همم .. ثم قمم !!

تعودنا على سماع هذه الكلمة ( قمة عربية ) أو مؤتمر قمة عربي , ومواعيد وتحضيرات وحضور لرؤساء وملوك وأمراء عرب أو من ينوب عنهم .. منذ أول مؤتمر قمة عربي عقد في القاهرة عام 1964 ولحد يومنا هذا .. حيث التحضيرات للقمة العربية التي ستعقد في بغداد أواخر آذار 2012 , هنا لابد من وقفة وسؤال بسيط وشرعي ألا وهو ما الذي جناه المواطن العربي من وراء مؤتمرات القمة العديدة ؟ وما مدى أستفادة الشعوب العربية ككل من إنعقاد القمم ؟

أموال تُصرف .. وإعلام وتغطية وإجراءات أمنية مشددة .. ثم وفود تصل وإجتماعات ومآدب وإقامة في فنادق فخمة وضيافة خمس نجوم .. وكل هذه من باب اللياقة والأصول والواجب تجاه الضيوف .. ثم ماذا ؟

برأي الكثير من المحللين والباحثين والسياسيين فأن القمم العربية لم تستطع أن تطرح مشاكل العرب بشكل متوازن وجدي وضروري , وإن طرحتها فقد كانت عاجزة دائما عن تقديم الحلول ووضعها موضع التنفيذ على أرض الواقع وهذا يرجع لأسباب كثيرة وعديدة منها سياسية أو إجتماعية أو أقتصادية .. إضافة الى الظروف الخاصة لكل بلد عربي , وما يعكسه ذلك على مؤتمرات القمة .. حيث في الكثير من الأحيان يخرج القادة المؤتمرون والمجتمعون بمشاكل وإنقسامات وإختلافات أكثر قبل إنعقاد القمة نفسها ! وهنا نقول أيضا ونسأل .. لم كانت القمة ؟ ولم إنعقدت وماهي النتائج ؟ وهل توصل القادة والزعماء والرؤساء الى ما يخدم بلدانهم وشعوبهم حقا ؟ أم أنها قمة والسلام ؟؟

ثم هناك الكثير من القضايا العربية التي تحتاج الى وقفات جدية .. وهمم فردية وجماعية لحلها على أرض الواقع العربي , حلها والنهوض بواقع الحال والسير في ركب التطور كما في باقي دول العالم .. ولأن المجتمعات العربية ككل تعاني من الكثير من المشاكل الداخلية والخارجية لا بل حتى في علاقات الدول العربية ككل .. وعلاقة الشعوب العربية بحكوماتها .. هنالك الكثير من القضايا والإختلافات التي تحتاج أيضا الى طرحها وأخذها مأخذ الجد للخروج بحلول وتقاربات بين الدول والشعوب العربية لما يربطها من تاريخ ولغة وثقافة ومصالح مشتركة كي تقف وتتكاتف بوجه الكثير من مخططات التقسيم والتي باتت كثيرة ومتنوعة وحسب المصالح لما في المنطقة العربية من خيرات وثروات وموارد طبيعية يسيل لها لعاب الكثيرين ..

نحتاج همم عربية ليس فقط للحكومات بل للشعوب والمجتمعات العربية .. همم لتغيير الواقع .. همم للسير والتطور نحو الأفضل وتكاتف وترابط يخدم الكل وينعكس على الكل في الرفاهية والأمان والإستقرار التي تحتاجه الأجيال الناهضة والقادمة ..

همم للتفاهم والحوار الصريح والبناء للإرتقاء بالمستوى الفكري والمعيشي للمواطن العربي البسيط والكادح والفقير والسير بواقعه نحو الأفضل طالما أن الكل عرب والوطن العربي واحد من المحيط الى الخليج .

همم لنبذ الخلافات العربية القديمة والحديثة وفتح صفحات جديدة ناصعة ..خالية من أي أحقاد أو ضغائن للتعاون المثمر والبناء الذي يخدم واقع الأنسان العربي في كل مكان .

نحتاج همم كحكومات عربية تفهم واقع الحال العربي وتأخذ مأخذ الجد التطورات الأقليمية والعالمية والظروف المحيطة .. وتعمل جاهدة لتحدي كل طاريء وكل ما يتربص بالوطن العربي ككل من أطماع خارجية وتدخلات لا تخدم مصلحته العامة .

همم كحكومات عربية تعطي المواطن حقه وتأخذ بعين الإعتبار أنسانيته وطموحاته وأحلامه في عيش كريم وأمن وأستقرار وحقوق وواجبات .. وإلا فما معنى المواطنة ؟؟

همم كحكومات وشعوب للتكاتف والتعاون لخلق مجتمعات متحضرة ومتطورة .. تسير في ركاب الحضارة العالمية .. والإرتقاء بالمستوى المعيشي والحالة الإجتماعية والإقتصادية للفرد العربي الذي يعاني الكثير سواء داخل مجتمعه أو من قبل حكوماته التي أغلبها مستبدة ومتحكمة بالرقاب والمصائر .

همم لنبذ الطائفية الموجودة في أكثر الدول العربية ! همم لقبول الآخر كمواطن أولا وأخيرا دون أي تفرقة أو النظر الى دينه أو قوميته أو أصله وفصله ..ولا حاجة لذكر ما حصل ويحصل من جراء ذلك وما تعانيه بلداننا العربية من هذه المشكلة الخطيرة .

همم كحكومات وشعوب لتطبيق الديمقراطية الصحيحة .. ليس فقط بالشعارات وإنما على أرض الواقع وهذا ما سيفتح المجال اكبر وأوسع للعيش الكريم والمستقبل الأفضل في كل المجالات .

همم للتعاون الحقيقي والمثمر .. همم لبناء شعوب متطورة وأجيال متحضرة وواعية تعاصر ما يحصل في بلدان العالم من تكنولوجيا وعلوم .. همم لتكاتف أقوى وتلاحم مصيري بين كل العرب قادة وشعوب .. همم لكل ما يخدم .. همم لكي نقول دائما..

بلاد العرب أوطاني            من الشام لبغدان ِ

ومن نجدٍ الى يمن ٍ             الى مصر فتطوان ِ

24 / 3 / 2012 / كندا

غسان حبيب الصفار

You may also like...