هجوم نيس: ماكرون يعقد اجتماعا أمنيا طارئا رفيع المستوى، وتحذيرات قوية للفرنسيين بالخارج

كنيسة في نيس

وضع المتجمعون الزهور خارج أبواب الكنيسة في نيس

يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعا أمنيا طارئا رفيع المستوى الجمعة، لبحث تداعيات حادث الطعن الذي قتل فيه ثلاثة أشخاص طعنا في إحدى كنائس مدينة نيس.

واعتبر وزير الداخلية الفرنسي أن بلاده “في حالة حرب مع أيدولوجية الإسلاميين المتشددين”.

وكان ماكرون قد وصف الحادث، الذي وقع الخميس بأنه “هجوم إرهابي إسلامي”.

وقد أعلنت مدينة نيس، الجمعة، الحداد على أرواح الضحايا، كما أقيم نصب تذكاري مؤقت خارج كاتدرائية نوتردام في باريس، حيث وضع الناس أكاليل الزهور وأضاءوا الشموع على أرواح الضحايا.

وتم تشديد تدابير الأمن على أماكن العبادة والمدارس في جميع أنحاء فرنسا في أعقاب هجومين مماثلين في غضون أسبوعين.

وقال وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، في تصريح الجمعة إن فرنسا “في حالة حرب” مع الأيديولوجية السياسية للإسلاميين المتشددين.

وأضاف”نحن في حالة حرب .. ضد عدو داخلي وخارجي في آن واحد، ضد أيديولوجية لأننا لسنا في حالة حرب ضد دين”، وأردف “نحن في حرب ضد أيديولوجية إسلامية”.

وحذر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان ، الفرنسيين في الخارج وأوصاهم بأخذ الحيطة والحذر أينما كانوا.

وقال في تصريحات صحفية إن فرنسا تكثف جهودها لحماية مصالحها ومواطنيها في الخارج “لأن الخطر موجود في كل مكان”.

وأضاف “التهديد قوي أيضا في الخارج. يمكننا الانتقال بسرعة من الكراهية الافتراضية إلى العنف الحقيقي، لذلك قررنا اتخاذ جميع الإجراءات لضمان أمن مصالحنا الوطنية. وصدرت تعليمات للسفراء لتعزيز الإجراءات الأمنية”.

وتعرض ثلاثة أشخاص للهجوم داخل كنيسة في مدينة نيس، صباح يوم الخميس قبل القداس الأول.

وقال مسؤولون إن منفذ الهجوم شاب تونسي وصل إلى فرنسا مؤخرا.

وأضافوا أن المشتبه به يبلغ من العمر 21 عاما، وأنه وصل إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الشهر الماضي على متن قارب للمهاجرين، قبل أن يأتي إلى فرنسا.

وأطلقت الشرطة النار على المشتبه به، الذي يُدعى إبراهيم العيساوي ويحمل وثيقة من الصليب الأحمر الإيطالي، بحسب تقارير إعلامية.

وسُمع المشتبه به في الهجوم وهو يصرخ مرارا وتكرارا “الله أكبر” قبل أن تطلق الشرطة النار عليه.

شرطة فرنسية تحرس كنيسة نوتردام

وقال رئيس الادعاء الفرنسي لمكافحة الإرهاب، جان فرانسوا ريكارد، إنه عثر على مصحف وهاتفين وسكين مع المهاجم.

وأضاف “وجدنا أيضا حقيبة تركها المهاجم. بجانب هذه الحقيبة كانت هناك سكاكين لم تستخدم في الهجوم”.

وقال ريكارد إن المشتبه به نقل إلى المستشفى وحالته حرجة.

وفي تطور آخر، ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن الشرطة اعتقلت رجلا يبلغ من العمر 47 عاما يعتقد أنه كان على اتصال بالمهاجم في ساعة متأخرة من مساء الخميس.

وعقب زيارة إلى مدينة نيس، جنوبي فرنسا، قال ماكرون: “إذا كنا تعرضنا لهجوم مرة أخرى، فهذا من أجل قيمنا: الحرية، ومن أجل ما تتمتع به أرضنا من إمكانية الإيمان بحرية، وعدم الخضوع لمشاعر الرعب”.

وأضاف: “أقولها بوضوح كبير مرة أخرى اليوم: لن نتنازل عن أي شيء”.

وقال ماكرون إن عدد الجنود المقرر نشرهم لحماية الأماكن العامة – مثل الكنائس والمدارس – سيرتفع من 3000 إلى 7000.

ووصف رئيس بلدية نيس، كريستيان استروزي، الهجوم بأنه “إرهابي”. وتحدث عما وصفه بـ”الفاشية الإسلامية”، وقال إن المشتبه به “ظل يكرر الله أكبر”.

وأضاف أن أحد الضحايا المسنين، الذين جاءوا للصلاة “قطع رأسه”.

وقارن رئيس البلدية الهجوم بمقتل المدرس صمويل باتي، الذي قُطع رأسه بالقرب من مدرسته خارج باريس في وقت سابق من هذا الشهر.

وفتحت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب تحقيقا في الحادث، ورفعت فرنسا نظام تنبيه الأمن القومي إلى أعلى مستوياته.

نيس

ووقع هجومان آخران صباح الخميس، أحدهما في فرنسا، والآخر في السعودية.

فقد قُتل رجل بالرصاص في مونتفافيه بالقرب من أفينيون بعد أن هدد الشرطة بمسدس. وتعرض حارس لهجوم خارج القنصلية الفرنسية بجدة بالسعودية. وقبض على مشتبه به ونقل الحارس إلى المستشفى.

ماذا نعرف عن هجوم نيس؟ ومن هم الضحايا؟

تعرض ثلاثة أشخاص للهجوم داخل الكنيسة صباح يوم الخميس قبل القداس الأول في اليوم.

وقالت تقارير إن اثنين ممن قتلوا تعرضا للهجوم داخل الكنيسة، وهما سيدة، تبلغ من العمر 60 عاما، ورجل، يبلغ من العمر 55 عاما، عثر عليه وقد قطعت رقبته.

وكان الرجل موظفا عاديا من بين المسؤولين عن صيانة الكنيسة، وأشارت أنباء إلى أنه متزوج ويعول طفلين.

الرئيس الفرنسي ماكرون وعد بحملة على المتشددين الإسلاميين.الرئيس الفرنسي ماكرون وعد بحملة على المتشددين الإسلاميين.

وتمكنت امرأة، 44 عاما، من الفرار إلى مقهى قريب بعد تعرضها للطعن عدة مرات، لكنها توفيت في وقت لاحق.

وقالت شاهدة عيان تعيش بالقرب من الكنيسة، وتدعى كلوي، لبي بي سي: “سمعنا الكثير من الناس يصرخون في الشارع. رأينا من النافذة أن الكثير والكثير من رجال الشرطة قادمين، وسمعنا أصوات طلقات نارية، العديد من الطلقات النارية”.

وقال المدعي العام لمكافحة الإرهاب إن أربعة من رجال الشرطة وصلوا إلى مكان الحادث في الساعة 08:57 بالتوقيت المحلي (07:57 بتوقيت غرينتش)، وأصيب المهاجم بالرصاص واعتُقل لاحقا بعد فترة قصيرة.

وكانت نيس، قبل أربع سنوات، مسرحا لهجوم إرهابي آخر، عندما قاد تونسي شاحنة وصدم حشودا من الناس كانوا يحتفلون بيوم الباستيل في 14 يوليو/تموز، مما أسفر عن مقتل 86 شخصا.

كيف كان رد الفعل؟

وقف أعضاء الجمعية الوطنية دقيقة صمتا حيث كان رئيس الوزراء جان كاستكس يقدم تفاصيل الإجراءات الخاصة بإغلاق البلاد بسبب كوفيد-19، التي تدخل حيز التنفيذ مساء الخميس.

وأعلن كاستكس رفع نظام تنبيه الأمن القومي إلى أعلى مستوياته، وقال إن هجوم نيس “جبان بقدر ما هو همجي”.

وأدان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الهجوم، معربا عن تضامنه مع الضحايا وعائلاتهم.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في تغريدة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، إن المملكة المتحدة تقف “بثبات” إلى جانب فرنسا.

وأضاف “أشعر بالفزع لسماع الأخبار الواردة من نيس هذا الصباح عن هجوم بربري على كنيسة نوتردام. مشاعرنا مع الضحايا وعائلاتهم، وتقف بريطانيا بثبات مع فرنسا ضد الإرهاب والتعصب”.

ونددت تركيا بالهجوم، ووصفته بأنه “وحشي”.

وقال المتحدث باسم الفاتيكان ماتيو بروني إن عمليات القتل “جلبت الموت إلى مكان محبة ومواساة”.

النيابة العامة لمكافحة الإرهاب بدأت تحقيقا في جريمة القتل.

وأعرب العديد من القادة في آسيا، بمن فيهم رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ، عن تضامنهم مع ماكرون وفرنسا.

وقال موريسون “إن الحادث واحد من أكثر الأعمال وحشية وقسوة وبربرية قام به الإرهابيين ويجب إدانته بأقوى طريقة ممكنة”. وأضاف “نتشارك القيم والمبادئ مع فرنسا، ونؤيد المواقف نفسها”.

كما ندد بالتعليقات الفجة لرئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد بأن المسلمين لهم الحق في الغضب وقتل “ملايين الفرنسيين على مذابح الماضي”.والتي قال مهاتير إنها أخرجت من سياقها.

ما هو سياق ما حدث؟

يردد هجوم الخميس أصداء هجوم آخر وقع في وقت سابق من هذا الشهر بالقرب من مدرسة شمال غرب باريس.

فقد قطع رأس صمويل باتي، الذي كان يعمل مدرسا في كونفلانز سانت أونورين، بعد أيام من عرضه رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد على بعض تلاميذه.

وثار جدل واسع إزاء تصريحات لماكرون عن الإسلام، وشهدت العلاقات بين تركيا وفرنسا توترا على إثر ذلك.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من بين المطالبين بمقاطعة البضائع الفرنسية.

كما ساء الوضع بعد أن ظهر رسم كاريكاتوري لأردوغان في مجلة شارلي إبدو الساخرة.

لقطة من غوغل تحدد موقع كنيسة روتردام، وفي الإطار، خريطة تحدد موقع نيس جنوبي فرنسا.

تظاهرات منددة بموقف ماكرون

خرجت مسيرات غاضبة في كل من بنغلاديش وباكستان والصومال ولبنان وبعض المناطق الفلسطينية تنديدا بالرئيس ماكرون واحتجاجا على إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد.

وفي لبنان أدان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بشدة الهجوم في نيس معتبرا أن الإسلام يرفضه ولا يجوز أن يحسبه أحد على الإسلام الذي يحرم قتل وإيذاء الأبرياء.

واعتبر نصرالله أن الدول الغربية هي من حمت الفكر التكفيري الذي تبنّى القتل لمجرد الاختلاف الفكري وأن على الغرب أن يبحث أولاً عن مسؤوليته بشأن هذه الجماعات.

ووصف نصرالله مجلة شارلي ايبدو بالخبيثة داعيا السلطات الفرنسية الى معالجة أسباب الأزمة بدلا من تداعياتها. كما شبه تمسك باريس بالرسوم “بإعلان الحرب”.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لإبعاد نحو 300 متظاهر انطلقوا في مسيرة احتجاجية من أحد مساجد العاصمة اللبنانية بيروت إلى المقر الرسمي للسفير الفرنسي.

وفي باكستان، أطلقت الشرطة لفترة وجيزة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين اخترقوا الحصار الأمني في العاصمة إسلام أباد في محاولة فاشلة للتظاهر أمام السفارة الفرنسية.

وفي بنغلاديش، خرج عشرات الآلاف في مسيرة في العاصمة دكا، مرددين هتافات “قاطعوا المنتجات الفرنسية” كما حملوا لافتات تصف ماكرون بأنه “أكبر إرهابي في العالم”.

في منطقة ذات أغلبية مسلمة في مومباي، المركز المالي للهند، تم وضع حوالي 100 ملصق يظهر ماكرون والحذاء على وجهه ويصفه بأنه “شيطان” على الأرصفة والطرق.

وفي الصومال هيمنت على خطب صلاة الجمعة في المساجد، التي حضرها عشرات الآلاف، التنديد بماكرون وحكومته.

كما ندد آلاف المصلين الفلسطينيين بعد صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية،

وقال خطيب المسجد الأقصى، عكرمة صبري “نحمل الرئيس الفرنسي مسؤولية أعمال الفوضى والعنف التي تشهدها فرنسا بسبب تصريحاته ضد الإسلام والمسلمين”.

وفي رام الله والضفة الغربية، داس فلسطينيون على علم فرنسي كبير وأحرقوا أعلاما فرنسية أخرى.

كما خرجت مظاهرات مناهضة لفرنسا في غزة، شارك فيها مئات الفلسطينيين

جدول زمني للهجمات الأخيرة في فرنسا:

أكتوبر/تشرين الأول 2020: قطع رأس مدرس اللغة الفرنسية صمويل باتي خارج مدرسة في إحدى ضواحي باريس

سبتمبر/أيلول 2020: أصيب شخصان بجروح خطيرة في حادث طعن في باريس بالقرب من مكاتب شارلي إيبدو السابقة، حيث شن متشددون إسلاميون هجوماً مميتاً عام 2015

يوليو/تموز 2016: مهاجمان يقتلان القس جاك هامل ويصيبان رهينة أخرى بجروح خطيرة بعد اقتحام كنيسة في إحدى ضواحي روان شمال فرنسا.

يوليو/تموز 2016: مسلح يقود شاحنة كبيرة وسط حشد يحتفل بيوم الباستيل في نيس، مما أسفر عن مقتل 86 شخصا في هجوم تبناه تنظيم الدولة الإسلامية.

نوفمبر/تشرين الثاني 2015: شن مسلحون وانتحاريون عدة هجمات منسقة على قاعة حفلات باتاكلان ، وملعب رئيسي ، ومطاعم وحانات في باريس ، مما أسفر عن مقتل 130 شخصا ومئات الجرحى.

يناير/كانون الثاني 2015: مسلحان إسلاميان متشددان يقتحمان مكاتب شارلي إبدو ويقتلان 12 شخصا بالرصاص

bbc العربية

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *