نيجيرفان بارزاني يطلب المشورة من شعبه ـ مقترحات وأفكار

habeebtomi@yahoo.no

العنوان اعلاه ليس من بنات افكاري إنما اقتبسته من خبر في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 21 / 02 / 12 حيث كان تحت عنوان : نيجرفان بارزاني يطلب المشورة من شعبه وقد ورد فيه : ان المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة يقول : السلطة والشعب يكمل احدهما الآخر ، ويستطرد الخبر قوله :

( تعهد نيجيرفان بارزاني المرشح لرئاسة حكومة إقليم كردستان أن «يكرس تشكيلته القادمة لخدمة الشعب»، مشيرا إلى أن «الشعب الكردستاني دافع عن الحرية والكرامة وقدم تضحيات جسيمة في هذا الطريق، والفضل فيما تحقق من مكاسب ديمقراطية في الإقليم يعود إليه، وبذلك فإنه والسلطة يكملان بعضهما البعض، وينهلان من معين واحد، ويتطلعان إلى مستقبل أفضل».) انتهى الأٍقتباس

 كلام جميل من الأستاذ نيجرفان البارزاني وهذا يعتبر تمهيد لانطلاقة صحيحة من ارضية ملؤها الثقة بالشعب والأعتماد عليه بالسير نحو مستقبل افضل . إن البداية  الجيدة المفعمة بعنصر الأخلاص ونكران الذات من الركائز الأساسية لتحقيق الأهداف والطموحات الكبيرة ، وهنا ينبغي التأكيد بأن عنصر الأخلاص والنوايا الحسنة غير كافية حينما يكون الطريق فائضاً في الملفات الشائكة ، وفي هذا الحالة تكون الحاجة الى الخبرة والذكاء والحكمة .

من نافلة القول بأن حزمة كبيرة من الملفات الشائكة التي تعتري سبيل هذه الوزارة فيها السياسية والأقتصادية ومنها العلاقة مع المركز ، وعقود النفط التي تبرمها حكومة كوردستان مع الشركات الأجنبية وموقف الحكومة المركزية الرافض ، ومسألة السيد طارق الهاشمي التي اضافت تعقيدات جديدة على مسالة علاقة المركز مع قيادة الأقليم ، ومسالة المعارضة الكوردية والتعامل الصائب معها ، ومسالة العنف الأجتماعي الذي ظهر في الآونة الأخيرة على الساحة الكوردستانية التي كان يضرب بها المثل في الأستقرار والتعايش ، فقد عكست احداث زاخو في الشهر الماضي بعض الأحتقانات الأجتماعية . وطرأت على المسرح مسألة التغيير الديموغرافي لمدينة عنكاوا لتخطيط لبناء الأبراج الأربعة , وثمة مسائل الفساد المالي والأداري وهنالك مسألة حقوق الشعب الكلداني المهمشة في اقليم كوردستان وكثير من الملفات المتراكمة .

 لقد جاء في الصحيفة المذكورة اعلاه ما نصه :

 ( وجه بارزاني رسالة الى الشعب الكوردي عبر صفحته في شبكة التواصل الأجتماعي       ( فيسبوك) داعياً اياه الى المشورة وتقديم النصح والمقترحات البناءة .. ) انتهى الأقتابس

انطلاقاً من مساهمتي في ثورة الشعب الكوردي في مطاوي الستينات من القرن الماضي وما احمله من شرف الصداقة لهذا الشعب المناضل وتمنياتي المخلصة ان يجعل من اقليم ( دولة )  كوردستان كيان نموذجي افضل من تركيا ومن ماليزيا وإمارت ومن اي دولة اسلامية أخرى لتكون واحة جميلة يسود التعايش بين مكونات النسيج المجتمعي الكوردستاني المتكون من الأكراد والعرب والكلدان والأرمن والسريان والآثوريين والتركمان ومن المسيحي والأيزيدي والمسلم الشيعي والسني ، والمندائي والكاكائي والعلي اللايي والأتايستي . هذا النسيج القوس قزحي الجميل بألوانه الزاهية ينبغي ان تزرع في منعطفاته نواة اخلاقية مفادها الأحترام المتبادل . تحترم كل هذه الأنتماءات والمعتتقدات كهويات وعقائد لها حريتها كرامتها الإنسانية  .  

بتواضع اقدم بعض المقترحات والأفكار للاستاذ نيجرفان البارزاني وطاقم حكومته المقبلة  .

أولاً ــ

إن المهم لأي زعيم او قائد او حاكم ان يكسب ثقة شعبه وأن يخلق من نفسه شخصية كارزمية جاذبة للاوساط الشعبية .  وثمة طرق كثيرة متاحة للحاكم ومنها الحكم الأستبدادي الدكتاتوري ، وهنا سوف يطيعه الشعب ويظهر الأحترام للحاكم ، لكن مثل هذه الطاعة تكون مزيفة لأنها مبنية على عنصر الخوف ، ولهذا ينبغي ان يسلك الحاكم طرق اخرى لكسب ثقة الناس دون ان يكون هاجس الخوف مسبباً لهذا الأحترام .

ثانياً ــ

 إن وجود قوى الأمن ضرورية لأستقرار الحكم ، لكن استخدام قوى الأمن بقوة وإفراط او الأعتماء عليها كلياً ستؤدي الى نتائج معكوسة ، حيث يؤدي ذلك الى تولد احقاد مكبوتة تفور وتنطلق حينما تتوفر فرصة كفوهة البركان ، وإن ما يحدث في سوريا وما حدث في ليبيا ومصر واليمن وتونس دليل على انفجار هذا الكبت حينما توفرت فجوة للانطلق .

ثالثاً ــ

 التواضع والأختلاط مع طبقات المجتمع ولا سيما الطبقات الفقيرة بشكل شخصي يؤدي الى نمو مشاعر الأحترام لهذا الحاكم الذي يتعشى مع عائلة فقيرة او يسمع لمشاكلها  .

رابعاً ــ

 التعامل الديمقراطي هو ان يجري التعامل مع كل حسب ما تقتضي الحالة ، ولا يجوز التعامل بشدة مفرطة مع من صدرت منه إساءة بشكل ما بحق عضو في القيادة ، مثلاً ، مهما كان مركزه فهذه الإساءة لا يجوز ان تشكل سبباً لتحطيم هذا الأنسان . إن نلسون مانديلا اصبح الشخصية العالمية المرموقة بفضل تسامحه مع سجانيه ومضطهديه ومهاتما غاندي من الثوار الذين كسبوا عطف العالم بفضل نضاله السلمي وابتعاده عن العنف .

خامساً ــ

 الأقتداء بالقائد الراحل ملا مصطفى البارزاني في نبوغه وحكمته بالتعامل مع الأخر بما يناسب كل جهة وكل شخصية وكل حزب ، حيث كان الرجل متواضعاً وأنا شخصياً مع بعض اصدقائي ونحن شباب في مقتبل العمر ، ونحن بيشمركة بسطاء استطعنا مقابلته في رانيا وسمع الى مشاكلنا ووضع الحلول لها . كما كان يتعامل مع مختلف القوى : الحكومات العراقية المتعاقبة ، بريطانيا ، اميركا ، الأتحاد السوفياتي ، اسرائيل ، ايران ، فرنسا ، المنظمات الدولية .. كل ذلك استمده من الأمكانيات المتواضعة معتمداً على شعبه وعلى ثقته بنفسه  وبذلك الشعب المخلص ، ينبغي دراسة تجربة هذه الشخصية والأستفادة منها ، لقد تبين لي من خلال دراستي لهذا الأنسان انه يحمل تجربة سياسية فذة يمكن الأستفادة منها في العمل السياسي .

سادساً ــ

سماع الآخر ومناقشته وحينما اقول الآخر اقصد المعارضة ، فالأتصال بالمعارضة في كوردستان والتفاعل معها هو ضمان لعدم لجوء تلك المعارضة الى الأساليب الخارجة عن مظلة القانون . إن معالجة المشاكل الصغيرة بشكل يومي سيقضي على الأسباب التي تؤدي الى الأحتقان ، والإحتقان يولد الحقد الذي يغرس نوازع الأنتقام في النفس البشرية ، فمهما قامت الحكومة بعد ذلك بالأصلاحات فإن مردودها سيكون سلبياً تستغله المعارضة كسلاح ضد الحكومة نفسها . فمخاطبة الأخر بشكل مباشر والأستماع اليه بانفتاح وصراحة وشفافية يعزز التفاهم والثقة بين  مختلف الأطراف ومنها الحكومة والمعارضة ، وإن اقليم كوردستان بأمس الحاجة الى مثل هذا التفاهم والتحاور المستمر . ومن جانبها المعارضة ينبغي ان يكون واجبها تعبئة الرأي إن كان من داخل البرلمان او عبر الصحافة والأعلام ويكون ذلك بمنأى عن محاولة زعزعة الأمن والأستقرار السائدين  .

سابعاً ــ

قراءة ومطالعة الصحافة وما يكتب في الأعلام ، لا سيما ما يكتب بجانب تشخيص الأخطاء وكشف جوانب الفساد وغيرها من السلبيات التي قد تحدث اثناء فترة الحكم ، إن وجود مكتب مختص لمتابعة ذلك ستمكن الحكومة من وضع يدها على مناطق الخطأ ، لوضع الحلول الناجعة لكل حالة .

 ثامناً ــ

 مكافحة سرطان الفساد اين ما يكون ، وذلك بتسليط سيف القانون على الجميع دون محاباة او مجاملات او مراعاة المحسوبية ، وإلا فإن الفساد حينما يستشري من الصعوبة مكافحته . إن مكافحة الفساد عملية طويلة وشاقة وينبغي ان تتضافر الجهود مجتمعة من المعارضة الى الحكومة الى المواطن . إنها مهمة الجميع ، لكنها مهمة تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى .

تاسعاً ــ

 التعايش المجتمعي الديني والقومي والمذهبي ، لا يتم هذا التعايش بفرضه امنياً فحسب بل ينبغي ان يكون جوهرياً وجذرياً وذلك بالأبتداء بالطفل من الحضانة الى الأبتدائية الى الثانوية الى الكلية ، وذلك بوضع مناهج تدعو الى التسامح والتعايش مع الأخر ، وذلك بتدريس الأديان وليس الدين ، إن حذف الفقرات والمواد التي تدعو الى الضغينة والحقد وكراهية الآخر ينبغي ان لا يكون لها مكان في البرامج المدرسية في اقليم كوردستان . إن التربية الفكرية تبدأ من الطفولة لتمضي قدماً في المراحل الأخرى من الحياة .

عاشراً ــ

 ثمة مسألة شعبنا الكلداني ، نحن نشعر بوجود غبن وتهميش يلحق بهذا الشعب من خلال التعامل معه وكأنه تابع للاحزاب الآشورية لا سيما المجلس الشعبي الذي لم يكن عادلاً في توزيع الثروة والسلطة والأعلام ، فقد منح المجلس الشعبي كل شئ للاحزاب الآشورية وعمل على تفريغ اي معنى قومي لأي منظمة او حزب كلداني يساعده ، وأصبحت تلك الأحزاب تابعة ذليلة للمجلس الشعبي الذي يتصدق عليها ببعض المال .

حادي عشر ــ

إشارة الى الفقرة السابقة فقد حذفت التسمية القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، ووضعت مكانها تسمية مركبة مشوهة هي كلداني سرياني آشوري ، ولا يوجد في الكرة الأرضية في أثنوغرافية  الشعوب اسم شعب بهذا الشكل المضحك ، إن الدستور الكوردساني قد خالف الدستور العراقي بهذه المسالة حيث ان اسم القومية الكلدانية مذكور بشكل مستقل في الدستور العراقي .

ثاني عشر ــ

إن من سعى الى تثبيت اسم القومية الكلدانية في الدستور العراقي ومسودة الدستور الكوردستاني وبشكل مستقل كانت جهود الرئيس المناضل مسعود البارزاني ، لكن نلاحظ حجب هذا الأسم رضوخاً للاحزاب الآشورية المتنفذة في عموم العراق وفي اقليم كوردستان والتي تستغلها لتحقيق منافع اقتصادية وسياسية مكشوفة . ونطلب من سيادتكم إعادة اسم القومية الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني انسجاماً مع دستور العراق الفيدرالي ، وإنصافاً للشعب الكلداني الذي يعتبر من المكونات المهمة في العراق الفيدرالي وفي كوردستان  .

ثالث عشر ــ

من مصلحة الشعب الكوردي ان يوضع حد لمشكلة السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والتي القت بظلالها على علاقات الأقليم مع المركز .

 رابع عشر ــ

 كانت مسألة تشييد اربعة ابراج سكنية في مدينة عنكاوا من المسائل التي خلقت تذمراً واحتقاناً لدى اهل عنكاوا خصوصاً في صفوف الشباب وذلك خشية من ان هذا الأبراج ستؤدي الى تغيير ديموغرافي في المدينة التي تعاني من هذه المشكلة اصلاً . ان حكومة الأستاذ نيجرفان البارزاني ينبغي ان تقف بصف طموحات الشعب الكلداني في هذه المدينة وتحترم إرادة شبابها ، وان تعمل على إلغاء هذا المشروع المنافي لرغبة الأهالي في مدينة عنكاوا الجميلة المسالمة .

خامس عشر ــ

  إن الشعب سوف يشد ازرك وأنت تتمتع بقوة وإرادة الشباب ، ولا شك ان الطريق ليس معبداً امامك وامام طاقمك في الوزارة ، فثمة مشاكل عويصة معقدة وأنت وطاقمك سيكون امامكم عملاً شاقاً وصعباً وإن اعتمادكم على شعبكم بشكل عقلاني ومدروس ستسهل الأمور امامكم ، وإن تجربة القائد ملا مصطفى البارزاني الذي كانت كنوزه التي لا تنضب بجهة  اعتماده على شعبه المضحي .

سادس عشر ــ

 نحن نريد كل الخير والتقدم لكوردستان ليكون لها موقع الصدارة في المنطقة وفي العالم وأن تأخذ دورها في بناء حضارة راقية في هذا الجزء من العالم المضطرب ، إن احترام كوردستان في المنطقة وفي المحافل الدولية عموماً ، سوف يكون اشمل وأعمق كلما تقدمت كوردستان في معارج العلم والمعرفة والبناء والعمران وازدهر فيها التعايش المجتمعي ، ومنحت حقوق المكونات الكوردستانية بما فيها حق الشعب الكلداني  .

 الأستاذ نيجرفان البارزاني باعتقادي المتواضع انكم الشخص المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب لتحمل المسؤولية رغوم صعوبتها ، فامام همة الشباب تقهر الصعاب .

تمنياتي لكم بالتوفيق

حبيب تومي / اوسلو في 23 / 02 / 12

 

 

You may also like...