وأخيراً مدينة الموصل بدون مسيحيين في ظل خلافة الدولة الإسلامية

 

أين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين في الموصل؟

بعد ان نشرت المقال في بعض المواقع تحت عنوان: اين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين في الموصل؟ فقد استجدت ظروف اخرى بين ليلة وضحاها، إذ ورد خبر في CNN يقول:

المهلة تنتهي السبت ..”داعش”تخيّر مسيحيي الموصل بين الإسلام أو الجزية أو القتل وورد في الخبر:

(بغداد، العراق (CNN)– أصدر المسلحون المتشددون الذين يسيطرون على مناطق واسعة في العراق وسوريا، تهديداً للمسيحيين العراقيين في مدينة الموصل، فإما أن يدخلوا في الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية وفق أحكام الشريعة، أو يواجهون الموت بحد السيف.

الرسالة موجهة من الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة باسم “داعش”، وتم توزيعها على قيادات الأقلية المسيحية، التي بدأت بالتناقص في الأيام الأخيرة.

وتقول الرسالة بأن زعيم الدولة الإسلامية “الخليفة” أبو بكر البغدادي، وافق على السماح للذين لا يريدون الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، بأن يخرجوا من المدينة بأنفسهم فقط، خارج دولة الخلافة، وذلك بحلول ظهر يوم السبت، وبعدها بحسب التحذير الوارد في الرسالة فإن “السيف هو الخيار الواحيد.”).
حسب الرابط :

http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/07/18/isis-mawsil-christians-mesaage

هكذا يكون مصير اهل المدينة الأصليين يوضعون امام خيارات عسيرة ونحن في القرن الواحد والعشرين، ويكون مصيرهم الهجرة وترك بيوتهم العامرة بعد ان كدحوا وعملوا طول العمر بعرق جبينهم جاءت الدولة الإسلامية لتصدرها بجرة قلم والسبب انهم مسيحيون، وقرأنا ان خمس عوائل مسيحية بعد خروجهم من مدينة الموصل متجهين نحو اربيل، خرج مجاهدوا الدولة الإسلامية في العراق في نقطة سيطرة الشلالات عليهم وصادرت مبالغهم المالية مع مقتنياتهم الذهبية وأجهزة الموبايل التي بحوزتهم وحسب الرابط:

http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=745887.0

افادت مصادر موقع عنكاوا كوم في الموصل بأن مسلحو الدولة الاسلامية في العراق و الشام – داعش قاموا بسلب خمس عوائل مسيحية و هي في طريقها الى اربيل.

واضافت المصادر بأنه تم سلب ثلاث عوائل منهم مساء امس الخميس عند سيطرة الشلالات وهم في طريقهم الى اربيل وعائلتين اخريتين صباح اليوم الجمعة وفي نفس المنطقة.

وقالت المصادر بان عناصر داعش قامت بمصادرة المبالغ المالية التي بحوزة العوائل و مقتنياتهم الذهبية واجهزة الموبايلات.

وهكذا اعتُبرت اموال هؤلاء الفقراء بأنها غنائم حرب ينبغي الأستيلاء عليها.

والآن اعود الى المقال الأصلي الذي كتبته:

في العراق اختلط الحابل بالنابل على خلفية الصراع الطائفي وانقسم العراق جغرافياً وسياسياً وعسكرياً وقومياً ومذهبياً، وليس هناك خلاف ونقاش وحوار هادئ ومنطقي بين المناطق الشيعية والسنية، بل هنالك حوار بلغة قعقعة السلاح بمختلف انواعه من طائرات مقاتلة ومن طائرات الهيلوكبتر وقوات المحمولة جواً ومن مضادات الطائرات ومن دبابات ومدرعات وصواريخ ومدافع هاون وجميع انواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، هذا هو الوضع بكثير من مدن العراق المقسم، والذي يفترض انه دولة واحدة تعيش فيها المكونات الدينية والعرقية والمذهبية العراقية من: عرب وأكراد وتركمان وكلدان وسريان وأرمن وآشوريين وشبك وأيزيدية وكاكائيين ومندائيين وسنة وشيعة وغيرهم على اساس ان هذه مكونات متآخية تحمل الهوية العراقية، وفي الحقيقة هي مكونات متآخية لولا الصراع الدموي بين السنة والشيعة، ونحن نذهب ضحية هذا الصراع الذي لا ناقة لنا فيه ولا جمل.

في الموصل بتاريخ 10 حزيران الماضي دخلت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش ) واحتلت المدينة بزمن قياسي، وبعد ذلك تبدل اسم داعش الى دولة الخلافة الإسلامية، ونحن المسيحيون ليس امامنا سوى الترحيب بهذه الدولة، لأن الجيش العراقي بجبروته تقهقر امام هذه القوات، وأهالي الموصل رحبوا بهم، فنحن نرحب بهم ايضاً على ان يكونوا عادلين في حكمهم وان يعاملوا جميع العراقيين بمساواة وعدالة وليس بتفرقة دينية عنصرية.

ان ما قامت به هذه القوة انصب في قالب الأنتقام من المكون الشيعي في المنطقة مما حدا بهذا المكون العراقي بهجر بيوتهم واللجوء الى الأماكن الآمنة، وهذا ينطبق كثيراً على اتباع الأديان غير المسلمة كالمسيحيين والأزيدية والشبك، وما يخص هذا المقال، فإن العوائل المسيحية القليلة المتبقية في الموصل رغم ابتعادها عن الصراع الدائر بين السنة والشيعة، ورغم دعوتهم المستمرة الى الإخاء والمحبة، إلا ان نصيبهم لم يكن قليلاً من عمليات الخطف واالتهجير والفصل العنصري، ومنذ دخول قوات داعش الى الموصل زادت معاناتهم واحوالهم سوءاً، فهذه القوات تفرض الشريعة الإسلامية على المسلمين وعلى غير المسلمين، وليس هذا فحسب، فقد تعرضت راهبتان مع 3 ايتام الى عملية خطف واطلق سراحهم بعد حوالي شهر، ويمكن ان نحسب عملية إطلاق سراحهم بسلام على انها نقطة ايجابية تغطي على عملية الأختطاف.

وليس هذا فحسب فكانت هناك عمليات الفصل العنصري الديني في كثير من المواقف ، ففي إجراء حرمت داعش على ابناء شعبنا العمل في الملاكات الصحية والطبية في الموصل فقد ورد خبر من الموصل مفاده:

» إن تنظيم الدولة الاسلامية– داعش قد امر ادارات المؤسسات الصحية في مدينة الموصل بأيقاف عمل المئات من المسيحيين ممن يعملون كأطباء وممرضين.

واضافت المصادر بان العديد من الموظفين في الملاكات الطبية والصحية تلقوا توجيهات شفوية من مدراء المستشفيات والمراكزالصحية في المدينة بعدم الدوام والى إشعار اخر.

وتأتي هذه الاجراءات ضمن سلسلة من المضايقات على ابناء شعبنا في الموصل بعد استيلاء داعش على المدينة.

حسب الرابط ادناه :

http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=745377.0

كما كان ثمة اجراء آخر يدل على التفرقة العنصرية بسبب الهوية الدينية مفاده ان الجوامع توفر اسطوانات الغاز لأهالي الموصل وتستثنى من ذلك المسيحيين، علماً ان الكنائس حينما توزع المساعدات وتكون مخصصة للعوائل المسيحية فتمنح قسم منها للعوائل المسلمة المتعففة دون تفرقة.

اكثر من ذلك فتفيد الأنباء ان عناصر الدولة الأسلامية ابلغوا وكلاء الحصة التموينية بقطع مفردات الحصة التموينية عن العوائل المسيحية والشيعية.

هذا بالإضافة الى الإستيلاء على مقر المطرانية والأستيلاء على بيوت عائدة لمواطنين مسيحيين، وغيرها من المعاملات المنافية لأبسط حقوق الأنسان والمواطنة ولعل اكثرها ايلاماً تلك التفرقة العنصرية التي يشيرون الى بيت المسيحي بحرف (نون) اي نصراني والى عبارة تقول (عقارات الدولة الإسلامية ) فقد اكد عدد من مسيحيي الموصل الساكنين في منطقة حي العربي شمال شرقي مدينة الموصل ان عناصر ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش قاموا بوضع عبارة (عقارات الدولة الاسلامية) على منازلهم مع حرف (ن) في اشارة الى ان مالك هذا الدار هو (نصراني) أي مسيحي واضاف عدد من ابناء شعبنا ان هذا الاجراء يعزز اجراءات عناصر داعش في الاستيلاء على منازل المسيحيين ومحاولة طردهم منها مع عدم تمكنهم من التصرف بها من خلال بيعها للاخرين.

كما اكد اخرون انهم رغم اشغالهم تلك الدور فان عناصر داعش قامت بوضع علامة دائرة وفي داخلها حرف (ن) .. كما تم تزويدهم باستمارة معلومات تتضمن استفسارات عن عدد افراد الاسرة واعمارهم.. وحسب الرابط :

http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=745701.0

إن هذه الإجراءات منافية لحقوق الأنسان وهذا يذكرنا بإجراءات المانيا النازية التي اتخذت بحق اليهود في اثناء الحرب العالمية الثانية حيث كان يفرض على اليهود في المانيا وفي الدول التي تحتلها المانيا تفرض عليهم وضع علامة نجمة داود على ملابسهم الخارجية لتفريقهم عن المواطنين الآخرين كما يظهر في الصورة

From 19th September, 1941 Jews in Germany and occupied countries were required to wear the Star of David in public as the Nazi racial laws had produced much hardship

لقد درسنا وصادقنا وتعاملنا مع مسلمين بأعمال تجارية وعلاقات صداقة اجتماعية إن كانت علاقت شخصية او عائلية، وجرت بيننا معاملات تجارية وبيع وشراء بيوت وعقارات مع مسلمين ولم نسمع يوماً، بأن بيوت المسيحيين هي ملك الدولة او هي حلال للمسلمين، علماً ان الدولة العراقية في كل مراحلها تشير في المادة الأولى للدستور انها دولة إسلامية.

وهنا يتبادر الى الذهن سؤال: يا ترى من هو المسلم الحقيقي؟ هل هو المسلم الذي يعالمنا كمواطن وكصديق ولا يطمع ولا يستولي على املاكنا واموالنا؟ ام المسلم الذي يستولي ويغتصب اموالنا وبيوتنا وحلالنا؟

في الموصل وفي المدن العراقية هناك مسلمون معتدلون، يعاملون غيرهم من اتباع الأديان الأخرى غير الأسلامية يعاملونهم كبشر مثلهم، والمسلمون يجب ان يكونوا كبقية البشر ليسوا افضل من الآخرين ولا الآخرين افضل منهم، الناس سواسية كأسنان المشط.

الا ينبغي بهذه الحالة ان يرفع المسلمون المعتدلون من السنة والشيعة، أن يرفعوا اصواتهم لمناصرة المظلومين من الأديان الأخرى؟ إن لم يكن بالتظاهر والأحتجاج فعلى الأقل بأساليب اخرى، فمتى نقرأ مقالة لكاتب؟ ومتى نسمع خطبة من رجل دين مسلم يرفع صوته ضد الظلم بحق الأقليات الدينية في الوطن العراقي وفي بقية الدول الأسلامية؟ إننا لم نلمس شئ من هذا القبيل من المسلمين المعتدلين لحد الساعة.

المسلمون يهربون من الظلم في اوطانهم ويلجأون الى الدول الغربية المسيحية وهناكك يزاولون حريتهم بحرية افضل ويأخذون حقوقهم افضل من اواطنهم، بينما ابن الوطن المسيحي او غيره من اتباع الأديان الأخرى يلاقي معاملة بعيدة التعامل الإنساني من الإنسان المسلم وهو ابن الوطن قبل المسلم وليس لاجئاً.

اليوم مدينة الموصل تعيش حالة فصل عنصري كامل، فأين المفر، اين يهرب الإنسان من ظلم اخيه الأنسان؟ إن الحقد الديني والكراهية يؤديان الى ظلم البشر للبشر وهو يؤدي الى المزيد من الحقد ، حقد الإنسان ضد اخيه الأنسان، وانا لا اتكلم فقد بين المسلم والمسيحي او الإيزيدي او المندائي بل حتى بين المسلم والمسلم كما هو الحال اليوم بين السنة والشيعة، وعلى المسلمون المعتدلين ان يكون لهم كلمة وصوت في هذه المأساة التي يتعرض لها العراق اليوم.

د. حبيب تومي
اوسلو في 19 / 07 / 2014

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *