في هذا المجتمع الإنساني الذي يعرف قيمة الإنسان ونحن نتعامل مع مَن يعرف هذه القيمة

6- البلد على شفا هاوية، فالصراعات على أشدها ، والبلد ضعيف ، لا جيش يحمي الحدود، ولا شرطة تحمي المواطن ، فالبيت بدون أبواب

7 – من هو في الداخل تأقلم مع هذا الوضع ويعرفه الجميع ويعرف الجميع، فلا غرابة

8 – الذين في الداخل لم تتح لهم الفرصة لترك الوطن، فلا حول ولا قوة لهم، وقد سلّموا أمرهم لله

9 – الكهنة والمطارنة لم يسلموا من نيران الأصدقاء ومن الأذى فماذا يكون مصيرنا نحن

10- ومع كل هذا لوكانت هناك ضمانات للعيش الكريم كما هي هنا فلن أتردد بالعودة فوراً

11- وطننا لم يقبلنا، فلقد عشنا غرباء فيه ومواطنين من الدرجة الثانية بالرغم من إخلاصنا وتضحيتنا

12 – قال يسوع في مرقس 6 / وإذا جئتم إلى مكان وما قبلكم أهله ولا سمعوا كلامكم فآرحلوا عنه وأنفضوا الغبار عن أقدامكم نذيراً لهم .

13 – قرانا المسيحية لم تقبل أهلهم الذين نزحوا من بغداد والناصرية وغيرها ، فكيف يقبلوننا نحن الذين نعود من الخارج ؟

تحضرني هنا قصيدة أخرى تقول أبياتها

مَرّيت للمدرسة أتأمل الطلاب ,,, وشفت طالب بچَه وحَط بين إيديه كتاب,,, بيه خارطة للوطن وعيونه كلها عتاب

گتله أبني كافي، بَچي بالصف ترى ممنوع ،،، يابويَه بَعْدَك طفل وتبچي بَچي المفجوع

گال .. آنَه بالخارطة لگيت الوطن مبيوع

14 -نعم سيدي البطريرك نحن مشتتون والعائلة الواحدة ممزقة بين السويد والدنمارك وألمانيا وأمريكا ، ولكنهم يعيشون بالرغم من هذه الحالة بكرامة وأمان

15 – أطمئن سيدي البطريرك فنحن هنا لنا مطلق الحرية فلا يوجد قائد يقول لنا لا ميخا ولا ججو بعد اليوم، بل نستطيع أن نعترض بكل قوة، ونحن والحمدلله محافظين على كرامتنا وشرفنا وهويتنا القومية التي هي الكلدانية والتي نكرها الكثيرون ممن هم في الداخل، كما نحن محافظين على لغتنا الكلدانية الجميلة ونعلّم أولادنا عليها ونحضر القدّاس كل ، يوم أحد ونقرأ مجلات الفكر المسيحي وبين النهرين ونجم المشرق، ونشتري التقويم الكنسي ونحتفل بكل الأعياد والتذكارات الدينية ونقيم الشيرا ونصلي مع قداسة البابا وطبّقنا ندائه في الصوم من أجل سوريا بينما الكنيسة سكتت عن ذلك النداء، ونكتب ما نشاء بدون خوف أو وجل، فنحن صوت إخوتنا الذين في الداخل والمحرومين من هذه النعمة

نعم سيدي البطريرك نحن نعرف تاريخنا حق المعرفة وترى كم من الكتابات كتبنا عن هذا التاريخ المشرّف وكم من إخوتنا في الداخل تمكنوا من ذلك، يمكنك المقارنة البسيطة، ونحن نعرف هويتنا ونقولها بكل صراحة ولو أن غبطتكم لم يذكرها فهي الهوية الكلدانية العراقية الأصيلة والتي لا نرضى بغيرها بديلا، ولغتنا سيدي البطريرك لم تذكر أية لغة ولكني هنا أقولها تحديداً هي اللغة الكلدانية التي ذكرها التاريخ والمؤرخون والتي بها طبعت كتب وتم تدريسها ، والحمد لله نحن محافظين على طقوسنا ونحترم تقاليدنا كما ننقلها لأجيالنا ، نعم سيدي البطريرك هناك من يعيش على المساعدات فهي على الأقل أحسن من الإستجداء، وهذا النظام لم يعرفه عراقنا الحبيب ، وهناك الكثيرون يعيشون بعرق جباههم، يعملون بشرف وعز وكرامة، كما أن الذين يحصلون على المساعدات يعيشون بشرف وكرامة، فهم لايستجدون عطف أحد، وهنا لا يوجد فضل لأي موظف في الدولة على أي مواطن، فالكل سواسية الطبيب والفرّاش سواء، لأن القياس هنا على مدى إنسانية الفرد، فلا يقاس المواطن بشهادته العلمية ولا يعامَل لكونه طبيباً أو ضابطاً أو من العشيرة الفلانية أو من المدينة الفلانية، فقد ترفعوا هنا عن هذه الأفكار، فهم يحترمون الجميع لكونهم بشر لا غير، ونحن هنا عندما لا نستطيع أن نفهم لغتهم فهم يوفرون لنا مترجماً ويعتني بنا الطبيب كما يعتني بمواطن من البلد نفسه، وهناك عقوبة لمن يقول لأحد منا أنه لاجئ، قس ذلك على أهل القرى في عراقنا الحبيب وهم من نفس الدين والقومية والبلد، هنا لا توجد فوارق ولا إعتبارات لكون الشخص من هذا الدين أو ذاك، أو من هذا المذهب أو ذاك أو من هذه القرية أو العشيرة أو غير ذلك ،

16- سيدي البطريرك نحن مناضلين من طراز خاص ، نحن مناضلين مجهولين، نناضل من أجل مَن هم في الداخل، نوضح لحكومات هذه البلدان وننقل لهم معاناة أهلنا في الداخل، نستصرخ الضمائر العالمية الحيّة لنقل مأساة شعبنا وأمتنا، نقيم المعارض والمهرجانات لتوضيح الصورة لهذه الشعوب العائشة في النعيم، نبين لهم حجم الدمار والظلم الذي يعاني منه العراقيين جميعاً، نقيم الندوات في الكليات والجامعات والكنائس والمجامع، أينما نكون يكون العراق في ضميرنا وقلبنا ، أينما نحضر الكلمة الأولى تكون وقفة إستذكار لشهدائنا الأبرار ولكل الدماء الزكية الطاهرة البريئة

التي سالت على أرض العراق

اللي يبتعد عن أهله الناس ما تهابَه

ولو جاع,,, ولو مرَض من يحسب أحسابَه

خايف أنا وأرتجف چَن عايش بغابة

وأتمنى من الوطن بَسْ شَمّة أترابه

17 – نعم سيدي البطريرك أنتم ملتصقين بالأرض جسداً ونحن ملتصقين بالوطن روحاً، فكم ذرفنا الدموع عندما نرى الوطن يُهان، وكم ذرفنا الدموع عندما نسمع عن شرف عراقية يُغتصب، أو عندما يسيل دم عراقي بريئ أو عندما يُهان رجل دين أو يُختطف أو يُمثل به كما يشاء الإرهاب،

18 – نعم سيدي البطريرك لنا بارقة أمل بأن يستعيد العراق عافيته وحينها سيكون مكان لنا للعودة وللعمل،

فماذا ينفع البنيان إن كنت تبني وغيرك يهدم

فالسراق في العراق كثيرون والتفخيخ والتفجير قائم على قدم وساق ، فعن أي بناء نتكلم ؟؟؟ أين الأمن والإرهاب يطال رئيس البرلمان العراقي نفسه ووزير الدفاع وضباط كبار في القوات المسلحة والداخلية وغيرها من الدوائر الأمنية؟؟ أين الأمن والإرهاب لم تنجو منهه الكنائس والجوامع والحسينيات وغيرها ، اين الأمان وشرف العذارى يومياً يُغتصب ؟؟ أين الأمان ودولة العراق الإسلامية تفرض الأتاوات والجزية وأهل الذمة وغيرها ؟؟؟ اين الأمن وأين الأمن وأين الأمن والقائمة تطول

أشكثر هزّتني الليالي وما أظن مرّة أشتكيت

بَسْ على فراگك يا غالي ياعراق دَنَّجت راسي وبچيت

ختاماً

حفظك الله ذخراً لنما سيدي البطريرك ودمتم بخير

المواطن العراق الهارب من جحيم العراق نزار ملاخا

يا مهاجرين ارجعوا أ ليس البلد كالولد.

ارضنا مهدُ الحضارات، عانقتنا وعانقناها.

عظيمة قرانا في سهل نينوى والعمادية وزاخو والعقرة، قائمة طويلة.. قرانا وبلداتنا ومدننا قامة تاريخيّة عظيمة نتلهف عليها حبًّا وشوقا.ّ.

انتم مشتون في الارض( حتى العائلة الواحدة مشتتة) وفي الغربة والاغتراب، ماذا سيبقى منكم بعد 100 سنة أو 200 ؟ ماذا سسيبقى من اسمائكم: ايشو ويلدا وشمعون وسركون وزيا وميخو.. ؟ ما هي النتيجة ؟ النتيجة هي انكم ستندمجون لا محالة في محيطاتكم وتذوب اسماؤكم وهويتكم وقوميتكم ولغتكم !! معظمكم يعيش الان على المساعدات ونحن نعيش بعرق جبيننا؟! تتكلمون عن بابل العظيمة واشور الجبارة؟ وما فائدة الكلام! أ ليس مجرد شعور؟ صراحة احيانا كثيرة وجودكم في الخارج يضرنا نحن الصامدين في الداخل.

نحن لن نرحل من هنا، نبقى. صحيح لا نعرف المستقبل، بل نعرف من نحن وما تاريخنا وهويتنا ولغتنا وطقوسنا وتقاليدنا وجيراننا. لذلك نبقى ملتصقين بارضنا وناسنا وبمبادئنا وحقوقنا.

عودوا يا مهاجرين لكي نقوى ونبقى ونعمل ونتعاون في بناء الحاضر والمستقبل.. لو عدتم لصار لنا شان ومكانة ودور. عودوا ونستفيد من مهاراتكم.. لو عدتم لغدونا القوميّة الثالثة والديانة الثانية! وان لم تعودوا فسنبقى اقليّة لا شان لها، لكننا مع هذا نبقى ولن نرحل، نقبل ان نأكل الخبز والبصل من اجل تواصل تراثنا وشهادتنا المسيحية.

“حتى لو غابت عن السماء زرقتها فلا تغلقن النافذة امام شعاع الامل”

مع تحياتي الخالصة

البطريرك لويس ساكو

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *