يومٌ بهيجٌ في سان دييغو …


الوقت… الساعة السادسة مساءاً من يوم الخميس 13/9/2012 في كادترائيىة القديس بطرس الكاثوليكية… توافد المؤمنون من الشعب الكلداني في مدينة سان دييغو من كل حدب وصوب لحضور القداس الإلهي إحياءاً لعيد الصليب الذي يصادف في مثل هذا اليوم من كل عام وتكريس مزار السيدة العذراء مريم القديسة…بدأ القداس بدخول مَهيب لموكب الصليب المقدس رمز إيماننا وخشبة خلاصنا محمولاً يتبعه رتل من الشمامسة والكهنة الأفاضل ويحدو رُكبَهم سيادة الأسقف الجليل مارسرهد يوسف جمو الجزيل الإحترام مطران الإبريشية… أستُهل القداس الطخسي بالإنصات الى رسالة بولس الرسول تلاها بصوت عذب وبمقامات كنسية رائعة رئيس الشمامسة المهندس عزيز رزوقي،نَقَلَنا فيها الى أجواء قرانا الكلدانية العريقة في الوطن الأم العراق…ثم قرأ سيادة المطران مار سرهد يوسف الإنجيل المقدس وأعقبها بكرازة مفعمة بالإيمان العميق كما هي عادة سيادته شارحاً للجمع المؤمن مايعنيه الصليب المقدس من أنه شجرة الحياة الثانية لأن هذه الشجرة أعطت ثمرها الذي لاينضبْ أبداً والذي هو جسد إلهنا ومخلصنا وربنا يسوع المسيح الذي فدى البشرية بإراقة دمه المقدس على ذلك الصليب الخشبي ليصالح البشر الخطاة مع الذات الإلهية…واضاف سيادته بألمعية لاهوتية الى أن تلكم الثمرة الإلهية على الصليب كانت بشرياً من صُلب العذراء مريم إبنة داؤؤد وإبراهيم سليلة الكلدان…ودائماً يفاجئنا سيادته بكرازاته  العميقة بربطه المُحكم بين الماضي التليد والحاضر الذي نَحمُل صليبه يومياً وخاصة في أرض الآباء والأجداد وملاحظته الصائبة بوجود مزارات عديدة في كل العالم لمريم العذراء كعذراء فاطيمة وعذراء لورد وعذراء حريصا ومزارات للعذراء مريم في كافة كنائسنا الكلدانية،ولكن لايوجد مزارٌ لها بإسم (العذراء مريم إبنة إبراهيم أم الكلدان!)،وهذا ما عقدنا العزم أن نقوم به فالعذراء هي أمٌ ومُلكٌ للبشرية كلها من كل الألوان والأجناس بدون مُنازع ولكنها إبنة  أصيلة للكلدان ومن حقنا ككلدان ومن حقها علينا أن نسمى هذا الصرح وبفَخرعظيم (مزار مريم العذراء إبنة إبراهيم أم الكلدان)،عليه والكرازة لازالت لسيادته فإننا نحتفل بمناسبتين مقدستين اليوم هما عيد الصليب المقدس وإفتتاح مزار العذراء أم الكلدان والذي يمثل تجسيداً تأريخيا للهجرة الإيمانية لأبو الأنبياء سيدنا إبراهيم من آور االكلدانيين الى الأرض الموعودة له ولنسله من بعده لإيمانه وطاعته لربه إله السماء والأرض،وايضاً يرمز الى ولادة الرب يسوع في بيت لحم وقدوم المغوش من أرض بابل الكلدانية لتقديم الطيب والكنوز والولاء لطفل المغارة العجيب وتهنئة العذراء مريم وإنطلاق الخبرالسار والبشارة الإلهية…كان هذا الوصف مُجسماً بدقة في المزار المقام على أعلى تلة في محيط الكاتدرائية،وعند ختام القداس إنطلقت ثلة من الشباب والرجال حاملين الصليب المقدس على أعناقهم يتبعهم الجمع المؤمن ويتقدمهم الحبر الجليل مارسرهد والكهنة والشمامسة يرتلون الأناشيد الملائكية وصولاً الى أعلى المزار حيث صعد سيادته والكهنة والشمامسة اليه وكانت شعلة الصليب قد إتقدت وعلا لهيبها تقليداً للطخس القديم عند العثور على خشبة الصليب المقدس بإيقاد النار على رؤوس الجبال،ثم تلى سيادته وجموع المؤمنين الصلاة الربية الطخسية،بعدها بارك الزيت المقدس ورشمه على جهات المزار الثلاث تكريساً له وإعتباره مكاناً مقدساً يحج اليه المؤمنون،وللحقيقة أن موقع المزار جميل جداً بريازة خلابة وبإنارة منسجمة برُقيّ أضفت عليه منظراً ليلياً جميلاً أسبَغَ روحانية تدل على الحس المرهف للمصممين القائمين على هذا العمل الكبير… ثم إرتجل سيادة المطران كلمة موجزة عن المزار مبيناً أن الفكرة راودته منذ زمن وكانت قد طلبت منه إحدى المؤمنات وهي السيدة حياة ساكا أن تتحمل نفقات هذا المشروع الكبير وكان لها ما أرادت ولكن السيدة حياة أنتقلت الى الحياة الأبدية قبل إفتتاح المزار بأربعين يوماً ونَيفْ فهي تنظر الينا من عليائها فرحة مستبشرة بهذا العمل الخالد…وبعد أن رُتلت الصلاة الختامية غادر سيادته المزار مع الكهنة الأفاضل والشمامسة الغيارى،ثم صعد الجمع الكلداني المؤمن الى المزار تباعاً تبركاً وصلاةً الى العذراء مريم وإبنها الحبيب،إنصرف بعدها المؤمنون مختتمين يوماً مباركاً بديعاً في مدينة سان دييغو،أعاده رب المجد كل سنة وكل عام والكلدان والمسيحيون متمتعين بنعمة الإيمان والأمان.

مؤيد هيلو … 13/9/2012

You may also like...